مجلس الأمن يطالب السلطات الانتقالية السورية بحماية الأقليات

ندَّد مع مجموعة الـ7 بعمليات القتل الجماعي

دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية الخميس (رويترز)
دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية الخميس (رويترز)
TT
20

مجلس الأمن يطالب السلطات الانتقالية السورية بحماية الأقليات

دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية الخميس (رويترز)
دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية الخميس (رويترز)

ندَّد مجلس الأمن، بشدة، بـ«عمليات القتل الجماعي» للمدنيين في سوريا، داعياً السلطات الانتقالية إلى «حماية جميع السوريين، بصرف النظر عن عِرقهم أو دينهم»، فضلاً عن «الوقف الفوري» لأعمال العنف، وإلى إجراء «تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة ونزيهة وشاملة» لتقديم جميع الجناة إلى العدالة.

جاء هذا الموقف في وقتٍ ندد فيه وزراء خارجية مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى بمقتل مدنيين في المناطق الساحلية السورية، وطالبوا بمحاسبة الجناة. وأوردت مسوَّدة البيان الختامي أن وزراء الخارجية «ندَّدوا بشدة بتصعيد العنف، في الآونة الأخيرة، بالمناطق الساحلية السورية»، و«طالبوا بحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الفظائع».

وأصدر الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن بياناً رئاسياً بالإجماع لـ«التنديد بشدة» بأعمال العنف الواسعة النطاق التي ارتُكبت في محافظتي اللاذقية وطرطوس في سوريا منذ 6 مارس (آذار) الحالي، مشيراً إلى «عمليات قتل جماعي للمدنيين، ولا سيما في صفوف الطائفة العلوية». كما «ندد بشدة» المجلس بالهجمات التي تستهدف البنية التحتية المدنية، بما فيها المستشفيات، معبراً عن «قلقه البالغ من تأثير هذا العنف على تصاعد التوترات بين الطوائف في سوريا». ودعا كل الأطراف إلى «الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والنشاطات التحريضية، وضمان حماية جميع المدنيين والبنية التحتية المدنية والعمليات الإنسانية».

وإذ أكد «التزام احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في كل الظروف»، حضَّ كل الأطراف والدول على «ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى المتضررين، وضمان المعاملة الإنسانية لجميع الأشخاص، بمن فيهم أي شخص استسلم أو ألقى سلاحه». وطالب بتقديم دعم دولي إضافي لجهود الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الرامية إلى زيادة الدعم الإنساني للمدنيين المحتاجين في كل أنحاء سوريا «على وجه السرعة». وكذلك دعا السلطات المؤقتة إلى «حماية جميع السوريين، بصرف النظر عن عِرقهم أو دينهم»، مذكّراً بالقرار 2254 وبـ«التزامه الراسخ بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها». ودعا كل الدول إلى «احترام هذه المبادئ والامتناع عن أي عمل أو تدخُّل قد يزيد من زعزعة استقرارها».

وشدد مجلس الأمن، في بيانه، على «أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا»، معبراً عن «قلقه البالغ إزاء التهديد الخطير الذي يُشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب»، مُشيراً إلى أن «هذا التهديد قد يُؤثر على كل المناطق والدول الأعضاء». وحضَّ السلطات السورية على اتخاذ «تدابير حاسمة للتصدي للتهديد الذي يُشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب»، مشدداً على «التزامات سوريا بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، ولا سيما القرارات 1267 لعام 1999، و1989 لعام 2011، و2178 لعام 2014، و2253 لعام 2015، و2396 لعام 2017، المتعلقة بالوضع في سوريا. وإذ أخذ علماً بإعلان السلطات السورية المؤقتة تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أعمال العنف ضد المدنيين وتحديد المسؤولين عنها، دعا إلى إجراء «تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة ونزيهة وشاملة، وفقاً للمعايير الدولية؛ لضمان المساءلة وتقديم جميع الجناة إلى العدالة». وقال: «يجب على السلطات السورية المؤقتة محاسبة مرتكبي عمليات القتل الجماعي هذه». وأشار الى قرار السلطات تشكيل لجنة للسلم الأهلي، مرحباً بإدانة السلطات الموقتة العلنية حوادث العنف، داعياً إلى اتخاذ «مزيد من التدابير لمنع تكرارها، بما في ذلك العنف ضد الأشخاص على أساس العِرق أو الدين أو المعتقد، وحماية جميع المدنيين في سوريا من دون تمييز».

وكرَّر مجلس الأمن دعواته إلى «تنفيذ عملية سياسية شاملة بقيادة سورية وملكية سورية، بتيسير من الأمم المتحدة، وتستند إلى المبادئ الأساسية الواردة في القرار 2254 لعام 2015، على أن يشمل ذلك حماية حقوق جميع السوريين، بغضّ النظر عن عِرقهم ودينهم، مؤكداً دعمه جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن في هذا الصدد.

