أهالي شمال غزة... من العراء إلى العراء

دمار هائل ولا مياه ولا أفران ولا مواد إغاثية

خيم أقيمت على أنقاض منازل مدمرة في مخيم بيت لاهيا شمال غزة (أ.ب)
خيم أقيمت على أنقاض منازل مدمرة في مخيم بيت لاهيا شمال غزة (أ.ب)
TT

أهالي شمال غزة... من العراء إلى العراء

خيم أقيمت على أنقاض منازل مدمرة في مخيم بيت لاهيا شمال غزة (أ.ب)
خيم أقيمت على أنقاض منازل مدمرة في مخيم بيت لاهيا شمال غزة (أ.ب)

لم تكن عودة النازحين الفلسطينيين من جنوب قطاع غزة إلى مكان سكنهم في شماله، مفروشة بالورود، خصوصاً في ظل الدمار الكبير الذي حل بمنازلهم والبنية التحتية في تلك المناطق، ما زاد من أعباء الحياة بالنسبة إلى السكان الذين كانوا يعتقدون أن حياتهم ستكون أفضل من الإقامة بخيام في أماكن النزوح. فهم عادوا من العراء والخيم التي كانوا قد اضطروا للعيش فيها خلال أشهر الحرب الإسرائيلية، إلى العراء في شمال القطاع، حيث لم يجدوا منازل يأوون إليها، إلا قليلاً، حتى إن بعضهم لم يجد مكاناً لينصب فيه خيمة يقيم فيها.

وفرض واقع عودة نحو 800 ألف نازح إلى شمال قطاع غزة لليوم الثالث على التوالي، تحديات كبيرة بالنسبة إلى حكومة غزة التابعة لحركة «حماس»، الأمر الذي كشف عن صعوبات لم تكن متوقعة لدى كثير من المسؤولين فيها، في ظل عدم إيفاء إسرائيل بوعدها بالبدء بإدخال احتياجات «الإغاثة» من خيام وكرفانات وغيرها.

وطغى منظر الدمار الهائل على واقع ظروف الحياة في مخيم جباليا وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، بالنسبة للكثيرين من السكان العائدين لتلك المناطق، الأمر الذي أجبر الجهات المختصة، كما رصدت «الشرق الأوسط»، على توسيع عمليات التجريف في العديد من المناطق التي تعد رئيسية وحيوية لتصبح مساحتها أكبر لوضع ما يتوفر من خيام فيها لإيواء السكان، وسط صعوبات أكبر في إيجاد معدات لتسهيل عمليات التجريف وإزالة الركام.

حياة سوداوية

ويقول محمد أبو عبيد، من سكان مخيم جباليا لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الواقع اصطدم بعدم قدرة الجهات المسؤولة على توفير المياه للسكان، الأمر الذي دفعهم للاعتماد على ما يصل من مياه عبر شاحنات تنقل كميات ضخمة من مدينة غزة إلى المخيم بهدف مساعدة السكان في حصول كل عائلة على ما يقرب من 50 لتراً يومياً، وهي كمية لا تكفي لشيء.

لا تحصل العائلة على أكثر من 50 لتر ماء يومياً في مخيم بيت لاهيا (أ.ب)

وأشار أبو عبيد إلى أن السكان لا يجدون أي مصدر كهرباء قريب، وعند حلول مغيب الشمس، يلتزمون خيامهم أو في منازلهم ممن تبقى له منزل أو استطاع استصلاح غرفة من أي منزل متضرر بشكل بالغ ليعيش فيها مع عائلته. وقال: «لم نتوقع أن تكون الحياة سوداوية وبكل هذا الجحيم».

مبيت في العراء

المواطنة سعاد أبو حسين، من سكان المخيم، قالت إنها قضت الليلة الأولى من عودتها لشمال القطاع في العراء، وانتظرت لليوم الثاني حتى استطاعت طواقم فنية إزالة جزء بسيط من الركام من ساحة قرب دوار الترنس، للبدء بوضع الخيام المتوفرة.

