عمّان والدوحة تدعوان إلى إنهاء «الكارثة الإنسانية غير المسبوقة» في شمال غزة

طالبتا بـ«دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة» على خطوط الرابع من يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية

فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)
TT

عمّان والدوحة تدعوان إلى إنهاء «الكارثة الإنسانية غير المسبوقة» في شمال غزة

فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)
فلسطينيون ينزحون من شمال قطاع غزة وسط تصاعد الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)

دعا وزيرا خارجية الأردن وقطر، الأحد، المجتمع الدولي إلى اتخاذ «خطوات فورية لإنهاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة» في شمال قطاع غزة حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن المجاعة تلوح في الأفق.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية إن الوزيرين أيمن الصفدي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي يزور عمّان، بحثا «استمرار التعاون في إيصال المساعدات إلى غزة»، وأكدا «ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات فورية لإنهاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في شمال غزة نتيجة عدم سماح إسرائيل بدخول المساعدات إليها».

كما أكدا «استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ورفض أي محاولة للانتقاص من دورها».

وأكد الوزيران «استمرار العمل المشترك لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإنهاء الكارثة الإنسانية».

وأدت الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عقب هجوم غير مسبوق للحركة على جنوب إسرائيل، إلى دمار واسع في القطاع الفلسطيني المحاصر، وأزمة إنسانية كارثية تطال الغالبية العظمى من سكانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وأسفر الهجوم عن مقتل 1206 أشخاص غالبيتهم من المدنيين، وفق أرقام رسمية إسرائيلية. وتشمل هذه الحصيلة مَن لقوا حتفهم أو قُتِلوا خلال احتجازهم في قطاع غزة. وخلال الهجوم، خُطف 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.

وتردّ إسرائيل مذذاك بقصف مدمّر وعمليات برّية في قطاع غزة؛ ما أسفر عن مقتل 43 ألفاً و846 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وينفّذ الجيش الإسرائيلي منذ السادس من أكتوبر هجوماً جوياً وبرياً في شمال غزة، خصوصاً في مناطق جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، قائلاً إن الغرض منه منع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم.

ورأى الوزيران الأردني والقطري أن «تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس (حل الدولتين)، هو السبيل الوحيدة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».

كما أكدا، وفق البيان، «وقوف المملكة وقطر إلى جانب لبنان الشقيق وأمنه وسيادته واستقراره وسلامة مواطنيه، وضرورة التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار».

وكثّفت الدولة العبرية اعتباراً من 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها على معاقل «حزب الله» في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية «محدودة».


مقالات ذات صلة

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيلتقي ترمب في الولايات المتحدة الاثنين

الولايات المتحدة​ ترمب يستقبل نتنياهو وزوجته سارة عند المدخل الجنوبي للبيت الأبيض 7 يوليو 2025 (د.ب.أ)

مسؤول إسرائيلي: نتنياهو سيلتقي ترمب في الولايات المتحدة الاثنين

يتوجّه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، غداً الأحد، ويلتقي الرئيس دونالد ترمب في فلوريدا خلال اليوم التالي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دونالد ترمب يستقبل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

تقارير إسرائيلية تكشف عن موافقة 3 دول على المشاركة في «قوة غزة»

كشفت إحاطات قدمت في اجتماع المجلس الوزاري السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر «الكابنيت»، خلال آخر اجتماع عقد مساء الخميس الماضي، قبيل مغادرة رئيس الوزراء…

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

خاص نتنياهو يمضي رأس السنة في أميركا... متجنباً إغضاب ترمب

يلتقي الرئيس ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الـ5 منذ بدء ولايته الثانية، علماً بأن ترمب هو خامس الرؤساء الأميركيين ممن يلتقون نتنياهو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

مستشفى العودة في غزة يعلّق معظم خدماته بسبب نقص الوقود

أعلن مستشفى العودة في النصيرات وسط قطاع غزة تعليق معظم خدماته «مؤقتاً» بسبب نقص الوقود، مع الإبقاء على الخدمات الأساسية فقط، مثل قسم الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين بغزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تحذيرات مصرية من عرقلة «مسار اتفاق غزة» وتجزئة الإعمار

