لبنان يتحدث عن «جهوزية أميركية» لإنهاء ملف الحدود مع إسرائيل بعد وقف النار

عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل وأضرار جسيمة

خلال تشييع الشابين حسين وعلي مهدي اللذين قُتلا في قصف إسرائيلي في الناقورة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
خلال تشييع الشابين حسين وعلي مهدي اللذين قُتلا في قصف إسرائيلي في الناقورة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

لبنان يتحدث عن «جهوزية أميركية» لإنهاء ملف الحدود مع إسرائيل بعد وقف النار

خلال تشييع الشابين حسين وعلي مهدي اللذين قُتلا في قصف إسرائيلي في الناقورة يوم الاثنين (أ.ف.ب)
خلال تشييع الشابين حسين وعلي مهدي اللذين قُتلا في قصف إسرائيلي في الناقورة يوم الاثنين (أ.ف.ب)

جدّد لبنان موقفه الرافض للحرب والمتمسك بتطبيق القرار 1701، بحسب ما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب فادي علامة بعد انتهاء جلسة للجنة، عُقدت بحضور وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الذي قال إن المبعوث الأميركي آموس هوكستاين مستعد للمجيء إلى لبنان بعد وقف إطلاق النار لإنهاء موضوع الحدود.

ولفت علامة بعد اللقاء إلى أن البحث مع بوحبيب تناول القرار 1701 ومسار المفاوضات المتعلقة بالنقاط الـ13 التي يطالب بها لبنان والتي ترتبط بسيادته الكاملة، مجدداً التأكيد على أن «موقف لبنان واضح من أنه مع تطبيق هذا القرار كما أنه لا يريد الحرب وعلينا أن نرى ماذا يريد الإسرائيلي وما هي مخططاته»، ولفت إلى أن «وزير الخارجية أكد في كل اتصالاته أن الدول الكبرى الأساسية المعنية بالمنطقة تدعم موقف لبنان بألا تكون هناك حرب وتقوم بكل الضغوط لعدم تنفيذ الأطماع الإسرائيلية».

عائلة وأقرباء الشابين حسين وعلي مهدي اللذين قُتلا بقصف إسرائيلي استهدف سيارتهما الاثنين في الناقورة يحملون نعشيهما خلال تشييعهما (أ.ف.ب)

ولفت علامة إلى أنه كان هناك تأكيد من بوحبيب على موقف لبنان الرسمي الرافض لـ«التوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل وأنه سيكون آخر من يوقع إلا إذا جرى حل للدولة الفلسطينية وعودة الفلسطينيين إلى بلادهم»، مشدداً على أن «لبنان بحاجة اليوم إلى الهدوء وإلى أن تتفهم الدول المعنية بالملف اللبناني أن لبنان لديه أراضٍ محتلة وهو موضوع سيادي كما أن من حقه المطالبة بها».

ونقل علامة عن بوحبيب قوله إن «المبعوث الأميركي آموس هوكستاين مستعد للمجيء إلى لبنان في اليوم الثاني لوقف إطلاق النار من أجل استكمال المفاوضات وننهي موضوع الحدود المثبتة أصلاً وموجودة منذ 1949 وهذا ما يطالب به لبنان».

عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل وأضرار بالغة

ميدانياً، استمرت، الأربعاء، المواجهات بالوتيرة نفسها؛ حيث أعلنت وزارة الصحة عن إصابة شخصين نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت بلدة الخيام الحدودية.

وأطلق «حزب الله» عشرات الصواريخ باتجاه شمال إسرائيل ما أدى إلى اندلاع حرائق كبيرة في حين طال القصف الإسرائيلي بلدات جنوبية عدّة، ما أدى إلى إصابة شخصين، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن ضربات إسرائيلية أصابت أهدافاً تابعة لـ«حزب الله»، الأربعاء، بعد إطلاق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل، ما أدى إلى اندلاع حرائق دون أن تتسبب في أضرار بالغة، مشيراً إلى أن نحو 65 قذيفة أُطلقت من لبنان، اعترضت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية بعضها، وسقط بعضها في مناطق مفتوحة.

ولفت الجيش الإسرائيلي إلى أن خدمات الطوارئ تتعامل مع الحرائق الناجمة عن سقوط المقذوفات، نافياً سقوط قتلى أو مصابين بعدما كانت المعلومات قد أشارت إلى إصابة شخصين.

في المقابل، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن غارات إسرائيلية استهدفت وادي الحجير وأطراف بلدتي عيناثا وكونين، وأعلن «حزب الله» عن تنفيذه عدة عمليات عسكرية. وقال، في بيانات متفرقة، إن مقاتليه نفذوا هجوماً بصليات من صواريخ «الكاتيوشا» على «مقر قيادة كتيبة السهل ‏في ثكنة بيت هلل ومرابض مدفعية العدو في ديشون، وذلك «رداً على ‏‏‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، خصوصاً في بلدتي عيتا ‏الشعب والخيام»، كما استهدفوا موقع رويسات العلم ‏في تلال كفرشوبا و«تموضعاً لجنود العدو ‏في ثكنة زرعيت (مقر قيادة الكتيبة التابع للواء الغربي)».

وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إنه «خلال ساعات الليلة الماضية أغارت طائرات حربية لسلاح الجو على منصة صاروخية لـ(حزب الله) في منطقة زبقين في جنوب لبنان استخدمت لإطلاق قذائف صاروخية نحو الأراضي الإسرائيلية. كما تمت مهاجمة مبانٍ عسكرية لـ(حزب الله) في الخيام وعيتا الشعب»، مشيراً كذلك إلى أن الجيش الإسرائيلي قصف بالمدفعية علما الشعب وكفركلا في جنوب لبنان.


مقالات ذات صلة

لبنانيون يحاولون الهروب من صدمات الماضي... لكنهم خائفون من المستقبل

المشرق العربي أشخاص يصطفّون لشراء الخبز خارج مخبز في خلدة بلبنان 28 يوليو 2022 (رويترز)

لبنانيون يحاولون الهروب من صدمات الماضي... لكنهم خائفون من المستقبل

يعاني الكثير من اللبنانيين من صدمات الماضي، من الحرب الأهلية بين 1975 و1990، إلى التفجير المدمر في ميناء بيروت عام 2020، والانهيار الاقتصادي، ويخشَون المستقبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة خلال لقائه مع موظفي «المركزي» في اليوم الأخير من ولايته 31 يوليو 2023 (إ.ب.أ)

الإجراءات القضائية تتلاحق في ملفّ رياض سلامة والدولة اللبنانية تتجّه لمقاضاته

أحال النائب العام التمييزي حاكم مصرف لبنان السابق إلى النائب العام المالي الذي ادعى عليه بجرائم «اختلاس الأموال العامة والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال»

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي البطيرك الراعي مترئساً اجتماع المطارنة الموارنة (الوكالة الوطنية للإعلام)

برّي يرمي الكرة الرئاسية مجدّداً في ملعب المسيحيين

عاد رئيس البرلمان اللبناني ورمى الكرة الرئاسية في ملعب الأفرقاء المسيحيين «آملاً أن تتوصل القيادات المسيحية إلى مخرج يلبي حاجة البلاد إلى رأس للسلطة الدستورية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان المركزي آنذاك رياض سلامة يتحدث خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت 15 مايو 2017 (رويترز)

لبنان: ترجيح بقاء رياض سلامة قيد الاحتجاز حتى الأسبوع المقبل

سيبقى حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الذي ألقي القبض عليه أمس الثلاثاء بتهمة ارتكاب جرائم مالية، رهن الاحتجاز حتى موعد جلسة استماع الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

رياض سلامة... من جوائز التكريم إلى أروقة المحاكم

يشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لبنانيون يحاولون الهروب من صدمات الماضي... لكنهم خائفون من المستقبل

أشخاص يصطفّون لشراء الخبز خارج مخبز في خلدة بلبنان 28 يوليو 2022 (رويترز)
أشخاص يصطفّون لشراء الخبز خارج مخبز في خلدة بلبنان 28 يوليو 2022 (رويترز)
TT

لبنانيون يحاولون الهروب من صدمات الماضي... لكنهم خائفون من المستقبل

أشخاص يصطفّون لشراء الخبز خارج مخبز في خلدة بلبنان 28 يوليو 2022 (رويترز)
أشخاص يصطفّون لشراء الخبز خارج مخبز في خلدة بلبنان 28 يوليو 2022 (رويترز)

تُمضي اللبنانية آلاء فقيه، وهي صاحبة متجر، الليل مستيقظة، تطاردها المخاوف من كارثة أخرى قد تضرب لبنان.

ومثل الكثيرين غيرها، تعاني آلاء من صدمات الماضي، من الحرب الأهلية بين 1975 و1990، إلى التفجير المدمر في ميناء بيروت عام 2020، والانهيار الاقتصادي، وتخشى من القادم مستقبلاً، وفق تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت آلاء (33 عاماً) التي تتسارع نبضات قلبها بالليل وهي ترتجف: «ما بقى عم بهيدا بيصير عندي كثير دقات قلب سريعة، أول شي قعدة عطول هيد الرجفة فهيدولي كلهم أكيد من ورا التراكمات اللي صارت علينا، يعني نحنا ما بعرف نحنا مفروض أنه هلا أنا 33 سنة بعد عمري يعني مفروض ما أكون بكل هيدول القصص، عم أفكر يعني أفكر بكيف بدأت كيف... إذا أنا مثلاً مشيت لا سمح الله ما يطلع انفجار، إذا أنا يعني أنه أنا وماشية مثلاً ما يطلع انفجار، فكله هيدا أكيد بيأثر سلبي على نفسيتي».

