22 قتيلاً بينهم عسكري بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

المئات يحاولون دخول بلدات وقرى حدودية لم ينسحب منها الجيش الإسرائيلي

أفراد من الجيش اللبناني يؤمِّنون المنطقة فيما تظهر عربات الجيش الإسرائيلي بالخلفية قرب بلدة كفر كلا بجنوب لبنان (رويترز)
أفراد من الجيش اللبناني يؤمِّنون المنطقة فيما تظهر عربات الجيش الإسرائيلي بالخلفية قرب بلدة كفر كلا بجنوب لبنان (رويترز)
TT

22 قتيلاً بينهم عسكري بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أفراد من الجيش اللبناني يؤمِّنون المنطقة فيما تظهر عربات الجيش الإسرائيلي بالخلفية قرب بلدة كفر كلا بجنوب لبنان (رويترز)
أفراد من الجيش اللبناني يؤمِّنون المنطقة فيما تظهر عربات الجيش الإسرائيلي بالخلفية قرب بلدة كفر كلا بجنوب لبنان (رويترز)

قالت وزارة الصحة اللبنانية إن 22 على الأقل لقوا حتفهم، بينهم جندي في الجيش اللبناني، وأصيب العشرات عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار في مناطق عدة بجنوب لبنان على سكان حاولوا العودة إلى بلداتهم، الأحد.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن القتلى سقطوا في عيترون وحولا وبليدا ومركبا وكفر كلا والظهيرة والعديسة وميس الجبل. وأصيب ما لا يقل عن 124 في مناطق متفرقة بجنوب لبنان، وفقاً لوزارة الصحة.

وأعلن الجيش اللبناني، في وقت سابق، مقتل أحد جنوده، وإصابة آخر في جنوب البلاد برصاص القوات الإسرائيلية. وأضاف في حسابه على منصة «إكس» أن الجندي لقي حتفه على طريق مروحين الضهيرة في صور، بينما أصيب الجندي الآخر في بلدة ميس الجبل - مرجعيون بعد أن استهدفتهما القوات الإسرائيلية.

واندفع مئات اللبنانيين، منذ صباح الأحد، محاولين على متن مركبات أو مشياً، دخول بلدات وقرى حدودية لم ينسحب منها الجيش الإسرائيلي الذي أطلق النار تجاههم. ويأتي ذلك في يوم انقضاء مهلة انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق حدودية توغلت فيها خلال الحرب مع «حزب الله».

«العدو الإسرائيلي سيرحل»

ووضع اتفاق وقف إطلاق النار الذي سرى منذ فجر 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، حداً لنزاع بين الدولة العبرية والحزب المدعوم من إيران امتد لأكثر من عام. وأكدت الدولة العبرية أن قواتها ستبقى لما بعد المهلة، بينما اتهمها الجانب اللبناني بـ«المماطلة».

وشاهد مراسلون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مواكب من مئات السيارات والدراجات النارية يرفع بعض من ركابها شارات النصر ورايات «حزب الله» الصفراء وصوراً لمقاتلين منه قضوا خلال الحرب، تتجاوز حواجز للجيش اللبناني، وتتجه نحو مناطق لا يزال الجيش الإسرائيلي فيها.

عناصر من الجيش اللبناني قرب بلدة كفر كلا فيما يحاول سكانها العودة إليها (رويترز)

وأظهرت اللقطات أشخاصاً يتقدمون نحو سواتر ترابية تقف خلفها عربات للجيش الإسرائيلي عند مدخل قرية كفر كلا. كما تقدمت مواكب سيّارة نحو قرى أخرى منها ميس الجبل وعيتا الشعب وحولا.

وفي ميس الجبل، حاول شبان ونساء دخول القرية، وتجاوز الساتر الترابي مشياً أو على متن دراجات نارية. ورفع بعضهم صوراً للأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله الذي اغتيل بضربة جوية إسرائيلية في 27 سبتمبر (أيلول).

وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الأشخاص «خلال محاولتهم الدخول إلى بلداتهم التي لا تزال محتلة»؛ ما أسفر عن مقتل 3 على الأقل، وإصابة 44 آخرين في حصيلة غير نهائية.

