«هدنة غزة»: اتصالات مكثفة للوسطاء لتجاوز التعثر واحتواء التصعيد

مصر طالبت أميركا «بضغط أكبر» على إسرائيل للانخراط بجدّية في المفاوضات

رجل يحمل جثة فتاة قُتلت أثناء القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين فلسطينيين غرب غزة (أ.ف.ب)
رجل يحمل جثة فتاة قُتلت أثناء القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين فلسطينيين غرب غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: اتصالات مكثفة للوسطاء لتجاوز التعثر واحتواء التصعيد

رجل يحمل جثة فتاة قُتلت أثناء القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين فلسطينيين غرب غزة (أ.ف.ب)
رجل يحمل جثة فتاة قُتلت أثناء القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين فلسطينيين غرب غزة (أ.ف.ب)

بينما تتزايد حدة التوترات في المنطقة، توالت الاتصالات والمشاورات، ضمن مساعي الوسطاء لاحتواء التصعيد، عبر دعوات لتجاوز التعثر في محادثات هدنة غزة، ومطالبات بضغط أكبر على الجانب الإسرائيلي؛ للانخراط بجدّية في المفاوضات؛ كونها السبيل الوحيد لتجنّب امتداد نطاق الحرب.

ووفق خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن هناك زخماً كبيراً من القوى الدولية تجاه الأوضاع في المنطقة، وما يفعله الوسطاء (أميركا ومصر وقطر)، هو «محاولة لتركيز الانتباه بشأن أصل الأزمة، وهي حرب غزة، وضرورة إنهائها لمنع انفجار الأوضاع»، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، بطهران، والقيادي بـ«حزب الله» اللبناني فؤاد شكر في بيروت الأسبوع الماضي.

وهو ما أكّده وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، الثلاثاء، في مؤتمر صحافي مع نظيره اللبناني، عبد الله بوحبيب، بقوله إن «السبيل الوحيد لوقف التصعيد بالمنطقة تنفيذ وقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة»، لافتاً إلى «مواصلة الجهود لتنفيذ صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين».

وطالب وزير الخارجية المصري إسرائيلَ بـ«إظهار الجدّية المطلوبة للتوصل لتهدئة في الجنوب اللبناني»، فيما عَدّ بوحبيب أن «الخطوة الأولى لتهدئة التصعيد هي وقف العدوان الإسرائيلي على غزة».

سبق ذلك مطالبة القاهرة لواشنطن بالضغط على إسرائيل؛ للتوقف عن «ممارسة سياسة حافة الهاوية، والانخراط بجدّية، وإرادة سياسية حقيقية في مفاوضات وقف إطلاق النار» بغزة، وذلك خلال اتصال هاتفي بين عبد العاطي ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، وفق إفادة الخارجية المصرية، الاثنين.

واتفق الجانبان على «استمرار الجهود، والتنسيق من أجل تشجيع الأطراف على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أقرب وقت»، حسب البيان المصري، الذي أشار إلى أن «التوصل لمثل هذا الاتفاق وما يرتبط به من تفاهمات، من شأنه أن يخفّف حدة التوتر الإقليمي القائم، وينزع فتيل الأزمة».

كما اتصل الوزيران المصري والأميركي بنظيرهما القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مساء الاثنين، لبحث «مستجدات جهود الوساطة» لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر، وفق إفادتَي وزارتَي الخارجية في مصر وقطر.

وجاءت المشاورات المتوالية مع حديث هيئة البث الإسرائيلية عن أن «مفاوضات إطلاق سراح الرهائن معلقة في ضوء التهديدات الإيرانية بالهجوم على إسرائيل».

حالة الزخم الحالية للوسطاء مع قادة المنطقة والعالم عدّها السفير الفلسطيني السابق بمصر، بركات الفرا، «محاولة لتجاوز التعثر الحالي بالمفاوضات، والذهاب لاتفاق هدنة»، بناءً على مقترح أعلنه بايدن في نهاية مايو (أيار) الماضي على ثلاث مراحل.

وباعتقاد الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الأميركية أحمد سيد أحمد، فإن «التحرك المكثف من الوسطاء عبر الاتصالات والمشاورات قد يؤدي لزخم جديد، وتسريع خطوات الوصول لاتفاق بشأن غزة، لمنع انفجار الأوضاع بالمنطقة، واحتواء التصعيد».

وبخلاف حشد سفن حربية في المنطقة، تتوالى التحذيرات الأميركية من الانزلاق للعنف، مع دعوات للتهدئة، وأهمية وقف إطلاق النار في غزة، كان بينها تأكيد بلينكن، في تصريحات الاثنين، بأنه «على الأطراف ألا تبحث عن سبب للتأجيل، أو قول (لا) بشأن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار»، مشدداً على أنه «من الضروري التوصل لهذا الاتفاق».