وأصبح الناس الآن أكثر قلقاً بشأن احتمال نشوب صراع شامل آخر بين جماعة «حزب الله» اللبنانية وإسرائيل (كما جرى في حرب عام 2006)، حيث تندلع اشتباكات بين إسرائيل و«حزب الله» على الحدود منذ بداية الحرب بقطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

آلاء فقيه أم لبنانية تعمل في شركة عائلتها للفواكه والخضراوات تقف أمام متجرها في برج حمود بلبنان 2 سبتمبر 2024 (رويترز)

وأثمرت عقود من الفساد وسوء الإدارة في النخبة الحاكمة اللبنانية انهيارَ النظام المالي في عام 2019، ما أدى إلى ضياع المدخرات، وتراجُع قيمة الليرة، وتأجيج الفقر.

وفي العام التالي تعرضت بيروت لانفجار ضخم بفعل مواد كيميائية في ميناء المدينة، ما أسفر عن مقتل 220 شخصاً على الأقل، وكان قوياً لدرجة أنه كان محسوساً على بعد 250 كيلومتراً في قبرص، وأرسل سحابة دخان بشكل الفطر فوق العاصمة اللبنانية.

وأدّت الضغوط السياسية إلى إخراج التحقيق - الذي كان يسعى إلى ملاحقة أصحاب النفوذ بشأن الانفجار - عن مساره.

وقالت آلاء فقيه: «ما بقى عم نضحك هيدا الضحكة إللي كنا نضحكها من قلبنا فعلياً... ما في هيدي السعادة إللي نحن كنا نحس فيها، منصير من أقل شي هيك دغري بتبكي دغري بينزلوا دموعي».

آليات التكيف

قالت المحلّلة النفسية ألين الحسيني عساف، إن اللبنانيين يكافحون في مواجهة مستويات عديدة من المعاناة، مضيفةً أن البعض يُخفون مشاعرهم، بينما يعيش آخرون في حالة إنكار.

وأضافت: «عندنا آلية دفاعية غير هي الإنكار، ما بده بقى يحكي فيه عنده آلية دفاعية... الانزوائية، إما سافر ما بده يسمع شي بقى عن لبنان، في آلية دفاعية هي أنه يهرب بأكثر نسبة... الكحول، إما المخدرات إما عندنا آلية دفاعية هو عم يهرب كمان بعوارض النفسية الجسدية بيقعد بالتخت (السرير) وما بده يعمل بقى شي».

وانزلق لبنان الذي كان يُطلق عليه في السابق اسم «سويسرا الشرق الأوسط»، إلى حرب أهلية وحشية متعدّدة الأطراف عام 1975.

وليس من الصعب العثور على ما يُذَكّر الناس بالحرب، بما في ذلك المباني المليئة بثقوب الرصاص في منطقة كانت تُعرف سابقاً باسم الخط الأخضر، والتي قسمت بيروت إلى شرق مسيحي وغرب يغلب عليه المسلمون.

وما زالت التوترات الطائفية وذكريات الحرب عالقة في الأذهان وتخيّم في الأجواء.

وأضافت ألين عساف: «نحن عم نعرف إنه كل العوارض النفسية هي في تعابر في إرث نفسي بينتقل من جيل لجيل، وبيظله عايش إذا الشخص ما اشتغل على حاله، على الصعيد النفسي بيظله عايش فينا وبينتقل... على الجيل الثاني والتالت والرابع، فمجرد صوت هو عم يرجع ينعش كل الصدمات المكبوتة».

منال سرياني أم لبنانية ومديرة عمليات في قطاع الضيافة تصلي في كنيسة في عوكر بلبنان 28 أغسطس 2024 (رويترز)

ومنال سيرياني، والدة إيدان (4 سنوات)، نموذج مماثل، فصدمتها ناتجة عن ذكريات تفجير ميناء بيروت.

وقالت منال التي تعمل في مجال الضيافة: «لا أشعر بأنني بأمان، وذلك أثبت منذ 4 أغسطس (يوم الانفجار)؛ لأنه من وقتها كيف ما تبرمي بتحس أنه أنت لست بأمان، هذا هو الموضوع الرئيسي، كيف أنه إذا كان هذا قد يحدث في بلد مثل هذا وكيف بعدين إللي صارت القصص أنه ما فيش تتبع ما فيش... لا يوجد تحقيق... ما حدا عم يقولي شو عم بيصير، أنت لا تعرف ماذا يحدث، وعلى أسوأ وعلى أسوأ».

وأضافت: «أنا لا أشعر بالأمان لنفسي، ولا أشعر بالأمان لأطفالي... يمكن أن يحدث أي شيء أنه يمكن أن يكون يلعب في الخارج، تأتي قذيفة أعطيك العافية، وما نفعل بعد ذلك؟ لا يمكن أن يحدث أي شيء في بلد كهذا».

وسعت منال للراحة من أفكارها في الكنيسة.

وقالت: «عندما تدخل إلى الكنيسة تشعر بأنك قد تجري 10 دقائق... تفضّي وتعود إلى الخارج... وتعود إلى نفس المجموعات».