الضفة الغربية... الحرب المسكوت عنها

«الشرق الأوسط» ترصد تداعيات عمليات إسرائيل وهجمات المستوطنين

TT

الضفة الغربية... الحرب المسكوت عنها

عشرات المستوطنين يهاجمون قرية المغير شرق رام الله أبريل الماضي (الشرق الأوسط)
عشرات المستوطنين يهاجمون قرية المغير شرق رام الله أبريل الماضي (الشرق الأوسط)

مع اندلاع شرارة الحرب في غزة، شرعت إسرائيل في شنّ حرب موازية أخرى ميدانها الضفة الغربية. فمنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أطلقت إسرائيل حملةً عسكريةً واسعةً على المدن الفلسطينية، خلّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى والأسرى، وألحقت دماراً واسعاً بالأحياء والبنى التحتية.

كما أطلقت إسرائيل يد ميليشيات المستوطنين الذي شرعوا في شنِّ هجمات على القرى والبلدات الفلسطينية، التي ارتفعت حدتها لأعلى مستوى على الإطلاق تحت غطاء من الحكومة الإسرائيلية على وقع تسارع وتيرة ضم الأراضي وتوسيع الاستيطان في الضفة.

حرائق وترهيب

«الشرق الأوسط» رصدت الأوضاع على الأرض، وعاينت ما ألحقته العمليات العسكرية من دمار منذ أكتوبر الماضي، وما خلّفته هجمات المستوطنين من حرائق وترهيب في القرى والبلدات، وكذلك استمعت لشهادات من أسرى فلسطينيين خرجوا مؤخراً من السجون الإسرائيلية ووثّقوا فصولاً من التعذيب والتنكيل والاعتداءات الجنسية.

العمليات العسكرية... مشاهد من غزة بالضفة

خلال الشهور الماضية، أضحت شوارع مدن شمال الضفة الغربية مسرحاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ صعّد الجيش من وتيرة الاقتحامات التي باتت تتمدد لأيام، ويفرض فيها الجيش حصاراً على المدن والبلدات.

ودفع الجيش بآلاف الجنود لشوارع الضفة الغربية بهدف ملاحقة الكتائب الفلسطينية المسلحة وضرب بنيتها التحتية.

وفي استدعاء لسيناريو الانتفاضة الثانية عام 2000، أدخل الجيش سلاح الطيران لمعركته في الضفة، إذ نفّذ عشرات الغارات وعمليات الاغتيال التي شاركت فيها طائرات مقاتلة ومروحيات، وكذلك الطائرات المسيّرة. ودفع الجيش بالجرافات لميدان حربه بالضفة، التي شرعت في عمليات هدم وتجريف واسعة طالت البنى التحتية الرئيسية بالمدن، وسوّت أحياءً سكنية كاملة بالأرض ما دفع سكانها للنزوح.

حقائق

6266 قتيلاً وجريحاً

في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر 2023

وتشير الأرقام الرسمية الفلسطينية إلى سقوط أكثر من 766 قتيلاً وإصابة أكثر من 5500 شخص منذ بدء التصعيد في أكتوبر الماضي.

وارتفعت حدة هجمات المستوطنين بالضفة الغربية إلى أعلى مستوى على الإطلاق منذ اندلاع الحرب في غزة، التي طالت قرى ومناطق فلسطينية عدة من شمال الضفة الغربية إلى جنوبها. ويتعرّض السكان لموجات مستمرة من العنف والترهيب على يد المستوطنين المسلحين الذين يهاجمون القرى ويطلقون النار على سكانها ويشعلون الحرائق في البيوت والممتلكات.

يترافق ذلك مع غطاء من الحكومة الإسرائيلية التي أقرّت بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية في أكبر عملية استيلاء على أراضي الضفة منذ عقود، وفقاً لمنظمات حقوقية. وقُتل أكثر من 20 فلسطينياً برصاص المستوطنين، وأُصيب المئات في اعتداءات مختلفة.

