«أشبه بالقبر»... غزاوي يحفر ملجأ لعائلته للاحتماء من البرد والقصف (صور)

الأب الفلسطيني تيسير عبيد وأسرته داخل الحفرة في دير البلح (أ.ف.ب)
الأب الفلسطيني تيسير عبيد وأسرته داخل الحفرة في دير البلح (أ.ف.ب)
TT

«أشبه بالقبر»... غزاوي يحفر ملجأ لعائلته للاحتماء من البرد والقصف (صور)

الأب الفلسطيني تيسير عبيد وأسرته داخل الحفرة في دير البلح (أ.ف.ب)
الأب الفلسطيني تيسير عبيد وأسرته داخل الحفرة في دير البلح (أ.ف.ب)

في مواجهة البرد والمطر في الشتاء، خطرت لرب العائلة، الفلسطيني تيسير عبيد، الذي لجأ مع أسرته إلى دير البلح وسط قطاع غزة، فكرة الحفر في الأرض.

حفر الرجل في التربة الطينية في المخيم الذي نزحت إليه عائلته؛ بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، حفرةً مربعةً بعمق مترين تقريباً، غطَّاها بقماش مشمع مشدود فوق إطار خشبي.

الأب الفلسطيني تيسير عبيد (أ.ف.ب)

يقول رب الأسرة: «من الضيق فكرت أن أحفر في التراب حتى أتوسَّع»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويضيف تيسير من داخل الملجأ المرتجل، في حين أطفاله يلعبون على أرجوحة صغيرة ثبَّتها على لوح يشكِّل إطاراً للقماش المشمع: «بالفعل حفرت 90 سنتيمتراً، وشعرت بتوسع نوعاً ما».

وتابع: «ثم فكرت أن أعمِّق الحفرة، وبالفعل عمَّقت الحفرة ونزلت إلى متر و80 سنتيمتراً، وكانت الأمور نوعاً ما مريحة».

صنع تيسير أرجوحة صغيرة لأطفاله (أ.ف.ب)

وأضاف: «لو كانت لديّ خيارات غير ذلك لما كنت أعيش في حفرة أو جورة أشبه بالقبر».

وملأ أكياس طحين قديمة بالرمل وكدّسها على المدخل لمنع تسرب الوحل إلى الداخل.

وقال: «غير ما تَطلَّبه مني الأمر، من التعب والوقت والجهد، وأنا أحفر، قضيت فترة أحاول إقناع أولادي وعائلتي بأن يتعايشوا فيه. طبعاً ليس لدينا خيار أفضل من ذلك».

نزح تقريباً جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة بسبب الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

الموت برداً

حفر رب الأسرة بعض الدرجات في الأرض للنزول إلى الملجأ، وأقام ما يشبه مدخنة يحرق فيها بعض الأوراق أو الكرتون على أمل تدفئة الجو قليلاً، دون أن ينجح في ذلك حقاً.

أمام الموقد، يفرك الأطفال أيديهم، محاولين إيجاد بعض الدفء.

أمام الموقد يفرك الأطفال أيديهم محاولين إيجاد بعض الدفء (أ.ف.ب)

ويأمل عبيد أيضاً في توفير حماية أفضل من الغارات الإسرائيلية لعائلته التي فرَّت من القتال في شمال قطاع غزة، لكنه يخشى ألا يصمد الملجأ أمام غارة قريبة، ويقول: «لو وقع انفجار حولنا وانهالت التربة، بدل أن يصير مأوى لي، سيصبح قبراً لي».

يقول تيسير: «لو وقع انفجار حولنا وانهالت التربة بدل أن يصير مأوى لي سيصبح قبراً لي» (أ.ف.ب)

ونزح تقريباً جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة؛ بسبب الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم غير مسبوق شنَّته «حماس» على الأراضي الإسرائيلية.

وأشار مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2024 إلى أن 66 في المائة من مباني القطاع تضررت.

وهرباً من القتال والقصف الإسرائيلي، اضطر كثير من المدنيين للجوء إلى مخيمات مكتظة، معظمها في وسط غزة وجنوبها.

ملأ أكياس طحين قديمة بالرمل وكدّسها على المدخل لمنع تسرب الوحل إلى الداخل (أ.ف.ب)

وفي القطاع الذي تفرض عليه إسرائيل حصاراً مطبقاً، باتت مواد البناء نادرة، ويضطر النازحون إلى استخدام ما يتاح لهم لارتجال ملاجئ مؤقتة وسط ظروف صحية كارثية.

