الفصائل المسلحة السورية: لا نشكّل تهديداً لأمن العراق

خلال رسالة وجّهتها إلى بغداد

السوداني يترأس اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني الاثنين (رئاسة الوزراء)
السوداني يترأس اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني الاثنين (رئاسة الوزراء)
TT

الفصائل المسلحة السورية: لا نشكّل تهديداً لأمن العراق

السوداني يترأس اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني الاثنين (رئاسة الوزراء)
السوداني يترأس اجتماعاً طارئاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني الاثنين (رئاسة الوزراء)

في تطور لافت بشأن الأزمة السورية وإمكانية انعكاس تداعياتها على العراق، وجّهت ما تُسمى «حكومة الإنقاذ السورية»، وهي الموجودة في منطقة «هيئة تحرير الشام» التي تمكّنت من السيطرة على محافظة حلب السورية، رسالة تطمين إلى الحكومة والشعب العراقيين، تتعهّد فيها بأن تحرّكها داخل الأراضي السورية لا يشكّل تهديداً لأمن بغداد. وكانت توجد مخاوف لدى بعض الأطراف في العراق من أن يتكرّر هجوم مثلما حدث في يونيو (حزيران) 2014، حين اخترقت الجماعات المسلحة وتنظيم «داعش» الحدود من سوريا، واحتلت نحو ثلث الأراضي العراقية، بعد عبور معظم تلك الجماعات من الأراضي السورية.

وبينما أدانت الحكومة العراقية الأعمال التي قامت بها الجماعات المسلحة السورية، معلنة تضامنها مع دمشق، يأتي بيان «حكومة الإنقاذ»، ليزيد من الأسئلة المطروحة أصلاً في الساحة العراقية حول المخاطر التي يمكن أن يتعرّض لها العراق في حال مواصلة الجماعات المسلحة في سوريا صعودها الجديد، أو إذا ما كانت مهتمة فعلاً بشأنها السوري ولا تمثل تهديداً لدول الجوار.

ويستبعد معظم المراقبين صدور «إشارة إيجابية» من بغداد حيال الرسالة؛ لأن الحكومة ومعظم القوى السياسية العراقية تنظر بارتياب شديد إلى الجماعات «المتطرفة»، وتحمل موقفاً معادياً، خصوصاً تلك التي كانت مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش». وكذلك تنظر إليها بوصفها تهديداً مباشراً للنظام السياسي الذي تهيمن عليه القوى الشيعية في العراق، وأيضاً تنظر قطاعات شعبية عراقية واسعة إلى تلك الجماعات بوصفها «جماعات إرهابية تتحرك وفق أجندة إقليمية وطائفية، نظراً إلى التجارب المريرة التي خاضها العراق معها خلال العقدين الأخيرين، والهجمات التي نفذتها تلك الجماعات ضد المدنيين في الأسواق والساحات العامة. وبلغت ذروتها بعد صعود (داعش) عام 2014»، حسب عدد من السياسيين العراقيين.

وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي خلال تفقده حدود بلاده مع سوريا 15 نوفمبر 2024 (قناته على تطبيق «تلغرام»)

ويرجح بعض هؤلاء أن الفصائل السورية تسعى إلى «تحييد» العراق الرسمي في معركتها ضد الجيش السوري، خصوصاً مع وجود فصائل مسلحة عراقية عديدة تقاتل منذ سنوات إلى جانب الحكومة السورية.

من جانبه، أجرى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، خلال الأيام القليلة الماضية، سلسلة اتصالات مع العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، والرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني مسعود بزشكيان، شدّد خلالها على الوقوف إلى جانب سوريا، مؤكداً أن «الأمن والاستقرار في سوريا يمثلان أهمية لا يمكن التهاون معها».

كما عقد المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، الذي يرأسه السوداني، يوم الأحد، اجتماعاً طارئاً بحث مجمل الأوضاع الأمنية والمستجدات في المنطقة، خصوصاً ما يتعلّق بأحداث سوريا. واستمع القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء إلى «شرح مفصل من قِبل قائد قوات الحدود، عن الأوضاع والتحصينات على الشريط الحدودي العراقي السوري». وشدد على «الاستمرار في متابعة تأمين الحدود وتكثيف الجهد الاستخباري والمعلوماتي، ورصد التحركات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية داخل الأراضي السورية».

وفي مقابل التخوّف الذي تبديه بعض الاتجاهات والقوى السياسية العراقية من إمكانية تكرار سيناريو 2014، ودخول الجماعات المسلحة إلى البلاد، يؤكد معظم المصادر الرسمية العراقية، وكذلك ترجيحات المراقبين، على قدرة القوات العراقية على صد أي محاولة لتغول الفصائل المسلحة من الجانب السوري. وتستند تلك الترجيحات والتأكيدات إلى قوة التحصينات التي أقامتها القوات العراقية على الحدود مع سوريا والمتمثلة بإنجاز مسافات طويلة من الجدار العازل، إلى جانب زرع أجهزة السيطرة والتحكم وكاميرات المراقبة على طول الحدود. بالإضافة إلى المسافات البعيدة التي تُقدّر بنحو 400 كيلومتر بين العراق والجماعات السورية المسلحة التي سيطرت على محافظة حلب.


