طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

قوى الأمن الداخلي نصبت 16 نقطة تفتيش لحماية المسافرين

تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
TT

طريق «أبيض - أبيض» تربط محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق نفوذ دمشق

تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)
تصل «طريق أبيض» إلى بلدة الطبقة ونقطة العبور إلى المناطق الخاضعة للنظام والداخل السوري (الشرق الأوسط)

تمكنت سلطات «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» من إعادة افتتاح طريق رئيسية حيوية تربط محافظتَي الحسكة والرقة مع مناطق الداخل السوري، بإمكانات وجهود محلية، بعد توقف الطريق الرئيسية «إم4 (M4)» وخروجها عن الخدمة نهائياً بسبب التصعيد والقصف المتبادل بين الجيش التركي و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في أعقاب سيطرة الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة على مدينتَي رأس العين وتل أبيض في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وهي المنطقة التي باتت تُعرف بمنطقة عملية «نبع السلام».

«طريق أبيض» قديمة، وعمرها يتجاوز 70 سنة، وعندما أعيد افتتاحها مؤخراً، أُطلق عليها اسم «طريق أبيض - أبيض»، أو ما تُعرف محلياً بـ«طريق السلام»، وهي تصل محافظتَي الحسكة والرقة بمناطق ومحافظات الداخل السوري، وتمتد على طول 170 كيلومتراً؛ تبدأ من دوار حي الغويران جنوب الحسكة، حتى «باب بغداد» الأثري شرق الرقة، وتستمر حتى معبر بلدة الطبقة، مروراً بالرقة، ومنها تكمل نحو محافظتَي حماة وحمص عبر بلدة السلمية وسط سوريا.

وكان «معبر الطبقة» تحول إلى منطقة تماس تفصل مناطق سيطرة القوات الموالية للرئيس السوري، عن مناطق سيطرة «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

«باب بغداد» الأثري في المدخل الشرقي لمحافظة الرقة شمالاً (الشرق الأوسط)

يقول هفال ريدور، وهو أحد المسؤولين عن الدوريات الأمنية المنتشرة على هذه الطريق، إن قوى الأمن الداخلي، وبالتنسيق مع قيادة المرور لشمال شرقي سوريا، «نصبت 16 حاجزاً ونقطة تفتيش على طول هذه الطريق لتأمينها والتدقيق في هوية العابرين، ولدينا نقطة كل 10 كيلومترات»؛ نظراً إلى أن المناطق صحراوية مترامية الأطراف ومتداخلة مع مناطق سيطرة القوات التركية وفصائلها الموالية من جهتها الشمالية، ومناطق سيطرة النظام السوري من الجهة الجنوبية.

وأضاف المسؤول الكردي أن الحواجز «متعاونة مع كل الوافدين أو المسافرين بين مناطق الإدارة، فالغرض هو حماية أرواح وممتلكات الأهالي الذين يسلكون هذه الطريق الحيوية وتأمينها»، بعد أن أُغلقت طريق «إم4 (M4)» بشكل كلي أمام حركة المسافرين.

السوق المركزية لمدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة (الشرق الأوسط)

وتعدّ «طريق أبيض» طريقاً حيوية تربط مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي البلاد وأقاليمها السبعة الخاضعة لسيطرتها، حيث تصل مدينتَي الحسكة والرقة ببلدة الطبقة، وتشكل عقدة مواصلات تربط باقي مناطق الإدارة، وتتفرع منها طريق إلى بلدة عين عيسى في الرقة، ومنها إلى مدينتَي منبج وعين العرب أو «كوباني»، وفق تسميتها الكردية، الواقعتين في الريف الشرقي لمحافظة حلب، كما تتصل بالطريق التي تربط بلدات ريف دير الزور الشرقي بمركز مدينة دير الزور، ومناطق سيطرة القوات النظامية في الضفة الجنوبية من نهر الفرات.

«طريق أبيض» الرئيسية تربط محافظتَي الحسكة والرقة شمال شرقي سوريا بطول 170 كيلومتراً (الشرق الأوسط)

ويفضل سائقو السيارات المدنية والشاحنات التجارية وحافلات نقل الركاب بين الحسكة والرقة والعاصمة دمشق، استخدام «طريق أبيض» لسلامتها. يقول لقمان (58 سنة)، وهو سائق حافلة «بولمان» ينقل الركاب من مناطق الجزيرة السورية إلى دمشق: «نسلك هذه الطريق ليلاً ونهاراً لضمان سلامتنا وسلامة الركاب، وهي أسرع طريق بعد إغلاق طريق حلب ودير الزور، حيث تستغرق الرحلة من الحسكة إلى دمشق نحو 16 ساعة»، بعد أن كانت هذه الرحلة تستغرق 24 ساعة؛ أي يوماً كاملاً في أوقات سابقة.