وحاول جنود لبنانيون ثني الناس عن التقدم باتجاه مناطق وجود قوات إسرائيلية، لكن كثيراً منهم واصلوا طريقهم. وقال علي حرب (27 عاماً) الذي كان يسعى لدخول قرية كفر كلا: «في نهاية المطاف سنعود إلى قرانا. كل الناس سيعودون إلى قراهم. العدو الإسرائيلي سيرحل. غصباً عنه سيرحل حتى لو كلّفنا الأمر شهداء، نحن جاهزون».

رجل يحمل شخصاً أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي قرب بلدة كفر كلا بجنوب لبنان (رويترز)

وأكد الجيش اللبناني أنه «يتابع دخول المواطنين» إلى بلدات حدودية، داعياً إياهم إلى «ضبط النفس، واتباع توجيهات الوحدات العسكرية حفاظاً على سلامتهم».

وأظهرت لقطات بثتها قناة «الجديد» المحلية، جنوداً لبنانيين وأشخاصاً حملوا رايات لـ«حزب الله» وحليفته حركة «أمل»، على مسافة أمتار من دبابة «ميركافا» يحيط بها عدد من الجنود الإسرائيليين.

«سيادة لبنان غير قابلة للمساومة»

ودعا الرئيس اللبناني جوزيف عون سكان جنوب لبنان إلى «ضبط النفس والثقة بالقوات المسلحة اللبنانية، الحريصة على حماية سيادتنا وأمننا، وتأمين عودتكم الآمنة إلى منازلكم وبلداتكم».

وشدد في بيان على أن «سيادة لبنان ووحدة أراضيه غير قابلة للمساومة، وأنا أتابع هذه القضية على أعلى المستويات لضمان حقوقكم وكرامتكم».

إضافة إلى ذلك، كرر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تحذير السكان من العودة إلى قراهم. وكتب على منصة «إكس»: «نطالبكم بالانتظار، ولا تسمحوا لـ(حزب الله) بالعودة واستغلالكم»، مرفقاً ذلك بخريطة لشريط من القرى والبلدات على امتداد الحدود بين البلدين.

وفتح «حزب الله» جبهة «إسناد» لحليفته حركة «حماس» غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وبداية من سبتمبر 2024، كثّفت إسرائيل غاراتها على معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، ونفذت عمليات توغُّل برية في مناطق حدودية واسعة.

ونزح نحو 900 ألف شخص في لبنان، وقُتل أكثر من 4 آلاف شخص خلال المواجهات على مدى أكثر من عام، غالبيتهم منذ سبتمبر 2024، بحسب السلطات.

وبموجب الاتفاق المبرَم بوساطة أميركية، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوماً، أي بحلول 26 يناير (كانون الثاني)، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل).

كما يتوجب على الحزب الذي تلقى ضربات موجعة خلال الحرب، وفقد كثيراً من قادته سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.

لكن إسرائيل أكدت، الجمعة، أن قواتها لن تنجز الانسحاب نظراً لعدم تنفيذ لبنان الاتفاق «بشكل كامل». وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن «عملية الانسحاب المرحلي ستتواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة».

من جهته، ندد الجيش اللبناني بـ«المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي»، مؤكداً أنه جاهز لاستكمال انتشاره بمجرد خروج تلك القوات.

التزام ببنود وقف النار

وكان «حزب الله» حذّر من أن عدم انسحاب إسرائيل «يُعد تجاوزاً فاضحاً للاتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلاً جديداً».

وتبادل الطرفان خلال الأسابيع الماضية الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار الذي تمّ إبرامه بوساطة أميركية، وتشرف على تنفيذه لجنة خماسية تضم الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وإسرائيل وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).

ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، «الدول التي رعت تفاهم وقف النار إلى تحمُّل مسؤولياتها في ردع العدوان، وإجبار العدو الإسرائيلي على الانسحاب من الأراضي التي يحتلها».

ورغم سريان الهدنة، أعلنت إسرائيل مراراً تنفيذ ضربات ضد منشآت أو أسلحة للحزب، بينما يفيد الإعلام الرسمي اللبناني بشكل دوري عن قيام القوات الإسرائيلية بعمليات تفخيخ وتفجير لمنازل ومبانٍ في القرى الحدودية حيث ما زالت تنتشر.

وأكدت إسرائيل أن من أهداف المواجهة التي خاضتها مع «حزب الله»، إبعاد مقاتليه من حدودها الشمالية، والسماح لعشرات الآلاف من مواطنيها بالعودة إلى منازلهم في شمال الدولة العبرية، بعدما نزحوا عنها إثر بدء تبادل القصف عبر الحدود عام 2023.