تتواصل جهود الوسطاء للدفع بالمرحلة الثانية في اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط مخاوف وتحذيرات مصرية

محمد محمود (القاهرة )

إسرائيل تحاصر مناطق بالضفة عقب هجمات جديدة

جنديان إسرائيليان خلال عملية في بلدة قباطية جنوب جنين السبت (أ.ب)
جنديان إسرائيليان خلال عملية في بلدة قباطية جنوب جنين السبت (أ.ب)
TT

إسرائيل تحاصر مناطق بالضفة عقب هجمات جديدة

جنديان إسرائيليان خلال عملية في بلدة قباطية جنوب جنين السبت (أ.ب)
جنديان إسرائيليان خلال عملية في بلدة قباطية جنوب جنين السبت (أ.ب)

فرضت القوات الإسرائيلية، حصاراً خانقاً على قرى وبلدات في مدن عدة من الضفة الغربية، بعد هجوم نفَّذه فلسطيني شمال إسرائيل، وآخر وقع قرب رام الله، وسط استمرار لحملات الاعتقال اليومية والاعتداءات من قبل المستوطنين في مناطق مختلفة.

وقبيل الهجمات الأخيرة، التي نُفِّذت من قبل فلسطينيين، لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية؛ ما تسبب بمقتل كثير من الفلسطينيين في ظروف مختلفة مع استمرار الاقتحامات والمداهمات وغيرها.

وفي أعقاب الهجوم الذي وقع في مدينة بيسان قرب العفولة شمال إسرائيل، ظهر الجمعة، والذي أدى لمقتل إسرائيليين، فرضت القوات الإسرائيلية حصاراً مشدداً على بلدة قباطية جنوب جنين، التي خرج منها منفذ العملية.

عوائق تسد طريقاً خلال عملية عسكرية إسرائيلية في بلدة قباطية جنوب جنين السبت (أ.ب)

وداهمت القوات الإسرائيلية عشرات المنازل في البلدة ومحيطها، واعتقلت كثيراً من الفلسطينيين، وأخضعتهم لتحقيق ميداني، في حين نقلت آخرين لمراكز احتجاز قريبة، وكان من بين المعتقلين عائلة مُنفِّذ الهجوم أحمد أبو الرب، وأصدقاؤه، ومَن يشتبه في علاقة له بالهجوم. وحولت منازل لثكنات عسكرية بعد أن احتجزت سكانها في بعض غرفها، بينما أجبرت آخرين على مغادرتها بالكامل والنزوح منها إلى أطراف البلدة، وسط عمليات تجريف واسعة للشوارع والبنية التحتية، وإغلاق معظم المداخل الفرعية للبلدة بالسواتر الترابية.

وتزامن ذلك مع فرض حصار مشدد آخر على نحو 10 قرى وبلدات تقع شمال غربي رام الله وسط الضفة الغربية، وذلك بدعوى إطلاق نار من قبل مسلح فلسطيني اتجاه السياج الأمني قرب حاجز حشمونائيم على بعد 700 متر من مستوطنة موديعين عيليت، دون أن تقع إصابات.

وأغلقت تلك القوات، البوابة الرئيسية لمدخل قرية نعلين، ومنعت المواطنين والمركبات من الدخول أو الخروج، كما تم إغلاق البوابة المؤدية إلى قرية خربثا بني حارث، واتخذت إجراءات مشددة خلال تحركات المواطنين، بينما أغلقت حاجز عطارة العسكري، الأمر الذي تسبب بأزمة مرورية خانقة، حرمت الفلسطينيين من الوصول إلى قرى وبلدات عدة واقعة شمال غربي وغرب رام الله.

وفقاً لتقرير صادر عن «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن العدد الإجمالي للحواجز الدائمة والمؤقتة التي تقسِّم الأراضي الفلسطينية بلغ ما مجموعه 916 ما بين حاجز عسكري وبوابة، منها 243 بوابة حديدية نصبت بعد السابع من أكتوبر 2023.

قوة إسرائيلية خلال عملية في بلدة قباطية جنوب جنين السبت (أ.ب)

ورغم أنه تبين لاحقاً، كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن ما جرى قرب رام الله، ليس هجوماً على خلفية قومية، وإنما كان «عملية صيد» للطيور بالمنطقة من قبل فلسطيني، فإن القوات الإسرائيلية واصلت فرض حصارها على المنطقة؛ للبحث عن «الصياد»؛ بهدف مصادرة سلاحه والتحقيق معه، وهو ما أعلنه الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق.

