أعلن «المجلس الوطني الكردي» في سوريا الانسحاب من الائتلاف السوري المعارض، في إطار الجهود الرامية لتوحيد القوى السياسية الكردية، تمهيداً للدخول في مفاوضات مباشرة مع السلطة الانتقالية في دمشق.
وقال فيصل يوسف، المتحدث الرسمي للتحالف الكردي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد نجاح الثورة السورية وسقوط نظام حزب «البعث»، وبدء مرحلة جديدة من تاريخ سوريا، «قررنا الانسحاب بشكل رسمي من الائتلاف السوري».
وتتوزع الجماعات السياسية الكردية في سوريا بين إطارين رئيسين؛ هما «الوحدة الوطنية الكردية» التي يقودها حزب «الاتحاد الديمقراطي السوري»، وهو أحد أبرز أحزاب الإدارة الذاتية، و«المجلس الوطني الكردي» المعارض الذي تشكل نهاية 2011، ويضم طيفاً واسعاً من الأحزاب والكيانات السياسية الكردية وشخصيات مستقلة.
وحول أسباب انسحابهم من الائتلاف بعد مضي 12 عاماً من العمل المشترك، قال السياسي الكردي فيصل يوسف: «بعد أكثر من عقد للعمل داخل الائتلاف، تغيرت الظروف السياسية وسقط نظام الأسد والبعث، ولم يعد هناك دور للأطراف التي كانت تعمل لإسقاط النظام، لذلك قررنا الانسحاب»، منوهاً بأن أولوية المجلس الكردي هي صيانة حقوق الشعب الكردي، والعمل المشترك مع الوطنيين والديمقراطيين السوريين.
توحيد قطبي الحركة الكردية
وكشفت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» عن أن قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، عقد اجتماعاً مع أعضاء اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر الكردي المزمع تنظيمه في مدينة القامشلي؛ لتوحيد قطبي الحركة الكردية، وتشكيل وفد موحد للحوار مع السلطة الانتقالية في دمشق.
وعن أهمية الحوار مع السلطة في دمشق، وبناء موقف كردي موحد، ذكر المتحدث الرسمي للمجلس أنهم أمام مرحلة جديدة للتفاوض مع الإدارة السورية بقيادة أحمد الشرع، «من أجل تحقيق حقوق الشعب الكردي، وأهمية توحيد الصف الكردي، نحن مستعدون للجلوس مع الطرف الآخر (أحزاب الوحدة الوطنية) و(حزب الاتحاد الديمقراطي)، ولا توجد أي عقبات من جانبنا». وعن مطالب المجلس والأحزاب الكردية عموماً من السلطة الجديدة، أكد يوسف أن «أكراد سوريا لن يتنازلوا عن دولة فيدرالية تعددية لا مركزية، تضمن حقوق جميع المكونات، وإيقاف كل المظالم المرتكبة بحق الشعب الكردي».
ويتمسك المجلس الكردي بالتفاوض مع السلطة الانتقالية برؤية كردية مشتركة ووفد موحد يمثل جميع الأحزاب والكيانات الكردية في سوريا، والبحث مع حكومة دمشق بناء نظام لا مركزي ديمقراطي تعددي عبر الحوار والتفاهم التفاوضي، وإقرار وضمان حقوق جميع المكونات السورية العرب والأكراد والسريان والآشوريين، وتثبيتها في الدستور الجديد.
وتابع يوسف قائلاً: «المجلس بارك في بيان رسمي للقائد الشرع توليه رئاسة سوريا، والرئيس قطع وعوداً للشعب الكردي منذ الأيام الأولى لوصوله إلى السلطة، إلى جانب التعهدات التي قدمها وزير خارجيته أسعد الشيباني»، كما أيد استعداد الإطار السياسي الكردي لبناء سوريا جديدة تلبي طموحات جميع المكونات.
تشكيل لجان فرعية
ومنذ سقوط الرئيس بشار الأسد، كثفت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا عبر بعثاتها الدبلوماسية التي زارت المنطقة، مؤخراً، لقاءاتها مع قادة الأحزاب الكردية بغية استئناف الحوارات الداخلية المتعثرة منذ 2020، والوصول إلى موقف موحد بشأن تحديد المطالب الكردية في سوريا الجديدة، وتشكيل وفد موحد يمثل جميع هذه الأحزاب.
كما اجتمع قائد «قسد» مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني، في إقليم كردستان العراق في 17 من الشهر الماضي، لترتيب البيت الكردي وتوحيد صفوفه قبل الدخول في أي حوارات مباشرة مع الإدارة السورية في دمشق.
وطالب يوسف بتشكيل لجان فرعية منتخبة في المحافظات تشارك فيها جميع المكونات، قبل الدعوة لأي مؤتمر أو كتابة دستور جديد، بعد عودة جميع النازحين والمهجرين لمناطقهم؛ لضمان مشاركتهم الحقيقية في تلك الانتخابات، على حد تعبيره.
واعتبر المتحدث الرسمي للمجلس أنه خلال الاجتماع الأخير الذي جمعهم مع مظلوم عبدي بحضور مبعوثي الإدارة الأميركية والفرنسية للمنطقة، «أكدنا استعداد المجلس لبناء رؤية كردية مشتركة وتشكيل وفد موحد، وإذا كان الطرف الآخر مستعداً للحوار فنحن مستعدون دائماً». وشدد يوسف في ختام حديثه على ضرورة الاعتراف بالشعب الكردي بوصفه مكوناً رئيسياً من مكوّنات الشعب السوري، «وأن تكون اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب العربية، وإيلاء الاهتمام بالثقافة الكردية التي طُمست على مر تاريخ سوريا».