سكان مخيم بيت لاهيا صدهم حجم الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي فيه (أ.ب)

وأشارت سعاد أبو حسين إلى أنها حالياً تعيش في خيمة لا تتعدى الأمتار الثلاثة، لكنها تواجه صعوبات في عدم توفر المياه وأي مصدر كهرباء، على الأقل يتيح للسكان إنارة الشوارع في ظل الظلام الدامس الذي يطغى عليه حال الشوارع.

ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لسكان مدينة غزة، بخاصة أحياء الشجاعية والزيتون والصبرة والرمال ومناطق أخرى مدمرة بدرجات متفاوتة لكنها كثيرة.

حقائق

75 % من آبار المياه

المركزية في غزة متضررة وكذلك الشبكات

وبحسب بلدية غزة، فإن شح الخدمات سيزيد من معاناة النازحين العائدين إلى مناطقهم، مبينةً أن ما يصل من مياه للسكان يغطي 40 في المائة من إجمالي مساحة المدينة، وهي شحيحة بالأساس ولا تلبي احتياجاتهم في ظل الأضرار الكبيرة في شبكات المياه، وتضرر أكثر من 75 في المائة من إجمالي آبار المياه المركزية.

وبينت أنه لا يمكن تقديم الحد الأدنى من الخدمات للنازحين دون دخول الآليات الثقيلة، مشيرةً إلى أنها بحاجة إلى معدات خاصة بصيانة الآبار وشبكات الصرف الصحي، ورغم ذلك تعمل بأقل الإمكانيات لمواصلة جهودها في فتح شوارع المدينة وإزالة الركام لتسهيل عودة النازحين وتحرك الأهالي.

وتمنع حتى الآن الحكومة الإسرائيلية دخول أي معدات ثقيلة لإزالة الركام وغيره، كما تمنع إدخال الخيام والكرفانات وغيرها، الأمر الذي تتابعه حركة «حماس» مع الوسطاء كما أكدت أكثر من مرة.

لا مخابز ولا خبز

فيما لفت الشاب أحمد العاصي من سكان بلدة بيت لاهيا، إلى أنه لا يجد أي مخبز يعمل في البلدة وحتى في مخيم جباليا، مشيراً إلى أنه يضطر لقطع مسافة طويلة جداً (لا تقل عن 6 كيلومترات) للوصول إلى مدينة غزة، وتحديداً حي النصر لشراء الخبز بشكل يومي لعائلته البالغة عددها 18 فرداً يضطرون يومياً لصرف 40 شيقلاً لشرائه (ما يعادل نحو 12 دولاراً).

وقال العاصي بلغة عامية غاضبة: «بعد عودتنا من جنوب القطاع، ارتفعت أسعار الطحين وما فيه مصاري نشتري، وكمان الخبز الجاهز صار سعره غالي... هذه مش حياة اللي عايشينها احنا... لا مية ولا كهرباء ولا اشي».

ويرفض العاصي كما الكثيرين من السكان تحميل «حماس» المسؤولية عن واقع حياتهم حالياً، بينما هناك من يتهمها بشكل واضح أنها هي من جلبت «الدمار» و «الخراب» لسكان القطاع.

وقالت المواطنة رجاء معين: «الحياة معقدة وكل شيء هنا عبارة عن خراب ليس أكثر... والسبب كله (حماس) العاجزة عن فعل أي شيء لنا».

ويقر المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحكومة «حماس» بمواجهة صعوبات كبيرة في توفير احتياجات السكان، بسبب نقص المساعدات، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج إلى فتح جميع المعابر لتنفيذ البروتوكول الإنساني.

