لماذا يشكل «حزب الله» مصدر قلق أكبر لإسرائيل من «حماس»؟

مقاتلو «حزب الله» على متن مركبة تحمل صاروخ «فجر 5» خلال عرض عسكري ببلدة النبطية جنوب لبنان 2012 (أ.ف.ب)
مقاتلو «حزب الله» على متن مركبة تحمل صاروخ «فجر 5» خلال عرض عسكري ببلدة النبطية جنوب لبنان 2012 (أ.ف.ب)
TT

لماذا يشكل «حزب الله» مصدر قلق أكبر لإسرائيل من «حماس»؟

مقاتلو «حزب الله» على متن مركبة تحمل صاروخ «فجر 5» خلال عرض عسكري ببلدة النبطية جنوب لبنان 2012 (أ.ف.ب)
مقاتلو «حزب الله» على متن مركبة تحمل صاروخ «فجر 5» خلال عرض عسكري ببلدة النبطية جنوب لبنان 2012 (أ.ف.ب)

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعربت جماعة «حزب الله» اللبنانية عن تضامنها مع حركة «حماس» الفلسطينية، وأطلقت صواريخ وقذائف الهاون والطائرات المُسيرة المتفجرة على شمال إسرائيل بشكل شبه يومي، وردَّت إسرائيل بنيرانها عليها.

وتصاعد القتال بين الجانبين هذا الأسبوع، وأسفر القصف الجوي الإسرائيلي على أهداف لـ«حزب الله» في لبنان عن مقتل المئات ودفع عشرات الآلاف إلى النزوح.

متى تأسس «حزب الله»؟ وماذا نعرف عنه؟

تشكل «حزب الله» عام 1982، من عدد من الشيعة في لبنان، رداً على احتلال إسرائيل جنوب البلاد.

ويدعم «حزب الله» ويتأثر بشدة بـ«الحرس الثوري» الإيراني. ولأنه منفصل عن الجيش اللبناني، فإنه يمكن له مهاجمة أهداف معينة دون إثارة رد الفعل الذي قد تثيره مثل هذه الخطوة إذا تمت رسمياً من الدولة. ومع ذلك، خاضت إسرائيل و«حزب الله» معارك متكررة، بما في ذلك حرب عام 2006، التي وقعت إثر اشتباكات بينهما عبر الحدود، اختطف خلالها الحزب جنديين إسرائيليين وقتل آخرين.

ومثل «حماس»، صنفت الولايات المتحدة «حزب الله» منظمةً إرهابيةً. ويُعتقد أن الجماعة كانت وراء عدد من الهجمات الكبرى على أهداف أميركية في الثمانينات.

من أين يأتي الحزب بموارده وأسلحته؟

وفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، تزوِّد إيران «حزب الله» بـ«معظم تمويله وتدريبه وأسلحته ومتفجراته، فضلاً عن المساعدات السياسية والدبلوماسية والنقدية والتنظيمية».

وتقول الوزارة إن الحزب يحصل أيضاً على تمويل من مصادر قانونية وغير قانونية، بما في ذلك «تهريب السلع المحظورة، وتزوير جوازات السفر، والاتجار بالمخدرات، وغسيل الأموال، والاحتيال على بطاقات الائتمان والبنوك»، وهو الأمر الذي نفاه الحزب مراراً وتكراراً مؤكِّداً أن جميع موارده تأتي من إيران.

كيف يختلف «حزب الله» عن «حماس»؟

لقد نما «حزب الله» ليصبح أقوى جماعة مسلحة غير حكومية في الشرق الأوسط وأهم حليف لإيران، حيث يساعد قادته في الحفاظ على شبكة إيران من الجماعات المسلحة المتحالفة، التي تشمل الحوثيين في اليمن، وفصائل عراقية وأخرى سورية.

إن القوة القتالية لـ«حزب الله» أكبر وأفضل تسليحاً وأكثر اختباراً للمعارك من قوة «حماس»، التي تدعمها إيران أيضاً.

ويقول «حزب الله» إنه لديه 100 ألف مقاتل؛ وتقدر إسرائيل أن لديه 20 ألفاً إلى 25 ألف مقاتل أساسي بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الاحتياطيين. ويقال إن «حماس» كان لديها نحو 30 ألف مقاتل في قطاع غزة قبل الحرب، وتقول إسرائيل إنها قتلت «نحو 15 ألف مسلح» في غزة منذ بدء الحرب.

ويملك الحزب ما يناهز 150 ألف صاروخ وقذيفة، وفق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

ويقول «حزب الله» إن لديه صواريخ يمكنها ضرب المناطق الإسرائيلية كافة. ورغم أن كثيراً من تلك الصواريخ غير موجه، فإن الجماعة لديها أيضاً طائرات مُسيرة وصواريخ مضادة للدبابات وللطائرات والسفن وقذائف دقيقة.

