إسرائيل تخوض قتالاً للسيطرة على المرتفعات الحدودية بجنوب لبنان

سابع استهداف للجيش اللبناني منذ بدء الحرب... وصور جوية لدمار القرى

TT

إسرائيل تخوض قتالاً للسيطرة على المرتفعات الحدودية بجنوب لبنان

آلية عسكرية إسرائيلية تتجه إلى موقع سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان (رويترز)
آلية عسكرية إسرائيلية تتجه إلى موقع سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» من جنوب لبنان (رويترز)

تستهدف العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان، تدمير المرتفعات الحدودية تمهيداً للسيطرة عليها، وهو ما أظهرته وقائع المعركة البرية في أسبوعها الثالث، على وقع قتال لا يتوقف، يتزامن مع قصف جوي عنيف وواسع داخل الأراضي اللبنانية، أسفر (الأحد) عن مقتل مدنيين ومسعفين وعسكريين بالجيش، في مقابل إطلاق «حزب الله» رشقات صاروخية كثيفة أيضاً باتجاه العمق الإسرائيلي.

وبدت الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية من التوغل في جنوب لبنان، في الأسبوع الثالث لانطلاق العملية البرية، أكثر وضوحاً، حيث يحتدم القتال للسيطرة على المرتفعات الحدودية التي تبعد مسافة تصل إلى كيلومترين عن الشريط الحدودي، حتى الآن. ويدور القتال بشكل أساسي على محورين: أولهما الملاصق لإصبع الجليل قرب بلدتَي كفركلا والعديسة اللبنانيَّتين، وثانيهما في القطاع الغربي، حيث تدور معارك على أطراف بلدات عيتا الشعب، والقوزح، ورامية.

النيران تشتعل جراء صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (رويترز)

وقالت مصادر مواكبة للعمليات العسكرية في الجنوب، إن الجهد الإسرائيلي «ينصبّ على السيطرة على المرتفعات المقابلة للحدود، وتحديداً مرتفعات القوزح واللبونة في القطاع الغربي، ومحيبيب وميس الجبل وتلة العويضة المحاذية للعديسة في القطاع الشرقي»، وذلك «في مسعى لضبط الحركة على مختلف الجبهات المحيطة بتلك التلال».

وأشارت المصادر إلى أن السيطرة عليها «ستتيح للقوات الإسرائيلية منع الإطلالة على بلدات ومستعمرات الجليل، وحماية المواقع الإسرائيلية الحدودية، والإطلالة على عمق جنوب لبنان لمسافة تبعد نحو 10 كيلومترات عن الحدود، وتثبيت تجهيزات إلكترونية للرصد، تكون بديلاً عن الاعتماد الدائم على المسيَّرات».

لكن المصادر قالت في الوقت نفسه إن تلك الخطة «لم تنجح حتى الآن، بالنظر إلى أن القوات الإسرائيلية، التي تتوغل داخل الأراضي اللبنانية، تنسحب خلال ساعات، وتحتمي في العادة بالمنخفضات المتصلة بالحدود، كي لا تتعرَّض لاستهدافات مباشرة من مقاتلي (حزب الله) الموجودين على المقلب الآخر لها، أو في محيطها»، لافتة إلى أن المساحات التي توغّلت بها وانسحبت منها «تتراوح بين 800 متر وكيلومترين».

مسح القرى

وتبثّ وسائل إعلام إسرائيلية بين الحين والآخر، مقاطع فيديو لقوات إسرائيلية داخل القرى الحدودية اللبنانية، بينها أطراف الناقورة ويارون ومارون الراس وبليدا وميس الجبل وكفركلا. وتقول مصادر أمنية لبنانية رسمية: «إن تلك التوغلات محدودة، وسرعان ما تنسحب القوات الإسرائيلية من غالبية المناطق التي دخلت إليها تحت وابل من الغارات الجوية، وبمواكبة المسيَّرات».