تزامَن ذلك مع إعلان البيت الأبيض، الاثنين، أنه «تم إطلاع الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس على آخر الجهود العسكرية الأميركية؛ لتعزيز الدفاع عن إسرائيل في حالة تعرّضها لهجوم مجدداً، والجهود الدبلوماسية الرامية لتهدئة التوتر في المنطقة، ووقف إطلاق النار في غزة».

محاولات للبحث عن ناجين بعد القصف الإسرائيلي لمدرسة تضم نازحين غرب غزة (أ.ف.ب)

وإزاء تلك التطورات هناك سيناريوهان، وفق ما يرى الخبير في العلاقات الدولية والشؤون الأميركية، أحمد سيد أحمد؛ الأول تفاؤلي بأن «حالة التصعيد بين إسرائيل وإيران بعد سياسة الاغتيالات الإسرائيلية الأخيرة قد تدفع الرئيس بايدن والإدارة الأميركية للضغط بشكل حقيقي على الحكومة الإسرائيلية؛ للإسراع في الوصول لصفقة تبادل الأسرى، ووقف إطلاق نار، بوصف ذلك مخرَجاً، أو محاولة لنزع فتيل التوتر، وتبريد السخونة بالمنطقة».

السيناريو الثاني تشاؤمي حذِر، حسب المحلل المصري، يتمثل في «عدم حدوث اختراق في المفاوضات الحالية، مع استمرار الحكومة الإسرائيلية في عدم تغيير منهجها في المراوغة، وفرض شروط تعجيزية تدفع (حماس) بالمقابل لرفضها، خصوصاً مع تمسّكها بالبقاء في محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح، اللذين احتلّتهما مايو (أيار) الماضي، وفرض قيود على عودة النازحين لشمال غزة».

وسيساعد هذا السيناريو التشاؤمي عدم قيام إدارة بايدن بضغط أكبر على إسرائيل، والبقاء في إطار موقف متوازن، أقصاه يطالب بتأكيد أهمية وقف إطلاق النار بغزة، وفق أحمد سيد أحمد، مُرجِعاً ذلك الموقف الأميركي إلى محاولة بايدن ضمان التصويت لنائبته ومرشحة حزبه الديمقراطي كامالا هاريس، من جانب اللوبي اليهودي بالمعركة الانتخابية الرئاسية أمام المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

ويتوقع السفير بركات الفرا في حال «عدم حدوث تصعيد حقيقي من إيران و(حزب الله) بضربة قوية تجاه إسرائيل»، أن تسهم تحركات الوسطاء مع ضغوط أميركية حقيقية في الذهاب لاتفاق، لافتاً إلى أن بايدن ليس مع التصعيد في المنطقة؛ لأنه يؤثر سلباً على حزبه في معركة الانتخابات أمام ترمب.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري فلسطينية تنتحب يوم الثلاثاء بعد مقتل أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (أ.ف.ب) play-circle 01:49

تحليل إخباري 8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، تستعد إسرائيل و «حماس» لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزة، فما الملفات المهمة التي خيمت على المفاوضات؟ وكيف سيتم حلها؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: ارتياح بين قادة الفصائل الفلسطينية لمجريات مفاوضات الدوحة

قالت حركة «حماس» إن محادثات وقف إطلاق النار في غزة وصلت إلى مراحلها النهائية، وعبرت عن أملها في أن «تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 01:33

انطلاق «جولة أخيرة» من محادثات وقف إطلاق النار في غزة

قال مصدر مطلع لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الثلاثاء)، إن «الجولة النهائية» من مباحثات وقف إطلاق النار في غزة على وشك أن تبدأ.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:28

النقاط الرئيسية في مسودة اتفاق وقف إطلاق النار بغزة

أرسلت قطر مسودة اتفاق لوقف القتال في قطاع غزة ومبادلة الرهائن الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين إلى إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان


فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان


فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

وتحدثت مصادر من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن المرحلة الأولى للاتفاق ستكون لمدة 60 يوماً، وتتضمن انسحاباً برياً «تدريجياً» لإسرائيل من محوري نتساريم، وفيلادلفيا. لكن مصدراً من «حماس» قال لـ«رويترز» في ساعة متأخرة من مساء أمس، إن الحركة لم ترد على الوسطاء، حتى وقت تصريحه، «بسبب عدم تسليم إسرائيل خرائط الانسحاب».

وواكبت إسرائيل قرب الاتفاق، بمزيد من المجازر في القطاع، ما أسفر عن مقتل 18 شخصاً بينهم أطفال، ورفع حصيلة الضحايا منذ بدء الحرب إلى 46645 قتيلاً.

وسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى لجم معارضي الصفقة من اليمين المتطرف عبر اجتماعات مع رموزه، وذلك بعد تهديد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بالاستقالة رداً على الاتفاق.

أميركياً، أعلن الوزير أنتوني بلينكن، في خطابه الأخير بصفته وزيراً للخارجية، عن اعتزام إدارة الرئيس جو بايدن، تسليم «خطة اليوم التالي» في غزة إلى إدارة الرئيس دونالد ترمب.