غارات إسرائيلية تقتل العشرات بقطاع غزة... وتوغل للدبابات في خان يونس

مقتل صحافي وشقيقته في مخيم النصيرات

دخان يتصاعد من دير البلح في قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من دير البلح في قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

غارات إسرائيلية تقتل العشرات بقطاع غزة... وتوغل للدبابات في خان يونس

دخان يتصاعد من دير البلح في قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من دير البلح في قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

أسفرت غارات إسرائيلية عن مقتل 34 فلسطينياً على الأقل، اليوم الأربعاء، بعدما دفع الجيش الإسرائيلي بدبابات إلى خان يونس في جنوب قطاع غزة، وشن ضربات على أنحاء القطاع ودخل في اشتباكات مع مقاتلي «حماس».

وقال سكان في خان يونس إن الدبابات الإسرائيلية تقدمت على نحو مفاجئ إلى وسط المدينة، وأصدر الجيش أوامر إخلاء للسكان في شرقها، مما أجبر العديد من العائلات على الفرار بحثاً عن ملاذ آمن، بينما حوصر آخرون في منازلهم.

وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن الهجمات الإسرائيلية على خان يونس أدت إلى مقتل 11 على الأقل، حسبما أوردت وكالة «رويترز» للأنباء. وفي مدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، حيث يحتمي ما لا يقل عن مليون، قال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية قتلت ثمانية فلسطينيين بالقرب من مدرسة تؤوي عائلات نازحة.

فلسطينيون ينعون أقارب لهم بعد غارات إسرائيلية في دير البلح (أ.ب)

وفي مخيم النصيرات بوسط القطاع، قُتل الصحافي محمد عبد ربه وشقيقته في قصف إسرائيلي على منزلهما، بحسب مصادر طبية. وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس»، أن مقتل عبد ربه يرفع عدد الصحافيين الفلسطينيين الذين قتلوا بنيران إسرائيلية إلى 172 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وأصدر الجيش الإسرائيلي في الأيام القليلة الماضية أوامر إخلاء في مختلف أنحاء القطاع هي الأعلى وتيرة منذ اندلاع الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 11 شهراً، مما أثار انتقادات حادة من فلسطينيين والأمم المتحدة ومسؤولي الإغاثة بسبب تقلص مساحة المناطق الإنسانية وغياب المناطق الآمنة.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أمر بإخلاء المناطق التي شنت منها «حماس» وغيرها من الجماعات المسلحة هجمات، بما في ذلك إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وذكرت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أن مقاتليهما اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية في مناطق متفرقة بالقطاع، وأطلقوا صواريخ مضادة للدبابات وقذائف مورتر.

وأسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل أكثر من 40500 في القطاع، وفقاً لوزارة الصحة في غزة، كما دمرت مساحات شاسعة منه. وتقول وكالات الإغاثة الإنسانية إن أغلب السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة نزحوا عدة مرات ويواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والدواء


مقالات ذات صلة

برنامج الأغذية العالمي يعلق أنشطته بغزة بعد إصابة شاحنة مساعدات بنيران إسرائيلية

المشرق العربي طفل يحمل حزمة مساعدات إنسانية مقدمة من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

برنامج الأغذية العالمي يعلق أنشطته بغزة بعد إصابة شاحنة مساعدات بنيران إسرائيلية

أعلن برنامج الأغذية العالمي تعليق أنشطته مؤقتاً في أنحاء غزة، بعد إصابة مركبة بعشر رصاصات، على الأقل، خلال اقترابها من نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية دمرت عدة منازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: تحركات للوسطاء من أجل تقليص الفجوات

مساعٍ جديدة للوسطاء لإنهاء الحرب في غزة كان أحدثها اجتماعات بالدوحة تستهدف «تقليص الفجوات» في ظل عمليات عسكرية إسرائيلية تتصاعد من غزة للضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

60 % من الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب لن تنتهي بالانتصار

أظهر استطلاع جديد أن 60 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب التي تشنها إسرائيل لن تنتهي بانتصار، كما يروج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا أحمد أبو الغيط (الجامعة العربية)

«الجامعة العربية» تحمّل أميركا «مسؤولية العربدة الإسرائيلية»

أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بـ«أشد العبارات العملية العسكرية العدوانية التي تشنها إسرائيل على الضفة الغربية».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق الرسّام والفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور ولوحة بعنوان «القدس» (إنستغرام الفنان)

من النكبة إلى غزة... سليمان منصور يؤرّخ لفلسطين بألوان الأرض والدم

«الشرق الأوسط» تحاور الرسّام الفلسطيني سليمان منصور الذي كرّس فنّه ولوحاته منذ أكثر من 50 عاماً، لسَرد حكاية وطنه، بأجمل ما استطاعت ريشته.

