الفقر يدفع شباباً من القنيطرة السورية للتسجيل في برنامج عمالة إسرائيلي

مطالبات أهلية للحكومة بتحسين الوضع المعيشي وقطع الطريق على تل أبيب

رجل يجمع الخشب من شجرة أزالها الجيش الإسرائيلي خلال توغل بقريته الرفيد على مشارف القنيطرة في سوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
رجل يجمع الخشب من شجرة أزالها الجيش الإسرائيلي خلال توغل بقريته الرفيد على مشارف القنيطرة في سوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
TT

الفقر يدفع شباباً من القنيطرة السورية للتسجيل في برنامج عمالة إسرائيلي

رجل يجمع الخشب من شجرة أزالها الجيش الإسرائيلي خلال توغل بقريته الرفيد على مشارف القنيطرة في سوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)
رجل يجمع الخشب من شجرة أزالها الجيش الإسرائيلي خلال توغل بقريته الرفيد على مشارف القنيطرة في سوريا 5 يناير 2025 (أ.ب)

كشفت مصادر محلية في محافظة القنيطرة جنوب البلاد، أن «العشرات» من الشباب السوريين في المنطقة «سجلوا أسماءهم في برنامج عمالة يومي سبق أن أعلنت عنه إسرائيل». وطالبت المصادر المسؤولين في الحكومة السورية بالعمل بأقصى سرعة ممكنة على تحسين الوضع المعيشي للعائلات وقطع الطريق على تل أبيب.

وقال أحد المصادر الأهلية إن «معظم أهالي بلدات وقرى القنيطرة المحاذية لخط فك الاشتباك التي توغلت فيها إسرائيل بعد سقوط الأسد، ترفض إرسال أبنائها إلى إسرائيل للعمل هناك، لكن الفقر الشديد الذي تعاني منه أغلبية العائلات، دفع العشرات من الشباب العاطل عن العمل إلى تسجيل أسمائهم في قوائم الراغبين بالعمل هناك التي يجري إعدادها».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة بمرتفعات الجولان المتاخمة لسوريا في ديسمبر الماضي (د.ب.أ)

وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، بعد أن اشترط عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر: «الأهالي هنا ترفض التعامل مع إسرائيل لأنها كيان محتل للأراضي السورية، وتطالب بخروج إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها وتحرير كامل الجولان، ولكن بالوقت نفسه الناس تجوع، إذ لا توجد لديها إمكانيات لزراعة الأراضي بسبب ارتفاع التكاليف. كما لا توجد فرص عمل أخرى يمكن أن تعيش منها العائلات».

وشدد على ضرورة أن «تعمل الحكومة السورية الجديدة وبأقصى سرعة ممكنة على تحسين الوضع المعيشي للعائلات».

جندي إسرائيلي يعبر لافتة تشير إلى معسكر زيواني التابع لقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) قرب معبر القنيطرة 7 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

من جهته، ذكر صحافي يتحدر من محافظة القنيطرة ويتردد عليها بشكل دائم، أن «المعلومات المتوفرة، تفيد بتسجيل ما بين 60 و75 شاباً أسمائهم في برنامج العمالة الإسرائيلي، وكثير منهم من أهالي بلدات وقرى القطاع الشمالي» للمحافظة وقلة من قرى أخرى.

وقال الصحافي لـ«الشرق الأوسط»: «يسجلون أسماءهم وسيذهبون للعمل هناك، ليس حباً بإسرائيل، وليس طمعاً بالمال، بل لأن الجوع لا يرحم، وإسرائيل تستغل هذا الوضع، وعلى حكومتنا قطع الطريق عليها بتحسين الأوضاع المعيشية للناس».

حافلة تقل رجال دين سوريين من الدروز تعبر خط الهدنة باتجاه الجولان المحتل الجمعة (رويترز)

ويضم القطاع الشمالي من محافظة القنيطرة والمحاذي لخط فك الاشتباك لعام 1974 العديد من البلدات والقرى، منها «حضر» ذات الغالبية السكانية الدرزية، وعين التينة، وجباثا الخشب، وأوفانيا، وطرنجة.

ولفت الصحافي إلى أن «شدة الفقر تجبر الأهالي أيضاً على القبول بأخذ المساعدات الغذائية التي تدخلها السلطات الإسرائيلية إلى بعض البلدات والقرى التي توغلت فيها» في ريف القنيطرة.