«الشرق الأوسط» زارت قرية المغيّر شرق مدينة رام الله، التي كانت مسرحاً لإحدى كبرى هجمات المستوطنين، منتصف أبريل (نيسان) الماضي، إذ شنّ أكثرُ من 1000 مستوطن مسلّح هجوماً على القرية أسفر عن وقوع عشرات الضحايا وخلّف دماراً واسعاً.

تغطية هجمات المستوطنين

يستذكر أمين أبو عليا، رئيس المجلس المحلي لقرية المغيّر، تفاصيل ذلك الهجوم الدامي: «تجمّع أكثر من 1500 مستوطن في محيط القرية، غالبيتهم؛ أي أكثر من ألف مستوطن كانوا مسلحين. ثم بدأوا بالهجوم على المنازل، وشرعوا بالحرق وإطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين وعلى النساء والأطفال والممتلكات».

أسفر الهجوم عن مقتل أحد السكان وإصابة أكثر من 72 شخصاً بالرصاص الحي. ويلفت أبو عليا إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي وفّرت غطاءً للمستوطنين قبل وأثناء الهجوم على القرية: «قوات الاحتلال كانت شريكة في الجريمة يوم 12 من أبريل. نصف الإصابات كانت برصاص قوات الاحتلال».

شهادات «صادمة»

نفّذت إسرائيل منذ أكتوبر الماضي حملات اعتقال غير مسبوقة طالت آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ حيث نقلتهم لسجونها التي باتت مكتظة للغاية ويكابد فيها الأسرى الفلسطينيون فصولاً من التنكيل. يروي أسرى فلسطينيون لـ«الشرق الأوسط» اعتُقلوا بعد السابع من أكتوبر، وأُفرج عنهم مؤخراً، شهادات صادمة عن فصول من التعذيب والتنكيل والاعتداءات الجنسية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بحق المعتقلين في سجونها.

يسرد عمر عساف، في العقد السابع من عمره، فصولاً من تجربته الأخيرة داخل المعتقلات الإسرائيلية: «رأيت العجب العجاب. التقيت مع ناس محطمة، ممزقة ملابسها، عيونها منتفخة وأضلاعها مكسرة وأرجلها منتفخة، لا يقدر أصحابها على السير».

وكان عساف تعرّض للاعتقال مرات عدة خلال العقود الماضية، وأمضى سنوات داخل السجون، بيد أنه يلفت إلى أن تجربته الأخيرة كانت مغايرة لكل المرات السابقة، إذ يرسم مقاربات بين ما عاشه وشهده داخل السجون الإسرائيلية، وما كان يجري داخل معتقلَي «أبو غريب» و«غوانتانامو» الأميركيَّين: «كان الأميركيون يكدسون السجناء العراقيين فوق بعضهم بعضاً، وهذا المشهد تكرر في سجن النقب. كذلك تكرر في النقب استخدام الكلاب، وهي ظاهرة جديدة في السجون».  

رحلة العذاب

أما الأسير السابق منذر عميرة فيستذكر تفاصيل «رحلة العذاب» التي بدأت منتصف أكتوبر الماضي حين اقتحم الجنود بيته وشرعوا في الاعتداء على من فيه قبل اقتياده للتحقيق. يوثّق الناشط في هيئة «مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية» في شهادته فصولاً من الاعتداءات الجنسية التي تعرّض لها داخل مركز التحقيق: «تم إجباري على خلع كل ملابسي ثم قال الجنود بالعبرية: (بونا دحيل هاتسيغاه)، يعني هيا بنا لنبدأ الحفلة. الأمر بالنسبة لهم حفلة. ثم شرعوا بالتقاط الصور. لم أستوعب ذلك وبقيت ملقى على الأرض قبل أن يأتي جنديان ويشرعا في رفع قدميّ. هذه اللحظة، لا توازيها لحظة في حياتك».