وأسهم الضغط العسكري في منع القوات الإسرائيلية من الإقامة في مناطق الحافة الحدودية التي تقدَّمت إليها. وقالت المصادر المواكبة لسياق العمليات إن صعوبة تلك المعركة «تدفع القوات الإسرائيلية لتدمير مظاهر الحياة في تلك المرتفعات، عبر تفخيخ المنازل فيها، وتفجيرها، لتحويلها إلى مرتفعات جرداء».

فرق الإطفاء تحاول إخماد النيران في شمال إسرائيل جراء صواريخ «حزب الله» (إ.ب.أ)

وأظهرت صور جوية تناقلها لبنانيون، دماراً واسعاً في بلدات حدودية؛ نتيجة الغارات الجوية والتفجيرات، بينها أحياء كاملة في بليدا وميس الجبل ومحيبيب وبنت جبيل والقوزح وعيتا الشعب ويارين ومروحين... كما نشر الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية مقاطع فيديو لتفجيرات متزامنة لأبنية ومنازل في مرتفعات محيبيب وراميا وميس الجبل.

وتؤدي تلك الانفجارات الناتجة عن تفخيخ المنازل والمنشآت، إلى تدميرها بالكامل دفعة واحدة، بينما تستهدف الغارات الجوية العنيفة، بلدات محاذية لنطاق العمليات العسكرية، بينها مدينة الخيام، المقابلة لبلدتَي كفركلا والعديسة، التي تعرَّضت بعد ظهر الأحد لـ17 غارة جوية متتالية خلال 20 دقيقة، أدت إلى تدمير واسع في المنازل والمنشآت.

سابع استهداف للجيش اللبناني

ولا يحيّد القصف الجوي الإسرائيلي في المنطقة الحدودية، أي مكان من القصف. وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، في بيان، أن «العدو الإسرائيلي استهدف آلية للجيش على طريق عين إبل - حانين في الجنوب؛ ما أدى إلى سقوط 3 شهداء».

ويعد هذا الاستهداف، السابع منذ توسعة إسرائيل حربها على لبنان، وأسفرت تلك الاستهدافات في 5 مرات عن مقتل عسكريين، بينما أسفرت في مرتين عن إصابة عسكريين. وردّ الجيش اللبناني قبل أسبوعين على مصادر إطلاق النار، بعد استهدافَين لعسكرييه في المنطقة الحدودية خلال يوم واحد.

غارات إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام في جنوب لبنان (رويترز)

وانعكست العمليات العسكرية في الجنوب، على واقع قوات «اليونيفيل»، التي أعلنت أن الماء لدى حفظة السلام نفد في ميس الجبل، بعد أسابيع من عدم التزوّد بالإمدادات.

وقالت في بيان: «كان الوصول إلى المواقع القريبة من الخط الأزرق صعباً في الفترة الأخيرة»، مضيفة: «رغم أن معظم المواقع لديها ما يكفي من الطعام والماء لأكثر من 10 أيام، فإن هذا الموقع لم يتلقَّ أي شيء منذ 29 سبتمبر (أيلول)؛ بسبب الطرق المغلقة».

وبعد التأخير في إزالة العوائق من الطرق؛ نتيجة القتال وتحذيرات الجيش الإسرائيلي من الأنشطة العسكرية، «تم تزويد الموقع أخيراً ليلة السبت - الأحد بالطعام والماء والمواد الأساسية؛ مما يتيح لجنود حفظ السلام مواصلة أداء مهامهم»، حسبما قالت في بيان.

في غضون ذلك، تواصل إسرائيل الاغتيالات والقصف الجوي على سائر الأراضي اللبنانية. وقالت إسرائيل إن سلاح الجو هاجم (الأحد) مقر مخابرات «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن ورشة عمل تحت الأرض لإنتاج الأسلحة، في حين أفادت وسائل إعلام لبنانية بغارات جوية استهدفت عشرات القرى والمدن، بينها منطقة المساكن الشعبية في مدينة صور.