وتزامن ذلك، مع استمرار حملات الاعتقال اليومية في مناطق متفرقة بالضفة، حيث اعتُقل ما لا يقل عن 14 فلسطينياً، غالبيتهم من الخليل، ومن بينهم سيدة وطفل، ودون أن يتم احتساب المعتقلين من بلدة قباطية التي تتعرَّض لعملية منذ مساء الجمعة بعد الهجوم الذي وقع شمال إسرائيل على يد أحد سكان البلدة.

في حين تواصلت اعتداءات المستوطنين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وهاجم مستوطنون، مركبات فلسطينية عند مدخل بلدة بلعين غرب رام الله، ما تسبب بأضرار مادية. بينما أُصيب فلسطيني في اعتداء آخر من قبل المستوطنين في أراضي خربة يانون التابعة لأراضي عقربا جنوب نابلس.

وبحسب «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، فقد نفَّذت قوات الاحتلال والمستعمرون 2144 اعتداء خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تركَّزت غالبيتها في محافظات: رام الله والبيرة بـ360 اعتداء، والخليل بـ348، وبيت لحم بـ342، ونابلس بـ334.


العراق يدخل عام 2026 مثقلاً بأزمات متداخلة

صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)
صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)
TT

العراق يدخل عام 2026 مثقلاً بأزمات متداخلة

صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)
صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)

يعيد العراق تدوير أزمات متداخلة مع بداية عام 2026، في مقدمتها تأخر دفع رواتب نحو 8 ملايين موظف ومتقاعد، وتعثر تشكيل حكومة جديدة، وعودة الجدل الحاد حول تحويل محافظة البصرة الغنية بالنفط إلى إقليم، في مشهد يعكس عمق الاختلال السياسي والمالي في البلاد.

ومع اقتراب نهاية عام 2025، لم يتسلم موظفو الدولة رواتبهم للشهر الأخير، في سابقة تُثير قلقاً واسعاً لدى شريحة تعتمد غالبيتها على الدخل الحكومي، في بلد يشكل فيه القطاع العام العمود الفقري للاقتصاد.

وتؤكد وزارة المالية مراراً أن «الرواتب مؤمّنة»، وتنفي وجود أزمة سيولة، إلا أن هذه التصريحات لم تعد كافية لتهدئة مخاوف الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية، في ظل شلل سياسي مستمر.

تتزامن الأزمة المالية مع انسداد سياسي حاد، نتيجة فشل القوى السياسية في التوافق على شاغلي الرئاسات الثلاث: رئاسة البرلمان، ورئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء.

ويقول محللون إن غياب حكومة كاملة الصلاحيات يُقيد قدرة الدولة على اتخاذ قرارات مالية حساسة، بما في ذلك إدارة الإنفاق العام، وضمان انتظام الرواتب، في وقت تتراكم فيه الديون وتتراجع ثقة الشارع بالمؤسسات.

وينظر إلى هذا التعثر باعتباره امتداداً لأزمة بنيوية أعمق؛ حيث لم تنجح الطبقة السياسية، منذ سنوات، في بناء آليات مستقرة للحكم، رغم الموارد النفطية الكبيرة التي يمتلكها العراق.

«إقليم البصرة»

إلى جانب الرواتب والحكومة، برزت في أواخر 2025 أزمة جديدة تمثلت في إعلان مجلس محافظة البصرة عزمه التصويت على بدء إجراءات تحويل المحافظة إلى إقليم فيدرالي.

ورغم أن الدستور العراقي يتيح تشكيل الأقاليم، فإن التجربة بقيت محصورة عملياً في إقليم كردستان، الذي يتمتع بوضع خاص تشكّل قبل سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

وعلى مدى العقدين الماضيين، قوبلت دعوات مماثلة في محافظات أخرى برفض سياسي واسع، بدعوى أنها تُمهّد لتقسيم البلاد. وكانت الدعوات لتحويل محافظات غربية، مثل الأنبار، إلى إقليم، قد واجهت حملات تخوين واتهامات بالسعي إلى إنشاء «دولة سنية» أو تنفيذ أجندات إقليمية.