مقالات ذات صلة

السوداني: أبعدنا العراق عن العدوان والاحتراق بنار حرب أرادوها لبلدان المنطقة

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بغداد بالعراق في 9 يناير 2024 (رويترز)

السوداني: أبعدنا العراق عن العدوان والاحتراق بنار حرب أرادوها لبلدان المنطقة

قال السوداني رئيس حكومة العراق إن «سياسة الحكومة المتوازنة حصنت العراق، وأبعدت عنه شبح العدوان والاحتراق بنار حرب أرادوها أن تحرق جميع بلدان المنطقة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (رويترز)

بغداد تدرس خطوة رسمية إزاء دمشق... والمالكي يحذر من «السيناريو السوري»

تدرس الحكومة العراقية قيام وزير الخارجية بزيارة رسمية إلى دمشق، في ظل سجال حول الانفتاح مع الإدارة الجديدة في سوريا.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات أمنية وعسكرية (رئاسة الوزراء)

العراق يعلن اعتقال «خلية إعدام» معارضي صدام حسين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الجمعة، أن الأجهزة الأمنية تمكَّنت من القبض على خلية ضباط كانت قد نفَّذت إعدام المرجع الديني محمد باقر الصدر.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني خلال استقباله ممثلين عن كبرى الشركات المصرية أثناء زيارته الرسمية إلى مصر أغسطس 2024 (الحكومة العراقية)

بغداد والقاهرة لتوقيع مذكرات تفاهم عن الأمن والاستثمار

من المقرر أن يصل رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى العاصمة العراقية بغداد الأربعاء للتوقيع على 11 مذكرة تفاهم تشمل الاستثمار والأمن ومكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي محطة بيجي الغازية للكهرباء في العراق (الموقع الإلكتروني لوزارة الكهرباء العراقية)

«الكهرباء العراقية»: إطلاق مشاريع إنتاج جديدة بطاقة 15 ألف ميغاواط

أعلن وزير الكهرباء زياد علي فاضل، الاثنين، إطلاق مشاريع المحطات البخارية، وعزم وزارته تنفيذ مشاريع لإنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية.

فاضل النشمي (بغداد)

سكان من غزة رداً على ترمب: «جحيم أكثر من الموجود لدينا؟»

صبية يتسلقون سيارة محملة بالأمتعة تتحرك على طول طريق في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبية يتسلقون سيارة محملة بالأمتعة تتحرك على طول طريق في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

سكان من غزة رداً على ترمب: «جحيم أكثر من الموجود لدينا؟»

صبية يتسلقون سيارة محملة بالأمتعة تتحرك على طول طريق في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبية يتسلقون سيارة محملة بالأمتعة تتحرك على طول طريق في غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

بعد تدمير منزله في غزة خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي، كان شعبان شقليه ينوي اصطحاب عائلته في رحلة إلى مصر بمجرد تثبيت وقف إطلاق النار بين حركة «حماس» وإسرائيل.

لكنه غيَّر رأيه بعد أن أعلن دونالد ترمب خططاً لإخراج سكان القطاع وإعادة تطويره، وهي الخطط التي قال الرئيس الأميركي، أمس، إنها لا تعطيهم حق العودة.

وأصبح حي تل الهوا في مدينة غزة، حيث كانت توجد العشرات من المباني متعددة الطوابق التي تم بناؤها حديثاً، مهجوراً إلى حد كبير. ولم تعد هناك مياه جارية أو كهرباء. وكما هي حال معظم المباني هناك، دُمِّر منزل شقليه.

وقال شقليه (47 عاماً) لـ«رويترز» عبر تطبيق للدردشة: «لقد ارتعبنا من الدمار والنزوح المتكرر والموت، وكنت مستعداً للرحيل لدولة ثانية؛ من أجل مستقبل آمن وأفضل لأولادي».

وتابع بالقول: «لكن بعد تصريحات ترمب ألغيت من حياتي فكرة الخروج من الوطن؛ خوفاً من عدم الرجوع».

وبموجب خطة ترمب ستتم إعادة توطين سكان القطاع، البالغ عددهم نحو 2.2 مليون فلسطيني خارج غزة، وستسيطر الولايات المتحدة على القطاع المُدمَّر وتمتلكه؛ لتقوم بتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».

وقال شقليه: «فكرة أن أبيع بيتي لشركات أجنبية مقابل الخروج وعدم الرجوع للوطن مرفوضة تماماً، وأنا متمسك جداً بوطني وأرضي». ويبحث شقليه الآن عن مأوى في مدينة غزة. وقال: «قصيت شعري لأول مرة بجانب ركام بيتي يا سيادة الرئيس (ترمب)».

وظلت القيادة الفلسطينية بأجيالها المتعاقبة تنظر لأي مقترح لخروج الفلسطينيين من غزة، التي يريدون أن تكون جزءاً من دولتهم المستقلة، بوصفه أمراً مستهجناً. كما ترفضه دول الجوار العربية منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كان الرئيس الأميركي قد طرح، بعد وقت قصير من توليه منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، فكرة سيطرة الولايات المتحدة على غزة، والانخراط في جهود ضخمة لإعادة الإعمار.

ولم يكشف بيانه عن مستقبل الفلسطينيين الذين تعرَّضوا لحملة عسكرية إسرائيلية كبيرة على مدار 15 شهراً.

ولم يتضح بموجب أي سلطة ستطالب الولايات المتحدة بالسيطرة على غزة. وأثار إعلان ترمب انتقادات فورية من دول عدة.