الحكومة البريطانية الجديدة تريد دوراً فاعلاً في الملف الفلسطيني

لامي زار الضفة وتل أبيب... ودعا إلى حل الدولتين والإفراج عن الرهائن

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (يمين) يلتقي في رام الله وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (إكس)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (يمين) يلتقي في رام الله وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (إكس)
TT

الحكومة البريطانية الجديدة تريد دوراً فاعلاً في الملف الفلسطيني

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (يمين) يلتقي في رام الله وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (إكس)
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (يمين) يلتقي في رام الله وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (إكس)

أعلن وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي، للقادة الإسرائيليين والفلسطينيين، الذين استقبلوه خلال اليومين الماضيين، أن حكومته ترغب في زيادة دورها؛ ليصبح أكثر فاعلية في الشرق الأوسط، وذلك لغرض وقف إطلاق النار، والانتقال إلى الدفع بعملية السلام الإسرائيلي- الفلسطيني والعربي إلى الأمام.

وقال لامي -الذي حضر إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، الأحد والاثنين، في أول زيارة له إلى الشرق الأوسط، منذ توليه منصبه وزيراً للخارجية- إنه يركّز في زيارته على الدور الدبلوماسي الذي تلعبه المملكة المتحدة في المساعدة في وضع نهاية للصراع في غزة، وإحراز تقدم تجاه إحلال الأمن وسلام دائم في الشرق الأوسط، وفي المقدمة البحث في الضرورة العاجلة لوقف إطلاق نار يتفق عليه الجانبان، ويشمل الإفراج عن جميع الرهائن وزيادة سريعة في المساعدات التي تدخل إلى غزة.

وأكد لامي، في منشور له عبر منصة «إكس»، ضرورة حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية غير المحدودة إلى غزة، وإطلاق سراح الأسرى، مشدداً على أهمية إيجاد طريق لـ«حل الدولتين».

وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، قد استقبل الوزير لامي، الأحد، في مكتبه في رام الله، وطالب بضرورة العمل البريطاني والدولي على وقف العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى أبناء شعبنا في غزة، وعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وفق حل سياسي شامل ينهي الاحتلال، حسب قرارات الشرعية الدولية.

كما طالب الشيخ الحكومة البريطانية الجديدة بالاعتراف بدولة فلسطين.

وأما وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، فقد طلب أن توضح بريطانيا والعالم لحركة «حماس» أنه من دون عودة جميع المخطوفين الإسرائيليين فلن يكون هناك وقف لإطلاق النار.

وقال: «إذا حسبت (حماس) أن الضغط الدولي على إسرائيل سيجعلها توقف النار فإنها واهمة، وبالتأكيد لن تصل إلى صفقة. وستزيد إسرائيل من ضغطها العسكري». وطلب كاتس من الوزير البريطاني أن تتدخل بلاده، وتبذل جهداً لإلغاء أوامر الاعتقال التي طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدارها بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت.

واستقبل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الوزير لامي، مطالباً بضرورة «دفع الجهود إلى وقف حرب الإبادة على شعبنا في قطاع غزة، وتعزيز الإغاثة الطارئة، وزيادة إدخال المساعدات الإنسانية، إلى جانب وقف اعتداءات الاحتلال والمستوطنين والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس».

وشدد مصطفى على أن قرار مجلس الأمن الأخير (2735)، الذي يحظى بموافقة الجميع، يشكّل نقطة انطلاق جيدة لوقف الحرب على قطاع غزة، ويُسهم في عودة السكان إلى منازلهم وإدخال المساعدات والاحتياجات في أرجاء القطاع كافّة، وإنهاء احتلاله، والبدء في عملية إعادة الإعمار، وتأكيد رؤية حل الدولتين.

وقال مصطفى: «لم نغادر قطاع غزة، وسنقدّم كل ما هو ممكن لمساعدة أبناء شعبنا في القطاع، فالسلطة الفلسطينية تأسّست في قطاع غزة، وجميع الخدمات الأساسية المقدمة من تعليم وصحة ومياه وكهرباء وأخرى تقدمها الحكومة، وموظفوها يتقاضون رواتب منها، والدليل على ذلك الخصومات الإسرائيلية بما يقارب 275 مليون شيقل شهرياً من أموال المقاصة على أنها مخصصات الحكومة لقطاع غزة».

مسنّ فلسطيني وأطفال يشربون من عبوات تبرّعت بها جمعيات إلى بلدات في الضفة الغربية قطعت إسرائيل عنها المياه (غيتي)

وبحث مصطفى مع لامي أهمية تعزيز الدعم البريطاني لفلسطين، بما يُسهم في بناء قدرات المؤسسات والتعافي والإنعاش الاقتصادي من تداعيات حرب الاحتلال، وجهود الإغاثة وإعادة الإعمار.

من جانبه، أكد وزير الخارجية البريطاني لامي الالتزام بحل الدولتين، وبذل بلاده الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق فوري للنار، ووصول المساعدات لسكان قطاع غزة كافّة، ووقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير القانوني، وعنف المستوطنين المتزايد في الضفة الغربية، ودعم بريطانيا الحكومة وجهودها الإصلاحية.

وكان لامي قد كتب قبيل وصوله منشوراً في الشبكات الاجتماعية جاء فيه: «الموت والدمار في غزة لا يُحتمل. هذه الحرب يجب أن تتوقف الآن، بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق فوري يلتزم به الجانبان. هذا القتال يجب أن يتوقف، ولا بد من الإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا رهن الاحتجاز الوحشي لدى إرهابيي (حماس)، كما يجب السماح فوراً بوصول المساعدات إلى سكان غزة بلا قيود».

وقال إنه سيجتمع بقيادات إسرائيلية وفلسطينية؛ للتشديد على «طموح المملكة المتحدة والتزامها بأن تلعب دوراً دبلوماسياً كاملاً في تأمين اتفاق وقف إطلاق النار، وإفساح المجال لسبيل ذي مصداقية ولا رجعة فيه تجاه حل الدولتين. العالم بحاجة إلى أن تعيش إسرائيل بأمان وأمن إلى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».