حظر التجول بريف دير الزور بعد احتدام القتال بين ميليشيات إيرانية و«قسد»

التحالف في حالة تأهب تحسباً لأي هجمات انتقاماً لاغتيال هنية في طهران

متداولة على مواقع التواصل لمنع التجول في محافظة الحسكة
متداولة على مواقع التواصل لمنع التجول في محافظة الحسكة
TT

حظر التجول بريف دير الزور بعد احتدام القتال بين ميليشيات إيرانية و«قسد»

متداولة على مواقع التواصل لمنع التجول في محافظة الحسكة
متداولة على مواقع التواصل لمنع التجول في محافظة الحسكة

تجدّدت الاشتباكات بين قوات حكومية تساندها فصائل محلية موالية لإيران و«قوات سوريا الديمقراطية» بريف دير الزور شرقي سوريا، ليل (الثلاثاء/الأربعاء)، ما دفع «قوى الأمن الداخلي» و«مجلس دير الزور المدني»، إلى إعلان حظر التجول في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى، في وقت دفعت فيه القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى قواعدها ومواقعها، تحسباً لأي هجمات إيرانية، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران، نهاية الشهر الماضي.

وقال شهود عيان وسكان محليون إن مجموعات مسلحة، بينها ميليشيا «الدفاع الوطني»، تسللت من نقاط تابعة للنظام بريف محافظة دير الزور جنوبي نهر الفرات في بلدات «بقرص فوقاني» و«بقرص تحتاني» و«القورية» و«صبيخان»، عبر القوارب، عند تمام الساعة 2 بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، إلى مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» في الجهة المقابلة للنهر، واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين أجبرت سكان وأهالي قرى وبلدات الريف الشرقي إلى النزوح نحو الريف الشمالي وبادية الجزيرة.

واتهمت قوات «قسد»، عبر بيان على موقعها الرئيسي، (الأربعاء)، مجموعات تابعة لقوات الجيش السوري ومن «الدفاع الوطني» الموالية لإيران، بشن هجوم بري واسع النطاق بغطاء من المدفعية وقذائف الهاون، «ضد مناطقنا على ضفاف نهر الفرات شرقي دير الزور. ونشبت اشتباكات عنيفة بين قوات (مجلس دير الزور) و(هجين) العسكريين، مع المجموعات المهاجمة في محيط قرى ذيبان واللطوة وأبو حمام».

فرهاد شامي مدير المكتب الإعلامي لـ«قسد» (تويتر)

وقال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لـقوات «قسد»، لـ«الشرق الأوسط»، تعليقاً على آخر التطورات الميدانية، إن قواتهم تمكنت من صد الهجومين، مضيفاً: «نقوم بحملة تمشيط مستمرة لملاحقة فلول النظام الذين هاجموا قرى الذيبان واللطوة وأبو حمام». وحمّل القيادي أجهزة المخابرات السورية مسؤولية الوقوف خلف تجدد الاشتباكات بقوله إن «الهجوم فشل في تحقيق أهدافه نتيجة مقاومة قواتنا، وتصدي أبناء وأهالي دير الزور الذين طردوا هؤلاء من منازلهم».

ووفق مصادر طبية في مستشفى هجين المركزي، أسفرت الاشتباكات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في المناطق التي تعرضت للهجمات على ضفاف نهر الفرات، حيث استهدف القصف مناطق واسعة آهلة بالمدنيين أودت بحياة 8 مدنيين، وإصابة 16 آخرين بجروح في بلدة ذيبان وحي اللطوة، إضافة إلى سقوط العديد من الإصابات في مدينة الشحيل؛ كحصيلة أولية وفق المصادر ذاتها.

هاشم مسعود السطام زعيم ميليشيا «أسود العكيدات» ومقرب من إيران (مواقع تواصل)

وذكرت صفحات محلية ونشطاء أن الهجوم في ريف دير الزور من طرف المناطق الخاضعة للقوات النظامية جنوبي النهر، يقوده هادي مسعود السطام، متزعم فصيل «أسود العكيدات»، وهذا الفصيل تشكل عام 2021، وهي ميليشيا محلية تمول وتتبع «الحرس الثوري» الإيراني، وتضم نحو مئات المقاتلين، ولا توجد أرقام دقيقة حول أعدادهم وعتادهم العسكري، لكن غالبيتهم يتحدرون من عشيرة الشويط، وينتشرون في مدينة الميادين وصحرائها الجنوبية، وسبق وشارك هذا الفصيل في هجمات ضد قوات «قسد» منتصف العام الفائت.

