إسرائيل تفتح جبهة جديدة في جنوب لبنان

نتنياهو أكد مقتل صفي الدين... ووزيرا الدفاع السعودي والأميركي ناقشا خفض التصعيد بالمنطقة


أسرة لبنانية نازحة جراء الحرب تفترش كورنيش عين المريسة في بيروت أمس (أ.ف.ب)
أسرة لبنانية نازحة جراء الحرب تفترش كورنيش عين المريسة في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تفتح جبهة جديدة في جنوب لبنان


أسرة لبنانية نازحة جراء الحرب تفترش كورنيش عين المريسة في بيروت أمس (أ.ف.ب)
أسرة لبنانية نازحة جراء الحرب تفترش كورنيش عين المريسة في بيروت أمس (أ.ف.ب)

افتتح الجيش الإسرائيلي جبهةَ جديدة في جنوب لبناني، تتركز في القطاع الغربي، من غير تحقيق تقدّم استراتيجي في منطقة باتت خالية من السكان، وتتعرض لقصف مدفعي وجوي على مدار الساعة.

وقالت مصادر أمنية إنه على الرغم من محاولات التوغل التي وقعت في منطقتي العديسة وكفركلا، وأخرى على محور يارون ومارون الراس، وعلى محور وسطي بينهما في بليدا، وتحقيق «اختراق محدود» مكّن القوات الإسرائيلية من نشر صور لها في أحياء على حافة الحدود، فإن الهدف هو «السيطرة على المرتفعات الحدودية اللبنانية، بهدف منع مقاتلي الحزب من الإطلالة على الأراضي الواقعة في الضفة الثانية من الحدود ومراقبتها، واستهداف الجيش (الإسرائيلي) فيها».

وفي سوريا، قتل أربعة اشخاص بينهم اثنان غير سوريين، في غارة إسرائيلية استهدفت مبنى على صلة بـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» في منطقة تضم مقار أمنية وبعثات دبلوماسية بدمشق، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

وفي تطور لافت، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، مقتل هاشم صفي الدين، خليفة زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، بعد استهدافه بغارة جوية الخميس الماضي، مؤكداً أن إسرائيل استطاعت أيضاً القضاء على بديل صفي الدين، دون أن يذكر اسم الشخص. بدوره، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، أمس، إن إمكانات الحزب «بخير»، وما تقوله إسرائيل عن ضرب قدرات الحزب «وهم». وأكد في كلمة متلفزة تأييد جهود رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، لوقف إطلاق النار.

في سياق متصل، بحث الأمير خالد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي مع نظيره الأميركي لويد أوستن، في اتصال هاتفي، الثلاثاء، آخر التطورات الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة لخفض التصعيد في المنطقة.


مقالات ذات صلة

تباين أميركي ــ إسرائيلي حول «طبيعة الرد» على إيران

شؤون إقليمية 
جنود إسرائيليون بالقرب من طائرة مقاتلة من طراز «إف-35» الأميركية الصنع بعد هبوطها في إسرائيل بقاعدة «نيفاتيم» الجوية (رويترز)

تباين أميركي ــ إسرائيلي حول «طبيعة الرد» على إيران

برز تباين بين المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين حول كيفية الرد على الهجمات الباليستية التي شنتها إيران على إسرائيل الأسبوع الماضي، حيث ألغى رئيس الوزراءز

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

مركز إنساني «يدير» هجمات الحوثيين

يسلط تحقيقٌ لمنظمة غير حكومية سويسرية الضوء على ما يُسمى «مركز تنسيق العمليات الإنسانية» الذي استحدثته الجماعة الحوثية في فبراير (شباط) الماضي لإدارة هجماتها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا 
مشهد من المعارك التي تجددت قبل أيام في أحد أحياء الخرطوم (رويترز)

500 قتيل خلال 4 أيام في السودان

أدانت أحزابٌ وقوى سياسية سودانية، أبرزها «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، القصف الجوي والمدفعي الذي سُجّل خلال الأيام الأربعة الماضية، وأدى إلى مقتل.

أحمد يونس (كمبالا)
يوميات الشرق الأكاديمية السويدية للعلوم لدى إعلانها اسم الفائزين بجائزة نوبل للفيزياء في استوكهولم أمس (إ.ب.أ)

«نوبل الفيزياء» لرائدين في التعلم بالذكاء الاصطناعي

حصد الأميركي جون هوبفيلد والبريطاني الكندي جيفري هينتون، جائزة نوبل في الفيزياء، أمس الثلاثاء، تقديراً لاكتشافاتهما وابتكاراتهما الجوهرية التي أفسحت المجال.

