السوداني يدخل على خط أزمة «الأحوال الشخصية»

قال إن مجلساً حكومياً سيراجع الاعتراضات على تعديل القانون

السوداني يدخل على خط أزمة «الأحوال الشخصية»
TT

السوداني يدخل على خط أزمة «الأحوال الشخصية»

السوداني يدخل على خط أزمة «الأحوال الشخصية»

تعهد رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، بمناقشة «جميع الملاحظات» التي أثيرت بشأن تعديل قانون «الأحوال الشخصية» عبر «المجلس الأعلى لشؤون المرأة».

ويثير تعديل «الأحوال الشخصية» غضب المجتمع المدني بسبب سماحه بزواج القاصرات وحرمان الزوجة من حقوق النفقة والحضانة، إلى جانب اعتماد النصوص الدينية لكل طائفة ومذهب في العراق مرجعاً للأحكام بدلاً من القوانين السارية، وفقاً لحقوقيين عراقيين.

وقال السوداني في كلمة خلال مؤتمر مناهضة العنف ضد المرأة، السبت، إن حكومته تضم في مؤسساتها الإداريةِ الكثير من النساء القياديات، حيث يوجد 3 وزيرات وامرأتان بدرجة وكيل، و111 امرأةً بدرجة مدير عام، و47 معاونة مدير عام.

وتابع السوداني: «سعينا لتأسيس المجلسِ الأعلى لشؤون المرأة، ليكون بوابة تخطيطية وتنفيذية مباشرة، لكلِّ القرارات المتعلقة بتنمية المرأة».

وأكد رئيس الحكومة أن «هذا المجلس سيناقش قريباً في ورشة تخصصية كل الملاحظات التي أثيرت بشأن قانون الأحوالِ الشخصية».

وأشار السوداني إلى أن العراق «يواجه تحديات في خفض نسبة الأمية بين النساء ونعمل على مكافحتها؛ إذ بلغت قبل سنتين 17 في المائة».

من جهته، دعا رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، النوّاب إلى «مزيد من الشرح والتوضيح والتدقيق والمراجعة للمواد القانونية الخاصة بتعديل قانون الأحوال الشخصية»، وقال: «من الضروري أن يكون القانون مناسباً لحقوق المرأة».

وقالت العضوة السابقة في البرلمان العراقي آلا طالباني، وهي من أكثر المتصدرين لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعوة عمار الحكيم إلى إعطاء التعديل المزيد من الشرح والتدقيق ومراجعة مواد القانون ليتطابق مع ظروف العصر وحماية حقوق المرأة، دعوة مهمة إيجابية».

وأضافت طالباني: «تشريع التعديل بالصيغة المعروضة أمام البرلمان الآن ستعرض حقوق النساء إلى انتهاكات جسيمة».

وأشاد نائب ممثل الأمم المتحدة في العراق (يونامي) كلاوديو كوردوني بدور الحكومة العراقية في مواجهة العنف ضد المرأة ودعم حقوقها، وكذلك الدور الذي يقوم به رئيس الوزراء في حثه للجهات الحكومية على الإسراع بتنفيذ القرارات المتعلقة للمرأة.

كلمات بلا مواقف

وخلت كلمات رؤساء الجمهورية والقضاء الأعلى والبرلمان من الإشارة إلى قانون الأحوال الشخصية الأكثر إثارة للجدل الآن في العراق.

وقال رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد إن المسؤولين الدوليين على مستوى الرؤساء لا يعرفون أن هناك تمثيلاً نيابياً جيداً للنساء في مجلس النواب.

وتابع رشيد: «تاريخ العراق المعاصر يحفظ الكثير من الأدوار العظيمة التي قامت بها النساء العراقيات ضد الديكتاتورية والطغيان»، لكنه أكد الحاجة إلى «الكثير من العمل والتثقيف والتوعية بأهمية تقدير دور المرأة في المجتمع، وفي المقدمة من هذه المهام، التثقيف بالانتهاء تماماً من مختلف أشكال العنف التي تواجهها النساء والأطفال سواء داخل العائلة، أو في الحياة الاجتماعية».

