«الشرق الأوسط» ترصد عودة «الأرض المحروقة» إلى لبنان

إسرائيل بقيت في 7 نقاط حدودية… والدمار يفرض على الجنود اللبنانيين النوم في آلياتهم

0 seconds of 1 minute, 55 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:55
01:55
 
TT
20

«الشرق الأوسط» ترصد عودة «الأرض المحروقة» إلى لبنان

لبنانيات يفترشن الأرض على ركام منازلهن المدمرة في ميس الجبل بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)
لبنانيات يفترشن الأرض على ركام منازلهن المدمرة في ميس الجبل بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)

استعاد لبنان القرى الحدودية المحتلة، وبات الجيش اللبناني لأول مرة من اندلاع الحرب الإسرائيلية نهاية العام الماضي على خط الحدود الدولية، لكن هذه العودة تكشف عن الكثير من «المفاجآت المتوقعة»، حيث تبين أن الجيش الإسرائيلي استغل فترة الـ60 يوماً التي أعطيت له للانسحاب والتي مددها أسبوعين إضافيين، للمضي في تدمير هذه القرى التي باتت أرضاً محروقة قولاً وفعلاً، كما تبين وفق معطيات أمنية اطّلعت عليها «الشرق الأوسط» عن بقاء الجيش الإسرائيلي في سبع نقاط على الأقل بدلاً من 5 نقاط معلنة.

كما أظهرت الوقائع احتفاظ إسرائيل لنفسها بحق الضرب في لبنان رغم انسحابها، حيث أطلقت النار نحو الجنود اللبنانيين ترهيباً في أكثر من مناسبة، كما أغارت على سيارة في بلدة حدودية، وأصابت مدنيين اثنين في قرية أخرى.

 

الانتشار جنوباً

 

وينشر الجيش اللبناني نحو 6500 جندي في منطقة جنوب الليطاني وحدها ومستعد لزيادتها إلى 8000 قريباً، في أكثر من نقطة عسكرية أقامها في المنطقة التي كانت مسرحاً للحرب بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» الذي يفترض به أن يكون انسحب منها عسكرياً منذ وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ونهاية فترة الانسحاب الإسرائيلي الممددة التي انتهت الثلاثاء بانسحاب القوات الإسرائيلية حتى الحدود الدولية باستثناء المناطق التي أبقت على نقاط عسكرية فيها.

 

 

النقاط السبع... بلا فوائد عسكرية

ورغم أن إسرائيل أعلنت أنها ستبقى في 5 نقاط عسكرية، فإن الوقائع التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية لبنانية واسعة الاطلاع توضح أن الجيش الإسرائيلي لا يزال موجوداً في سبع نقاط داخل الأراضي اللبنانية يبلغ أعمقها نحو ثلاثة كيلومترات. والجدير ذكره أن هذه النقطة تعدّ «خاصرة رخوة» للجيش الإسرائيلي إذا ما أطال البقاء فيها بسبب امتدادها على شكل سهم داخل الأراضي اللبنانية. وتبدأ النقاط التي توجد فيها القوات الإسرائيلية من تلة الحمامص جنوب مدينة الخيام اللبنانية ويتراوح عمق التوغل الإسرائيلي فيها ما بين 1.5 و3 كيلومترات، أما النقطة الثانية فتقع داخل بلدة كفركلا، وهي نقطة لم تعلن إسرائيل عن بقائها فيها، وهي عبارة عن طريق يتراوح عمقه بين خمسة أمتار وصولاً إلى نحو 200 متر بجانب السياج الحدودي، حيث عزلت طريقاً كانت تمر بجوار الجدار الحدودي. واللافت، أن هذه النقطة بالتحديد كانت من بين النقاط التي طال النقاش حولها مع الإسرائيليين في العام والتي كان يصرّ الجانب الإسرائيلي على أنها من ضمن أراضيه قبل أن ينسحب منها ويقبل بلبنانيتها. أما النقطة الثالثة، فتقع قرب بلدة مركبا في الجنوب الشرقي للأراضي اللبنانية وقد وضعت القوات الإسرائيلية فيها مركزاً محاذياً لمركز «يونيفيل»، علماً أن الطريق التي تمر بمحاذاة الحدود من كفركلا وحتى مركبا لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية. والمركز المستحدث هو مركز قريب من تلة العباد الشهيرة التي تضم قبراً مختلف على هوية صاحبه، بين من يعدّه قبراً لمسلم صالح، أو حاخام يهودي وفق الرواية الإسرائيلية. وقد تم في عام 2000 بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان تقسيم القبر مناصفة بين لبنان وإسرائيل. واستغلت إسرائيل الواقع الجديد لضم ما تبقى من القبر إلى جانبها وأخضعته للترميم. وتقع النقطة الرابعة في منطقة عيترون اللبنانية، حيث اقتطعت إسرائيل منطقة تشبه الزاوية تسمى «جل الدير» وهي منطقة لبنانية غير مأهولة تقع في منطقة تنعطف فيها الحدود مع إسرائيل من الشرق إلى الجنوب. أما النقطة الخامسة، فتقع في منطقة «جبل بلاط» وفيها أقفلت القوات الإسرائيلية الطريق بين بلدتي رامية ومروحين بسيطرتها على «جبل بلاط»، في حين تقع النقطة السادسة (غير المعلنة) قرب بلدة الضهيرة الحدودية، حيث أقفلت القوات الإسرائيلية الطريق من دون وجود مركز دائم لها. وينتهي الخط في منطقة اللبونة قرب الساحل، حيث النقطة السابقة المطلة على منطقة الناقورة الساحلية التي كانت بدورها موقع اعتراض إسرائيلي في عام 2000.

