منع تواجد اللبنانيين وسياراتهم في درعا المحاذية لخط وقف إطلاق النار

دمشق وموسكو تكثفان من إجراءاتهما لتجنب حرب إسرائيلية

دير الزور شرق سوريا التي يسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران (المرصد السوري)
دير الزور شرق سوريا التي يسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران (المرصد السوري)
TT

منع تواجد اللبنانيين وسياراتهم في درعا المحاذية لخط وقف إطلاق النار

دير الزور شرق سوريا التي يسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران (المرصد السوري)
دير الزور شرق سوريا التي يسيطر عليها ميليشيات موالية لإيران (المرصد السوري)

يكثّف الجيش السوري والقوات الروسية من إجراءات تقييد حركة «حزب الله» والميليشيات الإيرانية على الأراضي السورية؛ بهدف عدم إعطاء إسرائيل المبرر لتوسيع الحرب التي تشنّها ضد الحزب في لبنان لتمتد إلى سوريا.

في هذا السياق، كشفت مصادر محلية في ريف درعا جنوب البلاد، عن إصدار الجيش السوري والقوات الروسية تعميماً بمنع تواجد أي لاجئ لبناني أو سيارات تحمل لوحات لبنانية، في منطقة حوض اليرموك الواقعة غربي المحافظة والمحاذية لخط وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن «التعميم يشمل كل قرى منطقة حوض اليرموك، ومنها عبادين، وكويا، والشجرة، وسحم الجولان، والمال، وجملة ونافعة، وعين ذكر، وبيت أرة ومعرية، وغيرها...».

أحد أفراد الشرطة العسكرية الروسية قرب الجولان السوري المحتل (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتابعت، أن «مضمون التعميم، يمنع تواجد أي لاجئ لبناني أو سيارات عليها لوحات لبنانية في المنطقة». وأوضحت، أن إجراءات دمشق المشددة في درعا فيما يتعلق باللاجئين اللبنانيين لا تقتصر على القرى الواقعة على خط وقف إطلاق النار، بل تشمل عموم مناطق محافظة درعا؛ إذ تقوم عناصر الجيش والقوى الأمنية بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات اللبنانية التي تدخل إلى مناطق تبعد مسافات شاسعة عن خط وقف إطلاق النار.

يأتي التعميم الجديد في درعا، مع تزايد احتمالات توسع الحرب التي تشنّها إسرائيل ضد «حزب الله» في لبنان، لتشمل سوريا، ومحاولة دمشق تجنب هذه الحرب.

كما يأتي بعد قيام قوات من الجيش الإسرائيلي بالتوغل في أراضٍ زراعية تقع في المنطقة العازلة من الجهة السورية ومحاذية لخط فك الاشتباك وتجريفها بحجة إقامة سياج أمني لمنع مسلحين من «حزب الله» وميليشيات إيران من التسلل إلى الجولان المحتل، كما حصل مؤخراً في قرى تقع في القطاعين الأوسط والشمالي من محافظة القنيطرة.

وذكرت المصادر المحلية، أن القوات الروسية، قامت مؤخراً بعملية تفتيش دقيقة للتلال الواقعة في حوض اليرموك للتأكد من خلوها من عناصر «حزب الله» والميليشيات الإيرانية، مشيرة إلى أن القوات الروسية ربما أبلغت إسرائيل بخلو تلك المناطق منهم. ولفتت إلى أن القوات الروسية وبرفقة قوات من الجيش السوري كثّفت مؤخراً من دورياتها المشتركة في معظم مناطق درعا، خصوصاً الغربية منها.

أرشيفية لدخول القوات الروسية إلى طفس بدرعا جنوب سوريا وإجراء التسويات عام 2018

ورجحت المصادر، أن يكون الهدف من الإجراءات السورية والروسية، عدم إعطاء إسرائيل حجة لتوسيع حربها التي تشنّها ضد «حزب الله» في لبنان، لتشمل سوريا، بذريعة تواجد «حزب الله» والميليشيات الإيرانية قرب الجولان السوري المحتل.