واكتسب مقاتلو «حزب الله» خبرة قتالية كبيرة منذ عام 2011، حين قاتل إلى جانب النظام السوري في الحرب بينه وبين قوى المعارضة.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي أطفال نازحون بمراكز إيواء في مدينة بيروت (رويترز)

40 % من تلامذة لبنان باتوا نازحين

بات نحو نصف تلامذة لبنان، البالغ عددهم 1.25 مليون، نازحين، وفق ما أفاد به مسؤول في وزارة التربية والتعليم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نار ودخان يظهران من موقع تعرض لقصف إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

«حزب الله» يشنّ هجوما بالمسيرات على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا

أعلن «حزب الله»، اليوم (الأحد)، شنّ هجوم بالمسيرات على قاعدة عسكرية إسرائيلية جنوب حيفا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص صور نصر الله في الطريق المؤدية إلى مطار بيروت (أ.ب) play-circle 01:35

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: قيادة جماعية لـ«حزب الله» بانتظار نهاية الحرب

بدأ في لبنان التداول باسم رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد خليفة محتملاً للأمين العام للحزب حسن نصر الله الذي قتل في غارة إسرائيلية

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
TT

«كرّ وفرّ» على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يشيعون جندياً قتل في المعارك البرية في لبنان (أ.ب)

يخوض كل من «حزب الله» والجيش الإسرائيلي معارك «كرّ وفرّ» في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، حيث يحاول الجيش التوغل داخل الأراضي اللبنانية. ونشر صوراً قال إنها التقطت هناك لجنوده يسيرون في قرية حدودية، فيما أعلن الحزب عن أن مقاتليه يصدون الهجوم الإسرائيلي، ويطلقون الصواريخ والمسيرات باتجاه أهداف في العمق.

وتفقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، قواته المنتشرة عند الحدود الشمالية، بعد نحو أسبوع من بدء عملياتها البرية في جنوب لبنان. وبحسب ما ذكر مكتبه، في بيان، زار قاعدة الفرقة 36 في منطقة الحدود اللبنانية، وهي واحدة من فرقتين تخوضان العملية البرية بشكل أساسي في جنوب لبنان.

ولم يمضِ وقت طويل على الإعلان عن الزيارة، حتى نشر الجيش الإسرائيلي صوراً قال إنها لجنوده داخل بلدات حدودية في لبنان، حيث عثرت على مواقع إطلاق «صواريخ»، وفتحات أنفاق، ومبانٍ عسكرية ووسائل قتالية ودمرتها، كما عثرت على مركبات مسلحة ووسائل قتالية تابعة لـ«قوة الرضوان»، وهي قوة النخبة في الحزب. وانتشر مقطع فيديو يظهر دبابات إسرائيلية على أطراف بلدة يارون، فيما فجّرت قواته مسجداً في البلدة.

جنود إسرائيليون يقاتلون على الحدود مع لبنان ويظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي (رويترز)

وفيما لم يذكر الجيش الإسرائيلي أي معلومات عن اجتياح البلدة، قالت مصادر ميدانية مطلعة على سير المعارك إن الجيش الإسرائيلي لم يجتح البلدة التي تشهد معارك منذ 6 أيام على أطرافها، أسوة ببلدات أخرى مثل مارون الراس وبليدا والعديسة وكفركلا، حيث يصدّ مقاتلو الحزب محاولات التوغل الإسرائيلي.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة تندلع في تلك المنطقة التي تشهد معارك «كرّ وفرّ»، من غير أن تنفي توغلات محدودة على أطراف البلدات. وتوضح أنها «تكون ضمن خطط تكتيكية للإيقاع بالجنود واقتيادهم نحو الكمائن»، نافية أن تكون القوات الإسرائيلية قد أحكمت قبضتها على أي من البلدات الحدودية. ونفت أن يكون خط الدفاع الأول على الحدود قد تعرض لاختراق.

وتمتد المواجهات على مساحة تصل إلى 30 كيلومتراً من يارون غرباً، حتى كفركلا شرقاً، وهو خط ملاصق للشريط الحدودي مع إسرائيل، وتوجد فيه مبانٍ على الجهة اللبنانية تفصلها بضعة أمتار فقط عن الحدود.

وتعد هذه المنازل بالمفهوم العسكري «خاصرة رخوة»، ويمكن التوغل فيها. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر في «حزب الله» تأكيدها أن القوات الإسرائيلية دخلت إلى أطراف بعض القرى، لكنها لم تتمكن من التقدم حتى الساعة.