 

وتظهر دراسة ميدانية أعدتها الوحدات المختصة في الجيش اللبناني واطلعت «الشرق الأوسط» عليها، أن النقاط التي بقيت فيها القوات الإسرائيلية لا تتمتع بأي ميزة استكشافية عسكرية. وتوضح الدراسة أن مدى الرؤية التي تعطيه هذه المواقع لا يتناسب مع حاجات الاستطلاع العسكرية؛ ما يرجح «الحاجات السياسية» لهذه المواقع التي يقع بعضها في مناطق مكشوفة عسكرياً ويسهل استهدافها.

غير أن اللافت في هذه المواقع أنها أقيمت في مواجهة المستعمرات الإسرائيلية الكبرى بدءاً من المطلة في الالشرقية وصولاً إلى شلومي غرباً.

 

آليات الجيش... مخادع للجنود

 

دخل الجيش اللبناني المنطقة الحدودية ليجد مشهدية دمار تناهز الـ80 في المائة من مساحة قرى الحدود، وفق ما أكد مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط»؛ ما وضع الجيش كما الأهالي أمام معضلة كبيرة. فقد وجد الجيش أن كل مراكزه الحدودية قد دُمّرت بالكامل من قبل القوات الإسرائيلية. وهي مراكز كان الجيش قد أخلاها قبيل التوغل الإسرائيلي في سبتمبر (أيلول) الماضي عندما بدأت العملية البرية الإسرائيلية. وإذا كان الأهالي قادرين على العودة إلى أماكن سكنهم المؤقتة خارج المنطقة الحدودية، فالجيش مضطر إلى البقاء هناك في ذروة عاصفة تحمل رياحاً قطبية إلى المنطقة. وبينما لا يستطيع الجنود اتقاء البرد في مبانٍ مشيدة، يلجأ العسكريون إلى النوم من آلياتهم فتحولت ملالات الجيش وسيلة نقل نهاراً ومكان مبيت ليلاً. كما وضعت الجيش أمام تحدٍ آخر هو تأمين الدعم اللوجيستي للوحدات المنتشرة عند الحدود، حيث باتت الأمور رهن ساعتها والظروف الميدانية.

 

رفع الأنقاض... والجثث

 

وبخلاف دوره في ضبط الحدود وتأمين الأمن في القرى اللبنانية المحررة، ينشغل الجيش بمساعدة المدنيين على رفع الأنقاض لفتح الطرقات وتأمين العبور، وتنظيف المنطقة من القذائف غير المنفجرة وسحب جثث المقاتلين، حيث تمكن في اليوم الأول للانسحاب الإسرائيلي وحده من سحب 69 جثة لمقاتلي الحزب، كما أنقذ اثنين كانا عالقين بأحد المخابئ في بلدة كفركلا، حيث بقيا طوال فترة الحرب التي امتدت لأكثر من شهرين.