آثار غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على منصة «إكس» إن «الطائرات الحربية قتلت 3 من قادة (حزب الله) هم: الحاج عباس سلامة القيادي البارز في جبهة الجنوب، ورضا عباس عواضة الذي كان يُعدّ خبيراً في مجال الاتصالات اللاسلكية، وأحمد علي حسين الذي كان يشغل منصب مسؤول طاقم إنتاج كان يهتم بعمليات تسلح (حزب الله) بوسائل قتالية استراتيجية».

وكان ناشطون مقربون من «حزب الله» نعوا، مساء السبت، رضا عباس عواضة الذي اغتيل وزوجته الإيرانية الأصل في منطقة جونيه، شمال مدينة بيروت، باستهداف سيارتهما على الطريق السريع.

بطارية للقبة الحديدية قرب نهاريا تحاول اعتراض صواريخ أطلقها «حزب الله» (رويترز)

في المقابل، أعلن «حزب الله»، الأحد، إطلاق رشقات صاروخية باتجاه صفد وتجمعات عسكرية إسرائيلية في مواقع حدودية عدة مع لبنان وعلى أطراف قرى لبنانية، في حين قال الجيش الإسرائيلي بعد الظهر، إنه تم تفعيل صفارات الإنذار في الجليل الأعلى والجليل الغربي وخليج حيفا والكرمل، مشيراً إلى أن سلاح الجو نجح في اعتراض صاروخ واحد اجتاز الأراضي اللبنانية.

وكان قد أعلن أنه رصد نحو 70 مقذوفاً تم إطلاقها من لبنان نحو الجليل الأعلى والجليل الغربي، خلال دقائق، مؤكداً أن منظومة الدفاع الجوي اعترضت بعضها.


مقالات ذات صلة

مخاوف لبنانية من أن تعيد صواريخ المطلّة إشعال الحرب

تحليل إخباري آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ)

مخاوف لبنانية من أن تعيد صواريخ المطلّة إشعال الحرب

يحبس اللبنانيون أنفاسهم ويراقبون بقلق تداعيات عملية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على مستعمرة المطلّة في شمال إسرائيل

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي دخان أسود كثيف يتصاعد من غارة جوية إسرائيلية على قرية سجد بإقليم التفاح جنوب لبنان (د.ب.أ) play-circle

وزير الدفاع اللبناني يعلن بدء التحقيق في ملابسات إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل

أعلن وزير الدفاع اللبناني أن الجيش باشر التحقيق في ملابسات إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل، مشدداً على التصدي بقوة لمحاولات ضرب جهود الدولة في ترسيخ الأمن.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان القصف الإسرائيلي الذي استهدف منطقة يحمر في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الجيش اللبناني يفكك 3 منصات صواريخ بدائية شمال نهر الليطاني

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، العثور على ثلاث منصات صواريخ بدائية الصنع شمال نهر الليطاني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي علم كندا (رويترز)

كندا تقدم 29.7 مليون دولار مساعدات إنسانية للبنان

أعلنت وزارة الخارجية الكندية، اليوم (الجمعة)، تقديم 29.7 مليون دولار للبنان لتوفير مساعدات حيوية منها الغذاء والخدمات الطبية والصحية والمأوى ومياه الشرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنديان لبنانيان يحرسان نقطة أمنية عند الحدود مع إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

لبنان يشترط وقف الخروق الإسرائيلية لإنجاح مهمة «مجموعات العمل»

كشفت مصادر أن الموقف اللبناني واضح برفضه أي مفاوضات دبلوماسية مع إسرائيل لتطبيع العلاقات بين البلدين، ولم يسبق لواشنطن أن طرحت الموضوع مع المسؤولين اللبنانيين.

