عبد الله الثاني خلال لقائه الشرع يدين الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية

ركزت المباحثات على ملف الجنوب السوري والمخدرات وأمن الحدود

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله وولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله في عمان الأربعاء (الديوان الملكي - رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله وولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله في عمان الأربعاء (الديوان الملكي - رويترز)
TT
20

عبد الله الثاني خلال لقائه الشرع يدين الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية

الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله وولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله في عمان الأربعاء (الديوان الملكي - رويترز)
الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله وولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله في عمان الأربعاء (الديوان الملكي - رويترز)

أدان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع في عمان، الأربعاء، الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مشدداً على دعم المملكة لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.

واستبق الأردن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع بإعلان حكومي «رحب بانعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري ومخرجاته، كخطوة مهمة نحو إعادة بناء سوريا على الأسس التي تضمن وحدتها وسيادتها واستقرارها، وضمان ديمومة عمل مؤسساتها وتحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق».

واستقبل الملك عبد الله الثاني الرئيس السوري أحمد الشرع في عمان، الأربعاء، مؤكداً وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء السوريين في إعادة بناء بلدهم، عبر عملية يشارك فيها مختلف مكونات الشعب، بما يضمن وحدة سوريا وأمنها واستقرارها.

جوانب الخبر الرسمي

وبحث اللقاء فرص تطوير التعاون والوصول إلى صيغ مشتركة في زيادة واستدامة التنسيق على مختلف الصعد، بما يحقق المصالح المشتركة ويعزز وحدة الصف العربي. فيما جرى التأكيد على عمق العلاقات الأخوية، والحرص على توسيع التعاون في مجالات التجارة والطاقة والمياه.

وأشاد الملك عبد الله الثاني خلال اللقاء بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، مؤكداً أنه خطوة مهمة نحو إعادة بناء سوريا بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق.

وأكد عبد الله الثاني ضرورة التنسيق الوثيق بين البلدين في مواجهة مختلف التحديات المتعلقة بأمن الحدود والحد من تهريب الأسلحة والمخدرات، مشدداً على أهمية عودة سوريا إلى دورها الفاعل في محيطها العربي.

أشخاص يسيرون في أحد شوارع مخيم الزعتري للاجئين السوريين على بعد نحو 80 كيلومتراً شمال العاصمة الأردنية عمّان 13 يناير 2025 (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون في أحد شوارع مخيم الزعتري للاجئين السوريين على بعد نحو 80 كيلومتراً شمال العاصمة الأردنية عمّان 13 يناير 2025 (أ.ف.ب)

كما بيّن الملك الأردني ضرورة تهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم. كما دان الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، مؤكداً دعم المملكة لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها.

بدوره، أعرب الرئيس السوري عن تقديره لموقف الأردن، الداعم لجهود إعادة بناء سوريا والحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها.

من جانبه، ندد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، اليوم، بالقصف الإسرائيلي على سوريا ووصفه بأنه «تصعيد خطير لن يسهم إلا في تأجيج التوتر والصراع» بالمنطقة. وقال الصفدي: «على مجلس الأمن التحرك فورا لتطبيق القانون الدولي وإلزام إسرائيل وقف اعتداءاتها الاستفزازية غير الشرعية على الأرض السورية وإنهاء احتلالها لجزء منها». وأضاف أن المملكة «تقف مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها».

وكانت الخارجية الأردنية قد نشرت بياناً أكدت فيه دعم الأردن للشقيقة سوريا، واستعداده لتقديم كل ما يستطيع للشعب السوري من أجل تجاوز المرحلة الانتقالية لإعادة بناء سوريا الوطن الحر المستقر ذي السيادة من خلال عملية سورية - سورية، تشارك فيها مختلف أطياف الشعب السوري وتحفظ جميع حقوقهم.

الجنوب السوري قلق مشترك

لم يشرح الخبر الرسمي تفاصيل المباحثات التي جرت بين العاهل الأردني والرئيس السوري التي جرت على مستويين؛ الأول ثنائي مغلق، والثاني موسع بحضور الوفد السوري المرافق. في زيارة استمرت لنحو ساعتين فقط، حسب ما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

توغل داخل بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
توغل داخل بلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

المصادر نفسها أكدت أن المباحثات مع الرئيس السوري الجديد الذي زار الأردن لأول مرة بعد هروب نظام الأسد، ركزت على ملف الجنوب السوري بصفته قلقاً مشتركاً للبلدين، خصوصاً في ظل الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، وسعيها لفرض واقع عسكري جديد باقتطاع مساحات في الجنوب السوري.

ويبقى الجنوب السوري ملفاً شائكاً في ظل التعقيدات التي تفرضها إسرائيل مؤخراً، في حين لا تزال فصائل مسلحة موجودة في مناطق مختلفة، والتي من الممكن أن تتحرك ضمن أي حالة فوضى قد تفتعلها تل أبيب.