الشيخ إبراهيم جدعان الهفل (متداولة على المواقع)

كما نشرت صفحات موالية تسجيلاً صوتياً لقائد «قوات العشائر العربية» إبراهيم الهفل، شيخ عشائر العكيدات، أعلن فيها ما يسمى «حرب تحرير أبناء الفرات والجزيرة» من قوات «قسد»، جاء فيها: «هدفنا تحرير أرضنا وتطهيرها من عصابات قنديل الإرهابية، ولا نقبل أن نكون تُبّع لأي جهة مثل (قسد) المصنفة دولياً إرهابية، نحن أصحاب حق وقادرون على تحرير أرضنا وإدارة أمورنا»، بحسب ما ورد في التسجيل.

هذا وأعلنت «قوى الأمن الداخلي - (الأسايش)»، و«مجلس دير الزور المدني»، التابعان للإدارة «الذاتية»، حظراً للتجول في المناطق الخاضعة لنفوذها، وذكرت في بيانها أن «قسد» استخدمت حقها في الدفاع المشروع عن المنطقة وأهلها، «ونتيجةً للظروف الأمنية، ومحاولة بعض المجموعات الموالية للجهات المعادية زعزعة الأمن وإثارة الفوضى، تقرر إعلان حالة حظر تجول كلي حتى إشعار آخر».

باحة مديرية منطقة القامشلي داخل المربع الامني في المدينة (أرشيفية - الشرق الأوسط)

كما أغلقت سلطات الإدارة الذاتية و«قوى الأمن الداخلي» جميع المداخل والمخارج المؤدية إلى المربعات الأمنية في مدينتي الحسكة والقامشلي، الخاضعة لسيطرة القوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، بعد تجدد المواجهات بريف دير الزور.

قوات الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية خلال حملة أمنية في مخيم الهول شرقي سوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وكانت مواجهات عنيفة اندلعت قبل عام في أغسطس (آب) 2023، بين مسلحين ينتمون لبعض العشائر المحلية بقيادة إبراهيم الهفل، وهو شقيق مصعب الهفل، شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، وقوات «قسد» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها العسكري، ومدعومة من قوات التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية. ويحتدم القتال بين الحين والآخر بسبب تداخل وانتشار القوات الأميركية والروسية و«الحرس الثوري» الإيراني، وحلفائها المحليين في تلك المنطقة المضطربة منذ سنوات.

جنود من القوات الأميركية ينتشرون في بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

في سياق متصل، دفعت القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى قواعدها شرقي سوريا، وأفاد مصدر عسكري بارز من «قسد» بأن المئات من مقاتلي القوات انتشروا بالفعل في محيط قاعدتي التحالف في حقلي «كونيكو للغاز» و«العمر النفطي»، وأن التحالف في حالة تأهب واستنفار عالية؛ تحسباً لأي هجمات من الفصائل الإيرانية المحلية المنتشرة في الأراضي السورية، بعد اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية.

عربات ومقاتلون من قوات (قسد) في ريف محافظة دير الزور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

ونفذت قوات التحالف تدريبات عسكرية مشتركة بالذخيرة الحية مع «قسد» شملت منـظومة الـدفاع الجـوي الأميركية، وذكر المصدر ذاته أن التحالف يعتزم تشييد مهبط للطائرات المروحية بالقرب من بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي، بعد وصول 5 طائـرات أبـاتشي أميركية تحلق بعلو منخفض في أجواء سماء المنطقة.


مقالات ذات صلة

مقتل وإصابة 18 شخصاً في اشتباكات بين مسلّحين و«قسد» شرق سوريا

المشرق العربي مقاتلون من «قسد» على طريق في دير الزور (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل وإصابة 18 شخصاً في اشتباكات بين مسلّحين و«قسد» شرق سوريا

قُتل ثلاثة مدنيين وأُصيب 15 آخرون اليوم الأربعاء في هجوم مسلّحين محليين استهدف مناطق سيطرة قوات «قسد»

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز أجرى مباحثات مع لافرينتيف بمقر الخارجية التركية السبت تناولت الملف السوري (الخارجية التركية - «إكس»)

لافرينتيف زار تركيا لبحث التقدم في خطوات «التطبيع» مع دمشق

تواصل روسيا تحركاتها المكثّفة، في إطار مبادرتها لتسريع توصّل تركيا وسوريا إلى إعادة العلاقات بينهما إلى ما كانت عليه قبل عام 2011.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قصف تركي على تل تمر شمال شرقي سوريا (إكس)