محمد شقير (بيروت)

سوريا «الهشة» تحت ضغط العقوبات والاعتداءات الإسرائيلية

دبابة إسرائيلية تدخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل في 17 مارس 2025 (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية تدخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل في 17 مارس 2025 (إ.ب.أ)
TT

سوريا «الهشة» تحت ضغط العقوبات والاعتداءات الإسرائيلية

دبابة إسرائيلية تدخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل في 17 مارس 2025 (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية تدخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل في 17 مارس 2025 (إ.ب.أ)

منذ سقوط نظام الأسد، عمدت إسرائيل إلى تسخين الجنوب السوري، سواء بتوجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي السورية، أو في توغلات متواصلة، أو في استغلال الانقسامات الداخلية في السويداء. في وقت بدأت فيه الإدارة الأميركية ترسل إشارات تتعلق بتظهير موقفها من السلطة الجديدة «الهشة» نوعاً ما في دمشق، والتلويح بتخفيف العقوبات عن سوريا، بالتوازي مع طروحات حول إمكانية «التطبيع مع إسرائيل».

وشهد حوض اليرموك، جنوب سوريا، فجر السبت، توغلاً لآليات وعربات تتبع القوات الإسرائيلية في الأطراف الشمالية لقرية معرية في ريف درعا الغربي، وذلك بعد إطلاق القوات الإسرائيلية المتمركزة في ثكنة الجزيرة العسـكرية على أطراف القرية قنابل مضيئة في سماء المنطقة، في محيط قريتي معرية وعابدين، وفق ما أفاد به موقع «درعا 24»، الذي رصد تحليقاً لطيـران الاستطلاع الإسـرائيـلي يحلق في سماء الجنوب السوري. فيما أفادت تقارير أخرى بتوغل القوات الإسرائيلية في بلدة الرفيد وقرية العشة بريف القنيطرة، ووصل رتل عسكري إلى تل الأحمر الغربي في محافظة القنيطرة.

دبابات وجرافة إسرائيلية على مشارف مدينة القنيطرة السورية 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

استهدفت إسرائيل، فجر السبت، مطار تدمر العسكري وسط البادية السورية، بغارات جوية، وفق ما أفادت به «الإخبارية» السورية الرسمية، وأسفرت الغارة عن إصابة عنصرين من «الفرقة 42» من جراء هذه الغارات، كما تم استهداف برج المراقبة وكتيبة صواريخ ومستودع أسلحة داخل مطار «تي فور» ونقاط كانت تتبع للميليشيات الإيرانية في عهد النظام السابق. وأكد الجيش الإسرائيلي، استهداف «قدرات عسكرية استراتيجية» في قاعدتين بريف حمص وسط سوريا.

إشارات أميركية

رأى المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، في مقابلة مع الصحافي الأميركي، تاكر كارلسون، أن الرئيس السوري أحمد الشرع تغير. وقال إن هناك مؤشرات تفيد بأن الرئيس الشرع «لم يعد كما كان في السابق»، مضيفاً أن «الناس يتغيرون، وأنا شخصياً لست كما كنت قبل 30 عاماً، وربما الشرع كذلك».

دمار أحدثته غارة إسرائيلية على مدينة درعا السورية في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وقال ويتكوف إن تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل، ثم بين سوريا وإسرائيل «يمكن أن يكون جزءاً من عملية أوسع نطاقاً لإحلال السلام في المنطقة»، موضحاً أن إسرائيل تتحرك داخل لبنان وسوريا، وأنها «تسيطر عليهما ميدانياً». معتبراً أن هذه السيطرة تفتح الباب أمام تطبيع شامل في حال تم القضاء على الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران.

الباحث السياسي السوري، علي العبد لله، رأى في تصريح ويتكوف المتعلق بأن التطبيع بات «احتمالاً حقيقياً» بأنه «إعلان موقف» أكثر منه «تقديراً للموقف»، وهذا «تعبير عن توجه أميركي لصياغة الشرق الأوسط من ضمن تصور شامل لصياغة التوازنات في أكثر من إقليم»، وذلك للتفرغ لمواجهة الصين في مجالات السياسة والاقتصاد، خاصة التقنيات الدقيقة، من خلال السيطرة على المواد الخامة النادرة المهمة في هذا المجال، وعلى الممرات المائية لتطويق الصين والحد من تمددها الجيوسياسي والاقتصادي.

