إسرائيل تستهدف الضيف ونائبه في ضربة غير عادية بخان يونس... مرتكبة مجزرة جديدة

5 قنابل ثقيلة وخارقة للتحصينات أُسقطت على المكان... الرئاسة الفلسطينية تدين و«حماس» تنفي «الادعاءات الكاذبة» وتل أبيب تنتظر النتائج

فلسطينية في الموقع الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية على المواصي قرب خان يونس السبت (رويترز)
فلسطينية في الموقع الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية على المواصي قرب خان يونس السبت (رويترز)
TT
20

إسرائيل تستهدف الضيف ونائبه في ضربة غير عادية بخان يونس... مرتكبة مجزرة جديدة

فلسطينية في الموقع الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية على المواصي قرب خان يونس السبت (رويترز)
فلسطينية في الموقع الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية على المواصي قرب خان يونس السبت (رويترز)

أصبح مصير محمد الضيف، قائد «كتائب القسام» الذي طاردته إسرائيل لأكثر من 30 عاماً بوصفه المطلوب رقم واحد لديها، مجهولاً، بعد استهدافه بغارة «غير عادية»، في منطقة المواصي قرب مدينة خان يونس، (السبت)، دون أن يتضح على الفور ما إذا كان الهجوم، الذي تسبب في وقوع مذبحة مروعة سقط فيها عشرات الضحايا، أدى بالفعل إلى تحقيق ما أرادت إسرائيل منه.

وسيطر التضارب في الساعات الأولى للهجوم. وبعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف، إلى جانب الضيف، مساعده، قائد لواء خان يونس، رافع سلامة، سُحب البيان واكتُفي بالقول إن الجيش «استهدف قائدَين بارزَين». وبينما ذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن التقييم يزداد في إسرائيل بأنه تم فعلاً اغتيال الضيف وسلامة، قالت «القناة 14» إن التشاؤم بدأ يحل مكان التفاؤل خشيةَ أن يكون النجاح اقتصر على اغتيال سلامة فقط. والضيف أحد أبرز المطلوبين لإسرائيل، وكان لسنوات طويلة بمثابة «شبح» في قيادة «كتائب القسام»، إذ لم تكن له سوى صورة واحدة قديمة، قبل أن يوزِّع الجيش الإسرائيلي صورتين جديدتين مزعومتين له، العام الماضي.

دمار في منطقة مواصي خان يونس السبت (رويترز)
دمار في منطقة مواصي خان يونس السبت (رويترز)

وبانتظار إعلان رسمي من قِبَل المسؤولين الإسرائيليين الذين يعتقدون أنهم قد يحتاجون إلى يوم إضافي للتأكد من وصولهم إلى الضيف ومساعده؛ كون الهجوم تم فوق الأرض وليس في أنفاق، أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن تقديرات الجيش والقوات الجوية تشير إلى أن الضيف أُصيب بجروح خطيرة، على أقل تقدير، لكن ليست هناك تأكيدات حول مصيره بعد.

وكانت طائرات إسرائيلية هاجمت مجمعاً في منطقة المواصي قرب خان يونس، يبعد عن خيام النازحين نحو 200 متر، وسوَّته بالأرض، في سلسلة ضربات متتالية هدفت إلى التأكد من مقتل كل مَن كان هناك، وكل مَن سيحاول الوصول إلى المكان.

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنه في عملية مشتركة للجيش وجهاز «الشاباك» استناداً إلى «معلومات دقيقة لهيئة الاستخبارات العسكرية و(الشاباك)، استهدف سلاح الجو والقيادة الجنوبية الهدفَيْن البارزَيْن في منظمة (حماس) داخل مجمع (تسترا) مع عدد آخر من المخربين بين المدنيين»، مضيفاً أن «المجمع المستهدَف عبارة عن منطقة مفتوحة ووعرة تحتوي على عدد من المباني والسقائف».