وبعدما أكدت المصادر، أن ارتياحاً عمَّ أوساط الأهالي بعد إصدار التعميم، قالت: «لا أحد من أهالي المنطقة يريد أن يكون مستقبل المنطقة مماثلاً لما يحصل في لبنان».

وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، تجري قوات الجيش السوري والقوات الروسية تدريبات عسكرية مشتركة على طول «خط وقف إطلاق النار» عند الحدود مع الجولان السوري المحتل؛ بهدف تعزيز نفوذ القوات الروسية وقوات الجيش في المنطقة منعاً لأي اختراقات من الجانب الإسرائيلي والميليشيات الإيرانية و«حزب الله» هناك.

وتتمركز القوات الروسية في 17 نقطة في المنطقة المحاذية للجولان السوري المحتل، في محافظات القنيطرة ودرعا وريف دمشق.

وفي السياق، ذكر «المرصد» أن المخابرات السورية أبلغت المكاتب العقارية في مدينتي الميادين ودير الزور شرق البلاد، بعدم تأجير المنازل لغير السوريين، تحت طائلة المساءلة لمخالفة التوجيهات.

وجاء البلاغ، في إطار تقييد الميليشيات الموالية لإيران و«حزب الله» في الأراضي السورية؛ خوفاً من استخدام عناصر تلك الميليشيات والحزب المنازل مستودعاتٍ للأسلحة؛ لتصبح ذريعة لاستهدافها من قِبل الطائرات التابعة لـ«التحالف الدولي» و«المجهولة».

ولاقى البلاغ وفق «المرصد»، ارتياحاً كبيراً لدى الأهالي في حي الضاحية بمدينة دير الزور، بينما تمت إزالة رايات المجموعات الإيرانية، على خلفية إصدار ضابط في قوات الجيش السوري برتبة لواء قرار إزالة المظاهر العسكرية من الحي.

وبحسب موقع «صوت العاصمة»، طالب عناصر من الجيش السوري أصحاب الفيلات المحيطة بمعسكرَي الطلائع والخُميني في مدينة الزبداني بريف دمشق الغربي قرب الحدود مع لبنان، بالإخلاء الفوري وعدم تأجير أي فيلا مخصصة للإقامة السياحية في هذه الفترة، بعد أن ألقت طائرات إسرائيلية منشورات تحذيرات باستهداف المنطقة.

جاء ذلك بعد استهداف مسيّرة إسرائيلية أحد المراصد التابعة لـ«حزب الله» في المدينة وفق الموقع الذي نقل عن «مصادر خاصة»، أنّ المرصد مسؤول عن تأمين أحد الممرات غير الشرعية التي يستخدمها الحزب لنقل الأسلحة من سوريا نحو لبنان. ووفقاً للمصادر، فإنّ المرصد الذي يقع بالقرب من المعسكرين يوجد فيه خمسة عناصر لـ«حزب الله» بشكل دائم برفقة رشاش من عيار 24 لحماية المقرّ.

وجاء الاستهداف بعد انسحاب عناصر «حزب الله» من المعسكرين وإخلاء المقار والمستودعات كافة بداخلهما الأربعاء الماضي.

تثبّت القوات الروسية نقطة مراقبة جديدة على الحدود مع الجولان المحتل قبل فترة (المرصد)

وكشف «المرصد»، الأربعاء الماضي، عن أن دمشق أصدرت «أوامر عسكرية صارمة بالاتفاق مع الروس» تم بموجبها تجميد «النشاطات العسكرية لميليشيات إيران و(حزب الله)، بعد تقييدها في المنطقة المحاذية للحدود مع الجولان المحتل لتشمل محافظات ريف دمشق وحمص وبادية حمص، التي يحتمل أن تنطلق منها طائرات مسيَّرة نحو الجولان السوري المحتل والعمق الإسرائيلي».