وأكد العبد الله أنه «في هذا السياق يأتي الحديث عن تطبيع سوريا ولبنان مع إسرائيل كدعوة واستثمار للظروف القائمة، خاصة حاجة سوريا لرفع العقوبات الأميركية؛ لأن بقاءها يمنع الدول الأخرى من التعامل مع سوريا والاستثمار فيها، ما يبقيها مدمرة وعاجزة عن تلبية متطلبات الحياة والاستمرار».

وعن قراءته لموقف السلطة السورية الجديدة، قال العبد لله: «إنها محشورة بين حاجتها لرفع العقوبات ووقف التغول الإسرائيلي في الجنوب واسترضاء قاعدتها السياسية، ناهيك عن حساب الموقف الشعبي الذي لا يزال يعتبر إسرائيل عدواً قومياً»، مرجحاً «بحثها عن مخرج يتقاطع مع هذه العوامل، ويخفف من ثقلها في الوقت نفسه».

قوة إسرائيلية متموضعة على مشارف مدينة القنيطرة السورية في 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وحتى الآن تلتزم سلطة الشرع بتعهدها بألا تمثل تهديداً لدول الجوار، من دون إبداء موقف بشأن التطبيع مع إسرائيل، حيث لا تزال تتجنب الاستفزازات الإسرائيلية، وتأكيد تمسكها باتفاق 1974 لفض الاشتباك، وإبلاغ الأمم المتحدة بالتجاوزات الإسرائيلية والمطالبة بردعها. فيما تطالب برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا التي لا تزال تشكل عائقاً كبيرا أمام عملية إعادة الاستقرار في ظل واقع داخلي شديد الهشاشة.

وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، قالت، الجمعة، إن من المتوقع تخفيف العقوبات بما يخص التحويلات المالية، مؤكدة أن بلادها لا تنوي حالياً إلغاء العقوبات، وأنها ستراقب تصرفات الإدارة السورية الجديدة في الوقت الذي تحدد فيه سياساتها تجاه الحكومة بدمشق.

وتفرض أميركا والدول الأوروبية عقوبات على سوريا، منذ عام 2011، على خلفية استخدام النظام السابق العنف المفرط في قمع الاحتجاجات ضده، وبعد سقوط النظام ربط الجانبان الأميركي والأوروبي رفع العقوبات بسلوك السلطة الجديدة.

وجددت واشنطن دعوتها لدمشق بتشكيل حكومة شاملة بقيادة مدنية في سوريا، وفق ما أشارت إليه بروس، التي دعت إلى تشكيل حكومة شاملة يقودها مدنيون يمكنها ضمان أن تكون المؤسسات الوطنية فعالة وسريعة الاستجابة وتمثيلية.

سوريون يرفعون الركام من موقع استهدفته غارة إسرائيلية في مدينة درعا في 18 مارس 2025 (إ.ب.أ)

توتر في السويداء

في محافظة السويداء، اندلعت اشتباكات مسلحة ليل الجمعة - السبت قريباً من حي العشائر في مدينة «شهبا»، وقالت مصادر محلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط» إن التوترات لم تهدأ في المحافظة، وأشارت المصادر إلى أن التباين في المواقف من الحكومة بدمشق، المتعقلة بالإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية، ومسألة تسليم السلاح، «ما زال يولد الاحتقان الذي ينذر بمزيد من التصادمات والانقسام». وأكدت المصادر أن جهوداً أهلية تبذل لمنع انفجار التوتر، رغم محاولات بعض الأطراف تفجيرها مع مواصلة الضغط وتأجيج الخلافات.

وكان مركز إعلام السويداء ذكر، في وقت سابق، أن الأمن العام قام، الجمعة، بتأمين طريق دمشق - السويداء بشكل كامل، وذلك عقب إغلاقه من قبل مجموعة من أهالي المنطقة؛ احتجاجاً على حادثة وقعت، الثلاثاء الماضي، في السويداء. وتحرك عدة جهات في السويداء لتهدئة الأوضاع وضمان استقرار المنطقة.