لبنان بين الحل الدبلوماسي لوقف النار وتصاعد المواجهة المفتوحة

تحذيرات أوروبية من توسعة إسرائيل للحرب لمنع «حزب الله» من تكرارها

مواطنون في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير وتضرر عدد من المباني (رويترز)
مواطنون في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير وتضرر عدد من المباني (رويترز)
TT

لبنان بين الحل الدبلوماسي لوقف النار وتصاعد المواجهة المفتوحة

مواطنون في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير وتضرر عدد من المباني (رويترز)
مواطنون في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير وتضرر عدد من المباني (رويترز)

يتأرجح المشهد السياسي والعسكري في لبنان بين تمادي تل أبيب في حربها التدميرية، والترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه؛ سعياً وراء إعطاء الأولوية للحل الدبلوماسي لوقف إطلاق النار، بدلاً من أن تبقى كلمة الفصل للميدان في ظل الأكلاف المادية والبشرية المترتبة على توسعة المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»، رغم أن رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي لم يتبلغا حتى الساعة، كما تقول مصادرهما لـ«الشرق الأوسط»، بموعد مجيئه إلى بيروت، في حال أنه حسم أمره وقرر التوجه لإسرائيل وتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب غير قابل للنقض؛ لئلا يكون تكراراً للقاءاته السابقة، وكان آخرها تأييده للنداء الأميركي - الفرنسي المدعوم عربياً وأوروبياً قبل أن ينقلب عليه.

فالترويج الإعلامي لمعاودة هوكستين وساطته، تتعامل معه مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت بقولها لـ«الشرق الأوسط»، على أنه بمثابة الفرصة الأخيرة للرئيس الأميركي جو بايدن قبل نحو شهرين ونيف من انتهاء ولايته الرئاسية، وهي تطرح مجموعة من الأسئلة؛ أولها مدى استعداد نتنياهو للتجاوب مع وساطته، أم أنه يود أن يقدم وقف إطلاق النار لخلفه الرئيس دونالد ترمب بعد أن يستكمل تدميره للبنان لفرض شروطه لتطبيق القرار 1701؟ وثانيها: هل الظروف أمام الإدارة الأميركية الحالية أصبحت مواتية لإنهاء الحرب بخلاف الظروف السابقة؟

ومع أن بري وميقاتي يرحبان بأي تحرك يؤدي لوقف الحرب، فإنهما في المقابل يتريثان في إصدار الأحكام على النيات، ليس لأنهما لم يتبلغا رسمياً باستعداد هوكستين للتحرك، وإنما لا يمكن الرهان مسبقاً على نجاحه في إقناع نتنياهو بتسهيل مهمته لوقف إطلاق النار، ونشر الجيش في الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701.

وقالت مصادر لبنانية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله» وافق ضمناً على عدم الربط بين جبهتي غزة والجنوب. ولفتت المصادر إلى أن توافق ميقاتي وبري على تطبيق القرار 1701 يعني حكماً بأن الأخير يحظى بتأييد الحزب الذي كان فوّض بري للتوصل لوقف النار وإعادة الهدوء للجنوب. ورأت أن الحزب بموافقته يعني حكماً بأنه بات على قناعة بأن لا مجال للربط بين جبهتي الجنوب وغزة، وقالت إنه بموقفه أزعج إيران التي اضطرت للدخول على الخط لإعادة الربط بينهما؛ ليكون في وسعها الإمساك بالورقة الجنوبية وإدراجها بنداً على جدول أعمال مفاوضاتها مع الولايات المتحدة.

وعدّت ردّ ميقاتي على وزير خارجية إيران عباس عراقجي، على خلفية إصراره على الربط بين الجبهتين، أنه بقي ضمن الجدران المغلقة عندما استقبله في زيارته الأولى لبيروت، وقالت إنه لم يتردد في تظهير اعتراضه للعلن لدى اجتماعه برئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، وقوبل موقفه بأوسع تأييد لبناني تصدّره الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي»، وليد جنبلاط، بقوله إنه يجب على طهران معرفة أن هناك دولة مستقلة اسمها لبنان.

لكن المصادر الأوروبية تتخوف من تمرد نتنياهو على المحاولة الأخيرة لهوكستين لترجيح كفة الحل الدبلوماسي على العسكري، ويمعن في حربه التدميرية، وهي تسأل: ما العائق أمام نتنياهو للالتزام بخريطة الطريق لتطبيق الـ1701 التي توافق الوسيط الأميركي مع بري عليها وينتظر أن يلقى التجاوب من فريق الحرب في إسرائيل لتأخذ مجراها لنزع فتيل التفجير في الجنوب؟

وتتحسب المصادر لرد فعل نتنياهو الذي يبدو أنه يصر على كسب الوقت قبل أن يبدأ ترمب ولايته الرئاسية، آخذة بعين الاعتبار مضيه في جنوحه لمواصلة تدميره لمنطقة جنوب الليطاني، وصولاً إلى شماله لتحويلها منطقة عازلة تصعب الإقامة فيها.

لذلك حذّرت من تمادي نتنياهو في تدمير ما تبقى من جنوب الليطاني، ليس لفرض شروطه بمنع أي وجود مسلح لـ«حزب الله» فحسب، وإنما للقضاء على بنيته العسكرية ومخزونه الصاروخي في الأنفاق. وقالت إنه مصمم على تحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح والبشر؛ لتفريغها من سكانها على نحو يزيد من أعداد النازحين؛ ما يؤدي إلى حصول احتكاكات بين مجموعة من النازحين ومضيفيهم، ويشكل إحراجاً للحزب بعدم توفيره الأمان لبيئته الحاضنة، وبتأمين احتياجاتهم في أماكن إيوائهم.

