أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)
سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)
TT

أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)
سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

تكاد لا تعرف ريان عساني شيئاً تقريباً عن سوريا التي لم تنشأ فيها، ولكن في غضون دقائق ستعبر بوابة جيلفي غوزو الحدودية مع والديها باتجاه بلادها التي شهدت سقوط حكم بشار الأسد، الأحد.

بصوت يُسمع بصعوبة، تقول الفتاة ذات الأعوام الثمانية والشعر الأسود الطويل: «سيكون الأمر رائعاً»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

الطفلة السورية ريان عساني البالغة من العمر 8 سنوات تنتظر مع أمتعتها لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في قضاء الريحانية في هاتاي بتركيا في 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وتعترف شقيقتها الكبرى مروة (17 عاماً) بأنّها «بكت كثيراً»، الأربعاء، في الحافلة أثناء مغادرة إسطنبول التي لجأت عائلتها إليها في عام 2012 هرباً من الحرب.

من مسافة أمتار قليلة، يحمل رجل ابنه الصغير بين ذراعيه، وقد لفّه بالعلم التركي، بينما تغطّي الشوكولاته فمه.

ومِثْل كثير من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 3 ملايين شخص على الأراضي التركية، سارع الأب مع زوجته وابنه للعودة إلى دمشق التي يتحدّر منها، ويقول: «نريد أن نشكر تركيا على استقبالنا».

لاجئون سوريون يعيشون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي بالريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

«قُبلة على الخد»

في الطابور الطويل الذي تشكَّل منذ الفجر، تقف مؤمنة حامد مرتدية معطفاً أسود ووشاحاً وردياً بينما تراقب توأميها حسام ووائل (6 أعوام).

يعرب وائل عن أمله في أن تكون هناك قطط في حماة، ويقول: «سوريا أكبر من إسطنبول».

وبينما ينظر إلى والدته، يضيف أنّ أكثر ما سيفتقده في إسطنبول: «أصدقائي... ومعلّمتي».

من جهته، يقول شقيقه حسام إنّه سيفتقد صديقته، ويعترف لوالدته بأنّها «أعطته قبلة على الخد»، بينما كانت تودّعه.

سورية مقيمة في تركيا تحتضن طفلها بانتظار الدخول إلى سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

«كتاب اللغة التركية»

كذلك، حضرت عائلة الخضر إلى المعبر وهدفها الوصول إلى إدلب التي تبعد 40 دقيقة بالسيارة.

وتقول ليلى (12 عاماً) التي تضع قبعة تغطّي أذنيها: «سيكون الأمر أفضل من تركيا»، رغم أنّها تبدو كما لو أنّها لا تصدّق ذلك كثيراً، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

لا تعرف الفتاة التي تجرّ وراءها حقيبة سوداء كبيرة وقديمة، كيف ستكون سوريا بعدما تركتها مع والدتها ندى عندما كانت في الشهر السادس من عمرها.

ترتدي شقيقتاها الصغيرتان حذاءين باللون الوردي رغم الشتاء القارس. وفيما لا تحمل أيّ منهن ألعاباً، تقول الأم: «والدهما سيحضر الألعاب لهما عندما ينضم إلينا بعد بضعة أشهر إن شاء الله... في الوقت الحالي، لا يزال يعمل في تركيا».

الطفلة السورية ليلى 12 عاماً تنتظر مع أمتعتها لدخول سوريا للعودة إلى إدلب من تركيا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في منطقة الريحانية بهاتاي بتركيا في 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

توضح ليلى بخجل أنّها تحمل في حقيبتها «كتاب اللغة التركية». وتقول الأم إنها تحمل أيضاً «مصحفاً شريفاً».

وتقول ليلى التي لا تعرف متى تبدأ المدرسة تحديداً في سوريا، إنّها «تقرأ العربية قليلاً».

قبل مغادرتها، لم تخبر هذه الأخيرة أصدقاءها في إسطنبول بأنّ، الأربعاء، هو يومها الأخير في المدينة، وتقول: «كنت حزينة جداً، ولكنني لم أرِد أن يحزنوا أيضاً».