هذا، وظلت العلاقات الأردنية - السورية في عهد الأسدين حافظ وبشار، غير مستقرة، وغلب عليها التوتر لسنوات أكثر من سنوات العلاقة المتوازنة، ويُذكر أن بشار الأسد زار عمان خلال سنوات حكمه منذ عام 2000، ثلاث مرات، وكان آخر تلك الزيارات عام 2009.

ومع بدء الأزمة السورية عام 2011، أوفد العاهل الأردني رئيس ديوانه آنذاك د. خالد الكركي، محملاً إياه رسالة شفوية تدعو الأسد إلى بدء الإصلاحات السياسية في بلاده، والاستجابة لمطالب المتظاهرين، وقطع الطريق على سيناريوهات العبث بالأمن السوري بفعل التدخلات الخارجية.

طائرة مسيّرة من سوريا تحمل مخدرات أسقطها الجيش الأردني في يوليو 2023 (رويترز)
طائرة مسيّرة من سوريا تحمل مخدرات أسقطها الجيش الأردني في يوليو 2023 (رويترز)

وبالعودة للجنوب السوري، فقد عانى الأردن من أزمة الحدود الشمالية التي كان يحرسها من جانب واحد، وسط تحركات واسعة لميليشيات تابعة لـ«حزب الله» وإيران، إلى جانب الإزعاج الذي تسببت به نشاطات الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق.

ومنذ عام 2018، بدأ إنتاج كميات كبيرة من المواد المخدرة داخل مصانع في مناطق الجنوب السوري، ليصبح ملف تهريب السلاح والمخدرات عبر الأردن خطراً يومياً تواجهه قوات حرس الحدود التي طوّرت قواعد الاشتباك ضد المهربين بعد محاولات لتنفيذ عمليات إرهابية داخل الحدود الأردنية واستهداف مواقع عسكرية.

وعلى الرغم من دعم الأردن الرسمي لعشائر في الجنوب السوري، فإن ذلك لا يكفي في مواجهة حجم الفوضى في مناطق قريبة من الحدود، في ظل صراع داخلي بين ميليشيات مذهبية إلى جانب وجود مؤثر لميليشيات تنظيم «داعش» الإرهابي. إلا أن تلك الميليشيات تتفق فقط على منع فرص تثبيت قواعد الأمن والاستقرار في سوريا.


مقالات ذات صلة

الأمن العام في طرطوس يتعهد بمحاسبة قتلة عائلة بريف بانياس

المشرق العربي غراف يشرح عدد الضحايا في أحداث الساحل مارس الماضي (المركز السوري للإعلام وحرية التعبير)

الأمن العام في طرطوس يتعهد بمحاسبة قتلة عائلة بريف بانياس

تعهد الأمن العام في محافظة طرطوس السورية بمحاسبة كل «من يخل بالسلم»، معتبراً الجريمة التي وقعت في قرية (حرف بنمرة) في ريف بانياس، جريمة «تخل بالسلم الأهلي».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع وعقيلته لطيفة الدروبي يستقبلان مجموعة من الأطفال السوريين في قصر الشعب بدمشق أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)

الإليزيه ينشر تفاصيل «خريطة طريق» لسوريا بعد قمة «خماسية شرق المتوسط»

«خريطة طريق» أوروبية جديدة لسوريا تربط مجدداً المساعدات بشروط أمنية وسياسية، وتتطرق إلى 5 أبواب، وتدعو لمعالجة ملف النازحين في «إطار إقليمي».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية الرئيس السوري أحمد الشرع (رويترز)

مسؤول إسرائيلي رفيع: الشرع عدونا الواضح دون شك

حذَّر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى من التفاهمات المتزايدة بين سوريا وتركيا التي قد تُقيّد حرية إسرائيل العملياتية في سوريا. ووصف الرئيس الشرع بـ«العدو الواضح».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - لندن)
المشرق العربي صورة جوية تظهر الزوَّار يتجمعون في ساحة المسجد الأموي بدمشق صباح الاثنين أول أيام عيد الفطر (أ.ف.ب)

مساجد دمشق تغصُّ بالمصلين صبيحة عيد الفطر… والآلاف يملأون الساحات العامة

غصَّت مساجد دمشق وساحاتها العامة، بآلاف المصلين لصلاة عيد الفطر، في حين أرخت التحذيرات الغربية من أعمال إرهابية، وقلة السيولة، بظلالهما على فرحة الأهالي.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي قوات الأمن السورية في مهمة حراسة الأمن أثناء أداء صلاة عيد الفطر في دمشق... سوريا 31 مارس 2025 (إ.ب.أ)

مقتل عنصرين من «فلول» النظام السابق باشتباك مع دورية حكومية في ريف دمشق

قُتل عنصران من «فلول» النظام السوري السابق في تبادل لإطلاق النار مع دورية حكومية في منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
TT
20

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

لا يملك لبنان خيارات كثيرة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، سوى الخيار السياسي والدبلوماسي، وإن لم يثبت حتى الآن نجاحه في لجم التمادي الإسرائيلي، واستهداف ضاحية بيروت الجنوبية للمرّة الثانية في أقل من أسبوع، في وقت تطالب فيه دول غربية الدولة اللبنانية بـ«الوفاء بتعهداتها ووضع حدٍّ لإطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلّة، والبدء بنزع سلاح (حزب الله)» الذي تتذرّع به إسرائيل للمضيّ بسياسة الاغتيالات لقادة الحزب وكوادره.

