جبهة جديدة إسرائيلية في جنوب لبنان... وقتال للقبض على المرتفعات

«الشرق الأوسط» ترسم خريطة المواجهات في القطاعين الشرقي والغربي

مبانٍ مدمَّرة في قرية حدودية بجنوب لبنان كما تظهر من الضفة الإسرائيلية للحدود (أ.ب)
مبانٍ مدمَّرة في قرية حدودية بجنوب لبنان كما تظهر من الضفة الإسرائيلية للحدود (أ.ب)
TT

جبهة جديدة إسرائيلية في جنوب لبنان... وقتال للقبض على المرتفعات

مبانٍ مدمَّرة في قرية حدودية بجنوب لبنان كما تظهر من الضفة الإسرائيلية للحدود (أ.ب)
مبانٍ مدمَّرة في قرية حدودية بجنوب لبنان كما تظهر من الضفة الإسرائيلية للحدود (أ.ب)

يفتتح الجيش الإسرائيلي منطقة عمليات جديدة بجنوب لبنان، تتركز في القطاع الغربي، بعد أسبوع على انطلاق العمليات البرّية التي اتخذت من القطاعين الشرقي والأوسط مسرحاً لها، من غير تحقيق تقدّم استراتيجي في منطقة باتت خالية من السكان، وتحوّلت إلى منطقة عسكرية بالكامل، وتتعرض لقصف مدفعي وجوي على مدار الساعة.

وخلافاً لتقديرات محلّلين حول القدرة على اختراق خط الدفاع الأول خلال أسبوع على أبعد تقدير، لم تُحرز القوات الإسرائيلية تقدماً استراتيجياً في داخل الأراضي اللبنانية، حسبما تقول مصادر أمنية، برغم محاولات توغل وقعت في منطقتي العديسة وكفركلا، وأخرى على محور يارون ومارون الراس، وعلى محور وسطي بينهما في بليدا، حيث تم تحقيق «اختراق محدود» على أطراف يارون ومارون الراس وبليدا، وهو اختراق مكّن القوات الإسرائيلية من نشر صور لها في أحياء لبنانية على حافة الحدود.

ويقول «حزب الله» إن وضع مقاتليه «ممتاز»، من دون الدخول في التفاصيل.

صواريخ تُطلَق من لبنان باتجاه إسرائيل (رويترز)

السيطرة على المرتفعات

وتقول مصادر في جنوب لبنان مواكبةً لتطورات المعارك الحدودية، إن محاولات التوغل الإسرائيلي في العديسة ويارون ومارون الراس وبليدا، «أراد منها الجيش الإسرائيلي السيطرة على المرتفعات الحدودية اللبنانية، بهدف منع مقاتلي الحزب من الإطلالة على الأراضي الواقعة في الضفة الثانية من الحدود ومراقبتها، واستهداف الجيش فيها»، لافتةً إلى أن المعركة على مدار تلك الأيام «شهدت محاولات حثيثة من هذا النوع، لكنها لم تنتهِ بها حسبما هو مخطط لها».

وأتاح قبض مقاتلي «حزب الله» على المرتفعات الحدودية، كشف المنطقة الواقعة أسفلها، ورصد التحركات الإسرائيلية، ومكّن المقاتلين على مدى الأشهر الـ5 الأولى للحرب من استهداف التحركات والتموضعات الإسرائيلية بالصواريخ الموجهة.

ويفسر تركز الاشتباكات في تلك المناطق الغرضَ الإسرائيلي من المعركة، حسبما تقول المصادر، إذ تقع يارون على حافة الحدود مباشرة، كذلك مارون الراس التي تتميز بموقع مرتفع عن القرى المحيطة بها، وتُطل مباشرة على منخفضات سهلية على الضفة الثانية من الحدود، كما تقع العديسة جغرافياً على مرتفع يطل على البساتين الإسرائيلية، بينما تقع كفركلا على مرتفع أعلى من مستعمرة المطلة في إصبع الجليل. ومثّلت تلك المرتفعات «مقتلاً» للتحركات الإسرائيلية أسفلها طوال فترة الحرب، حسبما تقول المصادر.

توغل على الحافة

خلال اليومين الماضيين أعلن «حزب الله» عن قصف تجمعات إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية، كان أحدها، الاثنين، في حديقة مارون الراس، المعروفة باسم «حديقة إيران»، الواقعة على الأطراف الشرقية للبلدة، والثاني أيضاً الاثنين، على مرتفع القلع في بلدة بليدا. كما أفاد، الأحد، باستهداف تدمع في خلة شعب شرق بلدة بليدا، فضلاً عن استهداف تجمّع آخر عند بوابة رميش، الواقعة إلى الغرب من يارون.

وقال مصدر أمني لبناني إن التوغلات الإسرائيلية «لا تزال عند الشريط الحدودي في 3 بلدات، ولم تتوغل إلى العمق»، لافتاً إلى أن القوات الإسرائيلية «توجد في المناطق الشرقية، وتحتمي بالمرتفعات بشكل لا تكون مكشوفة إلى مقاتلي الحزب في الداخل اللبناني»، في إشارة إلى وجودها عند حديقة إيران الواقعة في منخفض شرقي في مارون الراس، وتطل على السهول وراء الحدود، ووجودها عند الجهة الجنوبية الغربية من يارون، وهي منطقة منخفضة تفصلها عن وسط البلدة مرتفعات أيضاً، علماً بأن وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت صورة لعلم إسرائيلي مرفوع فوق منشآت حديقة إيران التي تعرضت للتدمير.