بيدرسن

وفي الذكرى السنوية الرابعة عشرة لبدء الحرب، أمل بيدرسن في أن «يسهم الإعلان الدستوري الجديد في الدفع نحو استعادة سيادة القانون وتعزيز انتقال سياسي منظم وشامل» في سوريا. وأضاف أن «الوقت حان لاتخاذ خطوات جريئة لإنشاء حكومة انتقالية ومجلس تشريعي شاملين وذي صدقية، ووضع إطار وعملية دستورية لصوغ دستور جديد للمدى الطويل ذي صدقية وشامل أيضاً، وعدالة انتقالية حقيقية». وأكد أن سوريا «تقف الآن في لحظة محورية» بعد أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد. كما دعا إلى تحقيق «مستقل وذي صدقية في عمليات القتل والعنف الأخيرة، وإلى التعاون الكامل لسلطات تصريف الأعمال مع الأمم المتحدة في هذا الصدد»، محذراً من أن «مناخ عدم الثقة والخوف يمكن أن يُعرّض الانتقال السياسي بأكمله للخطر».


مقالات ذات صلة

مصرف سوريا المركزي يخفِّض سعر الليرة ويوحِّد كل نشرات الصرف

المشرق العربي صرَّاف يتعامل مع زبائن في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مصرف سوريا المركزي يخفِّض سعر الليرة ويوحِّد كل نشرات الصرف

خفض مصرف سوريا المركزي سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي إلى 12 ألف ليرة، بهدف سد الثغرة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

«الشرق الأوسط» (لندن - دمشق)
خاص لافتة تشير إلى مدينة القنيطرة في الجولان السوري

خاص الفقر يدفع شباباً من القنيطرة السورية للتسجيل في برنامج عمالة إسرائيلي

عشرات الشباب السوريين في القنيطرة سجلوا أسماءهم في برنامج عمالة يومي بإسرائيل، وطالب الأهالي الحكومة السورية بتحسين الوضع المعيشي وقطع الطريق على تل أبيب

«الشرق الأوسط» (القنيطرة (جنوب سوريا))
المشرق العربي ضبط كميات من الأسلحة المتنوعة والذخائر مخبأة داخل بئر ماء مهجورة في قرية المضابع بريف حمص الشرقي (الداخلية السورية)

اعتقال ضابط التنسيق بين نظام الأسد و«الحرس الثوري»

اعتقلت السلطات السورية عميداً مقرباً من شقيق الرئيس المخلوع ماهر الأسد، كان يتولى مهمة التنسيق بين ضباط النظام السابق وقيادات «الحرس الثوري» الإيراني.

«الشرق الأوسط» (دمشق - لندن)
المشرق العربي شرطي يعد المال الذي تسلّمه (محافظة السويداء)

شرطة السويداء تقبض باليد وبالدولار

بعد تأخر شهرين، بدأت قيادة شرطة محافظة السويداء، السبت، تسليم الرواتب للمعادين إلى الخدمة، والذين بلغ عددهم ستمائة عنصر شرطة وأربعين ضابطاً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تدخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل في 17 مارس 2025 (إ.ب.أ)

سوريا «الهشة» تحت ضغط العقوبات والاعتداءات الإسرائيلية

تواصل إسرائيل توغلاتها وغاراتها على سوريا، فيما تتحدث واشنطن عن إمكان تخفيف العقوبات عن دمشق.

سعاد جروس (دمشق)

تصعيد إسرائيلي متواصل على لبنان

مواطنة تحمل صورة لسيدة قُتلت في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة صور مساء السبت (إ.ب.أ)
مواطنة تحمل صورة لسيدة قُتلت في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة صور مساء السبت (إ.ب.أ)
TT
20

تصعيد إسرائيلي متواصل على لبنان

مواطنة تحمل صورة لسيدة قُتلت في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة صور مساء السبت (إ.ب.أ)
مواطنة تحمل صورة لسيدة قُتلت في غارة إسرائيلية استهدفت منطقة صور مساء السبت (إ.ب.أ)

استمر التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، لليوم الثاني على التوالي، مع تسجيل تراجع في وتيرة القصف، يوم الأحد، مقارنة بما كانت عليه السبت، في وقت تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية لمنع تفاقم الوضع.

وقال الجيش اللبناني: «رفع العدو الإسرائيلي، منذ أمس السبت وحتى اليوم الأحد، وتيرة اعتداءاته على لبنان متخذاً ذرائع مختلفة، فنفّذ عشرات الغارات جنوب الليطاني وشماله، وصولاً إلى البقاع، مُوقعاً شهداء وجرحى، فضلاً عن التسبب بدمار كبير في الممتلكات».

