تنتاب سكان قطاع غزة حالة من عدم اليقين بشأن استمرار وقف إطلاق النار الهش، في ظل الخروق الإسرائيلية المستمرة، والتلويح بإمكانية استئناف الحرب في حال فشل مفاوضات المرحلة الثانية التي ستركز على ملفات أكثر أهمية مما تم الاتفاق عليه في المرحلة الأولى.
وقال مصدر مسؤول في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة «منفتحة تماماً على تقديم كل التسهيلات اللازمة في المرحلة الثانية من المفاوضات لمنع تجدد الحرب على أهالي غزة». وأضاف أن هذا الانفتاح «ليس من موقف ضعف، بل من موقف قوة لحماية سكان القطاع من جانب، ولأن الحركة لا تزال تمتلك أوراق قوة، منها الأسرى الإسرائيليون الذين ما زالوا بيدها حتى بعد انتهاء المرحلة الأولى».
وحذر المسؤول من أن إسرائيل قد تتلاعب في المفاوضات لاستئناف الحرب لفترة قصيرة، توجه خلالها ضربات للمقاومة، مؤكداً «حرص المقاومة، ويقظتها لكل السيناريوهات الممكنة».
ورداً على سؤال حول استعداد «حماس» للتنازل عن الحكم في غزة، قال المسؤول: «نحن منفتحون لأبعد الحدود على تقديم كل مرونة ممكنة في كل الملفات من أجل تحقيق أهداف شعبنا والمتمثلة في انسحاب كامل لقوات الاحتلال، وضمان حرية الحركة، ووقف الحرب، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار بشكل كامل».
ورصدت «الشرق الأوسط» تحركات عادية لنشطاء من حركة «حماس» وللموظفين المدنيين والعسكريين في حكومتها. كما عاد الموظفون تدريجياً للدوام بشكل شبه اعتيادي في أماكن خصصتها «حماس» كمقرات أمنية ووزارية وحكومية لتقديم الخدمات للسكان وغيرها من الأعمال التي كانت تقوم بها سابقاً.
مخاوف استئناف الحرب

ويخشى السكان سيناريو استئناف الحرب رغم إعادة تموضع إسرائيل وانسحابها من الكثير من مناطق القطاع، وسماحها بعودة نحو مليون نازح إلى مناطق سكنهم شمال محور نتساريم، وتحديداً محافظة مدينة غزة، ومحافظة شمال القطاع.
وبحسب مصادر من فصائل المقاومة الفلسطينية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن سيناريو استئناف الجيش الإسرائيلي الحرب «أمر وارد جداً، لا سيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول إرضاء اليمين المتطرف في حكومته لمنع انهيار ائتلافه الحكومي». ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن المقاومة الفلسطينية من جانبها، تؤكد أنها جاهزة لهذا السيناريو، وتستعد لاستئناف المعارك التي ستتحدد طريقتها وفق التحركات الإسرائيلية.
عمليات تجسس

وكشفت المصادر أن المقاومة، منذ اليوم الثالث لوقف إطلاق النار، فعّلت من جديد «رباط» عناصرها، في مناطق عدة داخل القطاع، خاصة تلك القريبة من الحدود مع إسرائيل، تحسباً لأي تسلل لقوات إسرائيلية، بمن في ذلك الأفراد والجماعات التي تقوم بعمليات تجسسية.
وأضافت المصادر أن هذا يأتي في إطار خطة الاستعداد التي وضعتها المقاومة للتعامل مع أي حالة تطرأ، مؤكدةً رصد تحركات إسرائيلية غير عادية تشير إلى نيات إسرائيلية بتنفيذ عمليات خاصة تهدف لخطف مواطنين أو وضع أجهزة تجسس في أماكن محددة.
وتُوجد قوات إسرائيلية داخل قطاع غزة بعمق 400 إلى 700 متر من الحدود مع إسرائيل، وفق خرائط جغرافية محددة تم الاتفاق عليها في مفاوضات المرحلة الأولى. وتقوم هذه القوات باستهداف كل من تراه اقترب من المناطق التي صنفتها بـ«الحمراء»، ويُمنع الاقتراب منها.
وكثيراً ما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبعض وزرائه مثل بتسلئيل سموتريتش، عن استئناف الحرب في المرحلة الثانية لتحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية بشكل كامل، ومنها القضاء على حركة «حماس» عسكرياً لإبعادها عن حكم القطاع.
عروض «القسام» العسكرية
ويخشى مواطنون في غزة أن تدفع هذه الأعمال من قِبل حكومة «حماس»، وأيضاً العروض العسكرية التي تنظمها «كتائب القسام» خلال تسليم الأسرى، إسرائيل إلى أن تقوم بعملية انتقامية مع نهاية المرحلة الأولى، من خلال استئناف الحرب.
وقال المواطن موسى الحليقاوي، من سكان مخيم الشاطئ في غرب مدينة غزة، إنه شاهد عملية تسليم أسير إسرائيلي في ميناء غزة قبل أيام، حيث ظهر أحد قادة «كتائب القسام» الذي كانت إسرائيل قد أعلنت عن اغتياله، ما جعله يشعر للوهلة الأولى بأن «الاحتلال قد يستخدم هذا المشهد ذريعة لاستئناف الحرب».
وأضاف الحليقاوي الذي كان نازحاً في خان يونس: «ما صدقنا نرجع على بيوتنا، بدنا نعيش بأمان بكفينا حروب... ما في داعي لأي عروض واستعراض للقوة في وقت يحاول فيه الاحتلال تجديد بنك أهدافه لاستئناف الحرب».
وقالت أيضاً الشابة جنين علاء إن «الاحتلال يمارس حرباً نفسية ضدنا، ويسعى لاستئناف الحرب لإرضاء غروره، لكن باعتقادي أن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترمب هي الوحيدة القادرة على إلزام نتنياهو بالاستمرار في المرحلة الثانية».