«حزب الله» يرد على اغتيال شكر «تحت السقوف»

إغلاق الملف يمهّد لإيقاف الهجمات في حال التوصل إلى هدنة بغزة

صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)
صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» يرد على اغتيال شكر «تحت السقوف»

صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)
صاروخ اعتراضي إسرائيلي يفجّر مُسيرة أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)

نفّذ «حزب الله»، صباح الأحد، التزامه الرد على إسرائيل التي اغتالت قائده العسكري فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت الشهر الماضي، بإطلاق مئات الصواريخ والمُسيَّرات ضد أهداف إسرائيلية، فيما قالت إسرائيل إنها أحبطت الهجوم بقصف استباقي نفَّذته في لبنان، منعت خلاله إطلاق المقذوفات على أهدافها في العمق، وهو ما نفاه الحزب، قائلاً إن الهجوم جرى كما هو مخطط له.

وبدا الحزب في رده ملتزماً السقوف التي تَحول دون توسع الحرب، لجهة التركيز على ضرب أهداف عسكرية، وعدم استهداف المدنيين، واختيار أهداف ما دون مدينة تل أبيب التي كانت إسرائيل قد حذرت (السبت) من أن استهدافها سيدفعها إلى قصف بيروت.

وجاء رد «حزب الله» قبل ساعات من جولة مفاوضات عُقدت في القاهرة في محاولةٍ للتوصل إلى تهدئة في غزة، وظهر الرد على أنه تنفيذ لالتزام من «حزب الله» بالرد على اغتيال شكر، وإغلاق هذا الملف، قبل أي تقدم قد يطرأ على المفاوضات الجارية، مما يمهد الطريق أمام وقف الهجمات من جنوب لبنان، بالتزامن مع وقف الهجمات في غزة، في حال التوصل إلى صيغة للتهدئة.

وأكد مسؤول في «حزب الله» هذا الجانب، قائلاً إن الهجوم «تأخر لاعتبارات سياسية، على رأسها المحادثات الجارية بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن من قطاع غزة». وأضاف المسؤول، في تعليقات مكتوبة نشرتها وسائل إعلام، أن الحزب عمل على التأكد من أن رده على اغتيال شُكر «لن يشعل حرباً واسعة النطاق».

مبانٍ في مدينة عكا تعرضت لأضرار نتيجة صواريخ ومُسيرات «حزب الله» خلال رده على اغتيال شكر (أ.ف.ب)

نهاية الهجوم

وأعلن حزب الله «إنجاز» هجومه على إسرائيل «لهذا اليوم»، الذي أدرجه في إطار «ردّ أوَّلي» على مقتل شكر في 30 يوليو (تموز) بغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت. فيما قالت إسرائيل إنها شنت هجوماً بنحو 100 طائرة مقاتلة في ضربة استباقية لتفادي هجوم أكبر. وشوهدت الصواريخ وهي تنطلق في ظلام الفجر مخلِّفةً سحب دخان داكن، ودوَّت صافرات الإنذار في إسرائيل وأضاء انفجار بعيد الأفق، فيما تصاعد الدخان فوق المنازل في بلدة الخيام جنوب لبنان.

وقال الحزب في بيان: «أُطلقت جميع المُسيَّرات الهجومية في الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها وعبرت الحدود اللبنانية - الفلسطينية باتجاه الهدف المنشود ومن مسارات متعددة، وبالتالي تكون عمليتنا العسكرية لهذا اليوم قد تمت وأُنجزت».

وأضاف: «إن ادعاءات العدو حول العمل الاستباقي الذي نفّذه... وتعطيله هجوم المقاومة، هي ادعاءات فارغة». وكان «حزب الله» قد أعلن بُعيد السادسة صباحاً بدء «هجوم جوي بعدد كبير من المُسيَّرات نحو العمق الصهيوني وفي اتجاه هدف عسكري نوعي». وأكد «استهداف 11 ثكنة وموقعاً إسرائيلياً بالجليل وهضبة الجولان السوري المحتل بالصواريخ؛ تسهيلاً لعبور المُسيَّرات الهجومية باتجاه هدفها المنشود في عمق الكيان»، مشيراً إلى أن المُسيَّرات «عبرت كما هو مقرر»، وأنه أطلق أكثر من 320 صاروخ كاتيوشا.

