«حماس» تشدد تعليماتها للحفاظ على حياة قادتها وكوادرها

وسط كلام عن قرب التوصل لاتفاق غزة... إسرائيل تكثف هجماتها باستخدام الذكاء الاصطناعي

دخان يتصاعد فوق شمال قطاع غزة جراء قصف إسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد فوق شمال قطاع غزة جراء قصف إسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تشدد تعليماتها للحفاظ على حياة قادتها وكوادرها

دخان يتصاعد فوق شمال قطاع غزة جراء قصف إسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد فوق شمال قطاع غزة جراء قصف إسرائيلي الاثنين (أ.ف.ب)

شددت حركة «حماس» التعليمات التي تصدرها لقياداتها وعناصرها داخل قطاع غزة، بالتخفي بشكل أكثر أماناً وتخفيف التحركات في ظل تشديد القوات الإسرائيلية من عملها الاستخباراتي، الذي يهدف لتنفيذ عمليات اغتيال تطال كل هدف ممكن بالنسبة لها، قُبيل الاتفاق المرتقب لوقف إطلاق النار الذي يشمل صفقة تبادل أسرى.

وكشفت مصادر مطَّلعة من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادة الحركة على المستويين السياسي والعسكري أصدرت تعليمات صارمة للقيادات الميدانية، والنشطاء العسكريين، الذين تعدهم إسرائيل هدفاً لهم، بعدم الظهور أمام العلن وتقليل التحركات بما في ذلك سيراً على الأقدام، أو من خلال أي مركبات، ما لم يكن هناك ضرورة أمنية طارئة تستدعي ذلك.

فلسطينيون يملأون أوعية بالماء من خزان في خان يونس (أ.ف.ب)

ووفقاً للمصادر، فإن هذه التعليمات صدرت خلال اليومين الماضيين، مع تكثيف إسرائيل جهودها الاستخباراتية من خلال استخدام عوامل عدة من أبرزها الطائرات المسيَّرة الحديثة التي تعمل على تتبُّع المقاومين، سواء كانوا من قيادات بارزة أم من الصفوف الثانية والثالثة وصولاً للجنود المقاومين من النشطاء الفاعلين.

وأشارت المصادر إلى أن التعميم أكد أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في ملف مفاوضات وقف إطلاق النار، وأن إسرائيل ستسعى خلال هذه الأيام لاصطياد أكبر عدد ممكن من المقاومين بهدف تصفيتهم في إطار محاولاتها الهادفة للقضاء على أي نشاط عسكري للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهو الأمر الذي كانت تسعى إليه منذ بداية الحرب الحالية، وفشلت في تحقيقه بالقضاء الكامل على المقاومة، وفق ما جاء في التعميم الذي اطَّلعت «الشرق الأوسط» على تفاصيله.

وذكرت المصادر أن التعميم وُزع في ظل هذه الظروف الأمنية مكتوباً عبر نقله من قبل «المراسلين - البريد» البشري، الذي يرى أنه آمن لدى «كتائب القسام» الجناح المسلح لـ«حماس»، في ظل الملاحقة والمتابعة الأمنية الإسرائيلية الشديدة خاصةً للإلكترونيات والإنترنت وغيره.

مبانٍ مدمَّرة في شمال قطاع غزة كما تظهر من إسرائيل الاثنين (رويترز)

وتَعَرَّضَ كثير من القادة الميدانيين والنشطاء البارزين في «حماس» لسلسلة اغتيالات مكثفة في الأيام الأخيرة، بينهم أسامة أبو ناموس، قائد «كتيبة الصبرة وتل الهوا»، الذي تعرض لـ4 محاولات اغتيال سابقة خلال الحرب، ونجا في بعضها، وأصيب في أخرى، كما اغتيل نائبه محمد الترك في ضربة جوية عنيفة استهدفت مربعاً سكنياً بمنطقة «السرايا» وسط مدينة غزة، واغتيل برفقته حمزة الديري ومحمود شاهين، وهما قائدا سرايا في الكتيبة نفسها، إلى جانب عدد من المقاومين الآخرين كانوا برفقتهم.