غياهب قسم 23

ومنذ بداية الحرب، قامت إسرائيل بنقل عدد من أسرى قطاع غزة إلى أقسام خاصة في سجونها، وفصلتهم عن أسرى الضفة الغربية. أحد هذه الأقسام المخصصة لأسرى غزة، قسم (23) في سجن عوفر، الوقع غرب مدينة رام الله بالضفة الغربية. كان عميرة في القسم (24) الذي يقابله. يوّثق عميرة شهادة على ممارسات «مروعة» تعرض لها أسرى غزة في القسم المجاور، «كنّا نسمعهم يُجبرون على العواء مثل الكلاب. كنا نسمع بكاءً وصياحاً وضرباً طيلة اليوم دون توقّف. العذاب الذي طالهم كان عذاباً شديداً، وكان هذا جزءاً من التعذيب النفسي الذي تعرضنا له. كنا نراهم يعبرون من أمام باب القسم أشباه أجساد».


مقالات ذات صلة

الشرطة الإسرائيلية تقتل 5 مسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية

العالم العربي القوات الإسرائيلية تقتل أربعة فلسطينيين في نابلس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

الشرطة الإسرائيلية تقتل 5 مسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية

قالت الشرطة الإسرائيلية إن قواتها قتلت خمسة مسلحين فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي جنود في مقبرة بالقدس يوم 6 أكتوبر الحالي خلال تشييع عسكري قُتل بهجوم بطائرة مسيّرة يُعتقد أنها أُطلقت من العراق (أ.ف.ب)

عشرات جنود الاحتياط يرفضون الخدمة في إسرائيل

كشفت مصادر إعلامية في تل أبيب عن اتساع ظاهرة التذمر في صفوف الجيش، وسط معلومات عن رفض 130 جندياً الخدمة في جيش الاحتياط.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أهالي ينعون جثمان سجى خريوش وزوجها وطفليها وشقيقها الذين استشهدوا في غارة إسرائيلية خلال جنازتهم في مخيم بالضفة الغربية 4 أكتوبر الحالي (رويترز)

بينهم أسرى سابقون... إسرائيل تعتقل 25 فلسطينياً من الضفة الغربية

اعتقلت القوات الإسرائيلية 25 فلسطينياً على الأقل من الضفة، بينهم أطفال، وسيدة، إضافة إلى أسرى سابقين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية صورة انتشرت على «إكس» للمسن أبو خليل

الجيش الإسرائيلي ينفي علمه بقتل فلسطيني مسنّ على يد جنوده في الضفة

أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن رجلاً مسناً تعرّض للضرب حتى الموت على يد قوات الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح أمس في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من مظاهرات رام الله (أ.ف.ب)

فلسطينيو الضفة يحتفلون بذكرى 7 أكتوبر ملوّحين بالرايات والأعلام

احتشد مئات الفلسطينيين في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة اليوم الاثنين في الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«بحثا عن الأمان»... لبنانيون يحملون الجنسية التركية يُبحرون من بيروت بالدموع

بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)
بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)
TT

«بحثا عن الأمان»... لبنانيون يحملون الجنسية التركية يُبحرون من بيروت بالدموع

بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)
بدأت تركيا إجلاء 2000 من مواطنيها من لبنان وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» (د.ب.أ)

تنفّست منى الصعداء أخيراً بعد أن أنهت أوراقها استعداداً للرحيل من مرفأ بيروت مع عائلتها على سفينة مخصصة لإجلاء الرعايا الأتراك، وتقول إنها تشعر بـ«الانسلاخ» عن لبنان الذي يتعرّض لقصف إسرائيلي مدمر.

وتقول منى (42 عاماً) التي تحفظت عن ذكر اسم عائلتها، وهي أُم لأربعة أبناء، من قرب مرفأ بيروت، الأربعاء: «نهرب من حرب تدمّر البشر والحجر وتسرق النوم من أعيننا».

وانسابت دموعها على وجنتيها وهي تتفقّد أكثر من عشر حقائب سفر لعائلتها، قبل أن تسافر في إطار عملية إجلاء تعدّ الكبرى والأولى عبر البحر منذ توسيع إسرائيل نطاق عملياتها القتالية في لبنان الشهر الماضي.

