قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الطريق على الجهود العربية لتأمين «اليوم التالي» في قطاع غزة، وأعلن رفضه تولي «حماس» والسلطة الفلسطينية مسؤولية قطاع غزة في أي خطة مقبلة.
وقال نتنياهو في بيان: «تماماً مثلما تعهدت بشأن اليوم التالي للحرب، لن يكون هناك لا (حماس) ولا السلطة الفلسطينية». أضاف: «أنا ملتزم بخطة الرئيس الأميركي ترمب من أجل إنشاء غزة مختلفة».
وجاء بيان نتنياهو رداً على تقارير حول ضغوط عربية على حركة «حماس» من أجل التنازل عن حكم غزة للسلطة الفلسطينية، في محاولة لإحباط مخطط الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الاستحواذ على قطاع غزة بعد تهجير أهله، وهي خطة تلقفها نتنياهو بسرعة، وحوَّلها إلى خطة اليوم التالي.
واستبق نتنياهو بتصريحه مباحثات إسرائيلية حول المرحلة الثانية من المفاوضات التي يُفترض أن تبحث نهاية الحرب في القطاع، ومصيره.
وسيجتمع المجلس الأمني والسياسي المصغر في وقت متأخر، الاثنين، لبحث مصير المرحلة الثانية، وهو اجتماع تم بضغط من الولايات المتحدة التي تريد لهذه المرحلة أن تنطلق.
وكان نتنياهو عرقل إطلاق هذه المرحلة في محاولة منه لتمديد المرحلة الأولى، وأرسل وفداً إلى مصر، الاثنين، من دون صلاحيات لمناقشة أي شيء سوى المرحلة الأولى.
واتهم مسؤول أمني إسرائيلي كبير، مطّلع على المفاوضات، نتنياهو في حديث لموقع «واينت» بالعمل على منع تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة الرهائن. وقال المسؤول الذي لم يكشف عن هويته لموقع «واينت»، إن نتنياهو يعمل على تحقيق أهداف سياسية على حساب حياة الرهائن.
وأكد المسؤول الأمني الإسرائيلي الكبير أن هذا يرقى إلى انتهاك لاتفاقية الرهائن، التي تنص على أن تبدأ الأطراف في إجراء مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة في موعد لا يتجاوز اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، والذي كان في الثالث من فبراير (شباط) أي قبل أسبوعين تقريباً.
وكان نتنياهو رفض كل تدخلات الوسطاء من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية، لكنه غير الاتجاه بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى إسرائيل، الأحد، وإعلان المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستنطلق، مضيفاً لقناة «فوكس نيوز» أنه تحدث إلى نتنياهو ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، واتفق معهم على تسلسل المرحلة الثانية من اتفاق غزة.
ويُفترض أن تنتهي المرحلة الأولى من اتفاق غزة في الأول من مارس (آذار) المقبل.
وبينما يواجه نتنياهو ضغوطاً أميركية لبدء المرحلة الثانية، عليه أن يتعامل مع ضغوط مضادة من الجناح اليميني المتطرف في ائتلافه لاستئناف القتال ضد «حماس». وقد هدد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بإخراج حزبه «الصهيونية المتدينة» من الحكومة إذا لم يتم ذلك، وهو ما من شأنه أن يلغي الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها نتنياهو.
وقال سموتريتش، الاثنين، إنه سيطالب الكابنيت، بالتصويت واعتماد خطة ترمب. وأضاف: «يجب على إسرائيل إصدار إنذار نهائي واضح لـ«حماس»: «إما إعادة جميع الرهائن إلينا الآن ومغادرة غزة إلى دول أخرى ونزع سلاحها... وإن لم تستجب (حماس) للإنذار فإن إسرائيل ستفتح أبواب الجحيم».
واقترح سموتريتش احتلال غزة بالكامل إذا لم تستجب «حماس» لمقترح ترمب وفتح الطريق من أجل مغادرة نهائية لسكان القطاع، ثم السيطرة على 10 في المائة من أرض القطاع بشكل كامل. أضاف: «إسرائيل وصلت إلى مفترق طرق إما أن تستسلم (حماس)، وإما أن تستسلم دولتنا».
وانضم وزراء آخرون إلى سموتريتش. وبينما هاجم الوزير المستقيل إيتمار بن غفير سياسات نتنياهو وطالبه بوقف المساعدات عن غزة فوراً، قالت وزيرة المهمات القومية أوريت ستروك: «إذا تم وقف الحرب تماماً، وتخلت إسرائيل عن هدف إخضاع (حماس) وإبادتها فسنتحطم في كارثة كبرى».
ومقابل ذلك حث مسؤولون آخرون في المعارضة، الحكومة على استكمال الاتفاق وإعادة جميع المخطوفين.