مقالات ذات صلة

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

العالم العربي الشرع وميقاتي (أ.ف.ب)

اجتماع لبناني - سوري يبحث ملفات مشتركة ويخرق جمود العلاقات

انتظر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، انتخاب رئيس جديد للبنان قبل تلبية دعوة قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لزيارة سوريا.

المشرق العربي أحد عناصر فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا يشاهد من بعيد الدخان المتصاعد نتيجة القصف في محيط سد تشرين (أ.ف.ب)

تركيا تتحدث عن «ضربة قاضية» يواجهها المسلحون الأكراد في سوريا

أكدت تركيا عزمها الاستمرار في عملياتها ضد المسلحين الأكراد بسوريا، في الوقت الذي عبّرت فيه أميركا عن تفهمها لمخاوفها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة وزعتها السلطات السورية الجديدة لعناصر يُزعم أنهم من تنظيم «داعش» اعتُقلوا بتهمة التخطيط لتنفيذ تفجير في السيدة زينب

أول ظهور لـ«داعش» في دمشق منذ سقوط الأسد

في تطور أمني يُعد الأول من نوعه منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، أعلنت دمشق إحباط محاولة لتنظيم «داعش» لتفجير مقام السيدة زينب جنوب العاصمة السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا صورة ملتقطة من الجو تُظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين يشق طريقه نحو إنجلترا عبر القناة الإنجليزية (رويترز)

مهاجر سوري أول ضحية لعبور المانش في 2025

قضى مهاجر سوري شاب خلال محاولته عبور المانش ليل الجمعة -السبت «في أول وفاة في البحر خلال 2025» بين فرنسا وإنجلترا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول واتحاد البلديات في تركيا (من حسابه في «إكس»)

إمام أوغلو ينتقد تعليق زيارة له إلى العاصمة السورية

انتقد رئيس اتحاد البلديات التركية، رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، إلغاء زيارة كان مقرراً أن يقوم بها ووفد من الاتحاد إلى دمشق، الأحد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«أونروا» تنقل سجلات ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى مكان آمن

فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

«أونروا» تنقل سجلات ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى مكان آمن

فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

نقلت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الملفات الخاصة بملايين اللاجئين إلى «مكان آمن» قبل نحو أسبوعين من دخول القرار الإسرائيلي بحظرها حيز التنفيذ.

وقال المفوض العام لـ«الأونروا»، فيليب لازاريني، إنه تم حفظ سجلات عائلات لاجئي فلسطين وأرشفتها على مدار الـ75 عاماً الماضية. وأضاف في منشور على منصة «اكس» أنه بفضل فِرق «(الأونروا)، تم نقل آلاف الملفات الأرشيفية من قطاع غزة والضفة الغربية إلى مكان آمن وتحويلها إلى ملفات رقمية».

وأكد لازاريني أن الحفاظ على هذه الملفات أمر جوهري لحماية حقوق لاجئي فلسطين بموجب القانون الدولي. وقال إن «الأونروا» هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم.

المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني أكد أن الوكالة «هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم» (د.ب.أ)

وطالب لازاريني بمعالجة محنة لاجئي فلسطين بشكل نهائي، عبر حل دبلوماسي سلمي ينهي الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

وجاءت خطوة «الأونروا» فيما تواجه مصيراً مجهولاً مع إصرار إسرائيل على المضي قدماً في تطبيق القانون الذي أقره «الكنيست» في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويحظر بشكل نهائي نشاط «الأونروا» في إسرائيل. وينصّ القانون على «ألا تقوم (أونروا) بتشغيل أي مكتب تمثيليّ، ولن تقدم أيّ خدمة، ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في أراضي دولة إسرائيل».

