محادثات جديدة تستضيفها القاهرة مع «حماس»، بشأن استئناف اتفاق الهدنة في قطاع غزة، وسط تصعيد عسكري إسرائيلي في مختلف أنحاء القطاع مع تفاؤل الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بإمكانية عقد صفقة قريبة.
«حماس» التي تتمسك بأهمية أن يقود أي اتفاق لوقف الحرب لاحقاً، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها قد تكون أقرب هذه المرة لقبول مقترح مصري يعيد التهدئة مجدداً لفترة زمنية مرة أخرى، لافتين إلى أن زيارة الحركة للقاهرة في ظل التفاؤل الأميركي وعدم الممانعة الإسرائيلية يشي بقرب الاتفاق حول هدنة جديدة قبل وصول ترمب للمنطقة الشهر المقبل.
ووصل وفد من «حماس» إلى القاهرة، مساء السبت، لإجراء مفاوضات مع مسؤولين مصريين، لمناقشة المقترح المصري الأخير حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب مصدر بالحركة تحدث لـ«الشرق الأوسط»، معرباً عن أمله في الوصول إلى تقدم حقيقي ليس قائماً على تهدئة مؤقتة ولكن على اتفاق يقود لوقف الحرب.
وسبق وصول «حماس» للقاهرة نشر الحركة عبر حسابها بمنصة «تلغرام»، السبت، مقطع فيديو عن الجندي الإسرائيلي حامل الجنسية الأميركية عيدا ألكسندر، وصاحب ذلك تصريح صحافي للحركة باللغتين العربية والعبرية، حذر من أن «كل يوم تأخير يعني مزيداً من القتلى المدنيين بغزة، ويعني كذلك مصيراً مجهولاً للرهائن».
وجاءت محادثات القاهرة غداة إعلان نتنياهو، الجمعة، في رسالة بمناسبة عيد الفصح اليهودي، تعهده بإعادة الرهائن، بعد ساعات من قوله في اجتماع مع وزرائه: «إننا نقترب من إعادتهم»، وبعد حديث ترمب عن أن «تقدماً» يتحقق فيما يتعلق بوقف إطلاق النار بغزة، في أول تفاؤل أميركي إسرائيلي يطرح علناً منذ انهيار وقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، مع استئناف الجيش الإسرائيلي الحرب، عقب عدم التوصل لتفاهمات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة الذي بدأ في 19 يناير (كانون ثاني) الماضي وانتهت مرحلته الأولى مطلع الشهر الماضي.
وسبق تفاؤل ترمب إبلاغ مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، عائلات الرهائن الإسرائيليين بأن «صفقة جادة على الطاولة و(أنها) مسألة أيام قليلة حتى يتم عقدها»، وفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الخميس، لافتة إلى أن الاتفاق المرتقب جزء من صفقة شاملة تشمل نهاية للحرب.

ويعتقد الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن الظروف مهيأة لحدوث اتفاقية مع رغبة ترمب وإمكانية إبداء «حماس» مرونة لوقف الحرب وبدء دخول مساعدات للقطاع المتدهورة أوضاعه بشكل كبير.
ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، حيث يرى أن محادثات «حماس» تأتي في توقيت حاسم مع جهود مصرية جديدة للتوصل إلى تهدئة قريبة خاصة في ظل توفر رغبة علنية من ترمب لإبرام اتفاق قريب قبل سفر الشهر المقبل للمنطقة.
وباعتقاد الرقب، أن محادثات القاهرة ستقترب من مناقشة المقترح المصري الجديد المطروح الذي قد تقدم «حماس» ردوداً إيجابية عليه تؤكد رغبتها في التهدئة، مشيراً إلى أن التصعيد الإسرائيلي المستمر محبط ولكن سيتوقف بضغط أميركي حال نجحت الجهود المصرية في استئناف مفاوضات الهدنة.
في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أن «الحركة مستعدة لإبداء مرونة كبيرة في أي صفقة قادمة، شرط أن تُنهي هذه الحرب فعلياً، لا أن تُجمّدها مؤقتاً»، لافتاً إلى أن «هناك معلومات تشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تلقى المقترح لكنه لم يعلن موقفاً واضحاً منه، لا بالقبول ولا بالرفض. ومع ذلك، إنهاء الحرب يظل هو الشرط الأساسي والمبدئي لنجاح أي مقترح ومفاوضات».

وأفادت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، بأن «إسرائيل ستقدم عرضاً مخففاً لصفقة الرهائن بينما يتوجه وفد من حماس إلى القاهرة»، ونقلت عن مسؤولين قوله إن «إسرائيل خفضت بشكل طفيف عدد الرهائن الأحياء الذين كانت تطالب بالإفراج عنهم والذين كان عددهم 11 حياً ولكنها تريد إطلاق سراحهم بشكل أسرع؛ ووافقت على الانسحاب من المناطق التي تم الاستيلاء عليها أخيراً، وإجراء محادثات حول وقف دائم لإطلاق النار».
ووفق المصدر الإسرائيلي ذاته، فإنه قد «بدأت مصر في الأيام الأخيرة بالدفع بمقترح جديد يقضي بالإفراج عن ثماني رهائن أحياء سعياً منها للتقريب بين الطرفين، ووافق نتنياهو على تخفيف مقترحه السابق بعد اجتماع مع ترمب الاثنين بالبيت الأبيض»، لافتاً إلى أن «يوم الخميس، قدمت إسرائيل للوسطاء المصريين ردها على اقتراح القاهرة الأخير ويتضمن الإفراج عن الرهائن الأحياء خلال الأسبوعين الأولين من وقف إطلاق النار الذي يستمر 45 يوماً، رافضة بذلك مطالب حماس السابقة بأن يتم الإفراج عن الرهائن الأحياء بشكل دوري خلال مدة الهدنة».
ويرى المدهون أن «التهدئة المحدودة، التي تكون لأيام معدودة مقابل إطلاق أسرى، مرفوضة لدى حماس»، مضيفاً: «أما إذا كان هناك طرح جاد وحقيقي يفضي إلى وقف شامل ونهائي للحرب، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال، مقابل صفقة تبادل متكاملة، فذلك عرض يمكن لحماس أن تدرسه بإيجابية كبيرة ويقود لاتفاق نأمل أن يكون قريباً».
ويتوقع فرج أن يناقش المقترح الجديد إطلاق سراح 6 رهائن أحياء وعدد مماثل من الجثث لفترة زمنية قد تتجاوز 40 يوماً، على أن يتم الانتقال لمحادثات بشأن مفاوضات وقف الحرب وإدارة القطاع.
فيما يرجح الرقب أن يكون مقترح مصر الذي يقف في مربع إطلاق 8 رهائن الأقرب ليقبل به الطرفان كحل وسط قد يقودنا لهدنة جديدة بين 50 أو 70 يوماً مقابل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين وعودة دخول المساعدات والانسحاب التدريجي، دون أن يتبلور الأمر سريعاً نحو وقف للحرب لخشية نتنياهو من انهيار ائتلافه الحكومي المتشدد الرافض لتلك الخطوة، مرجحاً أن يحدث الاتفاق قبل عيد الفصح اليهودي أو بعده بقليل أو بحد أقصى نهاية أبريل (نيسان) الحالي قبل بدء زيارة ترمب للمنطقة.