وأكدت مصادر متقاطعة في ريف القنيطرة الشمالي، أن من يقوم بتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالعمل في إسرائيل، كذلك قوائم العائلات التي ترغب بتسلم مساعدات إسرائيلية، شخص من أهالي بلدة حضر.

وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك الشخص يقوم بالتنسيق مع إسرائيل من أجل إيصال المساعدات الإسرائيلية إلى قرى القنيطرة، وكان قبل سقوط الرئيس السابق بشار الأسد متعاوناً مع «الفرقة الرابعة» التي يقودها ماهر الأسد.

قوات إسرائيلية تنشط بمنطقة جبل الشيخ بسوريا في صورة نُشرت 9 ديسمبر الماضي (رويترز)

ومنذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، شنَّت إسرائيل غارات عدة على الأراضي السورية في الجنوب السوري، دمرت خلالها معظم قدرات الجيش السوري، كما تقوم بشكل شبه يومي بعمليات توغل في أرياف محافظتي القنيطرة ودرعا، واحتلت عدداً من المناطق هناك وأقامت فيها قواعد عسكرية، وفي الوقت نفسه تعمل على تغذية الانقسامات الداخلية في محافظة السويداء الجنوبية.

متداولة على المواقع لعرض عمل في إسرائيل مقدم لعمالة من جنوب سوريا

وتعمل إسرائيل على استغلال الأزمات المعيشية في سوريا، في وقت تسعى فيه السلطة الجديدة إلى تحسين الوضع المعيشي للأسر، علماً بأن رواتب القطاع العام في السنة الأخيرة من حكم الأسد تدنت إلى ما قيمته 30 دولاراً، بسبب فراغ الخزينة العامة والتراجع الكبير لقيمة الليرة السورية. هذا بالإضافة لدمار أكثر من ثلث البلاد، وتهتك البنى التحتية في كل القطاعات، في ظل استمرار العقوبات الاقتصادية الدولية التي لا تزال تعيق الاستفادة من المنح والمساعدات المالية التي تقدمها الدول الحليفة والشقيقة.

مُزارع درزي يُقلّم أشجار التفاح قرب قرية مجدل شمس الدرزية بالجولان المحتل (أ.ف.ب)

وكانت «هيئة البث الإسرائيلية»، قد أعلنت في أواخر فبراير (شباط) الماضي، أن المؤسسة الأمنية بدأت العمل أخيراً على خطة من أجل جلب عمال سوريين إلى القرى والبلدات في هضبة الجولان المحتلة.

ونقلت الهيئة عن مصدرين، قولهما، إن المرحلة الأولى تضمن استجلاب عشرات العمّال السوريين للعمل في مجالات الصناعة والبناء والزراعة في القرى الدرزية بالجولان المحتل، لافتة إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي تستعد للبقاء في المنطقة العازلة السورية، إلى أجل غير مسمى.

وكان موقع «تلفزيون سوريا»، قد ذكر أن الجيش الإسرائيلي أجرى أيضاً مسحاً سكانياً وخدمياً واسعاً في القرى التي توغّل فيها أخيراً، داخل المنطقة العازلة في القنيطرة.

ونقل الموقع عن مصادر، أن فرقاً إسرائيلية نظّمت استبيانات في تلك القرى، تناولت احتياجات المؤسسات الطبية والتعليمية، بالإضافة إلى متطلبات الأهالي ومهنهم، مضيفة أن الفرق تحدثت مع الأهالي عن برنامج عمالة يومية يتم إعداده حالياً.

يذكر أن البرنامج يتضمّن دخول العامل إلى إسرائيل ومن ثم عودته إلى القنيطرة في نهاية اليوم، مقابل نحو 100 دولار كأجر يومي، بحسب المهنة، وفق المصادر التي أكدت أن تلك الفرق بدأت بالفعل بتسجيل قوائم أسماء العمال ومهنهم، مشيرة إلى أن القوائم تضمنت أيضاً أسماء من محافظة السويداء.