ويبدو التعويل اللبناني على دورٍ أميركي حاسم في وقف انتهاك إسرائيل للسيادة اللبنانية مبالغاً فيه، إذ كشف مصدر دبلوماسي لبناني عن «رسالة تحمّلتها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، في زيارتها المرتقبة خلال أيام إلى بيروت».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن أورتاغوس «تحمل في جعبتها عنوانين أساسيين: الأول ممارسة أقصى الضغوط لنزع سلاح (حزب الله)، والإسراع في تشكيل لجان تقنية وسياسية للتفاوض مع إسرائيل من أجل انسحابها من النقاط الخمس التي تحتفظ بها في جنوب لبنان، والثاني وضع ترتيبات سياسية لترسيم الحدود المتنازع عليها بين بيروت وتلّ أبيب، ورسم معالم المرحلة المقبلة بينهما».

إشارات غير مطمئنة

الغارة الإسرائيلية على منطقة الصفير، فجر الثلاثاء، هي الثانية التي تستهدف عمق الضاحية الجنوبية، وذلك بعد تدمير مبنيين في منطقة الحدث، يوم الجمعة الماضي، لكنّ الاستهداف الثاني منذ دخول قرار وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حصل من دون إنذار مسبق للسكان بإخلاء المبنى المستهدف. وحذّر المصدر الدبلوماسي اللبناني الذي رفض ذكر اسمه من أنّ «الغارة الجديدة الإسرائيلية على الضاحية لن تكون الأخيرة». وقال: «تلقى لبنان في الساعات الماضية إشارات غير مطمئنة تفيد بأن تل أبيب ماضية بسياسة الاغتيالات، كما أنها أخذت على عاتقها مهمّة تدمير ترسانة (حزب الله) العسكرية، طالما أن خطوات الحكومة اللبنانية غير كافية»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تعدّ أن لبنان الرسمي لا يزال يساير الحزب، ويتجنّب الاحتكاك به، وحتى الآن الحكومة غير قادرة على الالتزام بتطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1559، وهو بندٌ أساسيٌ في القرار 1701».

لبنانيون يتفقدون الأضرار في موقع الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
لبنانيون يتفقدون الأضرار في موقع الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

اتصالات دبلوماسية

زادت الغارة الثانية على الضاحية من حرج الدولة، حيث كثّف وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي اتصالاته مع الدول المعنية ولا سيما الولايات المتحدة، لوضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية، بحسب مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن رجّي «أجرى اتصالات مكثّفة مع دول صديقة للبنان، خصوصاً مع الجانب الأميركي، الأكثر تأثيراً على إسرائيل». وأشار إلى أن وزير الخارجية «يقوم بدور فاعل منذ تعيينه على رأس الدبلوماسية اللبنانية لوضع حدّ لانتهاك إسرائيل للسيادة الوطنية وقتل لبنانيين بشكل شبه يومي». وقال المصدر: «أبقى وزير الخارجية اتصالاته مفتوحة مع الخارجية الأميركية ووزراء خارجية أوروبيين لشرح الموقف اللبناني الملتزم بالمطلق بتنفيذ القرار 1701، مقابل مضي إسرائيل في العدوان على لبنان»، مشدداً على أن لبنان «ملتزم بالمواجهة السياسية والدبلوماسية بمواجهة العدوان الإسرائيلي».

الدبلوماسية اللبنانية

وعلى رغم محدودية تأثيرها لجهة وقف التصعيد الإسرائيلي بشكل نهائي، فإن «الدبلوماسية اللبنانية قادرة أن تلعب دوراً مؤثراً في لجم العدوان الإسرائيلي أو التخفيف منه، وبالحدّ الأدنى تحييد بيروت وضواحيها عن الاستهداف»، حسبما قال سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد.

وأضاف شديد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يمتلك لبنان رصيداً دبلوماسياً مهمّاً، يمكن الاستفادة منه، لكن هذه الدول تطلب من لبنان أن يتعهّد أيضاً بمنع الخروق من الجانب اللبناني، أي وقف إطلاق الصواريخ والتعهّد بنزع سلاح (حزب الله)، سواء جنوب الليطاني وعلى كلّ الأراضي اللبنانية»، مشيراً إلى أنه «لا خيار أمام لبنان سوى العمل الدبلوماسي، فهو غير قادر على الدخول بحرب عسكرية مع إسرائيل، ولا يقبل تحويل لبنان إلى ساحة لتبادل الرسائل».