أطفال قُتل والدهم في الغارات الإسرائيلية على المواصي السبت (إ.ب.أ)
أطفال قُتل والدهم في الغارات الإسرائيلية على المواصي السبت (إ.ب.أ)

وقالت القناة «13» الإسرائيلية إن قوات الجيش نفذت هجمات غير عادية في خان يونس جنوب قطاع غزة، شملت ما لا يقل عن 5 قنابل ثقيلة تزن طناً للقضاء على الضيف وسلامة.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه تم إلقاء 5 قنابل ضخمة، بعضها خارق للحصون، تحت الأرض، فوق المكان الذي كان الضيف موجوداً فيه.

وقالت إذاعة الجيش إن 8 قنابل أُلقيت هناك نتيجة يقين استخباراتي بوجود الضيف في الموقع المستهدَف، بينما كانت التقديرات تؤكد أن الضيف لن يبقى لفترة طويلة في المجمع، وكانت النافذة الزمنية قصيرة جداً.

وقال مسؤولون إسرائيليون كبار: «لقد حاولنا القضاء على الضيف فوق الأرض، وتحققت الفرصة».

لكن الفلسطينيين، بمن في ذلك الرئاسة الفلسطينية و«حماس» والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اتهموا إسرائيل بارتكاب مجزرة جديدة في منطقة المواصي.

صورة وزعتها إسرائيل للضيف العام الماضي
صورة وزعتها إسرائيل للضيف العام الماضي

وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن 71 فلسطينياً قُتلوا في الهجوم على منطقة المواصي، بينما أُصيب 289 آخرون.

وأظهرت فيديوهات دخاناً كثيفاً يتصاعد في الأفق، فيما يفر الفلسطينيون بشكل هستيري من المنطقة.

وفي حين دان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة «المجزرة»، وقال إنها «استكمال لحرب الإبادة الجماعية»، محملاً الإدارة الأميركية مسؤولية ما جرى، اعتبرت حركة «حماس» اغتيال الضيف «ادعاءات كاذبة». ودانت الحركة «مجزرة مواصي خان يونس المروعة»، وطالبت الفلسطينيين في كل مكان بتصعيد الهجوم على إسرائيل.

وردَّت إسرائيل، بحسب «القناة 12»، بتأكيد أن معظم القتلى هم من حراس أمن الضيف وسلامة ومسلحون حولهما، وأبلغت الولايات المتحدة بذلك.

فلسطينيون يبكون على ضحايا القصف الإسرائيلي على دير البلح بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون على ضحايا القصف الإسرائيلي على دير البلح بوسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

ويبدو أن إسرائيل التقطت معلومة عن وصول الضيف إلى المكان قبل وقت قصير من الهجوم. ويقدر مسؤول أمني كبير أن فرصةً تبلورت في الساعات القليلة قبل الهجوم فقط.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الفرصة العملياتية للقضاء على الضيف جاءت خلال اليوم الأخير، وأدَّت إلى مشاورات طوال ليلة الجمعة - السبت بين الجيش الإسرائيلي و«الشاباك»، وبمشاركة وزير الدفاع يوآف غالانت.

وقالت «القناة 13» إن الفرصة العملياتية التشغيلية التي ظهرت هذه المرة لم تظهر منذ أشهر.

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فقد أتت معلومات في وقت متقارب عن مكان الضيف وسلامة من وحدة خاصة تابعة لهيئة الاستخبارات العسكرية (أمان) و«الشاباك».

وقالت «القناة 14» الإسرائيلية إنه بعد منتصف الليل اتصل رئيس «الشاباك» والسكرتير العسكري برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأبلغاه بالوضع، وطرح نتنياهو عدة أسئلة، بما في ذلك إذا كان هناك مختَطَفون إسرائيليون حول الضيف ونائبه، وعندما تم نفي المعلومة، أعطى الضوء الأخضر للتنفيذ.