لكن مسألة البصرة تختلف، وفق مراقبين، ليس من زاوية الهوية السياسية أو الطائفية، بل بسبب وزنها الاقتصادي، فالمحافظة الجنوبية تنتج أكثر من 80 في المائة من النفط العراقي، ما يجعل أي خطوة نحو إقليم مستقل نسبياً مصدر قلق لبغداد.

حقل «غرب القرنة 2» النفطي جنوب مدينة البصرة في العراق (رويترز)

النفط في قلب الصراع

وتخشى الحكومة الاتحادية من أن يؤدي تحويل البصرة لإقليم إلى تقليص سيطرتها على أهم مورد مالي للدولة، في وقت تعاني أصلاً نزاعات مزمنة مع إقليم كردستان حول عائدات النفط والمنافذ الحدودية.

ويرى خبراء أن فتح «جبهة مالية» جديدة مع إقليم نفطي بحجم البصرة قد يضع الدولة أمام اختبارات قاسية، خصوصاً إذا ترافقت مع استمرار الاضطراب السياسي.

في المقابل، يُحذر آخرون من أن منطق الأقاليم، إذا تمدد، قد يفتح الباب أمام صراعات داخلية على الموارد، بما في ذلك المياه، في بلد يعاني أصلاً شحاً مائياً وتغيرات مناخية متسارعة.

وبين تأخر الرواتب، وانسداد الأفق السياسي، وتصاعد الجدل حول الأقاليم، يبدو العراق مقبلاً على عام جديد من دون حلول جذرية.

ويقول مراقبون إن ما يجري ليس سوى «تدوير للأزمات»؛ حيث ترحل المشكلات من عام إلى آخر من دون معالجات بنيوية، في ظل خلل مركب سياسي واقتصادي بات يُهدد الاستقرار الاجتماعي في بلد يعتمد ملايين من مواطنيه على الدولة مصدراً وحيداً للدخل.


لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
TT

لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)
عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

يقف لبنان على مشارف انتهاء عام 2025 من دون أن يكون قد حسم موقعه بين منطق الحرب ومنطق الاستقرار. فالسنة التي توشك على طيّ صفحاتها لم تشهد توسّعاً شاملاً للمواجهة، لكنها لم تُنتج في المقابل أي معادلة ردع سياسية أو أمنية قابلة للصمود، في ظل رفض «حزب الله» البدء بالمرحلة الثانية من خطة حصرية السلاح في شمال الليطاني، مقابل تهديدات إسرائيلية متواصلة.

ويتحرّك لبنان سياسياً ودبلوماسياً في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية، وتبرز مقاربة تعتبر أنّ ما يعمل عليه لبنان هو منع الانفجار الكبير، حسبما تقول مصادر نيابية، مشيرة إلى أن ما يجري يبدو كأنه «إدارة مؤقتة للمخاطر، في ظل غياب الضمانات الدولية، وتشابك المسارات الإقليمية، واستمرار العجز الداخلي عن إنتاج قرار سيادي جامع»، في وقت تعمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية (الميكانيزم) أداة ضبط، في مقابل بقاء إسرائيل خارج أي التزام سياسي ملزم، ما جعل الالتزام اللبناني أحادي الاتجاه.

تجنّب الحرب سابق لأوانه

يرى عضو «كتلة اللقاء الديمقراطي» (الحزب التقدمي الاشتراكي)، النائب بلال عبد الله، أنّ «الحديث عن تجنيب لبنان الحرب بشكلٍ نهائي لا يزال سابقاً لأوانه»، وأنّ «توصيف المرحلة بترحيل التصعيد وحده لا يكفي لشرح تعقيد المشهد».

ويشير إلى أنّ لبنان «يقوم بما يتوجّب عليه ضمن أقصى طاقته السياسية والدبلوماسية»، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ آلية المتابعة الدولية «تتطلّب تنفيذاً سياسياً في جزءٍ أساسي منها، وهو ما تعمل عليه الدولة اللبنانية ضمن الإمكانات المتاحة».