إسرائيليتان تسيران قرب مبنى تضرر بفعل صواريخ «حزب الله» في عكا (أ.ف.ب)

أوسع هجوم

وردَّت إسرائيل بأوسع هجوم على العمق اللبناني، وتجاوز شعاع القصف 40 كيلومتراً من منطقة الساحل جنوب مدينة صور حتى الشرق في إقليم التفاح والقريبة من صيدا.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية في لبنان بغارات إسرائيلية وقصف مدفعي على مناطق واسعة في الجنوب، بعضها بعيد نسبياً عن الحدود. وأحصت الوكالة «نحو أربعين غارة» إسرائيلية في محافظة النبطية، طالت في معظمها «مناطق حرجية ومفتوحة».

من جانبها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل ثلاثة أشخاص أحدهم جراء غارة إسرائيلية استهدفت «سيارة في بلدة الخيام»، واثنان آخران في قصف على بلدة الطيري، تبين أنهم مقاتلون في الحزب.

ونعت حركة «أمل»، حليفة «حزب الله»، أحد عناصرها من الخيام «في أثناء أدائه واجبه الوطني والجهادي دفاعاً عن لبنان والجنوب».

وقال أحد سكان بلدة زبقين، جنوب لبنان، على بُعد نحو سبعة كيلومترات من الحدود، لـ«رويترز»: «لأول مرة نستفيق على هدير الطائرات ودويّ الصواريخ بالقوة... قبل أذان الفجر كأن القيامة قامت».

الدخان يتصاعد نتيجة غارات إسرائيلية استهدفت زبقين جنوبي لبنان (رويترز)

وتضاربت المعلومات حول إحباط هجوم «حزب الله» بشكل كامل استباقياً؛ إذ بينما قالت إسرائيل إنها أحبطته، نفى «الحزب» تلك الادعاءات وقال إنها «تتنافى مع واقع الميدان»، في إشارةٍ إلى وصول مقذوفات إلى إسرائيل، وتوثيق القبة الحديدية تعترض تلك الصواريخ والمُسيَّرات. وقال في بيان إنه تمكن من إطلاق الطائرات المُسيَّرة وفقاً للخطة وإن باقي رده على اغتيال شكر سوف يستغرق «بعض الوقت».

استحالة شل الراجمات

وأكد الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد، أنه يستحيل على إسرائيل أو أي طرف آخر شل قدرة جميع الراجمات، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الناحية العسكرية، يمكن تدمير 50 في المائة من الراجمات والمقذوفات، لكن الباقي يستحيل التعامل معه، وبالتالي يجري اعتراض الباقي بالتكنولوجيا» في إشارةٍ إلى منظومات الدفاع الجوي وسلاح الجو.

وقال: «عسكرياً، عندما تتوسع العمليات، يستطيع الطرف الآخر أن يمتلك معطيات عبر المراقبة، وإصدار التحذيرات بكل سهولة، بمعنى أنه إذا كان (حزب الله) يرغب في إطلاق النار من راجمتين مثلاً، فإن رصد حركتهما استباقياً سيكون صعباً، بينما حين يقرر القصف بمائة راجمة، فإن ذلك يستدعي تحرك مقاتلين ومشاة، وسيكونون عُرضة للرصد والمتابعة، ويمكن التقاط حركتهم وكشف الراجمات خلال دقائق بفعل التكنولوجيا والمراقبة الجوية المستمرة».

وأضاف أسعد: «واضح أن الجانب الأميركي رصد الأهداف وسلَّمها للجيش الإسرائيلي الذي قام بعملية استباقية».

طائرة حربية إسرائيلية تطلق البالونات الحرارية خلال اعتراضها مقذوفات انطلقت من لبنان (أ.ف.ب)

وشكّك أسعد في المزاعم الإسرائيلية حول إحباط مخطط لـ«حزب الله» لضرب أهداف في حيفا ومدن العمق، شارحاً أن ذلك «يحتاج إلى نموذج آخر من الأسلحة يجري إطلاقها، وهي لا يمكن أن تُرمى من الجنوب، بل تحتاج إلى مساحات جغرافية أكبر ومدى أوسع للإطلاق من البقاع (شرق لبنان) مثلاً»، علماً بأن إسرائيل لم تنفِّذ أي ضربة، الأحد، في البقاع، كما أن «الحزب» أعلن إطلاق صواريخ «كاتيوشا»، التي تُعد قصيرة المدى، ودرج على إطلاقها خلال الأشهر الستة الماضية باتجاه أهداف إسرائيلية.

كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني، قد قال لصحافيين إن صواريخ «حزب الله» كانت «جزءاً من هجوم أكبر جرى التخطيط له وتمكنَّا من إحباط جزء كبير منه».​


مقالات ذات صلة

«رئيس الأركان» الأميركي يصل إلى إسرائيل

شؤون إقليمية رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال سي كيو براون (أرشيفية - رويترز)

«رئيس الأركان» الأميركي يصل إلى إسرائيل

وصل رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال سي كيو براون إلى إسرائيل، اليوم الأحد، بعد ساعات من اشتباكات حدودية كبيرة بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مواطنون يتابعون كلمة الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في بيروت اليوم (رويترز)

نصر الله يؤكد استهداف قاعدة عسكرية قرب تل أبيب... والجيش الإسرائيلي ينفي

أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، اليوم، أن «الهدف الأساسي» للهجوم الذي شنّه الحزب كان «قاعدة جليلوت للاستخبارات العسكرية» بالقرب من تل أبيب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السيسي خلال لقائه في القاهرة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة (الرئاسة المصرية)

«هدنة غزة»: بحث «حلول وسط» لتفادي التعثر

محاولات مكثفة للوسطاء لتذليل العقبات خلال مفاوضات جولة القاهرة عبر «حلول وسط» للذهاب لهدنة ثانية في قطاع غزة، وتفادي أي تعثُّر جديد إثر خلافات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (رويترز)

إسرائيل و«حزب الله» تبادلا رسائل لمنع مزيد من التصعيد

قال دبلوماسيان لوكالة «رويترز»، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل و«حزب الله» اللبناني تبادلا رسائل عبر وسطاء من أجل منع مزيد من التصعيد.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأردن: التصعيد في لبنان قد يؤدي إلى حرب إقليمية

حذر الأردن، الأحد، من أن التصعيد المتزايد بين إسرائيل و«حزب الله» اللبنانية قد يؤدي إلى «حرب إقليمية» تهدد الاستقرار.

«الشرق الأوسط» (عمان)

«حماس» ترفض الشروط الإسرائيلية الجديدة في محادثات الهدنة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (د.ب.أ)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

«حماس» ترفض الشروط الإسرائيلية الجديدة في محادثات الهدنة

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (د.ب.أ)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (د.ب.أ)

قالت حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إنها ترفض الشروط الإسرائيلية الجديدة التي طرحتها في محادثات وقف إطلاق النار في غزة، مما يزيد الشكوك إزاء فرص إحراز تقدم في أحدث الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وفشلت محادثات متقطعة على مدى أشهر في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة في غزة أو إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين احتجزتهم «حماس» في هجومها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب.

وتشمل نقاط الخلاف الرئيسية في المحادثات الجارية، بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، الوجود الإسرائيلي فيما يسمى بمحور فيلادلفيا (صلاح الدين)، وهو شريط ضيق من الأرض يبلغ طوله 14.5 كيلومتر على امتداد الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر.

وقالت «حماس» إن إسرائيل تراجعت عن التزامها بسحب القوات من المحور ووضعت شروطاً جديدة أخرى، بما في ذلك فحص الفلسطينيين النازحين في أثناء عودتهم إلى شمال القطاع الأكثر اكتظاظاً بالسكان عندما يبدأ وقف إطلاق النار.

وقال القيادي في «حماس» أسامة حمدان: «لن نقبل الحديث عن تراجعات لما وافقنا عليه في 2 يوليو (تموز) الماضي أو اشتراطات جديدة».

وفي يوليو، قال مصدر كبير في «حماس» للوكالة إن الحركة قبلت اقتراحاً أميركياً لبدء محادثات بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، بمن فيهم الجنود والرجال، بعد 16 يوماً من المرحلة الأولى من اتفاق يهدف إلى إنهاء حرب غزة.

وقال حمدان أيضاً إن «حماس» سلمت الوسطاء ردها على الاقتراح الأخير، مضيفاً أن «الإدارة الأميركية تزرع أملاً كاذباً بالحديث عن اتفاق وشيك لأغراض انتخابية».