كريستين حبيب (بيروت)

بعد تصعيد الأحد... ما هي خيارات «حزب الله» وإسرائيل؟

سيارة محمَّلة بالأغراض التي تنقلها معها إحدى العائلات الهاربة من بلدة الخيام الحدودية بحثاً عن مكان أكثر أمناً (أ.ف.ب)
سيارة محمَّلة بالأغراض التي تنقلها معها إحدى العائلات الهاربة من بلدة الخيام الحدودية بحثاً عن مكان أكثر أمناً (أ.ف.ب)
TT

بعد تصعيد الأحد... ما هي خيارات «حزب الله» وإسرائيل؟

سيارة محمَّلة بالأغراض التي تنقلها معها إحدى العائلات الهاربة من بلدة الخيام الحدودية بحثاً عن مكان أكثر أمناً (أ.ف.ب)
سيارة محمَّلة بالأغراض التي تنقلها معها إحدى العائلات الهاربة من بلدة الخيام الحدودية بحثاً عن مكان أكثر أمناً (أ.ف.ب)

لا تزال الظروف مواتية لصراع أوسع نطاقاً في منطقة الشرق الأوسط، على الرغم من محاولات تهدئة التوترات في أعقاب تبادل الضربات بين إسرائيل و«حزب الله»، الأحد الماضي، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقال التقرير، إنه عندما تعهد «حزب الله» بالرد لمقتل أحد كبار مسؤوليه الشهر الماضي، خشي الكثير من الإسرائيليين أن تكون هذه هي النقطة التي يتحول فيها القصف المتبادل الذي استمر عشرة أشهر بين «حزب الله» وإسرائيل في النهاية حرباً شاملة.

تبادل إطلاق نار تحت عتبة الحرب الشاملة

ولكن على الرغم من أن وابل الصواريخ الانتقامي الذي شنّه «حزب الله» الأحد الماضي - والذي سبقه ضربة استباقية على مواقع إطلاقه من قِبل إسرائيل - كان بمثابة أكبر تبادل للضربات بين الجانبين منذ عام 2006، فإنه بحلول المساء، كان كلاهما يرسل إشارات تهدئة.

وقال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت إن إسرائيل لا تريد «تصعيداً إقليمياً». في حين قال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله إن الحزب لا يزال يقيّم تأثير القصف الذي استهدف مواقع عسكرية في شمال إسرائيل وقاعدة استخباراتية بالقرب من تل أبيب، لكنه أضاف أنه «إذا اعتبرنا ذلك نجاحاً، فسوف نعتبر أن عملية الرد انتهت».

ولكن منذ الاثنين الماضي، عاد الجانبان إلى إطلاق النار عبر الحدود على مستوى أدنى، ووفق ما قال محللون للصحيفة، فإن مخاطر التصعيد الأوسع نطاقاً لا تزال قائمة - إما نتيجة لسوء التقدير، أو الضغوط الداخلية في كلا البلدين.

وأشارت محللة شؤون الشرق الأوسط السابقة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ريم ممتاز، إلى أن كلاً من إسرائيل و«حزب الله» «سارعا إلى المبالغة في نجاح عملياتهما يوم الأحد؛ مما يشير إلى أنهما يفضلان في الوقت الحالي البقاء تحت عتبة الحرب الشاملة».

وأضافت: «لكن الاشتباكات المتبادلة على الحدود مع ذلك لا تزال تحمل مخاطر عالية للتصعيد، حيث سيستمر كل منهما في دفع حدود الأهداف المقبولة لمحاولة صياغة قواعد اشتباك جديدة».

تظهر الصورة منزلاً تضرر في غارة إسرائيلية على قرية الخيام بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

غضب سكان المنطقة الشمالية يضغط على نتنياهو

في إسرائيل، فإن الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لتبني نهج أكثر عدوانية تجاه «حزب الله» يتمثل في غضب عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من شمال إسرائيل، والذين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم لمدة 10 أشهر بسبب الأعمال العدائية مع الحزب المسلح.

وفي إشارة إلى الغضب المتزايد، أعلن رؤساء بلديات 3 مجتمعات شمالية الأحد أنهم سيعلقون الاتصال بالحكومة حتى تجد «حلاً كاملاً لسكان وأطفال الحدود الشمالية»، وقالوا إنه يتم تجاهل احتياجاتهم.

وقال نيسان زئيفي، وهو عامل فني سابق من كفار جلعادي، وهي مستوطنة زراعية بالقرب من حدود لبنان، والذي تم إجلاؤه للصحيفة: «المشاعر في الشمال هي الإحباط. نحن محبطون لأن الجيش الإسرائيلي أخذ زمام المبادرة أخيراً... ثم توقف بعد بضع ساعات».

