لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

الجنائية الدولية تتهمهما بارتكاب جرائم حرب... وجهود مصر وقطر لوقف إطلاق النار تعثّرت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT
20

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».


مقالات ذات صلة

ترمب: أي جهة تستورد نفط إيران لن تعمل مع أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حديقة البيت الأبيض خلال كلمة في «اليوم الوطني للصلاة» (أ.ف.ب)

ترمب: أي جهة تستورد نفط إيران لن تعمل مع أميركا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الخميس، إن «أي جهة تستورد النفط من إيران لن تستطيع القيام بأي أعمال مع الولايات المتحدة».

المشرق العربي مدخل مستودع مغلق لتوزيع مساعدات الأونروا في شارع الجلاء بمدينة غزة يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

«الأونروا»: قطاع غزة لم يتلقَ أي إمدادات إنسانية أو تجارية منذ نحو شهرين

قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، اليوم الخميس، إن لديها مساعدات منقذة للحياة ما زالت تنتظر على الحدود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا سيارات إسعاف مصرية أمام معبر رفح لنقل الجرحى والمرضى الفلسطينيين (الشرق الأوسط)

سيارات إسعاف مصرية تصطف أمام معبر رفح بانتظار «هدنة غزة»

أكدت مصر أن سيارات الإسعاف والطواقم الطبية في وضع استعداد دائم أمام معبر رفح بانتظار استقبال المصابين الفلسطينيين ومرافقيهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي طفل فلسطيني يحمل إناء ويحاول الحصول على حصة طعام من أحد المطابخ الخيرية بمدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

مسؤول أممي يطالب إسرائيل برفع «الحصار الوحشي» عن غزة

طالب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، إسرائيل برفع «الحصار الوحشي» عن قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الطفل الفلسطيني أسامة الرقب (5 سنوات) في مستشفى ناصر حيث يتلقى العلاج (رويترز) play-circle

منظمة الصحة العالمية: نحن نحطم أجساد أطفال غزة وعقولهم

قال المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية»، اليوم الخميس، إن الوضع في غزة «كارثي»، وإن مليوني شخص بالقطاع يعانون الجوع.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)
محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)
TT
20

الحكومة السورية تواصل تعزيز الأمن ببلدات درزية في ريف دمشق

محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)
محافظ السويداء وقائد الفرقة 40 في الجيش يتابعان انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصَّورة الكبرى بريف السويداء (سانا)

بينما تتابع الجهات الحكومية إجراءات تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الصَّوْرة بريف السويداء جنوب البلاد، وتأمين محيطها من المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، ذكرت شخصيات دينية درزية ونشطاء في المجتمع الأهلي أن التوتر مستمر، في ضاحيتي جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، وإن بوتيرة أخف من اليومين السابقين، على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوقف إطلاق النار.

المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة» باسم أبو فخر (حساب فيسبوك)
المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة» باسم أبو فخر (حساب فيسبوك)

وأوضح، باسم أبو فخر المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة» التي يقودها الشيخ يحيى الحجار، أن الاجتماع الذي ضم محافظي ريف دمشق والسويداء والقنيطرة وشيوخ عقل من السويداء ووجهاء، مساء الأربعاء، توصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، وتنظيم السلاح الموجود في المنطقة، وطالب ممثلي الدولة بأن يكون محصوراً بيد عناصر وزارتي الدفاع والداخلية».

وأضاف أبو فخر لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتفاق تضمن أيضاً «دخول الأمن العام إلى (أشرفية صحنايا)، وأن تكون تحت سيطرة القوات الحكومية، على أن تضمن الأخيرة سلامة الأهالي وعدم تعرضهم للهجمات من أي من الأطراف»، مشيراً إلى «تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق».

عناصر من قوات الأمن السورية يرتاحون بجوار عربتهم في بلدة صحنايا الخميس (رويترز)
عناصر من قوات الأمن السورية يرتاحون بجوار عربتهم في بلدة صحنايا الخميس (رويترز)

وكانت محافظة السويداء، أعلنت ليل الأربعاء، عبر قناتها على منصة «تلغرام» أنه - بهدف الوصول لاتفاق حول الأحداث الجارية في جرمانا وأشرفية صحنايا - عُقدت جلسة لمناقشة واقع المدينتين في دمشق، وذلك بحضور محافظ السويداء مصطفى البكور ومحافظ ريف دمشق عامر الشيخ، ومحافظ القنيطرة أحمد الدالاتي، ومشايخ الدروز يحيى الحجار، وليث البلعوس، وحمود الحناوي، ويوسف جربوع.

