استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)
السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)
TT

استقطاعات حكومية لدعم غزة ولبنان تغضب متقاعدي العراق

السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)
السوداني مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (إكس)

رغم التأكيدات الحكومية العراقية أن الاستقطاعات المالية من رواتب الموظفين والمتقاعدين المخصصة لتقديم المعونات إلى غزة ولبنان، ذات طابع «طوعي»، وبإمكان غير الراغبين رفض استقطاعها، تفاجأ قطاع المتقاعدين باستقطاع ما نسبته 1 في المائة، وبأثر رجعي للشهرين الماضيين، ما أثار غضب كثيرين.

وطلب مجلس الوزراء العراقي، برئاسة محمد شياع السوداني، في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من وزارة المالية استقطاع 1 في المائة من رواتب ومخصصات الموظفين في القطاع العام ورواتب المتقاعدين، على أن تُودع مبالغ الاستقطاع في حسابات دعم غزة ولبنان بالتساوي، أو وفق الأولويات التي يُحددها رئيس مجلس الوزراء.

لكن القرار جُوبه، وقتذاك، برفض وانتقادات شعبية وقانونية حادة، بوصفه «تجاوزاً» بحقوق المواطنين، وليس من حق الحكومة إرغامهم على التبرع، ما دفع الحكومة إلى إصدار بيان تحدّثت فيه عن أن مسألة التبرع «طوعية»، لكن رواتب الشهر الأخير، والاستقطاعات التي طالت قطاع المتقاعدين، أثبتت أنها «إلزامية»، حسب كثير من المتقاعدين.

غياب الثقة بالحكومة

ولفت الانتباه إلى أن الاستقطاعات اقتصرت على المتقاعدين، ولم تشمل الموظفين في القطاع العام. وأكد الموظف عمر القريشي عدم شمولهم بالاستقطاع، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «غالبية الموظفين تقدّموا بطلبات إلى دوائرهم لرفض الاستقطاع، ويبدو أن ذلك دفع وزارة المالية لعدم الاستقطاع».

ويعتقد القريشي أنه «لم تكن باستطاعة المتقاعدين تقديم طلبات عدم الاستقطاع؛ ولذلك اتخذت المالية قرارها بالاستقطاع من رواتبهم».

وأضاف أن «معظم الموظفين لا يثقون بالإجراءات الحكومية، أو أنهم غير متأكدين من أن المبالغ المستقطعة ستصل إلى مستحقيها في غزة ولبنان؛ لذلك يرفض معظمهم التبرع، وبعضهم قدّم بالفعل تبرعات خارج إطار الإجراءات الرسمية الحكومية».

شكاوى للمتقاعدين

في السياق ذاته، أعلن مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة الجنوبية، الثلاثاء، عن مخاطبته ديوان الرقابة المالية الاتحادي بعد شكاوى المتقاعدين بخصوص استقطاع نسبة من رواتبهم.

وقال مدير المكتب مهدي التميمي، في تصريحات صحافية، إنه «بعد التحقيقات الأولية لاستقطاعات رواتب المتقاعدين التي قام بها مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، نتيجة عدد من الشكاوى الواردة إلينا، خاطبنا ديوان الرقابة المالية الاتحادي للنظر في هذا الأمر».

وحذّر التميمي من «استمرار استقطاع مبالغ من هذه الشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع، خصوصاً أن رواتبهم متدنية، فضلاً عما يعانونه من ظروف الحياة».

من جانبها، خاطبت النائبة نفوذ حسين الموسوي، مجلس الوزراء بشأن استقطاع نسبة من الرواتب.

وفيما لم يصدر عن وزارة المالية أو دائرة التقاعد أي بيان حول أسباب الاستقطاع الأخير، طالبت النائبة الموسوي في بيان، الجهة التي ستُشرف على صرف مبالغ الاستقطاعات، وآليات وأبواب الصرف، وإعلام المجلس باستمرار المساعدات التي بُني عليها الاستقطاع أو توقفها، فضلاً عن المطالبة باستثناء المتقاعدين من الاستقطاعات، وإعادة المبالغ المستقطعة من رواتبهم.

من جهة أخرى، وردّاً على ما يتردد بشأن إمكانية أن تعجز الدولة عن الالتزام بصرف رواتب الموظفين والمتقاعدين خلال الأشهر القليلة المقبلة، أكدت اللجنة المالية البرلمانية، الأربعاء، تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين في العراق حتى نهاية سنة 2025.

