تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أنقرة لا تتوقع انسحاب روسيا عسكرياً من سوريا

جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)
جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)
جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك، وشدّدت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن بلاده على استعداد لتقديم دعم عسكري للحكومة السورية الجديدة إذا طلبت ذلك، مؤكداً ضرورة منح الفرصة كاملة للحكومة المؤقتة برئاسة محمد البشير، التي شكّلتها «هيئة تحرير الشام» بالتعاون مع فصائل أخرى، شكّلت جميعها قوام قوى المعارضة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق بشار الأسد.

وأكد غولر، في لقاء مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في أنقرة، الأحد، استعرض فيه نشاط القوات المسلحة التركية على مدار العام، أن تركيا تدعم الحل السياسي في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، قائلاً إن «هناك الآن واقعاً جديداً، والإدارة الجديدة التي أطاحت بالأسد أعلنت أنها ستحافظ على المؤسسات، وستحترم قرارات الأمم المتحدة، وستتعاون مع المنظمات الدولية».

وأضاف: ذكروا، على وجه التحديد، أنهم إذا اكتشفوا أسلحة كيماوية، فسوف يقومون بإبلاغ منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بشفافية بالمعلومات التي يحصلون عليها، ونعتقد بأنه من الضروري رؤية ما ستفعله الإدارة الجديدة، ومنحها الفرصة.

هدف تركيا

وتابع: «تركيا لم تشارك في أي أنشطة تقوم بها عناصر محلية في سوريا من قبل أو في أي مرحلة، بالإضافة إلى ذلك، الجيش الوطني السوري (الموالي لتركيا) يتكون من معارضين سوريين، وهو جزء من الحكومة السورية المؤقتة، وهو أمر معترف به بوضوح، وهو قوة دفاع تعمل بأوامر هذه الحكومة التي هي طرف في النزاع بموجب قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي».

وقال أيضاً: «لدينا حالياً اتفاقيات تدريب، وتعاون عسكري مع كثير من الدول، ونحن على استعداد لتقديم الدعم اللازم إذا طلبت الإدارة السورية الجديدة ذلك».

أما عن الوجود العسكري التركي في سوريا، فقال غولر إنه يهدف إلى «منع تقسيم الأراضي السورية، و(منع) إنشاء ممر إرهابي هناك»، وزاد: «هدفنا الرئيس هو حماية سلامة أراضي سوريا ووحدتها، واستكمال العملية السياسية سلمياً، وتطهير حدودنا من العناصر الإرهابية، ومن الممكن مناقشة هذه القضايا، وإعادة تقييمها مع الإدارة الجديدة في سوريا عندما يتم استيفاء الشروط اللازمة».

تركيا ستقيم وجودها العسكري في سوريا على ضوء تنفيذ شروطها بالمرحلة المقبلة (الدفاع التركية)

وشدّد على أن الهدف الرئيس لتركيا في سوريا هو «القضاء على الإرهاب، والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، ومنع التنظيمات الإرهابية من استغلال حالة عدم اليقين في تهديد أمن المنطقة».

إنهاء الوحدات الكردية

وقال وزير الدفاع التركي إنه «من غير الوارد لا للشعب السوري ولا للإدارة الجديدة ولا لتركيا أن نسمح لـ(وحدات حماية الشعب الكردية)، التي تشكل امتداداً لمنظمة (حزب العمال الكردستاني) (تصنفه أنقرة إرهابياً) الإرهابية في سوريا، بأن تعمل أو تجد لنفسها مساحة، وأولويتنا هي تصفيتها».

وأضاف: «على أعضاء الوحدات الكردية، تعد أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الأجانب الذين أتوا من خارج سوريا أن يغادروها، وعلى السوريين من أعضائها أن يتخلوا عن حمل السلاح، ليس أمامهم بديل غير ذلك».

قوات وحدات حماية الشعب الكردية (إعلام تركي)

وتابع وزير الدفاع التركي: «لقد عبّرنا عن ذلك بوضوح لأصدقائنا الأميركيين، ونتوقع منهم أن يعيدوا تقييم مواقفهم».

وقال غولر أيضاً: «ليست لدينا مشكلة مع إخواننا الأكراد الذين يعيشون في سوريا والعراق، إخواننا الأكراد الذين يعيشون في سوريا تعرضوا لضغوط وقسوة المنظمة الإرهابية، التي تختطف أبناءهم وتجندهم في سن مبكرة، وبسبب انزعاج العائلات من هذا الوضع، فإنهم يحاولون إرسال أطفالها إلى بلدان أخرى لإنقاذهم، مشكلتنا هي مع المنظمة الإرهابية، التي تضطهد إخواننا الأكراد».

وأضاف: «قلنا مراراً وتكراراً إننا ملتزمون بالاتفاقيات التي أبرمناها في سوريا (مع أميركا وروسيا)، ويجب على محاورينا أيضاً الالتزام بها، ويجب جمع الأسلحة الثقيلة التي في أيدي التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية)».