كما اغتيل حمدي أبو دان، قائد سرية النخبة في كتيبة الشيخ رضوان التابعة لـ«القسام»، إلى جانب مساعده محمد صيام، خلال عملية اغتيال استهدفتهما وهما يسيران على أقدامهما في منطقة مسجد فلسطين غرب مدينة غزة، كما اغتيل معتصم القوقا قائد «سرية النخبة» في «كتيبة الشاطئ» بقصف استهدفه قرب مجمع الشفاء الطبي، واغتيل عدد آخر من القيادات الميدانية والنشطاء، وحتى قيادات في العمل الخيري والدعوة لحركة «حماس» آخرهم وائل راشد، الذي اغتيل، ظهر الاثنين، في هجوم جوي نفذته طائرة مسيَّرة في حي الدرج وسط مدينة غزة، كما اغتيل 4 نشطاء من العمل الخيري من سكان بيت لاهيا وبيت حانون في غارة استهدفتهم بمنطقة مفترق ضبيط وسط المدينة أيضاً.

وتقول مصادر ميدانية من إحدى فصائل المقاومة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم مؤخراً بكثافة طائرات مسيّرة من طرازي «هيرمز 650» و«660» وهما من الطائرات المتطورة جداً، التي ترتكز بشكل أساسي على استخدام خوارزميات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تتبُّع المقاومين، خصوصاً المطلوبين منهم.

قافلة عسكرية تتحرك في شمال قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

ووفق المصادر نفسها، فإن هذه الطائرات هي من تنفِّذ عمليات الاغتيال المكثفة التي تطول ناشطين بارزين وفاعلين في ميدان المقاومة، وفق وصفها.

وأشارت إلى أن بعضها يعمل من خلال تتبُّع هواتف أقارب المقاومين والتنصت عليها وعلى ما حولها حتى لو لم تكن متصلة بالإنترنت أو بالاتصال بشبكات الخليوي، كما أنها تعتمد على مسح مسافة كيلومتر مربع واحد بالكامل لكشف أي ثغرات إلكترونية يمكن من خلالها الوصول باستخدام الذكاء الاصطناعي لكلمات مشفرة يستخدمها المقاومون، أو تتبع الساعات اليدوية أو غيرها من الأدوات الشخصية التي يمكن لأي مقاوم أن يحملها.

وكشفت أنه صدرت تعليمات مشددة بعدم حمل أي ساعات أو أنظمة إلكترونية ربما تساعد على تتبُّع المقاومين.

فلسطيني يبكي وهو يحمل جثمان ابنته التي قُتلت بقصف إسرائيلي لمدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قد كشفت خلال الأسابيع الماضية أن الجيش الإسرائيلي لجأ إلى الذكاء الاصطناعي لتحديث بنك أهدافه باستمرار في غزة، وهذا زاد عدد الضحايا الفلسطينيين.

ووفقاً للصحيفة، فإن أحد برامج الذكاء الاصطناعي التي طورها الجيش الإسرائيلي اعتمد على أساس مئات الخوارزميات التنبؤية؛ ما يسمح للجنود بالتعامل مع مجموعة كبيرة ومتنوعة من البيانات، حيث توفر الخوارزميات إحداثيات الأنفاق والصواريخ والأهداف العسكرية الأخرى، ويتم وضع التوصيات التي تجتاز التدقيق في بنك الأهداف.

وطورت هذه البرامج شركات إسرائيلية في قطاع التكنولوجيا، وتم استخدامها خلال هذه الحرب لأول مرة، حيث اعتُمد عليها لتشكيل قاعدة معلومات استخبارية يتم تحليلها باستخدام صور الأقمار الاصطناعية وبيانات الاتصال، لكن هذه البرامج والتقنيات تثير قلق منظمات حقوقية، خصوصاً في ظل الحصيلة المرتفعة للضحايا في صفوف المدنيين الذين يشكلون غالبية ضحايا الحرب في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

«نزع سلاح حماس»... عقبة جديدة أمام الوسطاء بالمرحلة الثانية

العالم العربي مقاتلو «حماس» الفلسطينية يقومون بتأمين منطقة قبل تسليم رهائن إسرائيليين في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«نزع سلاح حماس»... عقبة جديدة أمام الوسطاء بالمرحلة الثانية