وقال عضو اللجنة، معين الكاظمي، في تصريحات صحافية: «إن رواتب الموظفين والمتقاعدين كافة مؤمّنة بشكل كامل لنهاية سنة 2025، ولا مخاوف على تلك الرواتب، والحكومة تؤمن الأموال الكافية من بداية كل سنة للموازنة التشغيلية كونها لها أولوية».

وأضاف أن «أي حديث عن وجود تأخير في صرف الرواتب خلال الأشهر المقبلة غير صحيح إطلاقاً، وبعض الأحيان يحدث تأخير في إطلاق التمويل، بسبب أعطال أو غيرها من الإجراءات الفنية، وليس بسبب عدم وجود السيولة النقدية».

ويعتقد على نطاق واسع في العراق أن البلاد ستتأثر سلباً في حال قيام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمحاولات لخفض أسعار النفط، بالنظر لاعتماد اقتصاد العراق الكلي على أموال النفط، وتالياً فإن أي انخفاض في الأسعار سيؤدي إلى عجز الحكومة عن سداد رواتب جيش من الموظفين والمتقاعدين يصل إلى نحو 7 ملايين مواطن، وفق بعض الإحصاءات الرسمية. وهناك حديث أيضاً عن إمكانية قيام واشنطن بفرض عقوبات على العراق، الذي يعتقد أن يساعد إيران على تصدير بعض منتجاتها النفطية.


مقالات ذات صلة

العراق يحتفل بالذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني

المشرق العربي السوداني يلقي كلمة أمام قوات الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه (رئاسة الوزراء) play-circle 00:48

العراق يحتفل بالذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني

أحيا العراق، الاثنين، الذكرى الـ104 لتأسيس جيشه الوطني، في ظل تطورات إقليمية متسارعة تُثير مخاوف من انعكاس تداعياتها على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يلتقي المشهداني الجمعة (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يسخر من دعاة التغيير... والمشهداني يدعو إلى تعديلات جذرية

بينما سخر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من الدعوات لتغيير النظام السياسي في البلاد، طالب رئيس البرلمان محمود المشهداني بإجراء تعديلات جذرية في النظام.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز)

السوداني يحمل «الصندوق الأسود» إلى طهران

قالت مصادر عراقية، إن السوداني يحمل إلى طهران ملفات إقليمية وداخلية ساخنة، من بينها ملف حل الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها موقع وزارة الخارجية العراقية للوزيرين العراقي والسوري play-circle 02:33

بغداد تتخذ خطوة «دبلوماسية» للتطبيع مع الوضع السوري الجديد

خطت الحكومة العراقية خطوة أخرى باتجاه تطبيع العلاقات السياسية مع الإدارة الجديدة في سوريا التي أطاحت بنظام بشار الأسد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري خلال المؤتمر الصحافي (حسابه الخاص في فيسبوك)

​انخفاض الجرائم الإرهابية في العراق بنسبة 83 %

أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري خلال مؤتمر صحافي الأحد «انخفاض الجرائم الإرهابية في العراق بنسبة 83 %»

فاضل النشمي (بغداد)

جيل اللجوء السوري في ألمانيا مشتت تجاه العودة

السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
TT

جيل اللجوء السوري في ألمانيا مشتت تجاه العودة

السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)

لم تتوقف فاتورة حكم نظام بشار الأسد في سوريا يوم رحيله عن السلطة؛ إذ لا تزال تداعياتها المُربكة ممتدة حتى خارج البلاد. فالسوريون من أبناء جيل اللجوء الذين بدأوا في الانتقال صغاراً للعيش في ألمانيا قبل سنوات وشبوا مغتربين، مشتتون تجاه قضية عودتهم.

وتحدث شباب سوريون مقيمون في ألمانيا إلى «الشرق الأوسط» عن تعقيدات اجتماعية واقتصادية وعائلية بل ولغوية لدى أبنائهم، تحاصر فكرة رجوعهم إلى بلادهم. واحد من هؤلاء، أنس معضماني، الذي حظي بشهرة واسعة قبل 12 سنة، عندما التقط صورة بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه مع غيره يواجهون قراراً صعباً: «هل نعود إلى سوريا أو نبقى في ألمانيا؟».

ومعضماني، واحد من نحو 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون وفق أوضاع مؤقتة يمكن أن تتغير عندما يستقر الوضع ببلادهم.

ويُفكر معضماني بأن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتتح مشاريع في البلدين. ويضيف كما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكنني أحب ألمانيا، وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».