وأشارت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الخميس، إلى أن 8 أطفال حديثي الولادة قضوا؛ بسبب انخفاض حرارة أجسامهم، في حين توفي 74 طفلاً منذ بداية هذا العام؛ بسبب «ظروف الشتاء القاسية».

وقالت المتحدثة باسم «الأونروا» لويز واتريدغ: «نبدأ هذا العام الجديد بأهوال العام الماضي نفسها. ليس هناك أي تقدم ولا أي عزاء. الأطفال يموتون برداً».

قُتل 46565 فلسطينياً، معظمهم مدنيون، منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، وفق بيانات وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، التي تعدّها الأمم المتحدة موثوقة.

وفي الجانب الإسرائيلي أسفر هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 عن مقتل 1208 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.


مقالات ذات صلة

«حماس» تشدد تعليماتها للحفاظ على حياة قادتها وكوادرها

المشرق العربي دخان يتصاعد فوق شمال قطاع غزة جراء قصف إسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)

«حماس» تشدد تعليماتها للحفاظ على حياة قادتها وكوادرها

مع الكلام عن قرب إبرام اتفاق غزة، شددت حركة «حماس» التعليمات التي تصدرها لقياداتها وعناصرها داخل قطاع غزة، بالتخفي بشكل أكثر أماناً وتخفيف التحركات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي تفوق ما يجري الإعلان عنه

أكد أبو عبيدة، الناطق باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم الاثنين، أن خسائر الجيش الإسرائيلي تفوق بكثير ما يعلن عنه رسمياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صاروخ ينطلق من إحدى بطاريات نظام القبة الحديدية الدفاعي الإسرائيلي (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعترض طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم الاثنين، أن سلاح الجو التابع له اعترض طائرة دون طيار جرى إطلاقها من اليمن إلى جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى يصل إلى الدوحة لإجراء محادثات بشأن غزة

وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى يصل إلى الدوحة لإجراء محادثات بشأن غزة

قال متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن وفداً أمنياً إسرائيلياً وصل إلى قطر، الأحد، لإجراء محادثات بشأن اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية بينما تحولت المباني إلى أنقاض في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تطلب من سكان مخيم النصيرات إخلاءه قبل هجوم وشيك

طلب الجيش الإسرائيلي من المدنيين في مخيم النصيرات للاجئين بشمال قطاع غزة إخلاء المكان، في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد، قبيل شن هجوم وشيك.

«الشرق الأوسط» (غزة)

سلام يؤمّن دعم عدد كافٍ من النواب اللبنانيين ليكون رئيساً للحكومة

TT

سلام يؤمّن دعم عدد كافٍ من النواب اللبنانيين ليكون رئيساً للحكومة

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (د.ب.أ)
الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (د.ب.أ)

قالت مصادر سياسية لبنانية لـ«رويترز» إن الرئيس الحالي لمحكمة العدل الدولية نواف سلام قد حصل على دعم عدد كافٍ من النواب اللبنانيين لاختياره لمنصب رئيس الوزراء.

وكانت الجولة الأولى من الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون لتسمية الرئيس المكلف تأليف الحكومة قد انتهت بحصيلة 12 صوتاً لسلام، بينما حصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على 8 أصوات إذا ما احتسب صوت النائب جميل السيد، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام».

وقال السيد إنه «إذا تساوت الأصوات بين الرئيس ميقاتي والمرشح نواف سلام فإن صوتي للرئيس ميقاتي»، فيما أعلن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، أنه لم يسم أحداً لتشكيل الحكومة الجديدة.

وبدأت المرحلة الثانية والأخيرة الساعة الثانية بعد الظهر. وفي غضون ساعتين من ذلك، وصل عدد المؤيدين لسلام إلى 68 نائباً، وبالتالي صار عملياً رئيس الوزراء المكلف في انتظار الإعلان الرسمي الذي سيصدر عن رئاسة الجمهورية.

وقالت مصادر سياسية لـ«رويترز» إن «حزب الله» المدعوم من إيران أرجأ اجتماعاً مع الرئيس عون اليوم الاثنين كان من المقرر أن يحدد خلاله مرشحه المفضل لمنصب رئيس الوزراء، وهو ما يشير إلى توتر يشوب العملية. لكن المصادر قالت إن «حزب الله» و«حركة أمل» أجلا اجتماعهما بعد أن صار واضحاً أن مرشحا آخر سيحظى بقدر أكبر من التأييد بين النواب، وهو رئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام. وعون مطالب بتعيين المرشح الذي يحظى بأكبر قدر من الدعم بين النواب اللبنانيين البالغ عددهم 128.