 

 

لبنانيون يعبرون وسط الركام في ميس الجبل المدمرة (الشرق الأوسط)
لبنانيون يعبرون وسط الركام في ميس الجبل المدمرة (الشرق الأوسط)

 

في المستجدات الأمنية، وبينما عودة الأهالي إلى قراهم المدمرة بالكامل مستمرة، أغارت مسيَّرة إسرائيلية على سيارة رابيد في بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل؛ ما أدى إلى مقتل ابن رئيس بلدية عيتا الشعب وإصابة زوجته إصابة خطيرة.

 

ولاحقاً، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أنّ «طائرة لسلاح الجوّ أغارت لإزالة تهديد وقضت على ناشط عسكري لـ(حزب الله) في منطقة عيتا الشعب، في جنوب لبنان، بعد أن تم رصده يتعامل مع وسائل قتالية»، بحسب زعمه.

وأضاف أدرعي عبر منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل لإزالة أي تهديد وفق التفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

 

جرَّافة تعمل بمربع سكني دمَّرته إسرائيل في بلدة ميس الجبل (الشرق الأوسط)
جرَّافة تعمل بمربع سكني دمَّرته إسرائيل في بلدة ميس الجبل (الشرق الأوسط)

 

وقام الجيش الإسرائيلي بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة من موقع الرادار في خراج بلدة شبعا في اتجاه منازل البلدة. كما نفذ بعد ظهر عملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة من تلة الحمامص. وأفيد بأن جرافة إسرائيلية رفعت ساتراً ترابياً جديداً على مقربة من ساحة بلدة العديسة، في خلة المحافر. وألقت القوات الإسرائيلية قنابل صوتية استهدفت نقطة تجمع للأهالي في بلدة كفركلا. وأفيد بأن قوة إسرائيلية مؤلفة من دبابتي ميركافا أطلقت النار على مركز الجيش اللبناني في منطقة بركة النقار جنوب بلدة شبعا من دون وقوع إصابات. وسقطت إصابات عدة جراء إطلاق قوات إسرائيلية النار على منتزهات الوزاني جنوب لبنان أثناء قيام بعض أهالي البلدة بتفقدها بعد عودتهم. كما أطلق الجيش الإسرائيلي النار على لبناني لدى قيامه بتفقد المتنزه العائد له على ضفاف نهر الوزاني؛ ما أدى إلى إصابته في رجله.


مقالات ذات صلة

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

المشرق العربي جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي لقيادي بـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

العمل الدبلوماسي خيار لبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

لا يملك لبنان خيارات كثيرة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، سوى الخيار السياسي والدبلوماسي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي لبنانيتان تقفان قرب سيارات تضررت جراء الاستهداف الإسرائيلي لضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

إسرائيل تفتتح مرحلة الاغتيالات بالضاحية الجنوبية لبيروت بعد وقف القتال

افتتحت إسرائيل، الثلاثاء، مرحلة جديدة من المعركة ضد «حزب الله» في لبنان، تمثلت في تطبيق سياسة ملاحقة كوادره بالضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم بعض المحطات الرئيسية في العلاقة بين طهران وواشنطن (رويترز)

محطات رئيسية في الخصومة الطويلة بين إيران وأميركا

اتسمت العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، الحليفتَيْن الوثيقتَيْن في وقت سابق، بغياب الثقة والعداء المعلن أحياناً منذ اندلاع الثورة الإيرانية في 1979.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

رسائل إسرائيلية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

ذهبت إسرائيل بقصفها الضاحية الجنوبية لبيروت، الثلاثاء، أبعد من إطار ردود الفعل على إطلاق صواريخ باتجاهها.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يعاينون الأضرار بموقع الاستهداف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

عون يحذر من «نيات إسرائيلية مبيتة ضد لبنان»

حذر الرئيس اللبناني، جوزيف عون، من خطورة «النيات الإسرائيلية المبيتة ضد لبنان»، بعد قصف الضاحية الجنوبية لبيروت لثاني مرة خلال أقل من أسبوع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«هدنة غزة»: سياسة «الضغوط القصوى» الإسرائيلية هل تقود إلى تنازلات جديدة؟

فلسطيني يحمل طفليه وسط أنقاض منزل دمَّرته غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفليه وسط أنقاض منزل دمَّرته غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: سياسة «الضغوط القصوى» الإسرائيلية هل تقود إلى تنازلات جديدة؟

فلسطيني يحمل طفليه وسط أنقاض منزل دمَّرته غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفليه وسط أنقاض منزل دمَّرته غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

قصف وإخلاءات إسرائيلية تطول مناطق كثيرة في قطاع غزة، وتأكيدات لاستمرار تنفيذها ضمن سياسة «الضغوط القصوى» التي أعلنتها حكومة بنيامين نتنياهو، مما يدفع إلى تساؤلات بشأن تداعيات ذلك النهج على الحرب التي تقترب من شهرها الـ18، ومدى قدرته على إنهاء أزمة الرهائن.