مقالات ذات صلة

العبور من لبنان يتراجع 90 % بعد ضرب إسرائيل معبراً بوسط سوريا

المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم من لبنان إلى سوريا وهم يسيرون بجوار حفرة ناجمة عن ضربة إسرائيلية وقعت في وقت مبكر من صباح الجمعة عند معبر جوسيه بين سوريا ولبنان... 28 أكتوبر 2024 (رويترز)

العبور من لبنان يتراجع 90 % بعد ضرب إسرائيل معبراً بوسط سوريا

انخفض عدد الوافدين من لبنان إلى سوريا عند معبر حدودي ثانوي بنسبة 90 في المائة، كما قال مسؤول محلي، الاثنين، بعد غارة إسرائيلية استهدفته.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيدات جنوبيات نازحات إلى أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

توتر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين في لبنان

تتفاقم الهواجس من فتنة داخلية قد تعمد إسرائيل إلى إذكائها في ظل توافر معظم عناصرها، بخاصة لجهة التوتر المسيطر داخل المجتمعات المضيفة للنازحين.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص عَلم لـ«حزب الله» مرفوع قرب موقع استهداف إسرائيلي مباني في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

خاص «خبراء» من «الحرس الثوري» يشرفون على معارك جنوب لبنان

أكد مصدر سياسي لبناني على صلة وثيقة بـ«حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، إشراف «خبراء» من «الحرس الثوري» على المعارك التي يخوضها الحزب، لكنه نفى وجود مقاتلين إيرانيين.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان (أ.ف.ب) play-circle 00:38

لبنان: أوامر إخلاء إسرائيلية لأحياء في صور وسط غارات قتلت 7 أشخاص

أفادت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الاثنين، بسقوط 7 قتلى جراء غارة إسرائيلية استهدفت مدينة صور بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي تم استهدافه الأحد بغارة إسرائيلية (رويترز) play-circle 00:29

تقييم الخسائر الإسرائيلية يحدد مصير المعركة البرية على لبنان

يُسجَّل في الفترة الأخيرة سقوط قتلى للجيش الإسرائيلي على جبهة جنوب لبنان بشكل شبه يومي، في المعركة البرية التي تقترب من بلوغ شهرها الأول.

كارولين عاكوم (بيروت)

العراق: «المجمع الفقهي» و«ديوان الوقف السني» يرفضان تعديل «الأحوال الشخصية»

رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)
رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)
TT

العراق: «المجمع الفقهي» و«ديوان الوقف السني» يرفضان تعديل «الأحوال الشخصية»

رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)
رئيس «ديوان الوقف السني» العراقي مشعان الخزرجي (موقع الديوان الرسمي)

أظهر «المجمع الفقهي»، وهو أرفع مرجعية دينية سنية في العراق، وكذلك «ديوان الوقف السني»، موقفاً حاسماً حيال تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الذي أثار ولا يزال الكثير من الاعتراضات منذ طرحه على البرلمان قبل نحو خمسة أشهر. ومن شأن الموقف الجديد الرافض للتعديل والصادر عن أرفع مؤسستين دينيتين سنيتين، عرقلة إقرار التعديل الذي تطالب به بعض قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية.

ويواجه التعديل المقترح معارضة شديدة من الجماعات المدنية والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والطفل، وكذلك من قبل العديد من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، ويعترض على إقراره البرلمان الأوروبي.

وشرح «المجمع الفقهي» العراقي و«ديوان الوقف السني»، في بيان مشترك ومطول، أسباب رفضهما مشروع التعديل، ووجدا أنه «لا مسوغ لاستبدال بالقانون مدونتين منفصلتين شيعية وسنية»، في إشارة إلى أن التعديل الجديد يستند في تطبيقه على مدونتين تصدران عن الوقفين الشيعي والسني بعد 6 أشهر من التصويت على القانون داخل البرلمان.