النائب بلال عبد الله (الوكالة الوطنية)

وتبرز إشكالية أساسية، تتمثّل بالتزام لبناني مقابل فراغ في الضمانات، ويشدّد عبد الله على أنّ «كل ما هو مطلوب رسمياً من لبنان يتم الالتزام به، في وقت يتكبّد فيه (حزب الله) خسائر يومية على الأرض»، معتبراً أنّ «الخطاب عالي النبرة مسألة منفصلة عن الوقائع الميدانية والسياسية».

ويرى أنّه «حتى اليوم، لم يأتِ أي موقف غربي أو عربي يحمل ضمانة جدية تمنع إسرائيل من توجيه ضربات إضافية، ما يعني عملياً أنّ الاستقرار المطروح ليس إلا هدنةً مفتوحةً على الاحتمالات». من هنا، يعتبر أنّ «الحديث عن استقرار طويل الأمد غير واقعي في المرحلة الحالية»، وأنّ سقف الممكن يقتصر على وقف الاعتداءات، لا أكثر».

تحولات إقليمية

لا يفصل عبد الله المسار اللبناني عن محيطه، فيؤكد أنّ «الواقعية السياسية تفرض على لبنان الاستمرار في القيام بواجباته كدولة، ضمن (الميكانيزم)، لكن من دون أوهام حيال نتائجه». ويستحضر نموذج غزّة بوصفه دليلاً على هشاشة التفاهمات، مشيراً إلى أنّ «أي قراءة سياسية نهائية تبقى رهينة التطورات الإقليمية والدولية»، معتبراً أنّ «غياب الضوابط الواضحة والضمانات الملزمة للجم إسرائيل، يترك الميدان مفتوحاً أمام احتمالات متعددة، وأنّ لبنان سيظل ساحة متأثرة بالحسابات الإسرائيلية أكثر مما هو محكوم بتفاهمات مستقرة».

فرصة لم تُستثمر

في المقابل، تنطلق مقاربة عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية)، النائب فادي كرم، من خلفية سياسية مختلفة، ترى في 2025 فرصة إصلاحية لم يُحسن لبنان استثمارها. ويعتبر أنّ «عام 2025 شهد مساراً عاماً يميل إلى الإيجابية، مع نية واضحة لإخراج لبنان من الواقع الذي عاشه طوال الثلاثين سنة الماضية»، لكنه يربط تعثّر النتائج بـ«الإكثار من الحديث عن التريّث والتباطؤ، ما أضرّ بالمسار الإصلاحي، لا سيّما في ما يتصل ببناء الدولة وحصر السلاح».

النائب فادي كرم (الوكالة الوطنية)

ويرى كرم أنّ «الخطوات التي اتُّخذت خلال 2025 كانت بطيئة، وأنّ أي مقاربة تقوم على الاكتفاء بالكلام أو بتأجيل حسم ملف السلاح مع الواقع قد تدفع خطر الحرب إلى الخلف لفترة محدودة، لكنها لا تُلغي احتماليته». ومن هنا، يربط الضمانة الوحيدة للاستقرار بـ«حصر السلاح بشكل كامل وعلى كل الأراضي اللبنانية»، معتبراً أنّ أي تجزئة في هذا المسار تعني عملياً ترحيل أسباب الحرب لا معالجتها».

وإذ ينوّه كرم بعمل الجيش اللبناني، معتبراً أنّه «مؤسسة قادرة»، يشدّد على أنّ فاعليته تبقى مشروطة بـ«القرار السياسي». ويرى أنّ «استمرار وجود السلاح غير الشرعي، مع رفض تسليمه، يفرض على الدولة اتخاذ خطوات أمنية واضحة، تبدأ برفع الغطاء السياسي، من دون أن يعني ذلك الذهاب إلى صدام داخلي»، ويضيف: «عندما تحسم الدولة أمرها، يصبح الطرف غير الشرعي هو من يعيد حساباته، وليس العكس».

ويحذّر كرم من أنّ لبنان في نهاية 2025، لم يخرج بعد من دائرة خطر التصعيد الإسرائيلي، معتبراً أنّ «الحديث المتزايد عن استهداف إيران، يضع (حزب الله) تلقائياً في قلب أي مواجهة مقبلة، ما يجعل لبنان ساحة محتملة لأي تصعيد إقليمي، بصرف النظر عن حساباته الداخلية».