ويعلو صخب التصعيد العسكري على مناقشات مقترحات مصرية-أميركية-إسرائيلية، تتمسك فيها حركة «حماس» بإبرام اتفاق يقود لإنهاء الحرب، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، قد يسهم في تقديم الحركة تنازلات جديدة وحاسمة.

غير أنهم أكدوا أن التنازلات تستلزم ضمانات في ظل انحياز واشنطن لنتنياهو لكي تكون المرونة المحتملة من «حماس»، قابلة للتنفيذ على أرض الواقع قبل عيد الفصح في 20 أبريل (نيسان) الجاري، عبر ضم وسطاء من دول أخرى؛ كتركيا والصين وروسيا، أو انتظار زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، للمنطقة بعد نحو شهر لرؤية هدنة ناضجة تمليها ظروف الجولة الرئاسية الخارجية الأولى.

رد فعل فلسطينيات على مقتل أقربائهن قرب مستشفى ناصر في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينيات على مقتل أقربائهن قرب مستشفى ناصر في خان يونس جنوب غزة (أ.ف.ب)

ووجه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الثلاثاء، عبر حسابه بمنصة «إكس»، «إنذاراً أخيراً» إلى سكان مناطق في شمال قطاع غزة قبل قصفها، وطلب منهم المغادرة بشكل فوري غرباً إلى مراكز الإيواء، وذلك غداة تأكيد مصدر أمني إسرائيلي لقناة «i24NEWS» الإسرائيلية أنه «يتم اتباع استراتيجية سياسة الضغط الأقصى سواء بإخلاء سكان رفح أو توسيع العمليات في الشمال والجنوب والشرق، من الجو وعلى الأرض، تمهيداً لدخول القوات البرية».

ويتفق ذلك مع إعلان مكتب نتنياهو، الأحد، أن «مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي قرر زيادة الضغط على (حماس) من أجل تحقيق إطلاق سراح الرهائن»، مؤكداً أن «إسرائيل تُجري محادثات مع (حماس) تحت النار، وأن الضغط العسكري أثبت فاعليته، ونرى فجأة تصدعات في مواقف (حماس) التفاوضية».

ذلك التصعيد العسكري، منذ انهيار اتفاق 19 يناير (كانون ثان) الماضي عقب إتمام مرحلته الأولى (42 يوماً) مطلع مارس (آذار) الماضي، شهد إعلان «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، في بيان الثلاثاء، أنها قصفت مدينة سديروت الإسرائيلية وعدداً من المناطق المتاخمة لقطاع غزة برشقة صاروخية.

عضو مجلس الشؤون الخارجية والأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن ذلك التصعيد يهدف لزيادة الضغوط على «حماس» أملاً أن تقدم تنازلات، لكن في الوقت ذاته نتنياهو لديه أزمات داخلية بعد القبض على اثنين من مساعديه، وتراجعه (الثلاثاء) عن تعيين نائب الأدميرال (احتياط) إيلي شرفيت رئيساً لجهاز الأمن العام (الشاباك) تحت ضغوط حلفائه.

ولا يستبعد أنور أن «تقبل (حماس) بتقديم تنازلات وتسويق ذلك تحت عناوين التخفيف عن الشعب، ومراعاة مطالب الوسطاء، وتقديم مرونة حال تحقيق شرط واحد لها وهو إبرام اتفاق يقود لإنهاء الحرب»، ويتفق المحلل السياسي المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، معه قائلاً إن «(حماس) مستعدة للتنازل والمرونة من أجل وقف حرب الإبادة، ولكن بشرط وجود ضمانات لوقف الحرب وانسحاب إسرائيل الكامل».