مقالات ذات صلة

السفير الأميركي لدى تركيا يتولّى دور المبعوث الخاص إلى سوريا

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توم باراك 10 يناير 2017 (رويترز)

السفير الأميركي لدى تركيا يتولّى دور المبعوث الخاص إلى سوريا

أعلن السفير الأميركي لدى تركيا توم باراك، الجمعة، توليه منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، مع سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لرفع العقوبات عن دمشق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمير محمد بن سلمان يرحب بالرئيس السوري أحمد الشرع أمام أنظار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الرياض 14 مايو 2025 (رويترز)

إدارة ترمب تباشر حلحلة عقد رفع العقوبات على سوريا

شرعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في «إجراءات سريعة» لرفع العقوبات عن سوريا، فيما كُشف عن مغادرة قادة فصائل فلسطينية مدعومة من إيران دمشق.

علي بردى (واشنطن) «الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا الجامعات المصرية تتيح للوافدين برامج دراسية (وزارة التعليم العالي المصرية)

حديث متصاعد عن منع سوريين من أداء الامتحانات بجامعات مصرية

أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، «عدم اتخاذ الحكومة المصرية أي إجراءات بشأن الدارسين من الجالية السورية داخل الجامعات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي عنصران من الشرطة في سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)

تقرير: قادة فصائل فلسطينية تدعمها إيران غادروا دمشق بعد التضييق عليهم

أكد مصدران فلسطينيان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن قادة فصائل فلسطينية كانت مقرّبة من الحكم السابق وتلقت دعماً من طهران، غادروا سوريا، بعد «تضييق» من السلطات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية 
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان يدعو دمشق إلى تطبيق قرار دمج «قسد» في الجيش

دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الحكومة السورية لتطبيق قرارها دمج «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ذات الغالبية الكردية والمدعومة من الولايات المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

السفير الأميركي لدى تركيا يتولّى دور المبعوث الخاص إلى سوريا

السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توم باراك 10 يناير 2017 (رويترز)
السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توم باراك 10 يناير 2017 (رويترز)
TT

السفير الأميركي لدى تركيا يتولّى دور المبعوث الخاص إلى سوريا

السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توم باراك 10 يناير 2017 (رويترز)
السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توم باراك 10 يناير 2017 (رويترز)

أعلن السفير الأميركي لدى تركيا توم باراك، الجمعة، توليه منصب المبعوث الخاص إلى سوريا، مع سعي إدارة الرئيس دونالد ترمب لرفع العقوبات عن دمشق.

وقال باراك، في منشور على منصة «إكس»، إنه سيدعم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، بعد أن أصدر الرئيس دونالد ترمب إعلاناً تاريخياً هذا الشهر، قال فيه إن واشنطن سترفع هذه العقوبات.

وأضاف باراك، وفقاً لوكالة «رويترز»، «بصفتي ممثلاً للرئيس ترمب في تركيا، أشعر بالفخر لتولي دور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ودعم الوزير روبيو في تحقيق رؤية الرئيس».

باراك هو مسؤول تنفيذي في شركة للاستثمار المباشر، ويعمل مستشاراً لترمب منذ فترة طويلة، ورأس لجنته الرئاسية الافتتاحية عام 2016. وكانت وكالة «رويترز» قد ذكرت قبل أيام أن الولايات المتحدة تعتزم تعيينه مبعوثاً خاصاً.

وتُشير هذه الخطوة إلى اعتراف الولايات المتحدة بأن تركيا تحظى بنفوذ إقليمي كبير على دمشق منذ أن أطاحت المعارضة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، لتنهي حرباً أهلية دامت 14 عاماً.

وحضر باراك اجتماعاً نظمته الولايات المتحدة وتركيا في واشنطن الثلاثاء الماضي لبحث الوضع في سوريا؛ حيث نوقش تخفيف العقوبات وجهود مكافحة الإرهاب.

ومن شأن رفع العقوبات الأميركية تمهيد الطريق أمام مشاركة أكبر للمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، وتسهيل التجارة والاستثمار الأجنبي، في ظل سعي البلاد لإعادة الإعمار.

وكتب باراك، في منشوره على منصة «إكس»: «رفع العقوبات عن سوريا سيُحافظ على هدفنا الأساسي المتمثل في هزيمة تنظيم (داعش) نهائياً، وسيمنح الشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل».

واجتمع ترمب مع الشرع بدعوة ورعاية من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء في الرياض، في لقاء هو الأول بين رئيسي الولايات المتحدة وسوريا منذ 25 عاماً.