ورأى أن «كثيراً من الأسلحة التي قدمتها لهم (يقصد الوحدات الكردية) أميركا بدعوى التعاون في الحرب على (تنظيم داعش) الإرهابي، استخدمت في صراعات، أو وقعت في أيدي مجموعات مختلفة، وتم نقل بعضها إلى شمال العراق».

وتابع: «كان للولايات المتحدة موقف معين في سوريا حتى الآن، لكن البيئة تغيّرت، الآن على الجميع أن يتقبلوا الواقع الناشئ في البلاد، سواء أرادوا ذلك أم لا».

قوات أميركية تدرب عناصر من «قسد» في شمال سوريا (إعلام تركي)

وأشار غولر إلى أن دير الزور، وهي من مصادر الدخل الرئيسة لوحدات حماية الشعب ومنطقة النفط الرئيسة، أصبحت تحت سيطرة فصائل المعارضة، وحالياً تُحرم من هذا المصدر. وشرح: «في الواقع تم ضرب المنشآت التي توفر الموارد للإرهابيين في شمال سوريا في العمليات التي نفذتها القوات التركية بعد الهجوم الإرهابي على شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) في أنقرة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

وعدّ وزير الدفاع التركي، أن الرسالة التي وجهها قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، التي قال فيها: «لن يرفرف أي علم غير العلم السوري الجديد في المناطق التي نوجد فيها في سوريا»، ما هي إلا «محاولة من التنظيم الإرهابي لإنقاذ نفسه في العصر الجديد في سوريا»، وفق تقييم الوزير التركي.

لكن عبدي قال عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إن «قسد» ترحب بـ«البيان الختامي لقمة العقبة لوزراء خارجية لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا»، مشيداً بـ«الدور العربي الفعّال في إخراج سوريا إلى بر الأمان».

وأكد عبدي على «ضرورة وقف العمليات العسكرية، وفقاً لما ورد في البيان الختامي، على كامل الأراضي السورية، في خطوة أساسية لتمهيد الطريق نحو حوار بنّاء يؤدي إلى بناء سوريا جديدة»، مشدداً على أن «استقرار سوريا يبدأ بإشراك جميع الأطراف، وضمان وحدة أراضيها، مما يمهّد الطريق نحو سلام مستدام».

وأكد غولر أنه ليست هناك أدلة على أي نشاط واضح لـ«تنظيم داعش» الإرهابي في سوريا حالياً، ومنذ 3 سنوات سابقة، مضيفاً: «قلنا لأميركا أوقفوا العمل مع التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية)، ودعونا نقاتل معاً من خلال 3 ألوية من قوات الكوماندوز عرضنا تعيينها، وأخبرناهم أنه يمكننا أيضاً السيطرة على مخيم الهول، حيث يُحتجز الآلاف من إرهابيي (داعش) وعائلاتهم، وعلى الرغم من ذلك، ظل أصدقاؤنا الأميركيون صامتين وتعاونوا مع الوحدات الكردية بزعم التعاون في القتال ضد (داعش)».

وأضاف: «لقد أكدنا دائماً أنه لا يمكن استخدام تنظيم إرهابي لمحاربة تنظيم إرهابي آخر. هل سمع أحد عن هجمات إرهابيي (داعش) في سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية؟ لا نسمع أو نرى أي شيء عن (داعش) في الوقت الحالي».

روسيا باقية

من ناحية أخرى، استبعد وزير الدفاع التركي انسحاب روسيا من سوريا، قائلاً إنه «لا يوجد مؤشر واضح على أن روسيا ستسحب قواتها بالكامل من سوريا، وقد تأخذ بعض السفن للصيانة والاستبدال، لا أعتقد أنها ستغادر الآن، ستفعل كل ما في وسعها للبقاء، حتى أن مسؤولاً روسياً أعلن أنهم سيواصلون البقاء في سوريا، وأنهم ناقشوا هذه المسألة مع الإدارة الجديدة».

القوات الروسية تعيد تمركزها في سوريا بعد سقوط الأسد (إعلام تركي)

وأضاف أن «روسيا جمعت قواتها بأحجام مختلفة من أماكن مختلفة في سوريا إلى طرطوس واللاذقية، وقلنا إننا نستطيع أن نقدم لها الدعم اللازم في هذه العملية. لكنها لم تطلب منا أي شيء في هذا الصدد، بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، أصبح لكل دولة خطة لعب خاصة بها».

ونفى وزير الدفاع التركي ما تردد عن استخدام بشار الأسد الأجواء التركية عند فراره من سوريا، قائلاً إنها «ادعاءات غير صحيحة».

عودة بطيئة للاجئين

على صعيد آخر، قال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إن 7 آلاف و621 سورياً عادوا إلى بلادهم خلال الفترة من 9 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ما يشير إلى عدم وجود مؤشر على عمليات عودة واسعة.