محمد السيد علي (القاهرة)
المشرق العربي تعدد الجبهات في ذكرى «الطوفان»

تعدد الجبهات في ذكرى «الطوفان»

حلّت، أمس، ذكرى مرور عام على عملية «طوفان الأقصى» التي تعد أكبر هجوم شنته حركة «حماس» ضد إسرائيل، وتحول راهناً إلى حرب متعددة الجبهات عبّرت عن نطاقها صواريخ

«الشرق الأوسط» (عواصم)

أصغر نازحي لبنان... رضيع بلا منزل وحياة داخل «مدرسة إيواء»

الطفل أحمد الذي يبلغ من العمر 19 يوماً (الشرق الأوسط)
الطفل أحمد الذي يبلغ من العمر 19 يوماً (الشرق الأوسط)
TT

أصغر نازحي لبنان... رضيع بلا منزل وحياة داخل «مدرسة إيواء»

الطفل أحمد الذي يبلغ من العمر 19 يوماً (الشرق الأوسط)
الطفل أحمد الذي يبلغ من العمر 19 يوماً (الشرق الأوسط)

عند ولادة طفل جديد في معظم بلدان العالم تستقبله عائلته بالورود والبالونات الملوّنة، والحلويات الطازجة، والضحكات الممزوجة بدموع الفرح والامتنان، وكان هذا هو حال عائلات لبنان منذ زمن غير بعيد، أما الآن، وسط تدهور الوضع الأمني مع تصاعُد القصف الإسرائيلي، خصوصاً على جنوب البلاد وضاحية بيروت الجنوبية، بات حال الأهل الذين ينتظرون مولوداً جديداً مختلفاً.

«قلق وخوف وحزن وإحباط»... بهذه الكلمات تصِف منال، الشابة النازحة من بلدة الغازية بجنوب لبنان وضعها، حيث اضطرت إلى اللجوء لمركز إيواء بعد ولادة طفلها الثاني مباشرةً.

وضعت منال طفلها أحمد، البالغ من العمر 19 يوماً، في 20 سبتمبر (أيلول)، قبل بضعة أيام من تصاعُد حدة الضربات الإسرائيلية على مناطق لبنانية عدة، وتشرح في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ولدتُ ابني أحمد في مستشفى الراعي في الغازية، بقضاء صيدا، وكانت قرى الجنوب تتعرض للقصف باستمرار».

وتابعت: «عندما خرجت من المسشتفى كان الوضع قد تأزّم بالفعل في منطقتنا، فعرفت حينها أن أحمد لن يتمكن من التعرّف جيداً على منزله أو بلدته للأسف».

وبعد 3 أيام من الولادة توجّهت منال رُفقةَ طفلَيها وزوجها وعائلته، إلى بلدة كفرحتى في الجنوب، ولكن تزامناً مع وصولهم إلى هناك بدأ القصف ينهمر، إلى جانب منزل أقاربهم حيث لجأوا.

وتوضح منال: «كنا جالسين وسمعنا أصوات القصف، وهنا بدأ الخوف يتغلغل في قلبي أكثر، فطلبت من زوجي التوجه إلى منطقة آمنة، في محاولة لحماية طفلَينا قدر الإمكان». ولدى منال طفل آخر يبلغ من العمر سنة و9 أشهر فقط.

ومن كفرحتى بدأت رحلة أحمد، أصغر نازحِي الحرب التي يعيشها لبنان، الصعبة والمتعبة للوصول إلى الوجهة التي يأخذ منها مسكناً آمِناً اليوم.

صف مدرسي تعيش داخله النازحة منال وابنها أحمد وعائلتهما (الشرق الأوسط)

انتظار لساعات... و«ألم»

تشرح منال: «خرجنا على عجَلة من أمرنا، وتوجّهنا نحو طريق الأولي في صيدا بانتظار سيارة أجرة لنقلنا إلى جبل لبنان، انتظرنا وصول السيارة لنحو ساعة من الوقت، بينما كان أحمد يبكي باستمرار بسبب الزحمة المحيطة بنا».

ففي يوم الاثنين 23 سبتمبر، توسّعَت أهداف إسرائيل في القصف، وبدأت تطول قرى وبلدات جنوبية غير حدودية، ووصلت الضربات إلى ضاحية بيروت الجنوبية، الأمر الذي سبّب موجة نزوح ضخمة وغير مسبوقة في يوم واحد، حيث علق المواطنون بسببها على الطرقات لساعات طويلة، وصلت أحياناً لأكثر من 12 ساعة.

وتضيف منال: «توجهنا من صيدا مباشرة إلى منزل صديق لزوجي في جبل لبنان، وقضينا نحو 5 ساعات على الطرقات. كان أحمد يشعر بالضيق طوال الرحلة، بسبب التوقف المستمر وسط الزحمة، والأصوات المرتفعة المحيطة، ويبدو أنه عانى من آلام المغص، ولم يكن بحوزتي أي دواء لعلاجه».