ولم تسقط المصادر الدبلوماسية من حسابها استعصاء نتنياهو على الإدارة الأميركية التي تستعد للرحيل، ويصر على استغلال الفترة الزمنية الفاصلة بين التسليم والتسلم، مستفيداً من الأجواء الدولية والإقليمية المناوئة لحركة «حماس» و«الحزب»، ليواصل حرقه منطقة جنوب الليطاني وتحويلها أرضاً مهجورة ليتعظ «حزب الله» مما أصاب الجنوب، وتكون له عبرة يحسب لها ألف حساب قبل أن يفكر بالدخول مجدداً في مواجهة مع إسرائيل.

ويبقى السؤال: هل يعتزم هوكستين تعويم وساطته بضوء أخضر من بايدن، أم أن الترويج لمعاودة تحركه يبقى في إطار اختبار رد فعل تل أبيب قبل أن يحسم أمره ويتخذ قراره النهائي؟ وهل يعني ذلك أن الحل الدبلوماسي سيكون بديلاً عما ستؤول إليه المواجهة المفتوحة في الميدان كما راهن مجدداً الشيخ قاسم في خطابه الأخير، وبالتالي من يمنع إسرائيل، في حال إسقاط الحل السلمي من تماديها في حربها التدميرية تحت عنوان أنها اتخذت قرارها بتوسيع حربها البرية؟


مقالات ذات صلة

مقتل عنصر سابق ﺑ«جيش لبنان الجنوبي» في قصف على شمال إسرائيل

شؤون إقليمية صورة من موقع الاستهداف المباشر بصواريخ أطلقها «حزب الله» على نهاريا، شمال إسرائيل، 12 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل عنصر سابق ﺑ«جيش لبنان الجنوبي» في قصف على شمال إسرائيل

قُتل شمعون نجم، وهو عنصر سابق في «جيش لبنان الجنوبي»، جراء القصف الصاروخي الذي شنه «حزب الله» على نهاريا في شمال إسرائيل اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فرقة إنقاذ تخلي جندياً إسرائيلياً من ساحة المعركة (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)

«حزب الله»: سقوط 100 جندي إسرائيلي في لبنان منذ بدء العملية البرية

قال «حزب الله» إن عملياته العسكرية أوقعت أكثر من 100 قتيل و1000 مصاب في صفوف جنود وضباط الجيش الإسرائيلي منذ بدء عمليته البرية في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة نشرها الجيش الإسرائيلي على موقع «إكس» يقول إنها لجولة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الميدانية على قواته في جنوب لبنان (الجيش الإسرائيلي)

رئيس الأركان الإسرائيلي يقوم بجولة ميدانية في جنوب لبنان

أجرى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، اليوم (الثلاثاء)، جولة ميدانية على القوات الإسرائيلية وتقييماً للوضع في منطقة جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي المستشار الأميركي آموس هوكستين يتحدث بعد اجتماع في القصر الرئاسي اللبناني في بعبدا بلبنان في 27 أكتوبر 2022 (رويترز)

هوكستين: هناك فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان قريباً

صرّح المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين للصحافيين في البيت الأبيض، الثلاثاء، بأن «هناك فرصة» لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً على لبنان في حربها مع «حزب الله»، يواصل فنانون لبنانيون الإبداع مكافحين في مواجهة نكبة الحرب الدائرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حزب الله»: سقوط 100 جندي إسرائيلي في لبنان منذ بدء العملية البرية

فرقة إنقاذ تخلي جندياً إسرائيلياً من ساحة المعركة (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)
فرقة إنقاذ تخلي جندياً إسرائيلياً من ساحة المعركة (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)
TT

«حزب الله»: سقوط 100 جندي إسرائيلي في لبنان منذ بدء العملية البرية

فرقة إنقاذ تخلي جندياً إسرائيلياً من ساحة المعركة (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)
فرقة إنقاذ تخلي جندياً إسرائيلياً من ساحة المعركة (أرشيفية - الجيش الإسرائيلي)

قالت جماعة «حزب الله» اللبنانية، اليوم (الثلاثاء)، إن عملياتها العسكرية أوقعت أكثر من 100 قتيل و1000 مصاب في صفوف جنود وضباط الجيش الإسرائيلي منذ بدء عمليته البرية في جنوب لبنان في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأضافت الجماعة، في بيان، أنها «دمرت 43 دبابة (ميركافا) وثماني جرافات عسكرية ومدرعتين وناقلتي جند... هذه الحصيلة لا تتضمن خسائر إسرائيل في القواعد والمواقع والثكنات العسكرية والمستوطنات والمدن المحتلة». وقال «حزب الله» إن قرار الجيش الإسرائيلي الانتقال للمرحلة الثانية من الهجوم البري في جنوب لبنان «لن يكون مصيره سوى الخيبة، وسيكون حصاده الحتمي المزيد من الخسائر والإخفاقات؛ وإن مجاهدينا في الانتظار».

ووسعت إسرائيل حربها التي تشنها على قطاع غزة لتشمل لبنان في الأسابيع الماضية، وقتلت العديد من قيادات جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر العام الماضي. وأعلنت إسرائيل عن بدء توغل بري محدود في الأول من أكتوبر الماضي.