مقالات ذات صلة

قائد «اليونيفيل» يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان

المشرق العربي قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب) play-circle

قائد «اليونيفيل» يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان

قال قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، الاثنين، إنه اجتمع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، لبحث التطورات الأخيرة في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطنون يتجمعون أمام السيارة التي استهدفت بغارة إسرائيلية في مدينة صيدا وأدت إلى مقتل القيادي في «حماس» محمد شاهين (رويترز)

من هو محمد شاهين الذي اغتالته إسرائيل في صيدا؟

يندرج اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمد شاهين في إطار سلسلة من عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل في الداخل اللبناني بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول). 

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني أمام السيارة التي استهدفتها غارة إسرائيلية بمدينة صيدا وأدت إلى مقتل القيادي في حركة «حماس» محمد شاهين (أ.ب)

الرئيس اللبناني: العدو الإسرائيلي «لا يؤمَن»

عشية انتهاء المهلة المحددة لانسحابها منه، لجأت إسرائيل لتصعيد عملياتها في لبنان، فأقدمت على اغتيال قائد «مديرية العمليات في (حماس)» بلبنان في مدينة صيدا.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي مدَّدت السلطات اللبنانية تعليق الرحلات من إيران وإليها دون تحديد مهلة لاستئنافها (رويترز)

لبنان يعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية من وإلى إيران

أعلنت السلطات اللبنانية، اليوم (الاثنين)، تمديد تعليق الرحلات من إيران وإليها، من دون تحديد مهلة لاستئنافها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون متوسطاً سفراء «اللجنة الخماسية» خلال استقبالهم في قصر بعبدا (رئاسة الجمهورية)

«الخماسية» تؤكد التزامها دعم لبنان والعمل على تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الإعمار

أكد سفراء «اللجنة الخماسية» الالتزام بدعم لبنان والعمل على دفع إسرائيل إلى الانسحاب في الموعد المحدّد يوم 18 فبراير (شباط) الحالي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

قائد «اليونيفيل» يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان

قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

قائد «اليونيفيل» يؤكد ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان

قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)
قافلة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان على الحدود مع شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

قال قائد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أرولدو لازارو، اليوم (الاثنين)، إنه اجتمع مع الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، لبحث التطورات الأخيرة في لبنان.

وأضاف لازارو أنه اتفق مع عون وسلام على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب اللبناني في الموعد المحدد طبقاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتابع قائلاً: «اتفقت مع الرئيس عون ورئيس الحكومة على نشر الجيش اللبناني لفرض الحظر على الأسلحة غير القانونية في الجنوب».

وبموجب هدنة جرى التوصل إليها في نوفمبر (تشرين الثاني)، مُنحت القوات الإسرائيلية 60 يوماً للانسحاب من جنوب لبنان بعد حرب استمرت لأكثر من عام مع جماعة «حزب الله».

وتم تمديد الموعد النهائي إلى 18 فبراير (شباط)، غير أن الجيش الإسرائيلي أعلن، الاثنين، أنه سيبقى في 5 «نقاط استراتيجية» في جنوب لبنان، عشية انتهاء المهلة المحددة لانسحابه.

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي ناداف شوشاني للصحافيين: «بناءً على الوضع الراهن، سنترك قوات محدودة منتشرة مؤقتاً في 5 نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان، بحيث نواصل الدفاع عن سكاننا ونتأكد من عدم وجود تهديد فوري».

جاء ذلك بعد تأكيد مسؤولين لبنانيين رفضهم احتفاظ القوات الإسرائيلية بنقاط في جنوب لبنان، بعد انتهاء مهلة انسحابها.

وفي سياقٍ آخر، أكد قائد اليونيفيل أن الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء تعهدا بتقديم مرتكبي الهجوم على موكب اليونيفيل إلى العدالة.

كانت قيادة الجيش اللبناني قد قالت، يوم الجمعة، إن مناطق عدة، خاصة محيط مطار رفيق الحريري الدولي شهدت احتجاجات تخللتها أعمال شغب، بما في ذلك مهاجمة آليات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) ومحاولة إغلاق طريق المطار.