موافقة متأخرة لإسرائيل للانضمام لمفاوضات المرحلة الثانية من هدنة قطاع غزة غير أنها جاءت مصحوبة بشروط ستوضع على طاولة المحادثات لم تكن ضمن الاتفاق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 14 أكتوبر 2024 في دير البلح بقطاع غزة خلال تلقي الأطفال الفلسطينيين لقاح شلل الأطفال كجزء من حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في القطاع الفلسطيني (د.ب.أ)

«الصحة العالمية» تعلن استئناف التلقيح ضد شلل الأطفال في غزة السبت

أعلنت منظمة الصحة العالمية الأربعاء إطلاق حملة تطعيم جماعية جديدة ضد شلل الأطفال في 22 فبراير (شباط) في غزة، حيث لا يزال الفيروس موجودا ويشكل خطرا على الأطفال.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح

القمة العربية الطارئة في 4 مارس

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أمس، أن القاهرة ستستضيف القمة العربية الطارئة بشأن تطورات القضية الفلسطينية يوم 4 مارس (آذار) المقبل.

«الشرق الأوسط» ( القاهرة) كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 15 فبراير 2025، في خان يونس بقطاع غزة تظهر مقاتلين لحركة «الجهاد الإسلامي» و«كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مع ممثلة الصليب الأحمر أثناء تسليم ثلاث رهائن إسرائيليين (د.ب.أ)

«حماس»: خروج المقاومة أو نزع سلاحها من غزة أمران مرفوضان

قال المتحدّث باسم «حماس» إن اشتراط إسرائيل إبعاد «حماس» عن القطاع «حرب نفسية سخيفة»، مؤكداً رفض الحركة الخروج من القطاع أو نزع سلاحها ضمن أي اتفاق.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل (أ.ف.ب)

«الأونروا»: مسؤولون إسرائيليون حاولوا دخول 3 مدارس تابعة للوكالة لإغلاقها

قال رولاند فريدريك مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن مسؤولين إسرائيليين حاولوا دخول ثلاث مدارس تابعة للوكالة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)

3 قتلى في اشتباكات مع قوات إسرائيلية بمخيم الفارعة بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
TT

3 قتلى في اشتباكات مع قوات إسرائيلية بمخيم الفارعة بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)
مركبة عسكرية إسرائيلية تزيل الأنقاض من بين مبان متضررة في مخيم طولكرم للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 19 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

ذكرت «وكالة الأنباء الفلسطينية» أن 3 أشخاص لم تعرف هويتهم بعد قتلوا مساء اليوم (الأربعاء)، بعدما حاصر الجيش الإسرائيلي منزلاً في مخيم الفارعة جنوب طوباس بالضفة الغربية.

ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية قولها: «ثلاثة مواطنين استشهدوا عقب استهداف جيش الاحتلال للمنزل المحاصر بالرصاص والقذائف، وقام باختطاف جثامينهم».

وقالت مصادر طبية إن طواقم الإسعاف دخلت المنزل بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، وعثرت على أشلاء وآثار دماء.

وأضافت الوكالة أن قوات الاحتلال كانت قد حاصرت المنزل في مخيم الفارعة بعد تسلل قوات خاصة إليه، ودفعت بتعزيزات عسكرية من حاجز الحمرا العسكري باتجاه المخيم.

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت ثلاثة «إرهابيين مطلوبين» في الضفة الغربية المحتلة الأربعاء. وجاء في بيان للجيش أن الجنود «قضوا في منطقة الفارعة على ثلاثة إرهابيين مطلوبين، ممّن باعوا أسلحة لغايات إرهابية».

وأشار الجيش إلى أنه «تم إلقاء القبض على مطلوبَين إضافيَّين».

وأعمال العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، في تصاعد منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقُتل ما لا يقلّ عن 897 فلسطينيا في الضفة الغربية في هجمات للجيش الإسرائيلي أو لمستوطنين، منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، وفقا لتعداد «وكالة الصحافة الفرنسية» بناء على أرقام وفّرتها وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله.

كذلك، أسفرت هجمات نفّذها فلسطينيون على إسرائيليين عن مقتل ما لا يقل عن 32 شخصا في الفترة نفسها في الضفة الغربية، وفقا لأرقام إسرائيلية رسمية.