أربيل تصعّد ضد بغداد مع استمرار أزمة الرواتب

وسط خلافات بين أحزاب الإقليم تهدد بموقف موحّد

صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024
صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024
TT

أربيل تصعّد ضد بغداد مع استمرار أزمة الرواتب

صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024
صورة متداولة في الوسائط الاجتماعية العراقية لاجتماع حكومة إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم في أربيل يوم 11 يناير 2024

بالتزامن مع إعلان رئاسة إقليم كردستان عن قيام رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني بزيارة إلى بغداد هذا الأسبوع، أعلن رئيس وزراء حكومة الإقليم مسرور بارزاني، أن تعامل بغداد مع الإقليم لم يعد مقبولاً. وأعلن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الإقليم دلشاد شهاب في تصريح صحافي، أن «نيجرفان بارزاني سيتوجه الأسبوع المقبل إلى بغداد». وأضاف أن «بارزاني سيشارك في اجتماع ائتلاف إدارة الدولة».

وائتلاف إدارة الدولة هو الكتلة السياسية - البرلمانية التي تضم، بالإضافة إلى «الإطار التنسيقي الشيعي»، القوى السنية والكردية المشاركة في الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني، الذي كان قد تشكل وفقاً لما سُمي ورقة «الاتفاق السياسي». وطوال السنتين الماضيتين من عمر الحكومة الحالية، ورغم دعم العرب السنة والكرد للحكومة، فإنهما يشعران بأن كثيراً من بنود ورقة «الاتفاق السياسي، لم يطبق بسبب الخلافات بين الكتل السياسية».

فالعرب السنة لا يزالون يشكون من تأخير إصدار قانون العفو العام رغم كونه جزءاً من ورقة الاتفاق السياسي، خصوصاً أن القوى الشيعية ربطته بقانون الأحوال الشخصية المُختلف عليه. كما أن الأكراد قد دخلت أحد مطالبهم المتعلقة بعقاراتهم والمصادرة من قبل بغداد ضمن ما يسمى القوانين الجدلية - وهي العفو العام، والأحوال الشخصية، والعقارات - ثم فشل البرلمان في التصويت عليها طوال أكثر من عام من طرحها للتصويت.

إحدى جلسات برلمان إقليم كردستان (أ.ف.ب)

الأزمة الخانقة

غير أن الأزمة الخانقة التي تعانيها حكومة إقليم كردستان والتي باتت تمثل حرجاً لها أمام مواطني الإقليم، هي أزمة الرواتب التي تتقاذف كرتها بغداد وأربيل. فبينما تعدّ حكومة الإقليم أن ملف الرواتب استحقاق غير قابل للنقاش، فإن بغداد تربطه مع مجمل استحقاقات يتعين على أربيل تنفيذها؛ وهي تسليم الموارد النفطية وموارد الجمارك والمنافذ الحدودية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد.

وعلى الرغم من رضاء نسبي من قبل أربيل حيال حكومة السوداني التي درجت على إرسال مبالغ مالية إلى الإقليم كل شهرين أو 3 بوصفها رواتب للموظفين، فإن هذه المبالغ لم تحل الأزمة جذرياً داخل الإقليم. وفي هذا السياق، تهدف زيارة نيجرفان بارزاني المرتقبة إلى بغداد، إلى مواجهة الحكومة الاتحادية بموقف جديد من قبل الأكراد، لكن بسبب الخلافات العميقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني)، بالإضافة إلى أحزاب المعارضة الكردية الرافضة لسياسة كلا الحزبين، لا تبدو أربيل في موقف قوي، بحيث تفرض خياراتها على بغداد في هذه الظروف.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني خلال لقاء سابق في بغداد (رئاسة الوزراء)

اجتماع «غير عادي»

مع ذلك عقدت حكومة الإقليم، يوم السبت، اجتماعاً وصفته بأنه «غير عادي» لغرض الوصول إلى موقف موحد حيال بغداد يعضد ما سوف يطرحه رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني، خلال اجتماع إدارة الدولة المقرر عقده هذا الأسبوع. وخلال اجتماع حكومة الإقليم، الذي ضم ممثلي حكومة الإقليم في بغداد ورؤساء الكتل الكردستانية، قال رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، إن «تعامل بغداد مع إقليم كردستان ليس تعاملاً مع إقليم اتحادي».

وأضاف مخاطباً المجتمعين: «أنتم الذين تمثلون إقليم كردستان، واجبكم الأول هو تمثيل شعب الإقليم بكل أطيافه، ثم تمثلون القوى والأحزاب السياسية». وتابع: «توصلنا إلى نتيجة مفادها أن سلوك بغداد تجاه إقليم كردستان ظالم وغير عادل وغير مقبول. أعتقد أنه إذا كنا متحدين، فلن يكون لدى بغداد القدرة على فرض أي شيء على كردستان، لكن الفرض جاء بسبب انقسام الأحزاب السياسية... كما ينبغي تصحيح مسار العلاقات بين إقليم كردستان وبغداد».

وفيما يتعلق بقرارات المحكمة الاتحادية بشأن رواتب والمستحقات المالية للإقليم، قال مسرور بارزاني إن الحكومة الاتحادية «لن تلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية إذا كان القرار في مصلحة إقليم كردستان». واختتم حديثه بالقول: «لقد شغلوا كردستان كلها بقضية الرواتب، وكل تضحيات ونضالات الكرد على مدى مائة عام تحولت إلى رواتب، وقد نجحت».

نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان أثناء مؤتمر صحافي (الأحد) في بغداد (الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم)

خيار الانسحاب

ومع أن الأكراد قد لا يعرفون رد فعل بغداد بعد الاجتماع المقرر عقده لائتلاف إدارة الدولة، إلا أن المتحدث باسم حكومة الإقليم لوح بإمكانية انسحاب الكتل الكردية من «حكومة بغداد»، وذلك رداً على الخلافات المستمرة بشأن أزمة الرواتب. ورغم أن هذا التلويح ورقة ضغط على بغداد، فإن الاحتمال الآخر هو عدم اتفاق كل الأحزاب الكردية على اتخاذ موقف موحد ضد بغداد.

وفي هذا السياق، أعلن حزب «العدل الكردستاني» و«الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، عدم مشاركتهما في اجتماع حكومة الإقليم. وقال النائب عن حزب «العدل» سوران عمر في تصريح صحافي، إن «الحكومة الاتحادية أرسلت مبالغ رواتب الموظفين لسنة 2024 كاملة، وحكومة الإقليم هي التي لم تلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية، ولا بقانون الموازنة، ولم تسلم الإيرادات الداخلية». وأضاف عمر أن «موضوع الانسحاب لا يعنينا، وهذه التهديدات لا تعنينا كوننا نؤدي عملنا بوصفنا نواباً ممثلين عن المواطنين، ونطالب بحقوقهم، ونعرف المتسبب الرئيسي في أزمتهم، ولا دخل لنا بهذه المزايدات».

من جهته، أكد النائب عن كتلة «الاتحاد الإسلامي» مثنى أمين، في تصريح مماثل، أن الاتحاد «قرر عدم المشاركة في الاجتماع، لأننا نعرف من السبب الرئيسي وراء أزمة الرواتب، ولهذا لا نحضر اجتماعاً هدفه المزايدات السياسية».


مقالات ذات صلة

مقاتلات «إف - 16» العراقية تقصف مخبأ لـ«داعش» في كركوك

المشرق العربي طائرة «إف - 16» (فيسبوك)

مقاتلات «إف - 16» العراقية تقصف مخبأ لـ«داعش» في كركوك

قال الجيش العراقي، يوم الأحد، إن طائراته قصفت مبنى يتحصن به عناصر من تنظيم «داعش» في كركوك.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرتها شبكة «رووداو» من تقديم إسعافات طبية لمعملين مضربين عن الطعام في السليمانية

أزمة الرواتب في كردستان: احتجاجات مستمرة للمعلمين رغم البرد

يبدو أن البيانات الرسمية لا تنعكس غالباً على شكل حلول نهائية تصب لصالح الموظفين في القطاع العام وتسفر عن وصول المرتبات إليه.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجري مشاورات مع عمار الحكيم الأسبوع الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

إقالات وتبادل اتهامات تعصف بمجالس المحافظات العراقية

منذ إعادة العمل بمؤسسات مجالس المحافظات في العراق بعد توقف دام نحو 10 سنوات، وإجراء الانتخابات الخاصة بها في 2023، لم تشهد التشكيلات الجديدة استقراراً ملحوظاً.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي ممثلو ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم خلال أحد الاجتماعات في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

حراك عراقي لتسوية «خلاف نادر» داخل القضاء

منح ائتلاف «إدارة الدولة» الحاكم في العراق المحكمة «الاتحادية» فرصة لفك «الاشتباك» مع مجلس القضاء الأعلى بشأن الخلاف على تمرير «قانون العفو العام»

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السلطات العراقية تحرق أطناناً من المخدرات في موقع جنوب بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

الأمن العراقي يتوعد تجار المخدرات

توعدت وزارة الداخلية العراقية، الجمعة، المتورطين بتجارة المخدرات بأن يكون العام الحالي هو «الأقسى عليهم»، مع استمرار حملة لمكافحة نشاطهم في عموم البلاد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

هبّة عربية وإسلامية ضد تطرف نتنياهو


غزيون في طريقهم إلى منازلهم في شمال القطاع بعد انسحاب إسرائيل من معبر نتساريم أمس (د.ب.أ)
غزيون في طريقهم إلى منازلهم في شمال القطاع بعد انسحاب إسرائيل من معبر نتساريم أمس (د.ب.أ)
TT

هبّة عربية وإسلامية ضد تطرف نتنياهو


غزيون في طريقهم إلى منازلهم في شمال القطاع بعد انسحاب إسرائيل من معبر نتساريم أمس (د.ب.أ)
غزيون في طريقهم إلى منازلهم في شمال القطاع بعد انسحاب إسرائيل من معبر نتساريم أمس (د.ب.أ)

أظهرت مواقف رسمية عربية وإسلامية متتابعة، أمس، هبّة كبيرة ضد المواقف المتطرفة التي عبر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وشددت السعودية، أمس على «رفضها القاطع» لتصريحات نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مثمّنةً ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيالها.

وأكدت «الخارجية» السعودية أن «هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق، وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض». وتعددت بيانات من دول ومنظمات عربية وإسلامية عدة بشأن تصريحات نتنياهو، مؤكدة التوافق على رفض مساعي تهجير الفلسطينيين.

بدورها، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أمس، استضافةَ القاهرة قمةً عربيةً طارئةً في 27 فبراير (شباط) الحالي، تهدف إلى بحث التطورات «المستجدة والخطيرة» للقضية الفلسطينية، مشيرة إلى أنه «تم التنسيق بشأنها مع مملكة البحرين (الرئيس الحالي للقمة العربية) والأمانة العامة لجامعة الدول العربية».

كما لفتت «الخارجية» المصرية إلى أنه «تم التشاور والتنسيق من جانب القاهرة، وعلى أعلى المستويات، مع الدول العربية الشقيقة خلال الأيام الأخيرة بشأن القمة».

ميدانياً، وفي حين انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من محور نتساريم في غزة، فإنها وسعت من توغلها وعملياتها العسكرية في الضفة الغربية، لتمتد إلى مخيم نور شمس.