وقال الجانبان في البيان المشترك، إن «قانون الأحوال الشخصية يُعدّ صمام الأمان لحفظ الأسرة العراقية؛ إذ يشمل في مواده 94 مادة حول كل ما يتعلق بفقه الأسرة؛ من زواج وطلاق وحقوق زوجية، وعدة ونسب، وحضانة ونفقة، ووصية ومواريث، مع الرجوع للأحكام الشرعية والفقه الإسلامي في المسائل غير المنصوص عليها، مع مراعاة القضاء لطبيعة المرجعية الفقهية للعقدين من خلال فقرة استحقاق المهر المؤجل».

ورأى الجانبان أن القانون النافذ الذي يراد تعديله «اعتمد في اختيار الآراء الفقهية ما يلائم طبيعة المجتمع العراقي المتنوع وظروفه».

وأضاف أن «الفقرتين (ث) و(ج) من المادة (أولاً) من قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية تضمنتا اعتماد رأي المجلس العلمي للوقف الشيعي في حال تعذر الحكم وفق الفقه الشيعي الجعفري، على أن يتم الرجوع إلى رأي المرجع الديني الذي يقلده غالبية الشيعة في العراق».

ويرى المجمع والديوان، أن «هذا التوجه (الآنف) يتفق مع نص الفقرة الثانية من المادة 4 من قانون ديوان الوقف الشيعي رقم 57 لسنة 2012، في حين اعتمد رأي المجلس العلمي والإفتائي للوقف السني دون اعتبار لمرجعية (المجمع الفقهي) العراقي لكبار العلماء، والتي نصت عليها الفقرة (ثانياً) من المادة الرابعة من قانون (ديوان الوقف السني) رقم 56 لسنة 2012».

واعتبر البيان أن في ذلك «إقصاءً غير مبرر لمرجعية الوقف السني التي تتمتع بغطاء قانوني، وازدواجية في التعامل مع القوانين المتعلقة بحقوق مكونات المجتمع العراقي».

وفيما يخص المادة الثانية وإلغاء الفقرة 5 من المادة 10 من القانون المتعلقة بإجراءات ضبط عقود الزواج، أشار البيان إلى أن «توسيع التخويل في إبرام هذه العقود من قبل ديوانَي الوقف الشيعي والسني قد يؤدي إلى فوضى في بناء الأسرة، والتفريط بحقوق الزوجة والأبناء، واستغلال الفئات المستضعفة».

أطفال عراقيون يشاركون في ماراثون أقيم في «شارع أبو نواس» وسط بغداد ضمن فعالية لحماية الأيتام ودمجهم اجتماعياً (إ.ب.أ)

وشدد بيان الجانبين على أنه «لا توجد مسوغات شرعية لاستبدال بالقانون مدونتين شيعية وسنية»، وأنه «بالإمكان تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية رقم 188 بما يتناسب مع تطور المجتمع، وأن تُصاغ المواد ذات الخلاف الجوهري بين الفقهين السني والشيعي بما يمنح القاضي مرونة لاختيار النص الأنسب لمذهب العاقدين».

وسلك «المجمع الفقهي» و«ديوان الوقف السني» طريقاً آخر في حال «إصرار بعض أعضاء مجلس النواب على تعديل قانون الأحوال الشخصية»، ويتمثل هذا الطريق في «البقاء على القانون الحالي، وإضافة المدونتين لتمكين العاقدين من حرية الاختيار بين القانون أو إحدى المدونتين، مع عدم سريان أي أثر رجعي للعقود السابقة وفق قاعدة استصحاب الأصل».

وفي العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، طالب البرلمان الأوروبي، البرلمان العراقي بالرفض الكامل والفوري للتعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية.

وحذر أعضاء في البرلمان الأوروبي من عواقب التعديل «الذي ينتهك التزامات العراق الدولية بشأن الحقوق الأساسية للمرأة».

ورأوا أن «قانون العقوبات الحالي لا يحمي النساء والأطفال ضحايا العنف المنزلي في العراق، وبالتالي من شأن التعديلات المقترحة على قانون الأحوال، إذا سُنت، أن تؤدي إلى تطبيق أكثر راديكالية للقانون».