رسائل إسرائيلية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

ضغوط للتطبيع... وإسقاط لتحييد محيط العاصمة

لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT
20

رسائل إسرائيلية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت

لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
لبنانيون يقفون في مدخل مبنى تعرَّض لاستهداف إسرائيلي فجر الثلاثاء في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

ذهبت إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء، أبعد من إطار ردود الفعل على إطلاق صواريخ باتجاهها، فباستهداف الضاحية مرتين خلال أقل من أسبوع، تكون تل أبيب قد أسقطت معادلة تحييدها التي كانت معتمَدة منذ سريان وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما يؤشر إلى احتمال الدخول في منحى تصعيدي جديد لا يزال غير واضح كيف سيتعامل معه لبنان الرسمي و«حزب الله».

ضغوط للتطبيع

ويرى مقربون من «حزب الله» ومطلعون على موقفه، أن الانتقال الإسرائيلي إلى قصف الضاحية هدفه رفع مستوى الضغط على لبنان للتطبيع مع تل أبيب.

ويرى العميد المتقاعد منير شحادة، المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى «يونيفيل»، أن القصف الذي استهدف الضاحية الثلاثاء، «أتى ليؤكد أن مَن أطلق الصواريخ يوم الجمعة (الماضي)، واستدعى قصفاً إسرائيلياً للضاحية، إنما أطلقها لمصلحة إسرائيل، لأنها هي المستفيدة الوحيدة منها، وقد بدا واضحاً في حينه أنها صواريخ صبيانية بدائية مشبوهة لإعطاء العدو أعذاراً لقصف العمق اللبناني وبالتحديد الضاحية».

وقال شحادة لـ«الشرق الأوسط»: «في المقابل أتى اغتيال عضو في (حزب الله) في الضاحية، الثلاثاء، دون أي عذر، وهذا تصعيد خطير يؤكد أن الهدف الإسرائيلي الواضح هو الضغط على لبنان لسلوك مسار التطبيع».

ويضيف: «هناك مشروع أميركي - إسرائيلي لإخضاع لبنان للتطبيع ودفعه للجلوس إلى طاولة مفاوضات تضم سياسيين ودبلوماسيين لا عسكريين. كما أن هناك ضغوطاً أخرى لإجبار المقاومة على دفع أثمان في الداخل اللبناني وبخاصة لجهة محاولة تجريدها من سلاحها حتى شمالي الليطاني».

كما يرى شحادة أن «ما يحصل هدفه أيضاً إيصال رسالة واضحة إلى لبنان و(حزب الله) مفادها أنْ لا مكان بمنأى عن القصف، وأن إسرائيل متمسكة بحرية الحركة في الوقت والمكان الذي تراه مناسباً، وبالتالي تسعى لفرض أمر واقع».

آثار غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
آثار غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

حلّان لا ثالث لهما

العميد المتقاعد جورج نادر له رؤية أخرى للتطورات الأخيرة وأسبابها، فهو يرى أن «إسرائيل لا تنتظر أعذاراً لتنفيذ اعتداءاتها، لكن علينا في المقابل أن نقطع الطريق على أي أعذار تقدّمها، خصوصاً أننا لم نطبق القرارات الدولية وأبرزها الـ1701، وما زلنا نقول إن سلاح (حزب الله) يحتاج إلى حوار وطني».

وتساءل نادر: «أيُّ حوار وطني، وهناك اتفاقية وقَّعتها الحكومة اللبنانية السابقة، وتقول بنزع سلاح المجموعات المسلحة وتفكيك بنيتها العسكرية بدءاً بجنوب الليطاني؟!».

وقال نادر لـ«الشرق الأوسط»: «علينا أن نتوقع ارتفاع وتيرة الاعتداءات والخروق في الفترة المقبلة ما دامت الحال على ما هي عليه في الداخل اللبناني»، مضيفاً: «هناك إنذارات أميركية واضحة لمنع أي مساعدات عن لبنان، وضمناً عن الجيش، وصولاً إلى فرض عقوبات إذا لم ينفَّذ الاتفاق، وبالتالي نحن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما ركون (حزب الله) إلى الواقع وقراءته المشهد الإقليمي والدولي بشكل دقيق، ومساعدة الدولة على بسط سلطتها على كامل أراضيها، وتسليم كل السلاح للدولة، وإما أن تواصل إسرائيل النهج الذي نشهده راهناً».

ويشدد نادر على أهمية «وضع جدول زمني واضح لنزع سلاح المجموعات المسلّحة كافة؛ لبنانية كانت أو فلسطينية، في جنوب الليطاني أولاً ثم شماله، وإلا نكون عندها نتجه إلى تصعيد أكبر».

كان اتفاق وقف إطلاق النار الذي أدى إلى وقف الحرب الإسرائيلية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قد نصَّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي من كل المناطق التي دخل إليها. لكنَّ تل أبيب أبقت قواتها في خمسة مرتفعات استراتيجية تخوّلها الإشراف على مساحات واسعة من جانبي الحدود، كما واصلت شنّ غارات على جنوب لبنان وشرقه، تقول إنها تستهدف مواقع عسكرية لـ«حزب الله»، متهمةً الدولة اللبنانية بعدم تنفيذ قسطها من الاتفاق القاضي بتفكيك ترسانة «حزب الله» العسكرية وإبعاده عن حدودها.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: مقتل مسؤول نشر أنظمة اتصالات في «حزب الله» 

المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني يقفون حول سيارة محترقة نتيجة قصفها في غارة إسرائيلية على طريق الغازية قرب صيدا في لبنان (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: مقتل مسؤول نشر أنظمة اتصالات في «حزب الله» 