وفي وقت لاحق، أعلنت محافظة السويداء أنه «تم خلال الجلسة التي عُقدت بدمشق بحضور محافظي ريف دمشق، والسويداء، والقنيطرة، وعدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية، التوصل إلى اتفاق «مبدئي» يقضي بوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق. كما تم تشكيل لجنة مشتركة للعمل على وقف النزف الدموي، وإيجاد حلول تسهم في تحقيق التهدئة، واستقرار الأوضاع في المنطقتين».

طفلان يجمعان عبوات رصاص فارغة عقب اشتباكات أشرفية صحنايا قرب دمشق (إ.ف.ب)
طفلان يجمعان عبوات رصاص فارغة عقب اشتباكات أشرفية صحنايا قرب دمشق (إ.ف.ب)

كما أعلنت قوات الأمن انتهاء العملية الأمنية في أشرفية صحنايا. وقال مدير أمن ريف دمشق، حسام الطحان، إن القوات السورية دخلت جميع أحياء البلدة، وستبدأ إجراءات استعادة الأمن والاستقرار للمنطقة. وأكدت السلطات السورية، في بيان، التزامها «حماية» كل مكونات الشعب بمن فيهم الدروز.

جاء ذلك بعد أن شهدت مناطق ذات غالبية درزية حول دمشق، الأربعاء، لليوم الثاني على التوالي، حوادث عنف إثر تسريب تسجيل صوتي منسوب لرجل دين درزي تضمن عبارات مسيئة للإسلام، فبعد مواجهات في جرمانا، الثلاثاء، تمددت المواجهات إلى بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا، فحصلت اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى من كلا الجانبين، وقالت بعض المصادر إن «من تعرض للأشرفية وصحنايا هم من تنظيمات مسلحة غير رسمية أغلبهم غير منضوٍ في وزارة الدفاع».

رجال دروز يحملون الأسلحة عند نقطة تفتيش في جرمانا قرب دمشق (أ.ف.ب)
رجال دروز يحملون الأسلحة عند نقطة تفتيش في جرمانا قرب دمشق (أ.ف.ب)

أما في ضاحية جرمانا الواقعة بريف دمشق الشرقي، فقد وصف عضو مجموعة العمل الأهلي في الضاحية ربيع منذر الوضع هناك بأنه «حذر»، وقال إن هناك قوى تابعة للأمن العام من أبناء المدينة تدير الحواجز الموجودة على مداخل جرمانا، لكن حتى الآن لم يتم تنفيذ الاتفاق الأخير، كما أن هناك اتفاقاً كان قد أُبْرِمَ في الثاني من مارس (آذار) الماضي حتى الآن لم يتم تفعيله.

وصرح منذر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أبناء المدينة مسؤولون عما نطلقه من تصريحات بأنفسنا، ولسنا مسؤولين عما يطلقه غيرنا من تصريحات»، معلقاً على مطالبة الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، بتدخل «قوات دولية لحفظ السلم» في سوريا. وحسب منذر «هناك مجموعات مسلحة موجودة في محيط المدينة تقوم بأعمال استفزازية وعمليات إطلاق نار وعمليات قنص على المدنيين».

جنوباً، تابع محافظ السويداء، وقائد الفرقة 40 في الجيش السوري، انتشار قوات الجيش والأمن العام في بلدة الصورة الكبرى بريف السويداء الشمالي، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وفق ما ذكرت وكالة «سانا».

من جانبها، بثت محافظة السويداء في قناتها على «تلغرام» صوراً تظهر استمرار انتشار قوات الأمن العام في بلدة الصورة، كما أظهرت بعضها المحافظ وهو يتابع إجراءات تأمين المنطقة، تمهيداً لعودة الأهالي، وضمان سلامتهم من أي محاولات لزعزعة الأمن والاستقرار.

لكن المتحدث الرسمي باسم حركة «رجال الكرامة»، ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن قرى، كناكر وعرى وساس والصورة وداما... لا تزال «تتعرض لهجمات من قبل تنظيمات جهادية»، على حد تعبيره.