وأضاف في كلمة خلال مناقشة البرلمان الموازنة الجديدة لوزارته لعام 2025 ليل السبت - الأحد، إن أجهزة الوزارة وإدارة الهجرة تقدم جميع التسهيلات للسوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى بلادهم في ظل الوضع الجديد.

عائلة سورية تغادر تركيا عائدة إلى بلادها (أ.ب)

وكان يرلي كايا أعلن، الاثنين الماضي، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و936 ألف شخص، وخلال اجتماع مع ممثلين لمنظمات غير حكومية تركية وسورية في غازي عنتاب، جنوب تركيا، الأربعاء، قال إن متوسط أعداد السوريين العائدين إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد أصبح 1200 سوري يومياً، بعدما كان يتراوح بين 200 و300 سوري يومياً.

وقال مشاركون في الاجتماع إن السياسة العامة تقوم حالياً على العودة الطوعية والكريمة، مع تسهيل إجراءات العودة. كما تم التأكيد على دور المجتمع المدني، سواء في عملية العودة الطوعية، أو في العمل الذي سيتم تنفيذه داخل سوريا.


مقالات ذات صلة

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

شؤون إقليمية سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا «ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
العالم العربي لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)

اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

أكثر من 40 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وسوريا باتت رهن الإلغاء أو التعديل مع سقوط النظام السوري، إلا أن هذه الخطوة رهن إرادة الحكم الجديد.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري رفع علم المعارضة على مبنى السفارة السورية في بغداد بعد سقوط نظام بشار الأسد 11 ديسمبر الحالي (رويترز)

تحليل إخباري تأثير تطورات سوريا على العراق... تغييرات طفيفة أم تحولات جذرية؟

يتداول العراقيون، على المستويين السياسي والشعبي، إمكانية تأثير التطورات الإقليمية، خصوصاً في سوريا، على العراق، وما قد ينجم عن ذلك من ارتدادات، وتغيرات محتملة.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية إسرائيل تقول إن التهديدات التي تواجهها من سوريا لا تزال قائمة (رويترز)

إسرائيل ترى تهديداً متزايداً من سوريا رغم النبرة المعتدلة لحكامها

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الأحد)، إن التهديدات التي تواجهها إسرائيل من سوريا لا تزال قائمةً رغم النبرة المعتدلة لقادة قوات المعارضة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

سوريون في فرنسا يخشون فقدان صفة اللاجئ حالَ زاروا بلدهم

طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)
طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)
TT

سوريون في فرنسا يخشون فقدان صفة اللاجئ حالَ زاروا بلدهم

طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)
طائرات متوقفة تظهر من نافذة طائرة أخرى خلال تأهيل مطار دمشق لإعادته للعمل (رويترز)

يريد الكثير من السوريين المقيمين في فرنسا زيارة بلدهم، ولو لفترة قصيرة للقاء أحبائهم، أو للبحث عن أقرباء مفقودين، لكنهم يخشون أن تسحب منهم صفة اللاجئ، وفق ما حذّرت منظمة متخصصة، الأحد.

ويستفيد نحو 45 ألف سوري من وضع اللاجئ السياسي في فرنسا، كثر منهم فروا من وطنهم بعيد بدء الانتفاضة ضد بشار الأسد عام 2011، وفق المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا).

وقال ميشال مورزيير، الرئيس الفخري لمنظمة «ريفيفر» التي تستضيف لاجئين سوريين في فرنسا منذ عام 2004، إن العديد منهم يواجهون معضلة منذ سقوط نظام بشار الأسد إثر هجوم شنه تحالف من الفصائل المعارضة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد مورزيير، على هامش تظاهرة ضمت ما يزيد قليلاً عن 200 سوري ومؤيد لهم، الأحد، في باريس، «يحتاج البعض للذهاب لرؤية أسرهم، فهم لم يقبّلوا والديهم منذ أكثر من عشر سنوات، ويريد البعض الآخر الحصول على أخبار عن أحبائهم المفقودين، والاطلاع على القوائم، وهم متشوقون للذهاب».

وتابع: «لكن إذا التزمنا بالقانون الحالي، فإن اللاجئ الذي يعود إلى بلده الأصلي بعد أن طلب اللجوء في فرنسا لم يعد يحق له الحصول على الصفة عند عودته».

وتطالب منظمة «ريفيفر»، السلطات الفرنسية، «بتقديم التزام أخلاقي وإنساني بالقول إن اللاجئين السوريين يمكنهم الذهاب إلى سوريا من دون أن تكون هناك أي مشاكل عند عودتهم إلى فرنسا».

وقررت عدة دول أوروبية، من بينها ألمانيا والنمسا وبريطانيا، تجميد إجراءات طلب اللجوء للمواطنين السوريين منذ سقوط بشار الأسد.

وأودت الحرب في سوريا بحياة نصف مليون شخص منذ عام 2011، وشردت ملايين آخرين وقسمت البلد إلى عدة مناطق نفوذ، مع دعم قوى أجنبية فصائل مسلحة مختلفة.