في الوقت الذي تُصر فيه الحكومة الإسرائيلية على منع نحو 200 ألف عامل فلسطيني من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من العمل في إسرائيل، أعلن الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، أنه سيتم نهاية الشهر الجاري رفع قضية على حكومة إسرائيل أمام منظمة العمل الدولية، من خلال الاتحاد الدولي لنقابات العمال، للمطالبة بتعويض العمال الفلسطينيين عن إلقائهم في سوق البطالة منذ نحو عشرة أشهر.
وكشف سعد عن اجتماع تم خلال الأسبوع الماضي عبر تطبيق «زووم» لبحث قضية التعويضات وأوضاع العمال، بمشاركة الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال، لوكا فيسنتيني، و25 خبيراً قانونياً دولياً، بحضور وزيرة العمل في الحكومة الفلسطينية، إيناس العطاري، وفريق من الوزارة وفريق من الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين. وأكد أنه تم الاتفاق على رفع القضية نظراً لأن إسرائيل، بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، موقّعة على اتفاقية منظمة العمل الدولية، والأمين العام لاتحاد النقابات فيها، أرنون بن دافيد، هو نائب الأمين العام، وبالتالي بالإمكان إجبارها على تعويض العمال الفلسطينيين. وأضاف أنه من حق أي عامل حاصل على «تصريح عمل» إسرائيلي، الحصول على تعويض من حكومة الاحتلال. وأشار إلى أنه سيتم اللجوء إلى قوائم وزارتي العمل والصحة لمن يحصل على تأمين صحي من أجل التأكد من قوائم العمال كافة للحصول على تعويض، كما سيتم العمل على حملة للتأكد من أن كل العمال أُضيفت أسماؤهم.
يُذكر أن نحو 150 ألف عامل في الضفة الغربية ونحو 20 ألفاً من قطاع غزة، فقدوا عملهم داخل إسرائيل بسبب قرار حكومتها إلغاء التصاريح، واتخاذ إجراءات تمنع وصول العمال إلى أماكن العمل، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك عقاباً لهم على هجوم حركة «حماس» على مواقع عسكرية ومدنية في غلاف غزة. ويضاف إلى هؤلاء بضعة آلاف من العمال الذين يعملون من دون تصاريح. وقد بادر إلى هذا القرار وزير المال، بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصب وزير ثانٍ في وزارة الدفاع مسؤولٍ عن الضفة الغربية. وقد اهتم سموتريتش بمنع العمال الفلسطينيين من العمل في إسرائيل خلال الحرب لكنه سمح لهم بالعمل في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية حتى يضمن استمرار الانتعاش الاقتصادي في المستوطنات. وعلى الرغم من أن قادة المصالح الاقتصادية والتجارية الإسرائيليين يشكون من أضرار فادحة جراء قرار منع عمل الفلسطينيين في إسرائيل، وعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية، بما في ذلك الجيش وجهاز الشاباك، تعارض منع التصاريح وتطلب إعادة العمال الفلسطينيين، فإن سموتريتش يصر على إبقائهم في البيت بحجة الأمن. ويتسبب الأمر في أزمة نقص خطيرة في عدد من فروع الاقتصاد الإسرائيلي، خصوصاً البناء والزراعة.
وحذّر رئيس بلدية هرتسليا، ياريف فيشر، من تبعات هذا القرار، وقال خلال ندوة الأربعاء: «سموتريتش يتباهى بأنه منع دخول أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني إلى إسرائيل. هذا قرار ليس فقط أحمق، بل يُلحق ضرراً استراتيجياً بإسرائيل. لقد تسبب في أزمة خطيرة في فرع البناء. في هرتسليا توقف 117 مشروع بناء وتطوير من ضمنها توقف بناء المدارس والمباني العمومية. سيكون لدينا نقص في المدارس يهدد بعدم فتح السنة الدراسية القادمة. وهناك مقاولون عديدون يعانون أزمة خطيرة». وكشف اتحاد المقاولين عن أن المحاولة التي قامت بها الحكومة لجلب عمّال من الهند أو أوروبا الشرقية فشلت، إذ إنه لا يوجد هناك من يتقن العمل، خصوصاً في البناء وفروعه، مثل الفلسطينيين.
يُذكر أن إحصائيات مجلس الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، كشفت عن أنه منذ اندلاع الحرب، فقدت إسرائيل قرابة ربع قوتها العاملة لأسباب مرتبطة بتجنيد 360 ألفاً من الاحتياط، وتعليق العمل في بلدات غلاف غزة، وتضرر الاقتصاد الإسرائيلي، وتعليق نشاط العمال الفلسطينيين. ومن مجموع 150 ألف عامل، هناك 90 ألف عامل بناء فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل قبل الحرب.
وإذا تقدم الفلسطينيون بطلبات تعويض، فسيكون ذلك وفق حساب السلطة الفلسطينية، التي تقول إن مجموع أجور العمال في إسرائيل يتجاوز شهرياً 1.5 مليار شيقل (400 مليون دولار)، وهذا المبلغ يعد أهم مورد مالي للأسواق الفلسطينية.