ولفت إلى أن نسبة الدمار الذي أحدثه الاحتلال في القطاع بلغت 85 في المائة من المباني، لافتاً إلى أنه تم تدمير مخيم جباليا بالكامل، وهذا زاد من أعباء قدرة الجهات المختصة في تقديم إغاثة أكبر في ظل الوضع الحياتي المعقد وكذلك الاكتظاظ السكاني في مناطق شمال القطاع مع عودة النازحين.

وقال الحركة، في بيان لها، إن سكان شمال قطاع غزة يعانون من كارثة إنسانية كبرى من جراء الدمار الكبير في المنازل والبنى التحتية، الذي أحدثه الاحتلال الإسرائيلي، مطالبةً الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بالوقوف أمام مسؤولياتهم بالضغط على الاحتلال لتسريع وتيرة إدخال خيام الإيواء والبيوت المؤقتة، وتكثيف إدخال المساعدات والإغاثة.

وأكدت أن الجهود المبذولة لإيواء السكان وإدخال الخيام ما زالت أقل بكثير من المطلوب بالنظر لحجم الدمار والكارثة الإنسانية التي سببها الاحتلال، مؤكدةً وقوفها عند مسؤولياتها وأن أولوياتها الوقوف معهم والعمل الجاد لتوفير مقومات الحياة لهم، وتواصلنا دائم مع الوسطاء والأشقاء لتحقيق ذلك.


مقالات ذات صلة

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

المشرق العربي ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle 01:18

قبيلة «الترابين»: مقتل «أبو شباب» يمثل «نهاية صفحة سوداء» في غزة

أكدت قبيلة «الترابين» في قطاع غزة وقوف أبنائها دائماً في صف شعبهم الفلسطيني وقضيته العادلة، ورفضهم تماماً «أي محاولة لزج اسم القبيلة في مسارات لا تمثل تاريخها».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:36

مقتل 6 فلسطينيين في غارات إسرائيلية على جنوب غزة

قتل 6 فلسطينيين وأصيب آخرون مساء أمس الأربعاء، في غارات إسرائيلية على جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد الغارات الإسرائيلية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب)

إصابة 4 جنود إسرائيليين في اشتباك مع مقاتلين خرجوا من نفق برفح

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء، أن أربعة جنود أصيبوا في اشتباكات مع مسلحين خرجوا من أحد الأنفاق في شرق رفح بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مسلحون من حركتي «حماس» و«الجهاد» يعثرون على جثة خلال عملية البحث عن جثث الرهائن القتلى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تتسلّم جثمان رهينة عبر الصليب الأحمر من غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، أن تل أبيب تسلمت عبر الصليب الأحمر، نعش أحد الرهائن كان جثمانه في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
شؤون إقليمية وصول سيارة تحمل رفات شخص تقول «حماس» إنه رهينة متوفى تم تسليمه في وقت سابق اليوم من قبل مسلحين في غزة إلى السلطات الإسرائيلية إلى معهد للطب الشرعي في تل أبيب... إسرائيل 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تعلن تسلّم بقايا جثمان رهينة كان محتجزاً في غزة

قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، إنها تسلّمت بقايا جثمان إحدى الرهينتين المتبقيتين في قطاع غزة قبل نقله إلى معهد الطب الشرعي قرب تل أبيب للتعرف عليه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
TT

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)
نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة مراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، هي بمثابة «سقطة» تضاف إلى «خطيئة» الحكومة بقرارها نزع سلاح الحزب.

وخلال حفل حزبي، قال قاسم في خطاب عبر الشاشة: «نرى أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة قرار الخامس» من أغسطس (آب)، في إشارة إلى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، لكنه أكد في الوقت نفسه تأييده خيار الدبلوماسية الذي تتبعه السلطات لوقف الهجمات الإسرائيلية.

وانضم، الأربعاء، مندوبان مدنيان لبناني وإسرائيلي إلى اجتماعات اللجنة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، في أول لقاء مباشر منذ عقود، قالت الرئاسة اللبنانية إن هدفه «إبعاد شبح حرب ثانية» عن لبنان.


سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.