لقاء «بري - سلام» خطوة مطلوبة لتبديد مخاوف «حزب الله»

ارتياح شيعي لتطمينات الرئيس المكلف... و«الثنائي» لن يقاطع الحكومة

الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي رئيس الوزراء المكلف نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري (المكتب الصحافي لرئاسة الجمهورية اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي رئيس الوزراء المكلف نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري (المكتب الصحافي لرئاسة الجمهورية اللبنانية)
TT

لقاء «بري - سلام» خطوة مطلوبة لتبديد مخاوف «حزب الله»

الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي رئيس الوزراء المكلف نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري (المكتب الصحافي لرئاسة الجمهورية اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي رئيس الوزراء المكلف نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري (المكتب الصحافي لرئاسة الجمهورية اللبنانية)

يشكل اللقاء المرتقب في الساعات المقبلة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة القاضي نواف سلام، خطوة على طريق تبديد الهواجس التي عكسها رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، محمد رعد، بعد مشاركته وزملائه النواب في الاستشارات الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لتسمية الرئيس الذي سيوكِل إليه تأليفها، وطمأنته إلى عدم وجود مخطط مسبق يراد منه إقصاء «حزب الله» وإلغاؤه، ليكون في وسعه؛ أي بري، أن يبني على الشيء مقتضاه في ضوء الصدمة التي أحدثها، كما يقول مصدر في «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، تكليف سلام على خلاف التوقعات التي كانت ترجح التجديد للرئيس نجيب ميقاتي على رأس أول حكومة في عهد الرئيس العتيد.

واستبعد المصدر في «الثنائي الشيعي» دخول وسطاء محليين أو من الإقليم لتهيئة الأجواء للقاء الرئيسين، الذي يأتي قبل ساعات من لقاء بري مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال إنه «لا نية لدينا للدخول في صدام مع الرئيس المكلف»، وإن «بري كان أبلغه عندما التقاه في حضور عون بقراره مقاطعته وكتلتَي (الوفاء للمقاومة) و(التنمية والتحرير) المشاورات غير الملزمة التي سيجريها مع النواب للوقوف على ما لديهم من آراء تتعلق بتشكيل الحكومة وتركيبتها، من دون أن يقفل الباب، كما أبلغه، أمام التواصل معه فور انتهائه من المشاورات».

ولفت المصدر إلى أن الموقف الذي أدلى به سلام فور تكليفه تشكيل الحكومة قوبل بارتياح من قبل الرئيس بري وكتلتي «الثنائي الشيعي»، والذي جاء كأنه في سياق الرد على المخاوف التي تحدث عنها رعد. وقال إن «التحول النيابي المفاجئ بترجيح كفته لتولي رئاسة الحكومة أملى على رعد التحذير المسبق من وجود مؤامرة أُعدت مسبقاً لإقصاء (حزب الله) وإلغائه من المعادلة السياسية في ضوء ترويج بعض النواب من خصوم (الحزب) مخططاً» يؤدي إلى التخلص من سطوته وهيمنته على البلد.

ورأى أن الإنذار المبكر الذي أطلقه رعد من وجود مخطط للتفرُّد بـ«الحزب» وإقصائه «كان وراء مقاطعة الرئيس بري المشاورات، واستُعيض عنها بلقاء يعقده مع سلام للوقوف منه على رؤيته لطبيعة المرحلة السياسية التي يستعد لبنان للدخول فيها بدءاً بتشكيل الحكومة وبرنامج عملها، التي لن تكون معزولة عن التحولات التي شهدتها المنطقة». وعدّ أن بري توخى من مقاطعته المشاورات توفير الحماية السياسية لحليفه «حزب الله» وتبديد ما لديه من مخاوف وهواجس، «وصولاً إلى طمأنته بأنه من غير المسموح به الاستفراد أو تغليب فريق على آخر» بخلاف ما تعهد به عون في خطاب القسم.

واستغرب المصدر نفسه ما يروج له البعض من خصوم «الحزب» بأن مقاطعة «الثنائي الشيعي» المشاورات النيابية ستنسحب على امتناعه عن الاشتراك في الحكومة ومقاطعتها. وقال: «نحن نقدّر الظروف التي يمر بها لبنان، ويكفيه هذا الكم الكبير من الأزمات، ولن نقدم على خطوة من شأنها أن ترفع منسوب التأزم السياسي». وأكد أن «الثنائي الشيعي» يقف إلى جانب تطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته، وأنه «يترقب انسحاب إسرائيل من البلدات التي تحتلها فور انتهاء فترة الهدنة التي نص عليها اتفاق وقف النار، رغم تمادي إسرائيل في تجريفها المنازل وتدميرها وتحويل الجنوب إلى منطقة معزولة لا تصلح للسكن».