وأضاف: «لم يكتفِ العدو بهذا القدر من الاعتداءات، فقد اجتازت آليات هندسية وعسكرية مختلفة تابعة له السياج التقني، صباح السبت، ونفذت أعمال تجريف في وادي قطمون في خراج بلدة رميش، كما انتشر عناصر من قوات المشاة المُعادية داخل هذه الأراضي اللبنانية، في انتهاك فاضح للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار».

ولفت بيان الجيش إلى تعزيز انتشاره بالمنطقة وحضور دورية من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونيفيل»، لـ«توثيق الانتهاكات، في حين عادت القوات المُعادية إلى الداخل المحتل»، في وقت «تُتابع فيه قيادة الجيش التطورات، بالتنسيق مع (يونيفيل) والجهات المعنية لاحتواء الوضع المستجدّ على الحدود الجنوبية».

قصف متواصل

واستمر، الأحد، التصعيد الإسرائيلي في لبنان، حيث عاد القلق من توسّع المواجهات. ونفذت إسرائيل غارات عدة على جنوب لبنان، الأحد، أسفرت إحداها بطائرة مُسيّرة عن مقتل شخص، غداة التصعيد الأكثر دموية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن «مُسيرة إسرائيلية نفذت عدواناً جوياً، صباح الأحد، حيث شنّت غارة بصاروخ موجَّه مستهدفة سيارة في بلدة عيتا الشعب»، ما أدى إلى سقوط قتيل وجرح آخر، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

كذلك أُصيب مواطن بجروح جراء إلقاء محلقة إسرائيلية قنبلة على جرافة بالقرب منه كانت تعمل على رفع الركام في بلدة يارون، وفق «الوطنية» التي أفادت أيضاً بأن طائرات إسرائيلية قصفت منازل جاهزة في بلدتَي الناقورة وشيحين القريبتين من الحدود، دون أن تسفر عن إصابات، كما ذكرت أن غارات جوية إسرائيلية استهدفت بلدة اللبونة الحدودية.

مواطنان يمشيان بأحد شوارع صور على أثر استهداف مبنى في قصف إسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنان يمشيان بأحد شوارع صور على أثر استهداف مبنى في قصف إسرائيلي (إ.ب.أ)

ولاحقاً، كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر منصة «إكس»: «هاجم جيش الدفاع، في وقت سابق اليوم، في منطقة عيتا الشعب جنوب لبنان، وقضى على أحد عناصر (حزب الله) الإرهابي».

في موازاة ذلك، سجل تحليقٌ لطائرة استطلاع على علو منخفض فوق الضاحية الجنوبية، وفي أجواء منطقتيْ بعلبك والهرمل على علو متوسط، وفي أجواء مدينة صور وبلدات القضاء وصولاً حتى ضفاف الليطاني منطقة القاسمية.

تأتي الضربات، يوم الأحد، بعد يوم من مقتل ثمانية أشخاص في عشرات الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان والبقاع، في حين حذّر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من خطر اندلاع حرب جديدة بعد أربعة أشهر من سَريان الهدنة الهشة.

وبعد جولة واسعة من الغارات، خلال يوم السبت، نفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات مسائية على صور وبنت جبيل بلغ عددها 7 غارات أدت إلى سقوط 3 قتلى و12 جريحاً.

وأتى التصعيد الإسرائيلي، السبت، بعد هجمات صاروخية من الأراضي اللبنانية، وهي الأولى على شمال أراضيها منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر الماضي، مُنهياً الحرب بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله».

ونفى الحزب ضلوعه في الهجمات الصاروخية التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، متهماً «العدو الإسرائيلي» بالبحث عن «ذرائع لمواصلة اعتداءاته على لبنان».

وكانت الهدنة قد أدت إلى هدوء نسبي في لبنان بعد أكثر من عام من المواجهات رغم الضربات التي تُواصل إسرائيل تنفيذها على أهداف تقول إنها مرتبطة بـ«حزب الله»، منذ الانسحاب الجزئي لقواتها من جنوب لبنان في 15 فبراير (شباط) الماضي، حيث لا تلتزم تحتفظ بخمس نقاط تصفها بـ«الاستراتيجية» في المنطقة الحدودية.

اتصالات دبلوماسية

واستكمالاً للاتصالات الدبلوماسية التي تنشط على أكثر من خط داخلياً وخارجياً للحد من التصعيد، اتصل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، ونائب رئيس المفوضية كايا كالاس، طالباً تدخلهما وإجراء الاتصالات اللازمة لوقف الهجمات الإسرائيلية، والضغط لإعادة الهدوء وإنهاء الاعتداءات المستمرة على لبنان، وذلك وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية.