بعد تأخر شهرين، بدأت قيادة شرطة محافظة السويداء، السبت، تسليم الرواتب للمعادين إلى الخدمة، والذين بلغ عددهم ستمائة عنصر شرطة وأربعين ضابطاً، بينهم منشقون عن النظام السابق.
وأفادت وسائل إعلام محلية في السويداء بأنها المرة الأولى منذ سقوط النظام التي يتم فيها تسليم رواتب لعناصر الشرطة في المحافظة، وأوضح مصدر في قيادة الشرطة بأن الراتب الذي تم تسليمه بلغ 120 دولاراً، بارتفاع أربعة أضعاف (400%) عن الراتب الذي كان يتلقاه عنصر الشرطة قبل سقوط نظام الأسد، بحسب موقع «السويداء 24».

وأظهرت صور محافظة السويداء على حسابها في «فيسبوك» تسليم الرواتب باليد وبالدولار، وهي المرة الأولى التي يجري فيها تسليم رواتب للعاملين في القطاع العام بهذه الطريقة، حيث يتقاضى العاملون رواتبهم عبر صرافات المصارف الحكومية. كما كان محظوراً في سوريا خلال عهد النظام السابق التعامل بالدولار، ويقع تحت طائلة الملاحقة وعقوبة السجن.
مصادر في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تستغرب هذه الخطوة، مضيفة: «إن مشهد تسديد الراتب بالعملة الأجنبية يتم للمرة الأولى في القطاع الحكومي السوري، وهو غير مألوف ما يجعلنا نرسم العديد من إشارات الاستفهام ريثما تتضح الأمور، عما إذا يكون هذا توجهاً حكومياً أم أنه يتم لمرة واحدة تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية المرتبكة حالياً». كما أشارت المصادر إلى أن هذه الخطوة من دمشق تصب في إطار «احتواء أزمة الانقسامات في السويداء، وضرورات ضبط الأمن، وتعزيز جهاز الشرطة التابع للحكومة».
وكانت الرئاسة السورية منحت موظفي الدولة راتباً إضافياً بمناسبة عيد الفطر، وتشمل المنحة المالية العاملين الدائمين والمؤقتين، وكذلك الأفراد الذين يتقاضون أجراً يومياً في سوريا، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، ويشمل القرار أيضاً إعفاء هذه المنح المالية من كافة الضرائب والاقتطاعات.

وجاءت المنحة بهدف امتصاص التوتر الحاصل جراء اشتداد الأزمات المعيشية بعد أكثر من ثلاثة أشهر على تسلم السلطة الجديدة إدارة البلاد، وتصاعد حالة الاحتقان على خلفية الأحداث التي شهدتها منطقة الساحل، والتي ساهم في تفجرها تسريح آلاف العاملين في القطاع العام من عسكريين ومدنيين ضمن خطة حكومية لتقليص أعداد العاملين في القطاع الخاص إلى نحو الثلث، ورفع الرواتب بمعدل 400 في المائة، بعدما تبين وجود أكثر من مليون وثلاثمائة ألف موظف قطاع عام، منهم نحو تسعمائة ألف يأتون إلى مكان العمل، ونسبة كبيرة من هؤلاء لا يقومون بعمل فعلي، ما دفع الحكومة لإعطاء مئات آلاف من العاملين إجازة ثلاثة أشهر مأجورة إلى حين تقييم وضعهم، حيث يجري العمل على بناء قاعدة بيانات جديدة لموظفي القطاع العام، لتقييم وظائف القطاع العام، كما تم فصل العسكريين السابقين في النظام السابق، ومع ذلك لم تتمكن الحكومة من دفع الرواتب لكل العاملين، علماً بأن رواتب القطاع العام في السنة الأخيرة من حكم الأسد تدنت إلى ما قيمته 30 دولاراً، بسبب فراغ الخزينة العامة، ودمار أكثر من ثلث البلاد، وتهتك البنى التحتية في كل القطاعات، في ظل استمرار العقوبات الاقتصادية الدولية التي لا تزال تعيق الاستفادة من المنح والمساعدات المالية التي تقدمها الدول الحليفة والشقيقة.
ولا يزال إنعاش الاقتصاد يشكل أولوية قصوى لدمشق في المرحلة الانتقالية؛ لارتباطه بشكل وثيق بالاستقرار والسلم الأهلي، حيث تقول الأمم المتحدة إن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون في فقر.