لافتة مرورية على «جسر الرشيد» بالرقة تشير إلى مناطق الداخل السوري (الشرق الأوسط)

ووفق «مركز جسور للدراسات»، تسيطر القوات النظامية على نحو 75 في المائة من الشبكة الطرقية في عموم سوريا، التي تُقدّر بـ53431.4 كيلومتر، بطول هو الأكبر مقارنة مع بقية أطراف النزاع.

أما «قسد» فتسيطر على نحو 16 في المائة من الشبكة الطرقية، بطول 11581.4 كيلومتر، فيما تسيطر فصائل المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام» على 12 في المائة من الشبكة الطرقية، بطول هو الأصغر ويقدّر بـ8842.4 كيلومتر.

لافتة مرورية تشير إلى مدينة حلب شمال سوريا على «طريق أبيض»... (الشرق الأوسط)

يذكر أن «طريق أبيض» يعود تاريخها إلى خمسينات القرن الماضي، وكانت طريقاً رئيسية تربط محافظتَي الحسكة والرقة، لكنها خرجت عن الخدمة بعد دخول طريق «إم4 (M4)» الخدمة، وكانت تصل محافظة حلب شمالاً بمدينة القامشلي شرقاً، وكانت شرياناً اقتصادياً يصل سوريا بالعراق وتركيا وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، وباتت اليوم شريطاً حدودياً فاصلاً ومنطقة تماس بين المناطق الخاضعة لفصائل «درع الفرات» و«نبع السلام» الموالية لتركيا من جهة، و«قسد» المدعومة من التحالف الدولي من جهة ثانية، والقوات النظامية المدعومة من روسيا من جهة ثالثة.


مقالات ذات صلة

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

المشرق العربي صورة نشرتها «الخطوط الجوية السورية» في «فيسبوك» لمسافرين بمطار دمشق

انتقادات لاذعة في دمشق لقرار «شيكات» المائة دولار

أثار قرار الحكومة السورية بأن يحصل المواطن العائد عبر مطار دمشق الدولي على «شيك» ورقي بقيمة 100 دولار ملزم بتصريفها قبل دخوله إلى البلاد بانتقادات عارمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مسلحون من الفصائل المحلية في مدينة جاسم يستنفرون ضد القوات الحكومية (موقع شبكة كناكرالسوري)

تجدد التصعيد في جنوب سوريا وتفاقم الانفلات الأمني

تجدد التصعيد في درعا، جنوب سوريا، مع قيام مجموعات محلية مسلحة بقطع الطرق الرئيسية ومحاصرة نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي حصيلة المخفيين قسراً لدى أطراف النزاع في سوريا منذ بداية الحرب (الشبكة السورية لحقوق الإنسان)

منظمة حقوقية: «لا أفق لإنهاء الاختفاء القسري في سوريا»

حذرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» من أنه «لا أفق لإنهاء جريمة الاختفاء القسري في سوريا».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي علاء حسو صاحب محل لبيع المستلزمات المنزلية بالدرباسية التابعة للحسكة يبيع أنواعاً متعددة من البوابير بسبب الطلب الزائد عليها مؤخراً (الشرق الأوسط)

رجعت أيام «بابور الكاز» في شمال شرقي سوريا

عادَ كثيرون من أهالي مناطق شمال شرقي سوريا إلى «بابور» (موقد) الكاز لطهي الطعام وتسخين المياه بعد فقدان جرة الغاز المنزلي والانقطاعات المتكررة للكهرباء.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

قيود أميركية على تأشيرات 14 مسؤولاً سورياً لتورطهم في القمع

أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، فرض قيود على تأشيرات دخول 14 مسؤولاً سوريّاً، بسبب تورطهم في قمع الحقوق والاختفاء القسري لعدد كبير من السوريين.

هبة القدسي (واشنطن)

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)
نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)
نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

عادت قضية «الموقوفين الإسلاميين» في لبنان إلى الواجهة مجدداً، مع وفاة السجين عمر حميّد، مساء السبت، جرّاء أزمة قلبية والتأخر في تقديم الإسعافات الطبيّة له، ما دفع برفاقه إلى «تحرّك عفوي» في باحة المبنى «ب» داخل سجن رومية المركزي (شرق بيروت).

وأحيت هذه الحادثة المطالبة بـ«إقرار قانون العفو العام الشامل». وفيما أكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن النيابة العامة التمييزية «أمرت بفتح تحقيق سريع، والتثبّت مما إذا خضع المتوفى لمعاينة طبية، أم أن هناك تقصيراً أدى إلى الوفاة»، أفاد مصدر أمني بأن السجين «قضى داخل المستشفى خلال تقديم الإسعافات الطبية له».