فلسطيني يمر قرب مخبز أغلق بسبب انعدام الطحين في مدينة غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطيني يمر قرب مخبز أغلق بسبب انعدام الطحين في مدينة غزة الثلاثاء (رويترز)

ويتوقع المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «استمرار نتنياهو في أسلوب التفاوض تحت إطلاق النار، والاتجاه إلى التصعيد العسكري رغم إدراكه أن الصفقات السياسية هي الوحيدة القادرة على تأمين خروج رهائنه»، لافتاً إلى أن «إسرائيل تريد أن تدفع تلك الضغوط (حماس) إلى تقديم تنازلات ليس على أساس مقترح ويتكوف أو المقترح المصري، ولكن على أساس مقترح إسرائيلي مجحف لن يقبل أحد به».

ونقلت تقارير عبرية عن مسؤولين إسرائيليين، الاثنين، أن حكومة نتنياهو اقترحت هدنة تنص على عودة نصف الرهائن الـ24 الذين يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة في غزة، ونحو نصف الـ35 الذين يُعتقد أنهم في عداد الأموات، خلال هدنة تستمر ما بين 40 و50 يوماً، بعد يومين من تسريبات إعلامية بشأن موافقة «حماس» على اقتراح جديد لوقف إطلاق النار في غزة من الوسيطين مصر وقطر.

كان ويتكوف قد قدّم في 13 مارس (آذار) الماضي، اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان)، يتضمن إطلاق عدد من الرهائن، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي، عيدان ألكسندر فقط. وعدَّ المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول».

مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي كما تظهر من جنوب إسرائيل الثلاثاء (أ.ب)
مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي كما تظهر من جنوب إسرائيل الثلاثاء (أ.ب)

ونقلت وكالة «أسوشييتد برس»، أواخر الشهر ذاته عن مسؤول مصري قوله إن هناك مقترحاً مقدماً من القاهرة ينص على أن تفرج «حماس» عن 5 رهائن أحياء، من بينهم أميركي - إسرائيلي، مقابل سماح إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتوقف القتال لمدة أسبوع، كما ستفرج إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وقال مسؤول في الحركة الفلسطينية وقتها إنها «ردت بشكل إيجابي».

وأحد أبرز الخلافات المطروحة على طاولة المفاوضات، حسبما نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن إسرائيل تصر على أن أي اتفاق الآن يجب أن يركز فقط على وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، وفي المقابل تسعى «حماس» إلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب بشكل كامل.

في حين أكدت قناة «i24NEWS» الإسرائيلية الاثنين، أن العرض الإسرائيلي المضاد أُرسل إلى الوسطاء، لافتةً إلى أن «إسرائيل تخطط لزيادة الضغوط على (حماس) لحملها على الموافقة على الاتفاق وسط تكهنات بإمكانية توقيع الاتفاق قبل عيد الفصح».

ويعتقد أنور أن الأقرب مع تصاعد تلك الضغوط هو التوجه إلى حلول وسط وإبرام صفقة مرحلية، متوقعاً أن تطالب «حماس» بضمانات أكثر وغير أميركية في ظل انحياز واشنطن إلى نتنياهو، وقد نرى ضمانات تركية أو صينية أو روسية مع مصر وقطر، معرباً عن تفاؤله في ضوء المؤشرات الحالية أن يتم الذهاب إلى تهدئة قبل عيد الفصح.

وبرأي المدهون أن «الاحتلال لا يريد حلولاً إنما يضع أموراً خطيرة مثل: سحب سلاح (حماس)، واستمرار بقائه في القطاع، وتهجير فلسطيني غزة، وهذه ليست ضغوطاً ولكنها معركة صفرية تهدد المنطقة بأكملها»، مؤكداً أن الدور الأكبر يقع على عاتق الوسطاء والمجتمع للضغط بقوة لإنهاء الحرب والتوصل إلى تهدئة في أقرب وقت.

ويتوقع الرقب أن تتمسك «حماس» بمقترح مصر الذي سد الفجوات، مرجحاً أنه «في ظل عدم وجود موقف أميركي جاد وضاغط على إسرائيل فلا أفق قريباً لتهدئة، ونتنياهو سيواصل فتح جهنم على القطاع حتى في عيد الفصح، وقد نرى مع زيارة ترمب للمنطقة بعد نحو شهر بلورة لهذه الهدنة».