الطفل أحمد يجلس على فراش داخل مدرسة في جبل لبنان (الشرق الأوسط)

«تهديد... فنزوح آخر»

وصلت منال وطفلاها رُفقةَ زوجها وعائلته أيضاً إلى منزل صديقهم في بلدة بالمتن في جبل لبنان، ولاقوا ترحيباً من قِبل عائلة الصديق، حسب قولها. ولكن بعد مرور يوم واحد فقط تعرّض الرجل «لتهديد» من قِبل صاحبة المنزل الذي يستأجره في البلدة، حيث طلبت منه «التخلص من النازحين، أو مغادرة منزلها معهم».

ووسط هذه الحادثة اضطرت منال وعائلتها إلى النزوح مجدّداً، وتقول: «في منتصف ليل اليوم الثاني، وضّبنا أغراضنا مجدّداً، وخرجنا مع أحمد من المنزل وتوجّهنا إلى أقرب مركز إيواء، بسبب عدم قدرتنا على تحمّل تكلفة الإيجارات المرتفعة، ولم نجد إلا مدرسة رسمية تؤوينا».

ويعيش أحمد اليوم رفقةَ عائلته في مدرسة الخريبة الرسمية بجبل لبنان، داخل صف مدرسي لا يحتوي إلا على فراش ومساعدات متواضعة أمّنها لهم سكان البلدة، بينها مواد غذائية وحليب أطفال وألبسة وأغطية ملوّنة تساعدهم على الاحتماء من البرد، مع تدنّي درجات الحرارة على أبواب الشتاء.

وعن أغراضها وحاجاتها الخصوصية، تقول المرأة المنهكة بعد ولادة صعبة، وأيام أصعب لم تتمكن خلالها من الاستراحة: «كنا قد اشترينا أغراضاً كثيرة لأحمد لنستخدمها بعد ولادته، من الملابس إلى زجاجات الحليب والحرامات والألعاب، لكنني لم أتمكن من أخذ شيء معي إلا الأمور الأساسية بسبب النزوح المستعجل».

الطفل الأكبر لمنال ينام على فراش داخل صف مدرسي في المتن بجبل لبنان (الشرق الأوسط)

«انعدام الخصوصية»

تشرح منال لـ«الشرق الأوسط»: «لم أسترح منذ الولادة، وأشعر بإنهاك، الأم الجديدة في الحالات العادية يجب أن تهتم بنفسها، لكنني أعاني من قلة الخصوصية».

وبالرغم من أن بعض الجمعيات وسكان البلدة تمكّنوا من توفير المياه الدافئة والمستلزمات الشخصية لمنال وطفليها للاستحمام، فإنها تقول: «لا شيء مثل راحة منزلك، وهنا لا توجد أي خصوصية... كل شيء مُتعِب، والوضع النفسي صعب، لا يمكن لأحد أن يفرح وهو نازح، مهما كانت المناسبة».

وتضيف منال: «لا نعرف أي شيء عن وضع منزلنا في الغازية، هناك أخبار متناقلة تتحدث عن تعرّضه لأضرار كبيرة، والخوف الآن على مصيرنا بعد انتهاء الحرب».

300 ألف طفل نازح

قدّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن هنالك نحو 300 ألف طفل نازح في لبنان، من مناطق مختلفة.

ووصلت أعداد النازحين داخلياً في البلاد إلى أكثر من مليون شخص، تركوا منازلهم وممتلكاتهم وذكرياتهم، ولجأوا إلى أماكن أكثر أماناً لعلها تحميهم من القصف والدمار قدر الإمكان.

مناشدة من «انقذوا الأطفال»

حذّرت منظمة «انقذوا الأطفال» العاملة في لبنان، في بيانات على موقعها الإلكتروني من تزايُد عدد النازحين الأطفال جرّاء الحرب، مع تعرّض الكثيرين منهم لمخاطر على أصعدة مختلفة.

وقالت في أحد البيانات: «الأطفال في جنوب لبنان معرّضون لخطر شديد من فقدان حياتهم، والأذى الجسدي، والضيق العاطفي الشديد في أعقاب التوغل البرّي الذي شنّته القوات الإسرائيلية».

وتابعت: «تدعو منظمة (انقذوا الأطفال) إلى وقف فوري لإطلاق النار؛ لمنع المزيد من المعاناة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمِن، ومنع تصعيد الصراع في جميع أنحاء المنطقة».

كما أعرب فريق المنظمة في لبنان عن مخاوف متزايدة من التأثير النّفسي لهذا الوضع على الأطفال الذين «يُظهر معظمهم علامات من الحزن الشديد، بسبب النزوح والقصف المتواصلين»، حسب تعبيرهم.