سيدة تركية تودِّع أحد أقاربها لدى وصولها مع آخرين إلى نقطة تجمع في بيروت استعداداً لمغادرة لبنان (د.ب.أ)

وتضيف السيدة اللبنانية التي حصلت على الجنسية التركية من جدتها: «لبنان هو بلدنا. كان بلدنا أفضل بلد. دمّروا حياتنا وسرقوا ضحكتنا»، مضيفةً بتأثر: «الآن أصبحنا مشردين. أشعر أنني أنسلخ عن بلدي».

وكانت منى وعائلتها في عداد نحو ألفي مواطن تركي، معظمهم من اللبنانيين مزدوجي الجنسية الذين يستعدون للإبحار، ظهر الأربعاء، من بيروت على متن سفينتين تابعتين للبحرية التركية أقلَّتا نحو 300 طن من المساعدات الإنسانية إلى بيروت.

بعد عام من تبادل إطلاق النار عبر الحدود اللبنانية بين «حزب الله» وإسرائيل، كثّفت الدولة العبرية منذ 23 سبتمبر (أيلول) قصفها على مناطق تعد معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية. كما تستهدف مدناً وبلدات غير محسوبة على الحزب، على غرار منطقة الشوف في جبل لبنان أو مدينة طرابلس شمالاً، مما يثير شعوراً بعدم الأمان لدى كثيرين.

مواطن تركي يجر عربة أولاده أمامه وحقائب السفر من خلفه (د.ب.أ)

في قاعة عند واجهة بيروت البحرية، كان البكاء والوجوم ظاهرَين بينما كان المستعدّون للإبحار يودّعون أحبّاء. ووقف دبلوماسيون أتراك يساعدون ويتحدّثون إلى الرعايا الأتراك الذين جمعوا أغراضهم على عَجَل في حقائب ملوّنة اكتظ بها المكان.

وتقول ولاء الآغا (41 عاماً) وهي فلسطينية وُلدت في لبنان وعاشت كامل حياتها في بيروت وتحمل جواز سفر تركياً، إنها ترحل «باحثةً عن الأمان».

وتضيف الأم لطفلين التي اتشحت بالسواد: «حتى لو أننا نقيم بعيداً عن القصف، لا يوجد أمان. نسمع أصوات القصف ونتأثر نفسياً».

وتتابع بينما تودّع قريباتها بالدموع: «أرحل تاركةً قطعة من قلبي».

قربها، تقف شقيقتها سلوى شاردةً غير منتبهة لبكاء ابنتها الصغيرة. وتقول بحسرة: «نحن ذاهبون إلى المجهول... نغادر فقط بحثاً عن الأمان لأبنائنا».

امرأة تركية تصل مع هرّتها إلى نقطة تجمع في بيروت استعداداً لمغادرة لبنان (د.ب.أ)

«وضع أمني متدهور»

ويُقدَّر عدد المواطنين الأتراك المسجلين في القنصلية التركية في لبنان بنحو 14 ألفاً، حسب السفارة.

ويقول السفير التركي في لبنان علي بارش أولوسوي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ السفارة تلقَّت «عدداً متزايداً من طلبات الإجلاء نظراً للوضع الأمني المتدهور في ظل العدوان الإسرائيلي».

ويوضح أنّ بلاده تنظّم «عملية إجلاء واسعة النطاق حتى نتمكّن من إجلاء عدد كبير من المواطنين في يوم واحد»، مشيراً إلى أن عملية الإجلاء، الأربعاء، تشمل نحو ألفي شخص.

ترسو سفينة عسكرية تركية في ميناء بيروت استعداداً لإجلاء الرعايا الأتراك من لبنان الذي مزقته الحرب (أ.ف.ب)

وجلب بعض المسافرين أفراداً من أسرهم لا يحملون جوازات سفر تركية على أمل أن يُسمح لهم بالمغادرة، وكانوا ينتظرون بقلق عارم صدور الموافقة.