تطارد إسرائيل الضيف منذ عقود باعتباره المطلوب رقم 1
تطارد إسرائيل الضيف منذ عقود باعتباره المطلوب رقم 1

ورغم أن نتنياهو لم يعلّق على الهجوم، لكنه لمح إلى دوره في هذا النجاح لو تم، باعتبار أنه صادَق سلفاً على تصفية كبار قادة «حماس». وذكر مكتبه أن «رئيس الوزراء نتنياهو أصدر بالفعل في بداية الحرب توجيهاً دائماً بتصفية كبار مسؤولي (حماس)»، وتم إطلاعه على جميع التطورات قبل الهجوم على المواصي وبعده.

كما أعلن مكتبه أنه سيجري تقييماً للوضع مع جلسة ستضم جميع المسؤولين الأمنيين لمناقشة التطورات والخطوات المقبلة.

وقبل ذلك، كان غالانت أعلن أنه أجرى تقييماً للوضع العملياتي مع رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس «الشاباك» رونين بار.

والتقييمات التي ترأسها نتنياهو وغالانت متعلقة أيضاً بمستقبل الحرب.

وتم أخذ قرار استهداف الضيف رغم التقدم في مفاوضات وقف النار، ويعتقد الإسرائيليون أن هذا التقدم ساعدهم بطريقة أو بأخرى.

وقال مصدر أمني إن «الضيف ربما قرر الصعود فوق الأرض في ضوء المفاوضات المتقدمة للصفقة».

فلسطينية بجانب جثة أحد أقاربها في مخيم الشاطئ شمال قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
فلسطينية بجانب جثة أحد أقاربها في مخيم الشاطئ شمال قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

وبحسب مراقبين في إسرائيل، فإنه في هذه المرحلة ما زال من السابق لأوانه معرفة ما ستكون عليه العواقب على الصفقة، لو تم التأكد من اغتيال الضيف.

ويراهنون في إسرائيل على أن اغتيال نصف قيادة «حماس» في قطاع غزة قد يؤثر على عملية صنع القرار في المنظمة، وقد يخلّف نوعاً من الضغوط الداخلية نحو صفقة قد تنهي الحرب.

وكتب المحلل العسكري رون بن يشاي في «يديعوت أحرونوت» قائلاً إنه إذا تمت تصفية الضيف بالفعل فإن ذلك يمثل ضربة معنوية قاسية لـ«حماس» وسكان غزة بشكل عام، حيث كان الضيف شخصية رمزية يتجاوز معناها وظيفته في الواقع، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في مقاومة نشطاء «حماس» لقوات الجيش الإسرائيلي في غزة، وسيكون له تأثير نفسي على قائد الحركة في غزة، يحيى السنوار، الذي كان ضيف شريكاً له منذ فترة طويلة ونشأ مثله أيضاً في مخيم اللاجئين بخان يونس.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فإنه من المحتمل، حتى لو تأخرت أو توقفت الاتصالات في المرحلة المباشرة، أن تزيد فرص الاتفاق على المدى الطويل.

وقالت «يديعوت أحرونوت» إن التقديرات تشير إلى أن هذا الاغتيال سيزيد الضغوط على «حماس» للموافقة على وقف إطلاق النار لضمان بقاء قياداتها متناقصة العدد، فيما ذكرت «القناة 12» أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن الهجوم سيخدم الاستراتيجية المعمول بها، وهي الاستمرار في خلق ضغط عسكري على «حماس»، بهدف عودة المختطفين. ونقلت القناة عن مسؤولين قولهم إنه حتى لو أضرَّت التصفية تكتيكياً بالمفاوضات الجارية هذه الأيام للتوصل إلى اتفاق، فإنها على المدى الطويل مفيدة جداً من الناحية الاستراتيجية لهدف إعادة المختطفين.


