بعد إعلان الشرطة العسكرية، التابعة للحكومة المؤقتة في «الائتلاف السوري» المعارض، إغلاق معبر «عون الدادات» أمام حركة العائدين لمناطقهم، الاثنين، عدّت الإدارة الذاتية (الكردية) في شمال شرقي سوريا، أن الإغلاق سيدفع إلى تفاقم معاناة النازحين الهاربين من الحرب الدائرة في لبنان.
استقبلنا اليوم في معبر عون الدادات بريف جرابلس شرقي #حلب، نحو 1700 مدنياً من عوائل سورية قادمة من لبنان، هرباً من ظروف الحرب وبحثاً عن الحياة في مناطق شمال غربي سوريا التي لاتزال ترزح تحت وطأة حرب النظام وروسيا والميليشيات الداعمة لهم وهجماتهم المستمرة على المدنيين، وكانت فرق... pic.twitter.com/YF7Du789L8
— Raed Al Saleh ( رائد الصالح ) (@RaedAlSaleh3) October 3, 2024
وفي الوقت الذي نفى فيه مسؤول كردي بارز إغلاق المعبر من طرف «الإدارة الذاتية»، وأن مناطقها ومعابرها مفتوحة أمام حركة الراغبين بالعودة لمناطقهم الأصلية؛ وصلت سيارات إسعاف «الدفاع المدني» السوري إلى ساحة المعبر، ونقلت عدداً من الحالات الإنسانية، بينهم مرضى وكبار السن قادمين من لبنان.
وكانت حكومة الائتلاف المؤقتة قد ذكرت، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، يوم الاثنين، أن المعبر مغلق حتى إشعار آخر، مبررة قرارها أنه نتيجة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وما وصفته بـ«التصرفات غير الأخلاقية» في ساحة عون الدادات، من قبل عناصر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، «تجاه القادمين من مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام السوري»، دون أن يتطرق البيان لتفاصيل هذه التصرفات.
قادمين من لبنان.. ١٨٬٣٥١ سوريًا ولبنانيًا وصلوا إلى إقليم شمال وشرق سورياhttps://t.co/FcH4UDcneT
— الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا (@aanes__official) October 8, 2024
بدورها، أعلنت «الإدارة الذاتية» أن أكثر من 18 ألف نازح سوري عبروا مناطق النظام السوري قادمين من لبنان إلى مناطق سيطرتها شمال شرقي البلاد، بينهم 53 لبنانياً. ويستخدم قسم من هؤلاء العائدين معبر «عون الدادات» للتوجه إلى مناطقهم في بلدات جرابلس وأعزاز وأريافهما، حيث يقع المعبر في ريف بلدة منبج شمال شرقي محافظة حلب، ويتصل مع مناطق سيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري» التابعة لحكومة الائتلاف المؤقتة في منطقة «درع الفرات» الخاضعة للنفوذ التركي.
وفي معرض ردّه على إغلاق معبر «عون الدادات» أمام السوريين العائدين من لبنان، بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر واجتياز عشرات الحواجز الأمنية، قال شيخموس أحمد، رئيس مكتب النازحين واللاجئين بالإدارة الذاتية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن المعبر مفتوح من طرف الإدارة، «فمنذ اليوم الأول لعودة اللاجئين السوريين من لبنان، فتحت الإدارة جميع معابرها مع مناطق حكومة النظام السوري، ومع الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، أمام من يريد العبور لباقي المناطق استجابة للأزمة الإنسانية العاجلة».
ولفت هذا المسؤول أن قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة قامت بحماية وتسهيل عبور عشرات الحفلات والسيارات التي تقل العائدين من خلال عمليات الترفيق، «وأوصلتهم لنقطة المعبر للتوجه نحو مناطقهم بريف حلب الشمالي، وقد عبر بالفعل أكثر من ألف مواطن من مناطقنا إلى المناطق المحتلة الخاضعة للنفوذ التركي، بعد تقديمنا كل التسهيلات اللازمة لعبورهم».
النازحة ريم، البالغة من العمر 52 سنة، وهو اسم مستعار لسيدة سورية تنتظر في ساحة العون وتتحدر من بلدة جرابلس الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، عبّرت عن خشيتها على عائلتها؛ زوجها وأبنائها الذين قضوا 12 سنة في لبنان، من العودة العكسية لبلدهم: «عشنا الخوف بكل تفاصيله، ليس بسبب القصف الإسرائيلي الشديد، لكن ابني الكبير بعمر الجيش، خفت من حواجز النظام، ومن حواجز (قسد) باعتباره متخلفاً، أما اليوم فمنعونا من الدخول، ويزداد خوفي كل لحظة أبقى فيها هنا».
إغلاق المعبر ينعش التهريب
وخلال الأيام الماضية، وبعد النزوح السوري الكبير من لبنان، سمحت سلطات «الإدارة الذاتية» وفصائل «الجيش الوطني» بالسماح لعبور آلاف من الراغبين في العودة لمناطقهم شمال البلاد من معبر «عون الدادات»، ويقدم الراغبون في العودة طلباً لدى «الشرطة العسكرية» ليأتي الردّ بالموافقة بنفس اليوم، أو في اليوم التالي. أما الذين ترفض طلباتهم فيسلكون طرقاً غير شرعية، مقابل دفع مبالغ مالية للمهربين، تصل إلى 400 دولار أميركي.
ونوّه المسؤول في الإدارة، شيخموس أحمد، بأن يوم أمس (الاثنين) وبعد قرار الشرطة العسكرية بإغلاق المعبر، وصلت 3 حافلات محملة بالركاب لنقطة المعبر، وبعد حصولهم على الموافقة لعبورهم لمناطقهم، «تفاجئوا بقرار المنع ونقلوا لنا أنهم تعرضوا للتهديد بالاعتقال من قبل الجهات المسيطرة على المعبر من طرف جرابلس، وتعرضهم للابتزاز المادي لإدخالهم بطرق التهريب على الرغم من تفاقم مأساتهم الإنسانية»، على حدّ تعبيره.
دخول حوالي 2000 لاجئ سوري من لبنان إلى الشمال السوري المحرر عبر معبر عون الدادات في ريف حلب، بعد أن علقوا عند المعبر لعدة ساعات بسبب عدم موافقة الشرطة العسكرية على دخولهم المنطقة. pic.twitter.com/PcJGh0UMkP
— سنا ترك (@SenaTurkNews) October 3, 2024
وأكد شاهد ثانٍ، طلب عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، خلال اتصال هاتفي، أن استمرار إغلاق المعبر سينعش طرق التهريب، ويدفع كثيراً من العوائل القادمة من لبنان والعالقة في ساحة معبر العون، «إلى دفع مبالغ للمهربين للدخول لمناطق (درع الفرات)، وقد اتصلت بعدد من الأشخاص وقالوا لنا يجب دفع ما بين 250 إلى 400 دولار أميركي عن كل شخص واحد»، حتى الطفل الذي يبلغ عمره 12 عاماً يطلبون المبلغ نفسه.
ونقلت صفحات محلية ومواقع إخبارية أن سيارات منظمة «الدفاع المدني السوري» وصلت إلى ساحة المعبر، اليوم (الثلاثاء)، وأجلت عدداً من الحالات الإنسانية كالمرضى وكبار السن والنساء الحوامل، وأكدت هذه المنظمة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أن 1700 مدني دخلوا عبر معبر «عون الدادات» الإنساني إلى شمال غربي سوريا، أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، في رحلة جديدة من القهر تعيشها العائلات السورية التي كانت لاجئة في لبنان بعد فرارهم من الحرب.