تركيا تعزز قواتها في عفرين للمرة الثالثة في أقل من أسبوعين

تعد هذه الدفعة من التعزيزات التركية الثالثة في أقل من أسبوعين والثانية خلال يومين فقط، وسط تصاعد الاشتباكات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رجال دين من مختلف الطوائف للتضامن مع مجدل شمس (السويداء 24)

أجواء سورية محمومة في أطرافها الثلاثة

تشهد سوريا أجواءً محمومة بأطرافها الثلاثة؛ مواجهات واشتباكات شرقاً وشمالاً، واستنفار وتوتر جنوباً، ما يمثل صدى للتوتر بالمنطقة، والتصعيد بين إسرائيل وحزب الله.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سكان بلدة الدرباسية يدلون بأصواتهم في انتخابات تمهيدية للمجالس المحلية بمناطق شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

رئيس «المجلس الوطني الكردي»: لا مصلحة لنا في معاداة تركيا

أبدى رئيس «المجلس الوطني الكردي» خشيته من عملية عسكرية جديدة في الشمال السوري إن مضت الإدارة في انتخاباتها المحلية، وطالب تركيا باحترام الخصوصية الكردية.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))

بقضية أموال غير مشروعة... توجيه الاتهام لشقيق رياض سلامة في باريس

حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)
TT

بقضية أموال غير مشروعة... توجيه الاتهام لشقيق رياض سلامة في باريس

حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة (رويترز)

وُجّه الاتهام لرجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان المركزي السابق رياض سلامة، الجمعة، في إطار تحقيقات أجراها القضاء الفرنسي في قضية تتعلق بأموال غير مشروعة، حسبما قال، الأربعاء، محاميه ومصدر قضائي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

واستمع قضاة التحقيق المكلّفون بالملف منذ يوليو (تموز) 2021 بالمحكمة القضائية في باريس، إلى رجا سلامة يومَي الأول والثاني من أغسطس (آب)، حسبما أفاد مصدر مطّلع على الملف.

وفي نهاية الاستجواب اتُّهم رجا سلامة بالتآمر الجنائي لارتكاب جرائم، تشمل اختلاس أموال عامة من موظف عام، لصالح دولة لبنان، والخيانة الجسيمة للأمانة، والفساد النشط والخامل من موظف عام، وغسل الأموال ضمن مجموعات منظّمة، حسبما أفاد المصدر القضائي.

ووُضع تحت المراقبة القضائية مع إلزامه بدفع كفالة، وفق المصدر.

وقال كريم بيلوني محامي الدفاع عن رجا سلامة: «على مدى يومين، أجاب رجا سلامة على جميع الأسئلة التي طرحها عليه قضاة التحقيق في سبيل المساعدة لكشف الحقيقة».

وأضاف: «ينفي رجا سلامة ارتكاب أدنى جريمة، ولا سيما المشاركة بطريقة أو بأخرى في اختلاس مفترَض للأموال العامة. لذلك يرغب في أن يُسلّط كل الضوء على هذه القضية، وسيكون قادراً على إثبات عبثية الاتهامات الموجَّهة ضده وضد عائلته».

ويُشتبه في قيام رجا سلامة مع مقرَّبين له، وشقيقه رياض سلامة، الذي تولى رئاسة مصرف لبنان المركزي بين 1993 و31 يوليو (تموز) 2023، بجمع ثروات عقارية ومصرفية في أوروبا، من خلال ترتيبات مالية معقّدة، تشمل اختلاس أموال عامة لبنانية ضخمة.

وتلاحق رياض سلامة شبهات عدة، بينها اختلاس وغسل أموال، وتحويلها على حسابات في الخارج، و«الإثراء غير المشروع».

من جهته، يؤكّد سلامة، الذي نال جوائز إقليمية ودولية، وأوسمة شرف تقديراً لجهوده في منصبه، وكان أول حاكم مصرف مركزي عربي يُقرَع له جرس افتتاح بورصة نيويورك، أنّه جمع ثروته من عمله السابق طوال عقدين في مؤسسة «ميريل لينش» المالية العالمية، ومن استثمارات في مجالات عدة، بعيداً عن عمله على رأس حاكمية مصرف لبنان.

لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق منذ 2019 في لبنان، حُمّل كُثر من أركان الطبقة الحاكمة، بينهم سلامة، مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة، وانتقدوا بشكل حادّ السياسات النقدية التي اعتمدها سلامة؛ واصفين إياها بأنها راكمت الديون.