لبنان يوجّه نداءً إلى الأمم المتحدة لإنشاء جسر جوي لإيصال المساعدات

427 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الملحة فقط

من الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مع منظمات الأمم المتحدة (رئاسة الحكومة)
من الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مع منظمات الأمم المتحدة (رئاسة الحكومة)
TT

لبنان يوجّه نداءً إلى الأمم المتحدة لإنشاء جسر جوي لإيصال المساعدات

من الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مع منظمات الأمم المتحدة (رئاسة الحكومة)
من الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مع منظمات الأمم المتحدة (رئاسة الحكومة)

وجّه رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، نداءً عاجلاً للأمم المتحدة والمانحين الدوليين لتقديم مزيد من الدعم؛ لتعزيز جهود الحكومة المستمرة في تقديم المساعدات الأساسية للمدنيين النازحين، فيما طالب رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، الأمم المتحدة بإنشاء جسر جوي لإيصال المساعدات.

وأتى نداء ميقاتي خلال الاجتماع الذي عقده في السراي الحكومي مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة وسفراء الدول المانحة، في إطار خطة الاستجابة الحكومية لأزمة النزوح الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على لبنان. وشارك في الاجتماع المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية لدى لبنان، عمران ريزا، ورئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالإنابة في بيروت، كريستين كنتسن، وعدد من الوزراء والمعنيين.

وأشار ميقاتي إلى أن لبنان «يواجه واحدة من أخطر المحطات في تاريخه، حيث نزح نحو مليون شخص من شعبنا بسبب الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على لبنان. ونحن نعمل بشكل دؤوب، بالتعاون مع المؤسسات التابعة للأمم المتحدة والدول المانحة، على تأمين الاحتياجات الأساسية للبنانيين النازحين، كما فعلنا خلال كل المراحل العصيبة التي مر بها لبنان».

وفي حين ثمّن ميقاتي دعم الأمم المتحدة والدول العربية المتواصل، فقد وجّه نداءً «بشكل عاجل لتقديم مزيد من الدعم لتعزيز جهودنا المستمرة في تقديم المساعدات الأساسية للمدنيين النازحين»، وقال: «لقد أنشأنا، بالتعاون والشراكة مع مؤسسات الأمم المتحدة، إطاراً محدداً وواضحاً وفعالاً لضمان التأمين السريع والفعال والشفاف لتقديم المساعدات الإنسانية».

وتوجه رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بالتقدير لـ«الجهود التي تبذلها الحكومة في إطار تأمين الاحتياجات الضرورية لإغاثة وإيواء النازحين، على الرغم من الإمكانات المتواضعة المتوفرة لديها»، داعياً إياها إلى بذل جهد أكبر، مؤكداً في الوقت عينه «تبني النداء الذي وجهه الرئيس نجيب ميقاتي للدول المانحة والجهات الإغاثية المعنية». وجدد الرئيس بري شكره «الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، التي بادرت بإرسال المساعدات الفورية»، مطالباً الأمم المتحدة بـ«إنشاء جسر جوي يؤمن إيصال المواد الإغاثية، ويكسر الحصار الجوي المفروض إسرائيلياً على لبنان».

وقدر الرئيس بري للنازحين «صبرهم على عظيم معاناتهم وتضحياتهم»، مناشداً إياهم «تجنب أي تعدٍّ على الأملاك الخاصة تحت أي ظرف من الظروف». وطالب الصليب الأحمر «الدولي» و«اللبناني» بالقيام بـ«واجباتهما لإيصال الإمدادات الغذائية والطبية إلى اللبنانيين في الجنوب».

وفي إطار تأمين المساعدات وتوزيعها، عقد ميقاتي أيضاً اجتماعاً وزارياً وإدارياً في إطار الاجتماعات المفتوحة بشأن معالجة أزمة النزوح. وتحدث بعدها رئيس «لجنة الطوارئ»، الوزير ناصر ياسين، مشيراً إلى أنه جرى التقدم؛ خلال الاجتماع مع الهيئات المانحة، بـ«طلب الدعم السريع للحاجات الملحة، وهو يقدر الآن بـ427 مليون دولار، وهو رقم لتغطية الحاجات الملحة فقط؛ في القطاعات التي نعمل عليها ومراكز الإيواء، وكيفية مساعدتها، والصحة والغذاء والأمور اللوجيستية... وغيرها من المواضيع التي نؤمنها للناس»، مؤكداً أن «الحاجات كبيرة، ونحن تخطينا المليون شخص من الذين تأثروا بهذه الحرب وهذا العدوان؛ إما مباشرة وإما بالنزوح عن منازلهم إلى منازل ومناطق أخرى ومراكز الإيواء».

وأوضح أن الأرقام وصلت حتى الآن إلى «أكثر من 170 ألف شخص في مراكز الإيواء، ولكن التقديرات تشير إلى أنها تخطت الـ250 ألف شخص في هذه المراكز في بيروت ومحافظة الجنوب؛ أي صيدا، وفي محافظة جبل لبنان الجنوبي، خصوصاً الشوف وعالية، التي أصبحت غير قادرة على استقبال أهلنا من المهجرين»، طالباً من النازحين التوجه إلى الشمال ومحافظة عكار.

وأكد ياسين أن لبنان اليوم في «أزمة إنسانية غير مسبوقة في حجمها وسرعة حدوثها، فهناك نحو مليون شخص انتقلوا بسرعة وخلال 24 ساعة، فهذا أمر لا يحدث إلا في الكوارث الطبيعية؛ كالزلازل التي تحدث في بعض البلدان».

وأوضح ياسين أن اجتماعاً ثانياً عُقد في السراي الحكومي مع المحافظين وكان بحضور وزراء الداخلية والأشغال والمالية، مشيراً إلى أنه سيجري تأمين سلف إضافية للتشغيل وبعض الدعم المباشر للبلديات والمحافظين.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

المشرق العربي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

كرر وزير الدفاع الأميركي، السبت، التزام بلاده التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وذلك خلال اتصال مع نظيره الإسرائيلي الذي أكد تواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
المشرق العربي عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل خمسة في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».