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إن أحد عناصر «حزب الله» قُتل في غارة نفذتها طائرة إسرائيلية من دون طيار في مدينة صيدا اللبنانية الساحلية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود لبنانيون في موقع الضربة الإسرائيلية قرب صيدا (أ.ف.ب)

غارة في جنوب لبنان... وإسرائيل تعلن «القضاء» على عنصر بـ«حزب الله»

قُتل شخصٌ جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارةً قرب صيدا، كبرى مدن جنوب لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي 
جلسة الحكومة اللبنانية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

حكومة لبنان «تقارب» ملف سلاح «حزب الله» بلا قرارات

قاربت الحكومة اللبنانية ملف سلاح «حزب الله» وتطبيق القرار الدولي «1701» الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني، جنوب نهر الليطاني ومنع الوجود المسلح غير الشرعي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين ببلدة الطيبة جنوب لبنان 6 أبريل (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: القضاء على قيادي بـ«حزب الله» في جنوب لبنان

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، إنه قضى على قيادي في جماعة «حزب الله» بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقود مركبات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أمام مبانٍ مدمرة أثناء دورية بقرية كفركلا جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

«حزب الله» بتأييده وقف النار يضع سلاحه على طاولة المفاوضات

التهديد الناري الذي أطلقه نائب رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» محمود قماطي بقطع كل يد تمتد إلى سلاح المقاومة لا يستهدف الرسائل الإيجابية بين عون والحزب.

محمد شقير (بيروت)

24 قتيلاً بغارات إسرائيلية في غزة بعد رفض «حماس» مقترح هدنة

فلسطينيون يسيرون على أنقاض المباني المدمرة بسبب الحرب في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يسيرون على أنقاض المباني المدمرة بسبب الحرب في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
TT
20

24 قتيلاً بغارات إسرائيلية في غزة بعد رفض «حماس» مقترح هدنة

فلسطينيون يسيرون على أنقاض المباني المدمرة بسبب الحرب في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يسيرون على أنقاض المباني المدمرة بسبب الحرب في وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، الجمعة، مقتل 24 شخصاً على الأقل، بينهم 10 من عائلة واحدة، في غارات إسرائيلية جديدة على القطاع، غداة رفض حركة «حماس» مقترحاً إسرائيلياً بشأن هدنة جديدة، ودعوتها إلى اتفاق يؤدي إلى وقف الحرب.

وشدد رئيس وفد «حماس» في المفاوضات خليل الحية على رفض «الاتفاقات الجزئية»، مبدياً استعداد الحركة لإبرام اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ نحو 18 شهراً.

ودعا الحية أيضاً إلى ممارسة ضغط دولي لإنهاء الحصار الإسرائيلي المُطبق على غزة والذي بدأ في الثاني من مارس (آذار).

وتأتي هذه المناشدة بعد أن حذّرت الأمم المتحدة من تدهور الأوضاع ونقص الأدوية وغيرها من الضروريات الأساسية في القطاع الفلسطيني المنكوب الذي يعيش فيه نحو 2.4 مليون شخص.

إسرائيل تريد «التمديد»

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، في ساعة مبكرة من صباح الجمعة: «عثرت طواقمنا على جثامين 10 شهداء، بالإضافة إلى العديد من الجرحى في منزل عائلة بركة والمنازل المحيطة به، والتي استهدفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في بني سهيلا بشرق خان يونس».

كما أفاد الدفاع المدني بمقتل 14 شخصاً آخرين على الأقل في غارات إسرائيلية في مختلف أنحاء القطاع، من بينها غارتان على الأقل أصابتا خياماً تؤوي نازحين.

ويعيش مئات الآلاف من الأشخاص في الخيام بعد محاولاتهم المتكررة للفرار من القصف والقتال منذ بدء الحرب إثر هجوم «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكثّف الجيش الإسرائيلي قصفه الجوي ووسع نطاق عملياته البرية في قطاع غزة منذ استئناف هجومه في 18 مارس (آذار) بعد انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى بدأ في 19 يناير (كانون الثاني). وأرادت إسرائيل تمديد المرحلة الأولى للاتفاق، بينما أصرت «حماس» على إجراء مفاوضات للمرحلة الثانية، وفق خطة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.

«اتفاقية شاملة»

أفاد مصدر من «حماس» «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الحركة أرسلت رداً مكتوباً، الخميس، إلى الوسطاء بشأن مقترح إسرائيل لوقف إطلاق النار لمدة 45 يوماً، مع المطالبة بالإفراج عن عشرة رهائن أحياء تحتجزهم الحركة، وفق «حماس».

كذلك نص المقترح الإسرائيلي على إطلاق سراح 1231 معتقلاً فلسطينياً ودخول مساعدات إنسانية إلى غزة.

وأوضح مسؤول في «حماس» أن الاقتراح ينص على نزع سلاحها لضمان نهاية كاملة للحرب، وهو ما ترفضه الحركة.

وقال خليل الحية في خطاب مصور، مساء الخميس: «الاتفاقات الجزئية يستعملها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وحكومتُه غطاء لأجندته السياسية... لن نكون جزءاً من هذه السياسة».

وأضاف أن «حماس» مستعدة «للتوصل لاتفاقية شاملة حول تبادل الأسرى رزمة واحدة، مقابل وقف الحرب وانسحاب الاحتلال من قطاع غزة وإعادة الإعمار».

وقُتل ما لا يقل عن 1691 شخصاً في غزة منذ استئناف الجيش هجومه، ما يرفع إجمالي عدد القتلى منذ اندلاع الحرب إلى 51 ألفاً و65 شخصاً على الأقل، وفقاً لوزارة الصحة في غزة التي تديرها حركة «حماس».