وبموجب القانون، تُلغى اتفاقية عام 1967 التي سمحت لـ«الأونروا» بالعمل في إسرائيل، ويحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها. ويعني القرار بشكل حاسم وقف عمليات «الأونروا» في القدس الشرقية، حيث تقدم خدمات التعليم والصحة والخدمات المدنية لمئات الآلاف من الفلسطينيين، ومن شأنه أن يحد بشدة من أنشطة «الأونروا» في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث تعتمد الوكالة على التنسيق مع إسرائيل لتقديم المساعدات الإنسانية وغيرها من الخدمات.

جنود إسرائيليون يقتحمون مقر «الأونروا» في غزة 8 فبراير 2024 (أ.ب)

ولا يعرف إلى أي حدّ يمكن أن تذهب إسرائيل في محاصرة «أونروا»، لكن من دون التنسيق معها، سيكون من المستحيل تقريباً على «الأونروا» العمل في غزة أو الضفة الغربية؛ لأن إسرائيل لن تصدر تصاريح الدخول لموظفي «أونروا» إلى تلك الأراضي، ولن تسمح بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي لإدخال مساعدات، وربما تمنع إدخال الأدوية، وكذلك تحويل الأموال التي تسمح لـ«الأونروا» بدفع رواتب موظفيها وتمويل عملياتها. ويعني ذلك حرمان ملايين الفلسطينيين من خدمات التعليم والرعاية الصحية والمساعدات، وهو أمر تدرك خطورته الوكالة، التي قالت إن الوقت يمر بسرعة.

وبداية الأسبوع الماضي، أكدت «الأونروا» أن الأمم المتحدة لا تخطط لاستبدال الوكالة في الأراضي الفلسطينية، حتى لو تم حظرها بشكل نهائي.

ومبدئياً تخطط «أونروا» للبقاء في الضفة وقطاع غزة حتى تتضح الصورة. وقال لازاريني في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» إنه «من الصعب جداً وصف ذلك، ما يمكن أن يحدث هو أن جميع الموظفين الدوليين سيضطرون إلى مغادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ أي غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية، ولكن اليوم التالي في المدارس والمراكز الصحية يمكن أن يستمر العمل فيه مع الكوادر الفلسطينية المؤهلة من معلمين وممرضين وأطباء».

وأغلب الظن أن حسم مصير «أونروا» سيكون بيد الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترمب.

موظف تابع لمنظمة «أونروا» خلال توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أرشيفية - أونروا)

وقال مصدر في الوكالة الدولية لـ«الشرق الأوسط» إن «أونروا» تنتظر كيف ستتصرف إسرائيل مع موظفيها الدوليين، وماذا بالنسبة لتوريد الأدوية وتحويل الأموال. وأضاف: «نعتقد أن الأمور ستكون صعبة للغاية، وربما يكون الأمر بيد الرئيس ترمب، قراراته ستساهم كثيراً في حسم المسألة».

وكان ترمب أوقف عام 2017 تمويل الوكالة وعدّها فاسدة وغير مفيدة للسلام، رافضاً أرقام اللاجئين المسجلين لديها، قبل أن تستأنف إدارة الرئيس جو بايدن تمويل الوكالة، ثم تقوم في يناير (كانون الثاني) الماضي بتجميد أي مساهمة للوكالة حتى مارس (آذار) 2025، بعد اتهامات إسرائيلية لبعض موظفيها بأنهم شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر 2023.

ومع عودة ترمب إلى السلطة، سيكون عليه اتخاذ قرار بدعم قرار إسرائيل ووقف التمويل عن «أونروا»، أو استئناف تمويل الوكالة.

وحذرت الخارجية الأميركية فريق ترمب من أنه لا يوجد بديل للوكالة في قطاع غزة، ورغم ذلك لا يوجد أي مؤشرات حتى الآن على إمكانية أن يغير ترمب موقفه القديم.

وتقدم «أونروا» خدمات منقذة للحياة لنحو 5.9 مليون لاجئ من فلسطين في 58 مخيماً بأقاليم عملياتها الخمسة، التي تشمل الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح. وأخلت «أونروا» مقرها في القدس، وتواجه تعقيدات كبيرة في قطاع غزة اليوم، ولكنها تواصل عملها في الضفة الغربية حتى الآن.