بين هؤلاء فادي عميرات الذي حصل على الجنسية التركية من زوجته، ويقول إنه يأمل في الهرب من «أقوى حرب في لبنان» برفقة والديه اللبنانيين.

ويؤكد السفير أولوسوي أنّ بلاده ستطبّق «استثناءات».

وبينما كان الرعايا الأتراك، وكثر منهم كبار في السن وأطفال يتدفقون إلى القاعة، يقول أولوسوي: «عادةً تقتصر عمليات الإجلاء المماثلة على مواطني البلد... لكن من أجل وحدة الأسرة، اعتمدنا سياسة مرنة لقبول أقارب الدرجة الأولى للمواطنين الأتراك الذين ليسوا بالضرورة مواطنين، مثل الأزواج أو الأطفال أو الوالدين».

ويوضح أنّ بلاده قد تنظّم عمليات إجلاء إضافية تبعاً «لعدد الطلبات الإضافية ومسار الوضع الأمني في لبنان».

يُقدَّر عدد المواطنين الأتراك المسجلين بالقنصلية التركية في لبنان بنحو 14 ألفاً (د.ب.أ)

«حرب طويلة»

وتكثّف إسرائيل غاراتها الجوية خصوصاً على ضاحية بيروت الجنوبية التي يقع مطار رفيق الحريري، الوحيد في البلاد، عند أطرافها. واستهدفت غارة منطقة المصنع الحدودية مع سوريا، مما أدّى إلى قطع المعبر البرّي الرئيسي بين البلدين. ولا يزال كثير من الأشخاص يسلكونه يومياً سيراً على الأقدام للفرار من لبنان إلى سوريا.

وأكد وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، الثلاثاء، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الحكومة «تسعى إلى أن تُبقي المرافق العامة، براً وبحراً وجواً، سالكة، وأولها مطار (رفيق الحريري الدولي)».

مواطنون أتراك ولبنانيون يحملون الجنسية اللبنانية يصلون إلى نقطة تجمع في بيروت استعداداً لمغادرة لبنان (د.ب.أ)

وقال إن السلطات تلقت خلال اتصالاتها الدولية «تطمينات» لناحية عدم استهداف إسرائيل مطار رفيق الحريري الدولي، لكنها لا ترقى إلى «ضمانات» على وقع غارات كثيفة في محيطه.

بينما كان يسير خلف ابنتيه ويحمل فوق كتفه حقيبة سفر كبيرة بعدما انكسرت عجلتاها، يروي التركي غازي يوسف أنّها المرّة الأولى التي يفكّر فيها بمغادرة لبنان.

ويقول الرجل (58 عاماً) المقيم في لبنان منذ ثلاثين عاماً: «هذه المرة القصف أعنف وأكبر» مقارنةً مع حرب 2006 حين خاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مدمّرة استمرت 34 يوماً وخلّفت قرابة 1200 قتيل في لبنان، معظمهم مدنيون.

مريم درويش مواطنة لبنانية من أصل تركي تنتظر التسجيل للصعود على متن السفن البحرية التركية لمغادرة لبنان (رويترز)

ويشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً متمادياً باتت خلاله غالبية السكان تحت خط الفقر مع عجز الدولة عن توفير أبسط الخدمات.

لكنّ ذلك لم يدفع اللبناني التركي الذي يعمل في قطاع العقارات محمّد دياب إلى مغادرة البلاد. لكنه اليوم قرّر الرحيل.

ويقول الأب لطفلين وهو يقف قرب والده، مريض الكلى الذي يستخدم كرسياً متحركاً: «الوضع أصبح أسوأ بكثير ولا يسمح لنا بأنّ نستمر في لبنان».

ويضيف أنه يغادر من دون خطة واضحة للحياة في تركيا، متابعاً: «إذا تحسّن الوضع، سنعود لكن يبدو أن الحرب ستطول».