وبدأ الرئيس اللبناني، صباح اليوم، استشارات مع الكتل النيابية، تمهيداً لتسمية شخصية سيعهد إليها مهمة تشكيل حكومة جديدة تنتظرها تحديات كبيرة.

وبعد إعلان مرشحين عدة استعدادَهم لتولي المنصب الذي يعود إلى الطائفة السنية في لبنان، انحصرت المنافسة بشكل رئيس بين مرشحين هما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والدبلوماسي المخضرم نواف سلام الذي يرأس حالياً محكمة العدل الدولية في لاهاي، والمدعوم من القوى السياسية المعارضة لـ«حزب الله»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال ميقاتي، على هامش جلسة انتخاب الرئيس، الخميس، إنه مستعد «إذا كانت هناك أي ضرورة» من أجل «خدمة البلد».

وميقاتي، الذي قادت حكومته البلاد، خلال أكثر من عامين من شغور سُدة الرئاسة، في فترة تعمَّق فيها الانهيار الاقتصادي وشهدت حرباً مدمِّرة بين «حزب الله» وإسرائيل، تربطه علاقات جيدة مع قوى سياسية، ويحظى بعلاقات خارجية مع جهات عدة.

وبعدما كانت قوى معارضة تضم كتلة القوات اللبنانية وكتلاً أخرى صغيرة أعلنت، السبت، قرارها تسمية النائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة، أعلن نواب معارضون ومستقلون دعْمهم ترشيح القاضي نواف سلام؛ وهو دبلوماسي مخضرم يحظى باحترام في لبنان، ويُطرح اسمه عند كل استشارات نيابية.

وبعد اجتماعات واتصالات استمرت حتى وقت متأخر ليل الأحد، أعلن مخزومي، صباح الاثنين، انسحابه من الترشح لرئاسة الحكومة، انطلاقاً من أن «وجود أكثر من مرشح معارِض سيؤدي حكماً إلى خسارة الجميع» وإفساح المجال «للتوافق» على سلام.

وقال، في بيان، إن البلاد «بحاجة إلى تغيير جذري في نهج الحكم، وإلى حكومة تواكب تطلعات العهد الجديد السيادية والإصلاحية».

وأعلن النائب المعارض إبراهيم منيمنة كذلك سحب ترشيحه لصالح سلام.

ويرى خصوم «حزب الله» والمعارضون لتكليف ميقاتي أنه يشكل جزءاً من المنظومة السياسية السابقة التي أحكم «حزب الله» قبضته عليها، وأن تعديل موازين القوى السياسية في الداخل على وقْع النكسات التي مُني بها «حزب الله» في مواجهته الأخيرة مع إسرائيل، يفترض التوجه لتسمية شخصية جديدة.

وقال زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الأسبوع الماضي: «ثمّة عهد جديد بدأ... شئنا أم أبينا، الرئيس ميقاتي كان مع المجموعة الماضية».

تحديات

ولم تعلن كل الكتل هوية المرشح الذي تدعمه. ويفوز المرشح الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات بين المتنافسين.

ووفق الدستور اللبناني، يسمي رئيسُ الجمهورية رئيسَ الحكومة المكلف، بالتشاور مع رئيس البرلمان، بعد إطلاعه على نتائج الاستشارات النيابية.

ولا يعني تكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة أن ولادتها باتت قريبة. وغالباً ما استغرقت هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهراً، بسبب الانقسامات السياسية والشروط والشروط المضادّة في بلد يقوم نظامه على مبدأ المحاصصة.

وفي خطاب القَسَم الذي ألقاه على أثر أدائه اليمين الدستورية، أعلن الرئيس اللبناني بدء «مرحلة جديدة للبنان»، محدداً خطة عمله في الفترة المقبلة، على وقْع تغييرات إقليمية متسارعة، وتراجع نفوذ فريق سياسي رئيس هو «حزب الله» الذي أضعفته مواجهة مدمرة خاضها مع إسرائيل.

وتنتظر الحكومة المقبلة تحديات كبرى؛ أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينصّ على انسحاب إسرائيل من المناطق التي دخلتها في الجنوب، ويشمل الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي «1701» الصادر في عام 2006؛ والذي من بنوده ابتعاد «حزب الله» عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلَّحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.

ومن التحديات أيضاً تنفيذ إصلاحات مُلحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.