وكان السجين المتوفى عمر حسن حميّد، البالغ من العمر 37 عاماً، المحكوم عليه بعقوبة الإعدام بالتورّط في جريمة قتل الرائد بالجيش اللبناني، بيار بشعلاني، والمعاون أول إبراهيم زهرمان، في أطراف بلدة عرسال (البقاع) مطلع شهر فبراير (شباط) 2013، قد أصيب بأزمة قلبية حادّة داخل زنزانته في سجن رومية المركزي، وما لبث أن فارق الحياة بعد نقله إلى المستشفى.

وهذا ما أدى إلى تحرك اعتراضي في الباحة الداخلية للسجن اعتراضاً على الإهمال والتأخر في نقله إلى المستشفى. وأوضح مصدر أمني بارز أن السجين المتوفى «أصيب بذبحة قلبية نحو الساعة الخامسة من عصر يوم السبت، فجرى استدعاء طبيب السجن الذي حضر وعاينه وأمر بنقله إلى المستشفى».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد دقائق قليلة، حضرت سيارة الإسعاف ونقل السجين إلى مستشفى ضهر الباشق الحكومي، الذي يبعد عن السجن مسافة لا تزيد على 3 دقائق، وخلال تقديم الإسعافات له في قسم الطوارئ فارق الحياة».

وشدد المصدر على أن «الفترة الفاصلة ما بين وصول الطبيب وحضور سيارة الإسعاف ونقل المريض لم تتعدَّ بضع دقائق، ولم يحصل أي إهمال أو تأخير تسبب بالوفاة».

وعلى أثر تداول معلومات تتحدث عن حالة تمرّد داخل سجن رومية، وخطف عناصر مع قوى الأمن الداخلي المولجين حماية السجن، إثر الإعلان عن وفاة السجين حميّد، أصدر سجناء المبنى «ب» بياناً، دحضوا فيه هذه الشائعات، وعدّوا أن «فبركة هذه الأخبار تهدف للتغطية على تقصير المسؤولين عن الطبابة في السجن والتغطية على الجريمة التي حصلت».

وأكد السجناء أنه «لم يحصل أي عملية تمرّد أو عصيان في السجن، بل اعتصام سلمي عفوي في باحة المبنى (ب) نتيجة الصدمة التي تلقيناها بوفاة المغفور له عمر حميّد». واتهم هؤلاء ما سمّوها «الغرف السوداء التي تُفبرك الشائعات، وتريد تضليل الرأي العام، والتغطية على فشل الإدارة الذريع في الملف الطبي». ودعا السجناء إلى «تشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المسؤولين عن وفاة السجين، وإيجاد حل سريع لأزمة الطبابة المستفحلة في سجون لبنان».

وأحيت الحادثة قلق أهالي «الموقوفين الإسلاميين»، الذين يعانون منذ سنوات طويلة من التأخير في محاكمتهم، وقال مصدر بلجنة متابعة قضية «الموقوفين الإسلاميين» لـ«الشرق الأوسط»: إن «قانون العفو العام بات حاجة ملحّة». وحمّل قوى سياسية مسؤولية عرقلة إقرار هذا القانون، وسأل: «كيف يتبجّح البعض بأن العفو العام يؤدي إلى إطلاق سراح مجرمين، في حين أن الذين فجّروا مرفأ بيروت وقتلوا مئات الأبرياء ما زالوا بلا محاسبة؟ ولماذا السكوت عن الذين اغتالوا الرئيس رفيق الحريري، وسائر الاغتيالات، وحمايتهم من العقاب؟».

من جهته، أعرب رئيس لجنة حقوق الإنسان، النائب ميشال موسى، عن أسفه لوفاة سجين في رومية، وما رافق وفاته من أعمال عنف وشغب، داعياً الحكومة إلى «الالتفات إلى أوضاع السجون، رغم تعدد اهتماماتها في هذه الظروف بالغة الصعوبة». وطالب في تصريح بـ«إجراء تحقيق شفّاف لتحديد أسباب الوفاة وتبيان الحقيقة، بما يحسم التساؤلات والجدل القائم».

وأضاف موسى: «لطالما حذّرنا من هذه القنبلة الموقوتة المتمثلة في اكتظاظ السجون، ودعونا الجهات المسؤولة إلى إنشاء سجون جديدة أو إيجاد أماكن موقتة لحل هذه الأزمة المستعصية، إضافة إلى تسريع المحاكمات، واقتراح حلول تسهم في معالجتها».

وختم رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية: «إن استمرار غض الطرف عن مشكلة بهذا الحجم، من شأنه أن يدفعها إلى التفاقم، وتالياً أن يطيح بكل الإيجابيات الصحية والتموينية التي أمكن تحقيقها للسجناء في المرحلة السابقة».