وشدد على أن الوضع الذي يمر به لبنان يستدعي تضافر الجهود للملمته استعداداً للانتقال بالبلد إلى مرحلة التعافي. وسأل: «من قال إننا نريد افتعال أزمات جديدة ونحن جزء أساسي من هذا البلد ولن نسمح بالعودة به إلى الوراء، فيما تتعالى الدعوات الدولية والعربية لمساعدتنا؟ وهل يُعقل أننا نفتعل مشكلة مع وجود الرئيس الفرنسي ببيروت في زيارة دعم ومساندة للبنان؟».

ومع أن المصدر يتوقع أن يؤدي لقاء «بري - سلام» إلى طيّ صفحة المخاوف التي عبّر عنها رعد، والتأكيد على عدم وجود «مؤامرة» في ترجيح كفة سلام لتشكيل الحكومة تستهدف «الحزب»، فهو يؤكد أن «لقاءهما مطلوب للتشاور في العناوين السياسية للمرحلة المقبلة؛ سواء تشكيل الحكومة ومهامها؛ وعلى رأسها إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل».

وفي المقابل، قال مصدر في المعارضة (سابقاً) ممن انتخبوا عون رئيساً للجمهورية إن رعد «وإنْ كان فوجئ بتكليف سلام تشكيل الحكومة، فإنه لم يكن مضطراً إلى إصدار الأحكام المسبقة عليه، وكان يُفترض به التريث بدلاً من أن يحاكمه على النيات». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لو تريث واستمع إلى ما قاله سلام فور انتهاء اجتماعه بعون وبري، لكان في غنى عن مخاوفه بوجود مخطط لإقصاء (الحزب) وإلغائه».

ورأى أن مشكلة «الحزب» تكمن في أنه «لا يزال يمارس سياسة الإنكار و(الإكبار)، ولا يود الاعتراف بأن لبنان يستعد للدخول في مرحلة سياسية جديدة تستدعي منه عدم التعاطي مع تشكيل الحكومة على أساس أن القديم باقٍ على قدمه ويستقوي بفائض القوة الذي لن يصرف في إعادة تكوين السلطة على قياس ما يطمح إليه (الحزب)». وقال إن «(الحزب) أخطأ في تقديره ردود الفعل المعترضة على ما صرح به رعد». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «بموقفه هذا يخالف المزاج اللبناني، وبالأخص الشيعي، الذي هو في أمسّ الحاجة الآن إلى إعطائه فرصة لالتقاط أنفاسه والخروج من الكارثة التي حلت به بتدمير إسرائيل البلدات الشيعية جنوباً وبقاعاً وضاحيةً جنوبيةً، ويعيد ترتيب أوضاعه في انتظار بدء إعادة الإعمار، الذي يُفترض أن يتصدر البيان الوزاري للحكومة الجديدة، ويستمد عناوينه من خطاب القسم، وموقف سلام فور تكليفه تأليفها». وشدد على أن المطلوب من «الحزب» هو أن «يتقدم إلى الأمام بدلاً من الالتفات إلى الوراء الذي أصبح من الماضي، بعد أن أساء تقديره رد فعل إسرائيل على إسناده غزة، وما ترتب عليه من تدمير للبلدات الأمامية في الجنوب وبناها التحتية». وأكد أنه «لا مصلحة لـ(الحزب) في مقاطعة الحكومة التي ستشرف على إجراء الانتخابات النيابية في ربيع 2026، ليس لأنها توفر الحماية له فقط؛ شرط أن يبادر إلى إجراء تقييم لحربه مع إسرائيل بعيداً عن المبالغة، وإنما لأنها تشكل ممراً إلزامياً لإعادة إعمار البلدات، وبالتالي؛ فإن مجرد مقاطعته إياها ستقحمه في خلاف مع بيئته الحاضنة».