وتابع: «يتعين علينا إيجاد حلول؛ لأنه إذا لم يحدث ذلك، فسوف نرى عائلات بأكملها تغادر المنطقة إلى الأبد، وبعد 11 شهراً، نقول (هذا يكفي). نحن في حاجة إلى اتخاذ إجراء».

وقدّم سياسيو المعارضة مطالب مماثلة. وقال بيني غانتس، زعيم حزب الوحدة الوطنية، إن الضربة الاستباقية التي شنّتها إسرائيل كانت «ضئيلة جداً ومتأخرة جداً»، بينما وصفها جدعون ساعر، رئيس حزب الأمل الجديد، بأنها «البديل الاستراتيجي الأقل صحة».

وكتب على «إكس»: «كانت ضربة استمراراً لسياسة الاحتواء. كان ينبغي أن تؤدي هذه الفرصة إلى اتخاذ قرار بشأن هجوم استباقي شامل لتغيير الواقع في الشمال».

هجوم «حزب الله» «الصامت»

وكان الهجوم الذي وصفته الصحيفة بأنه «صامت» من قِبل «حزب الله» الأحد باستخدام أسلحة بدائية وتجنب الأهداف المدنية إشارة واضحة إلى أن الحزب يريد تجنب التصعيد المحتمل، حتى في الوقت الذي رد فيه على اغتيال قائده فؤاد شكر.

وقال مهند الحاج علي، نائب مدير الأبحاث في مركز كارنيغي في بيروت: «كان الرد مخيباً للآمال إلى الحد الذي جعل نصر الله مضطراً إلى شرحه للناس في خطاب استمر ساعة».

ولكن الحزب لديه مشكلة في الظهور بمظهر الضعيف الذي يردعه عدوه، وهي المشكلة التي يراها وجودية، وفق الصحيفة.

وقالت ريم ممتاز: «خلال الأشهر العشرة الماضية، رسّخت إسرائيل هيمنتها التصعيدية على (حزب الله)، فدمرت الأهداف المدنية والأراضي الزراعية وآبار المياه، وأضعفت بعض القدرات المادية والبشرية للحزب».

وأضافت: «في الوقت نفسه، وجد (حزب الله) صعوبة في تدفيع إسرائيل الثمن، على الرغم من نجاحه غير المسبوق في تهجير عشرات الآلاف من الإسرائيليين بالقوة».

خلل قد يستدعي رداً أشد

ورأى الخبراء أن هذا الخلل قد يدفعه إلى شنّ هجوم آخر على إسرائيل في المستقبل.

وقال الحاج علي: «هناك حالة متنامية داخل (حزب الله) تدعو إلى التصعيد؛ لأنهم يدركون داخلياً أنهم يبدون ضعفاء. إنهم في حاجة إلى إعادة تحقيق الردع. والتصعيد في وقت مناسب لهم من شأنه أن يساعد في تحقيق ذلك».

قالت مريم أم حسن (49 عاماً) وهي من أنصار الحزب التي فرّت من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد مقتل شكر: «قال لنا نصر الله إننا آمنون الآن ويمكننا العودة إلى منازلنا، لكنني ما زلت خائفة».

وسألت: «ماذا يحدث عندما تضربنا إسرائيل مرة أخرى؟»، مؤكدة أن «(حزب الله) يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لجعل إسرائيل تخشى من ضرب الضاحية مرة أخرى».

دور إيران... وردّها

ولفتت الصحيفة إلى أن الدولة الأخرى التي ستؤثر على ما إذا كان الموقف سيتصاعد هي إيران، التي تعهدت بالرد على إسرائيل لاغتيال الزعيم السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في طهران في اليوم التالي لقتل إسرائيل شكر.

في حين يواصل الساسة الإيرانيون التأكيد على أن الانتقام أمر لا مفر منه، فقد كانوا غامضين بشأن ما إذا كانت إيران تفكر في مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو أنها ستتحداها بدلاً من ذلك من خلال قوات بالوكالة.

وبحسب الصحيفة، يعتقد الساسة الإصلاحيون أن هذا يرجع جزئياً إلى التحول في نهج إيران، حيث وعد الرئيس الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان ببدء مفاوضات نووية مع القوى العالمية لتأمين تخفيف العقوبات الأميركية؛ الأمر الذي يتطلب أجواء هادئة نسبياً في الداخل وفي المنطقة.

وقال نائب الرئيس الإصلاحي السابق محمد علي أبطحي إنه من الصعب العثور على أي شخص في أعلى مستويات السلطة في إيران يسعى إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل.

لكنه قال أيضاً إن هذا لا يعني أنه ينبغي توقع أن تحرم إيران نفسها من حق الرد من خلال الهجمات المباشرة. وقال: «لا شيء غير مطروح في الشرق الأوسط الذي أصبح أكثر تقلباً من أي وقت مضى، وخصوصاً ما دام نتنياهو في السلطة».