وهاجم رئيس المعارضة يائير لبيد الحكومة، وقال إنها منشغله بإقالة رئيس «الشاباك» بدل إعادة المختطفين. أضاف: «يتعين علينا الانتقال إلى المرحلة الثانية من الصفقة، وتقصير الوقت قدر الإمكان. والمضي قدماً حتى عودة آخر المختطفين. بعضهم يعود إلى دياره وأحبائه، وبعضهم الآخر إلى الراحة الأبدية».
ورأى زعيم حزب المعسكر الرسمي، بيني غانتس، أنه يجب على إسرائيل أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل إعادة جميع المختطفين حتى آخر واحد منهم.
ووجه الوزير السابق في مجلس الحرب المنحل، غادي آيزنكوت، رسالة لنتنياهو قال فيها إن «المهمة العليا هي استكمال إعادة المخطوفين، والتخلي عنها هو خط أحمر». واتهم إيزنكون نتنياهو بأنه يعاني من «الافتقار إلى الواقعية».
ومع الخلاف الكبير في إسرائيل حول المفاوضات في غزة، قالت هيئة البث الإسرائيلية (كان) إن نتنياهو وعد سموتريتش بأن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق الرهائن، ووقف إطلاق النار، فقط بعد أن يعطي المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابنيت) الضوء الأخضر للخطوة.
ونقلت «كان» عن مصادر إسرائيلية لم تسمها قولها إن المناقشات جارية لعقد مفاوضات بشأن المرحلة الثانية في قطر في الأسبوع المقبل، إلا أن الأمر يعتمد على ما إذا كان نتنياهو سيوافق على هذه الخطوة، وسيمنح الفريق الإسرائيلي تفويضاً كافياً.
ويبدو من تسريبات إسرائيلية أن نتنياهو سيدخل في مفاوضات المرحلة الثانية، استجابة لرغبة أميركية، لكنه سيجعلها مستحيلة.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل ستطرح 3 مطالب رئيسة على «حماس» خلال جولة المفاوضات الجديدة، وهي، إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لديها، وتفكيك جناحها العسكري وتسليم سلاحه، ونفي قادتها خارج القطاع.
وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن هذه المطالب حظيت بدعم ترمب. ولا يتوقع أن تقبل «حماس» بهذه المطالب، وهو ما يجعل فرص نجاح المرحلة الثانية ضئيلة حتى الآن.
وقالت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادة الحركة ما زالت تنتظر من الوسطاء تحديد نقطة صفر لبدء المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية.
وأكدت المصادر أن الوسطاء استطلعوا مواقف الحركة بشأن مقترحاتها حول المرحلة الثانية، وفيما إذا كان لديها أي حلول خلاقة للخروج من الأزمات المرتقبة في ظل ما جرى من خلافات خلال المرحلة الأولى.
وتوضح المصادر أن الوسطاء يحاولون استطلاع مواقف الحركة وكذلك الاحتلال الإسرائيلي لتقريب وجهات النظر خلال المقترحات، التي ستطرح على الطاولة في الفترة المقبلة.
وأقر المصدر بأن «حماس» تدرك الصعوبات البالغة المنتظرة.
ووفق المصدر، فإنه يُفترض أن تناقش مفاوضات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، بشكل أساسي اليوم التالي للحرب، وإعادة إعمار القطاع، والتفاوض على ما تبقى من رهائن إسرائيليين، ومستقبل قطاع غزة بما يشمل وضع «حماس».
ومع دخول الحرب في غزة اليوم 500، والخشية من انهيار المفاوضات قاد أقارب المحتجزين في غزة مسيرات وهم صائمون في جميع أنحاء إسرائيل، يوم الاثنين، للفت الانتباه إلى محنة الرهائن.
وكان منتدى عائلات الرهائن والمفقودين دعا إلى الصيام لمدة 500 دقيقة ولاحتجاجات طوال اليوم تحت شعار: «أخرجوهم من الجحيم». وقامت عائلات المحتجزين والناشطين بإغلاق الطرق في جميع أنحاء إسرائيل، بما في ذلك طريق نامير المركزي في تل أبيب. كما تجمع أفراد العائلات وعشرات المؤيدين خارج خيمة منتدى عائلات الرهائن والمفقودين في القدس، بالقرب من منزل نتنياهو، وأطلقوا مسيرة إلى الكنيست.
ودعا المحتجز المفرَج عنه أوهاد بن عامي إلى المشاركة الجماعية في المظاهرات، قائلاً: «ما رفع آمالي هناك هو أنني كنت أعلم أن الناس كانوا يقاتلون من أجلي، وما قد يرفع حقاً معنويات أولئك الذين ما زالوا في الأسر هو خروج الحشود للتظاهر». أضاف: «سنصوم 500 دقيقة من أجل الأسرى».
ولا يزال 70 من أصل 251 احتجزتهم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في غزة، بما في ذلك جثث 35 شخصاً على الأقل.