مقالات ذات صلة

تقرير: وفد إسرائيلي بالقاهرة للتفاوض على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة

المشرق العربي فلسطينيون ومقاتلون من «حماس» يحضرون موكب جنازة 40 مسلحاً ومدنياً قتلوا خلال الحرب مع إسرائيل (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: وفد إسرائيلي بالقاهرة للتفاوض على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة

قال مصدران أمنيان مصريان، الجمعة، إن وفداً إسرائيلياً يزور القاهرة حالياً للتفاوض على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة التي تنتهي غداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي زينة رمضان تظهر في قطاع غزة الذي دمرته الحرب (أ.ف.ب) play-circle 00:19

فريق التفاوض الإسرائيلي يعود من القاهرة... والمحادثات «تستمر» غداً

قال مسؤول، الجمعة، إنه «من المتوقع» أن يعود فريق التفاوض الإسرائيلي من القاهرة الليلة، مضيفاً أن «المحادثات ستستمر غداً»، من دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مسلحون من «كتائب عز الدين القسام» التابعة لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء تسليم ثلاثة رهائن إسرائيليين لممثلي «الصليب الأحمر» في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة في 22 فبراير 2025 (إ.ب.أ) play-circle

«حماس» تطالب بالضغط على إسرائيل لـ«الدخول الفوري في المرحلة الثانية» من الاتفاق

طالبت حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لـ«الدخول الفوري في المرحلة الثانية» من اتفاق الهدنة مع قرب انتهاء المرحلة الأولى منه السبت

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تجمع فلسطينيين ومسلحي «حماس» خلال عملية إطلاق سراح الرهائن في النصيرات وسط غزة (رويترز) play-circle

هدنة غزة: بدء مباحثات بين وفود إسرائيلية وأميركية وقطرية بالقاهرة

بدأ موفدون من إسرائيل وقطر والولايات المتحدة «مباحثات مكثفة» في القاهرة بشأن المراحل المقبلة من اتفاق الهدنة بين الدولة العبرية و«حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

سقف إسرائيلي عالٍ في أزمة «فيلادلفيا» يثير توتراً مع مصر

يثير رفض إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا أزمةً مع «حماس» والوسيط الرئيسي مصر.

هشام المياني (القاهرة)

هدنة غزة تواجه عقبتي «الضمانات» و«حق المقاومة»

هدنة غزة تواجه عقبتي «الضمانات» و«حق المقاومة»
TT
20

هدنة غزة تواجه عقبتي «الضمانات» و«حق المقاومة»

هدنة غزة تواجه عقبتي «الضمانات» و«حق المقاومة»

تواجه المفاوضات المكثفة التي تجري في القاهرة لإنقاذ المرحلة الثانية من هدنة غزة المقرر أن تبدأ غداً، عقبتي «الضمانات» التي تطالب بها إسرائيل، و«حق المقاومة» الذي تطالب به «حماس».

وقال مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن «حماس» تُصرّ على تنفيذ الاشتراطات المتفق عليها في الهدنة، وهي التزام إسرائيل بإعلان إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من غزة، وهو ما ترفضه تل أبيب بحجة عدم وجود ضمانات لتسليم جميع الرهائن في حال انسحبت من القطاع وأعلنت نهاية الحرب.

وأضاف المصدر أن إسرائيل ترغب أيضاً في الحصول على ضمان بإنهاء الوجود المسلح لـ«حماس»، وهو ما ترفضه الحركة التي تتمسك بـ«حقّ المقاومة»، رغم التزامها عدم وجود دور لها في إدارة القطاع، وفق ما أبلغت به الوسطاء من قبل.

وأشار المصدر إلى أن الجانب الأميركي بدا مؤيداً لفكرة الانتقال للمرحلة الثانية شكلياً، بمعنى تنفيذ طلبات إسرائيل بتسليم مزيد من الرهائن، مع عدم الانسحاب الكلي للقوات الإسرائيلية، لكن الوسطاء في مصر وقطر يرون أن ذلك «يحقق طلبات إسرائيل فقط»، وسط حديث عن إمكانية تمديد المرحلة الأولى المقرر أن تنتهي اليوم.