ولفت إلى أن «الحديث عن شكل الحكومة وحجمها متروك لعون وسلام في ضوء ما سيتوصل إليه في اجتماعه مع بري». وقال إن «ما هو مرفوض منذ الآن الجمع بين الوزارة والنيابة، أو إشراك وزراء في الحكومة يستعدون لخوض الانتخابات وينتمون مباشرة إلى الأحزاب. ويجب أن يتمتعوا بالكفاءات المطلوبة على نحو يؤدي إلى إسناد الحقائب الوزارية لذوي الاختصاص، وهذا لا يمنع من أن يكونوا مسيَّسين».


مقالات ذات صلة

الحريري يدعو أنصاره للقائه في ذكرى اغتيال والده

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يلتقي رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري في القصر الرئاسي (إ.ب.أ)

الحريري يدعو أنصاره للقائه في ذكرى اغتيال والده

دعا رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري أنصاره، إلى لقائه يوم الجمعة في الذكرى السنوية العشرين لاغتيال رفيق الحريري

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الإضراب عن الطعام يشمل النزلاء السوريين في المبنى (ب) (الوكالة الوطنية للإعلام)

خاص 100 سجين سوري في لبنان يضربون عن الطعام بسبب تأخير ترحيلهم

بدأ أكثر من 100 موقوف سوري من نزلاء سجن روميه المركزي في لبنان إضراباً مفتوحاً عن الطعام.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري الرئيس جوزيف عون يترأس أول جلسة للحكومة الجديدة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري كتل نيابية غير ممثلة بالحكومة اللبنانية تدرس عدم منح الثقة

يبدو أن عدداً من الكتل النيابية تدرس جدياً عدم إعطاء الثقة للحكومة، بمعزل عن بيانها الوزاري، وذلك اعتراضاً على طريقة تشكيل الحكومة وتغييبها عنها.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تمدد فترة احتلالها جنوب لبنان

إسرائيل تمدد فترة احتلالها جنوب لبنان

يترقَّب لبنان الرسمي والشعبي 18 فبراير (شباط) الحالي، الموعد المحدد لانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكلٍ نهائي من المناطق والبلدات التي احتلَّها في جنوب لبنان

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (إ.ب.أ)

سلام: هدفنا استعادة ثقة اللبنانيين بعد الأزمات المتتالية

كشف رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام في مقابلة عبر «تلفزيون لبنان» عن أن هدف حكومته استعادة ثقة الشعب اللبناني بعد معاناته من أزمات متعددة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ملامح الخطة العربية: إعمار بيد أبناء غزة

فلسطينيون يتسوقون وسد الدمار الناجم عن الحرب في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
فلسطينيون يتسوقون وسد الدمار الناجم عن الحرب في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
TT

ملامح الخطة العربية: إعمار بيد أبناء غزة

فلسطينيون يتسوقون وسد الدمار الناجم عن الحرب في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)
فلسطينيون يتسوقون وسد الدمار الناجم عن الحرب في خان يونس بجنوب قطاع غزة أمس (د.ب.أ)

رسمت إفادات لمصادر وتصريحات رسمية ملامح الخطة العربية المرتقبة بشأن قطاع غزة ومنها أن يكون «إعمار بيد أبناء غزة» من دون تهجيرهم، وذلك بمواجهة تصلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب وراء مخططه لإخلاء القطاع.

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس، وحدة موقف بلديهما بشأن القضية الفلسطينية، وشددا على أهمية «بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة بشكل فوري» مع عدم تهجير الفلسطينيين. لكنهما أشارا إلى حرصهما على «التعاون الوثيق» مع ترمب بهدف «تحقيق السلام الدائم» عبر مسار «حل الدولتين».

وقال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي لـ«الشرق الأوسط» إن «القمة الطارئة في القاهرة (تعقد في 27 من الشهر الحالي) ستناقش خطة عربية بشأن الوضع في غزة»، موضحاً أن «هناك أفكاراً عدة ومقترحات يجري التنسيق بشأنها عربياً لإعادة إعمار غزة بأيدي أبنائها».

يأتي ذلك فيما تسابق الوسطاء لإنقاذ مسار الهدنة في غزة، بعد إعلان تعليقها. وكشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوسطاء عرضوا ضمانات بالتزام إسرائيل بنود الاتفاق، وبدء مفاوضات حقيقية للمرحلة الثانية». وأضافت: «إذا التزم الاحتلال بنود الاتفاق، فستتم عملية تسليم الرهائن في وقتها من دون مشاكل، والأجواء تبدو مشجعة».