من جانبه، قال رئيس السلطة القضائية فائق زيدان، إن «العنف ضد المرأة يعد سلوكاً مرفوضاً يتعارض مع مبادئ الدين والأخلاق والقانون، وهو ليس فقط جريمة أخلاقية، وإنما هو عائق كبير أمام تقدم المجتمع بأسره».

واكتفى محسن المندلاوي، الرئيس المؤقت للبرلمان، بالإشادة بمواقف المرأة العراقية في «مقارعة النظام السابق ومشاركتها في تأسيس دولة ديمقراطية وتصديها للإرهاب»، داعياً إلى تعزيز منهج الشراكة الكاملة للمرأة في المجالات كافة، واعتباره استحقاقاً وطنياً وشرعياً وإنسانياً.

وشن مثقفون عراقيون هجوماً حاداً على القانون الذي يصر التحالف الشيعي الحاكم على تمريره، بسبب مخاوف من تقليل سن الزواج للإناث إلى نحو 9 سنوات، وتسجيل عقد الزواج خارج المحاكم، وتغييرات تثير شكوكاً حول حقوق المرأة المطلقة وحضانة الأطفال.

وكانت ناشطات في محافظة النجف تظاهرن ضد القانون، وتعرّض عدد منهن إلى هجوم من رجال دين وشخصيات عشائرية طالبوا بمنع «احتجاج النساء في المدينة»، وقبل أن يتفاقم الاحتكاك بينهما تدخلت الشرطة للفصل بين المتظاهرات والرجال.

عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)

ويُعتقد أن القوى الشيعية ستعمل على تمرير القانون ضمن صفقة مقايضة مع قوى سنية من أجل تمرير قانون «العفو العام».

ومع ذلك، فإن الغضب الشعبي قد يجبر المشرعين العراقيين على التراجع، كما يتوقع مراقبون وناشطون.

ويسري قانون الأحوال الشخصية، الذي أُقرّ عام 1959 على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي حتى الآن، في حين تقترح التعديلات الجديدة أنه «يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية».

وسبق لقوى شيعية أن تقدمت بطلب تشريع قانون جديد يتيح للمواطنين اللجوء إلى رجال الدين الشيعة والسنة للتقاضي في شؤون الزواج والطلاق والميراث، لكن معارضة مجتمعية أحبطت تلك المحاولات.

وكان رئيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» الراحل عبد العزيز الحكيم، ألغى قانون الأحوال المدنية لسنة 1957، حين تسلم رئاسة «مجلس الحكم» نهاية عام 2003، قبل أن يعيد الحاكم الأميركي المدني بول بريمر العمل به سنة 2004.


مقالات ذات صلة

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
TT

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)
قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

وأضافت الخارجية، في بيان أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أنها تنظر بخطورة بالغة لقرار وزير الدفاع الإسرائيلي إلغاء الاعتقال الإداري بحق المستوطنين «الذين يرتكبون جرائم وانتهاكات ضد المواطنين الفلسطينيين، علماً بأن عدد الذين تم اعتقالهم قليل جداً، وعلى مبدأ اعتقالات شكلية بنمط الباب الدوار».

ورأت الوزارة أن هذا القرار يشجع المستوطنين المتطرفين «على ممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم، ويعطيهم شعوراً إضافياً بالحصانة والحماية».

وطالبت الخارجية الفلسطينية «بتحرك دولي فاعل للجم إرهاب ميليشيات المستوطنين، ووضع حد لإفلاتهم المستمر من العقاب، وحماية شعبنا من تغول الاحتلال».

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

وقال كاتس في بيان إنه قرر «وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، في واقع تتعرض فيه المستوطنات اليهودية هناك لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة، ويتم اتخاذ عقوبات دولية غير مبررة ضد المستوطنين».

وأضاف: «ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ خطوة خطيرة من هذا النوع ضد سكان المستوطنات»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».