وقال المصدر: «خلافاً لذلك، لم يسجّل توغل واستقرار داخل القرى الحدودية»، بدليل «أن المدرعات الإسرائيلية لا توجَد فيها»، لكنها وضعت الصور التي تنشر في إطار «العمليات الخاطفة التي ينفذها المشاة، بعد جولات قصف عنيفة، وبحماية المسيّرات التي ترافق القوات المتوغلة».

مسيّرة إسرائيلية تحلّق في الأجواء اللبنانية (رويترز)

وكانت وسائل إعلام «حزب الله» نقلت عن ضابط ميداني حديثه عن رصدهم لتحرّك غير اعتيادي للقوات الإسرائيلية خلف موقع عسكري لقوات «اليونيفيل»، بخراج بلدة مارون الراس الحدودية في جنوب لبنان، وأن «غرفة عمليات المقاومة طلبت التريث وعدم التعامل مع التحرك؛ حفاظاً على حياة جنود القوات الدولية»، وتحدث عن فشل القوات الإسرائيلية في التقدم نحو القرية.

وفي المقابل، تحدث الجيش الإسرائيلي عن سيطرة قوات «لواء غولاني» على مجمع تابع لعناصر «حزب الله» بجنوب لبنان، وتدمير وسائل قتالية داخله، من بينها «منصة صاروخية محملة وجاهزة للإطلاق نحو بلدات الشمال»، كما «تم العثور على بنى تحتية تحت الأرض؛ حُفَر اختباء، ومساحات مكوث واستعداد كانت تستخدمها العناصر».

القطاع الغربي

وبعد 8 أيام على بدء العملية البرية، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إطلاق عملية توغل من القطاع الغربي، وذلك غداةَ دعوته لإخلاء القرى الواقعة في المنطقة.

صواريخ تُطلَق من لبنان باتجاه إسرائيل (رويترز)

وقال الجيش في بيان: «بدأت قوات الفرقة 146 التي تضم قوات اللواء 2، واللواء 205 عملية برّية محدّدة الأهداف ومحدودة في القطاع الغربي لجنوب لبنان، ضد أهداف وبنى إرهابية لـ(حزب الله)، وذلك بعد عام كانت تهم بأنشطة دفاعية على الحدود الشمالية الغربية».

وتُعدّ الفرقة 146 فرقة الاحتياط الأولى التي تنخرط في القتال بجنوب لبنان، في إطار حملة «سهام الشمال»، حيث تعمل القوات برفقة قوات مدفعية وقوات إضافية لكشف بنى تحتية لـ«حزب الله» وتدميرها.

ولا تنظر المصادر الميدانية إلى عملية التوغل في القطاع الغربي على أنها أسهل من القطاع الشرقي أو الأوسط، «بالنظر إلى الاستحكامات والمناطق المفتوحة وغير المأهولة في المنطقة التي تعطي القوات المدافِعة فرصة للمناورة والتحرك أكثر».

وبثّت وسائل إعلام قريبة من الحزب، مشاهد لآليات عسكرية إسرائيلية تحترق في منطقة اللبونة الواقعة إلى الشرق من بلدة الناقورة في جنوب غرب لبنان. وقالت إن مقاتلي الحزب «رصدوا قوة للعدو الإسرائيلية تسلّلت من خلف موقع القوات الدولية في اللبونة، وتعاملت المقاومة معها بالأسلحة المناسبة، وحققت فيها إصابات مؤكدة بين قتيل وجريح، مما أجبر قوة العدو المتسلّلة على الانسحاب خلف الشريط الحدودي من حيث تسلّلت».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تطالب سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها

المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

إسرائيل تطالب سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها

طالب الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم (الأحد)، سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها تمهيداً لقصفها، محذراً السكان من التوجه جنوباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي 
مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)

مجازر إسرائيلية جوالة في لبنان

وسعَّت إسرائيل مجازرَها الجوالة داخل الأراضي اللنبانية بين بيروت والجنوب والبقاع، بالتزامن مع زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايك كوريلا إلى

نذير رضا ( بيروت)
المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية.

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تطالب سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
TT

إسرائيل تطالب سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها

أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)
أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

طالب الجيش الإسرائيلي في بيان اليوم (الأحد)، سكان 5 بلدات في جنوب لبنان بإخلائها تمهيداً لقصفها، محذراً السكان من التوجه جنوباً.

والبلدات الخمس هي زوطر الشرقية وزوطر الغربية وأرنون ويحمر والقصيبة.

وقال الجيش الإسرائيلي: «عليكم إخلاء منازلكم فوراً والانتقال إلى شمال نهر الأولي. لضمان سلامتكم، يجب عليكم الإخلاء دون تأخير. كل من يوجد بالقرب من عناصر (حزب الله) أو منشآته أو أسلحته يعرض حياته للخطر».

كما قال الجيش الإسرائيلي في بيان منفصل، إن صفارات الإنذارات دوت في وسط البلاد بسبب صواريخ أطلقت من لبنان.

وأضاف الجيش أنه رصد 6 قذائف عبرت من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية، وقال إن قواته الجوية اعترضت 5 صواريخ منها، وسقط الأخير في منطقة مفتوحة.