جنود إسرائيليون يظهرون في صورة وزّعها الجيش الإسرائيلي وقال إنها في الأراضي اللبنانية (رويترز)

ونقل إعلام «حزب الله» عن ضابط ميداني، قوله إنّ «الثمن الذي يدفعه الجيش الإسرائيلي على مشارف بعض قرى الجنوب الملاصقة للحدود باهظ جداً على صعيد الخسائر البشرية والمادية». وأوضح أنّ «الصور التي نشرها جيش العدو (الإسرائيلي) لجنوده قرب منازل في قرية حدودية في جنوب لبنان صورت في بقعة جغرافية تبعد عشرات الأمتار عن الأراضي المحتلة، حيث كما يعلم الجميع أن بعض الجنوبيين بنوا منازلهم بالقرب من الحدود».

وأفاد إعلام «حزب الله» بأن «المقاومة حافظت على نوعية العمليات التي تتوزع على القصف بصليات صاروخية متعددة المديات والأنواع وكذلك القصف المدفعي والصواريخ الموجهة ضدّ الأفراد والدروع، وتم إدخال العبوات الناسفة إلى الميدان بعد إطلاق العدوّ عمليته البرية»، وذلك على مدى أيام.

وأعلن «حزب الله»، في بيان، أنه «لدى محاولة ‏قوة من جنود العدو الإسرائيلي التسلل باتجاه خلة شعيب في بليدا، استهدفها مجاهدو المقاومة الإسلامية الأحد بقذائف ‏المدفعية، فأُجبرت على التراجع وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة». كما أعلن عن قصف «تجمعات لجنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة المنارة ومحيطها بصلية صاروخية كبيرة»، واستهداف تحرك للجنود قرب المنطقة، فضلاً عن استهداف تجمع آخر في موقع بياض بليدا بقذائف المدفعية.

رجل يقود دراجة نارية قرب موقع استهداف إسرائيلي في منطقة صفير بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وتتبع القوات الإسرائيلية سياسة الأرض المحروقة في القرى الحدودية، بعمق يصل إلى 7 كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية، حيث نفذت عشرات الضربات الجوية، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل يشمل جميع القرى الواقعة إلى جانب الحدود.

ولم تتوقف مدفعية الجيش الإسرائيلي عن قصف كفركلا وأطراف برج الملوك والخيام، كما أغارت طائراته على الخيام وكفركلا، فضلاً عن استهداف الكورنيش البحري في الغازية. وشنّ سلسلة غارات مستهدفاً بلدة جبشيت، وأطراف بلدتي زفتا وميفدون في قضاء النبطية.

خراب ناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الكورنيش البحري في الغازية بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وأفيد عن تعرض بلدة الناقورة وجبل اللبونة لقصف مدفعي معادٍ، فيما استهدفت غارتان متتاليتان بلدة الخيام قرب منطقة الشاليهات، كما قصفت بلدتي دبين ومرجعيون.

وبعد الظهر، استهدفت غارة من مسيرة إسرائيلية دراجة نارية في بلدة جديدة مرجعيون، ومن ثم عادت ونفّذت غارة ثانية على الناس الذين هرعوا لإسعاف المصاب.

وتزامن التصعيد الجوي في الجنوب، مع تصعيد مماثل في ضاحية بيروت الجنوبية، شهد فجر الأحد ذروته، ونفذ قصفاً وُصف بـ«الأعنف»، وشمل طريق المطار القديم، ومحيط برج البراجنة ومنطقة الليلكي، ومنطقة صفير وحي الأميركان والمريجة والغبيري والشويفات والعمروسية. واستُهدفت الضاحية منذ فجر الأحد بأكثر من 25 غارة، سُمعت أصداؤها في بيروت وغطّت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة.

آثار الدمار الناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت السويفات بالضاحية الجنوبية (رويترز)

وعلى طريق المطار، استُهدف مبنى فيه مستودع للمستلزمات الطبية، وقد اندلعت النيران فيه، وسُمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أكسجين بكمية كبيرة. كما استهدفت محطة للمحروقات أيضاً على طريق المطار القديمة. وقد تطايرت شظايا الصواريخ على المنطقة المحيطة بالضاحية. ولم تتمكن فرق الإسعاف والدفاع المدني من الدخول إليها بسبب نشاط الطيران المسير الذي يستهدف كل من يدخل الضاحية.

الدخان يتصاعد نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت محيط موقع آثار بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّه سلسلة غارات خلال الليل على مرافق تخزين أسلحة تابعة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت، كما أعلن مهاجمته وسائل قتالية للحزب في منطقة بيروت.

وفي البقاع، توسعت الغارات بشكل كبير، وطالت محيط موقع آثار مدينة بعلبك في شرق لبنان.