هل كان جنوب لبنان فعلاً جبهة «دعم وإسناد» لغزة؟

بعد 9 أشهر من القتال المتواصل

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

هل كان جنوب لبنان فعلاً جبهة «دعم وإسناد» لغزة؟

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قرر «حزب الله»، منفرداً، الانخراط في الحرب التي اشتعلت في غزة، على خلفية عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس». ومنذ ذلك الوقت، أعلن الحزب جبهة جنوب لبنان جبهة «دعم وإسناد» لغزة، ما أدى إلى دمار عدد كبير من القرى والبلدات اللبنانية الحدودية وسقوط مئات القتلى والجرحى من عناصر الحزب ومن المدنيين اللبنانيين، فيما تخطت كلفة الحرب على لبنان حتى الساعة ملياري دولار، بحسب الأمم المتحدة.

وبدأ «الإسناد والدعم» من قبل الحزب بقصف مناطق يعدّها لبنان الرسمي محتلة (مزارع شبعا)، قبل أن تتداعى قواعد الاشتباك بين الطرفين، مع تكثيف إسرائيل ضرباتها التي أدت إلى مقتل عدد كبير من عناصر الحزب مع انطلاقة الحرب، ثم تصاعدت حدة المواجهات وبلغت أوجها مؤخراً مع التهديدات الإسرائيلية اليومية بتوسعة الحرب على لبنان، لإجبار «حزب الله» على سحب عناصره إلى منطقة شمالي الليطاني.

وفي إطلالته منتصف مايو (أيار) الماضي، أكد أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله أن «الجبهة اللبنانية مستمرة في مساندة غزة، وهذا أمر حاسم ونهائي»، وتحدث عن 100 ألف جندي إسرائيلي ينتشرون على الحدود منذ 5 أشهر، متسائلاً: «إذا كانت جبهتنا غير مفيدة، فلماذا يبقونهم هنا؟» وقبل أيام، شدد الشيخ نعيم قاسم، نائب أمين عام «حزب الله» على أن «السبيل الوحيد المؤكد لوقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية هو الوقف الكامل لإطلاق النار في غزة».

وبعد تيقنه من أن الجبهة اللبنانية لم تؤد فعلاً الغرض منها لجهة منع إسرائيل من التمادي في الحرب على غزة، خرج الحزب قبل فترة ليتحدث عن هدف جديد للحرب، ألا وهو القيام بعمل استباقي يمنع تل أبيب من التوجه إلى لبنان بعد الانتهاء من الحرب في القطاع، من خلال تثبيت توازن ردع.

دعم لم يؤد للتخفيف عن غزة

ويرى رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «فتح الجبهة الجنوبية اللبنانية موقف مبدئي وسياسي اتخذه (حزب الله) الذي يقول إنه لم يكن يقصف مستوطنات مع انطلاقة الحرب، إنما قصف أراضي لبنانية محتلة هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن إسرائيل، في العاشر من أكتوبر، تعمدت قتل 3 عناصر من الحزب، ومنذ ذلك الوقت بدأت المواجهات تتصاعد».

وعما إذا كان الإسناد والدعم الذي أعلنه الحزب تُرجم ميدانياً وأدى إلى تخفيف حدة الحرب على غزة، يقول جابر لـ«الشرق الأوسط»: «الجواب حتماً سلبي، فالعدوان الإسرائيلي مستمر على القطاع منذ 9 أشهر، ويملك الجيش الإسرائيلي من العديد والعتاد أكثر بكثير مما استخدمه حتى اليوم. فحتى لو تم فرز آلاف الجنود إلى جبهة الشمال، فهذا لم يكن عاملاً مؤثراً لجهة تخفيف الضغط العسكري على القطاع».

جبهة «رفع عتب»

ويوافق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتور هلال خشان، على ما قاله العميد جابر، من أن فتح الجبهة لم يؤدِّ الهدف المعلن، لافتاً إلى أن «إيران و(حزب الله) اعتقدا أن جولة القتال قد تستمر أسابيع، وبحد أقصى شهراً، ولو كانا يعلمان أن الحرب ستبقى 9 أشهر لما تورطا فيها».

ويلفت خشان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن فتح الجبهة كان لـ«رفع العتب، وتطبيقاً لما يُسمى وحدة الساحات والمسارات»، مشيراً إلى أن «الحزب بات عالقاً في هذه الحرب، خاصة أن تل أبيب تحقق أهدافها حتى من دون توسعة الحرب، من خلال إقامتها منطقة عازلة بقوة الأمر الواقع، بعدما تحولت المنطقة الممتدة بعمق 6 كم داخل الحدود اللبنانية منطقة مدمرة وخالية».

قرار غير مسؤول

وترى بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، أن «قرار (حزب الله)، الميليشيا اللبنانية التي تتبع لدولة خارجية، منفرداً، فتح جبهة مساندة على حساب الجنوب اللبناني والدولة والاقتصاد اللبناني دون الرجوع للبرلمان أو الحكومة، رغم أن الشعب اللبناني في غالبيته العظمى يعارض فتح الجبهة، وهو قرار وعمل غير مسؤولَين، تماماً كما حصل في عام 2006، حين استدعى خطف جنديين إسرائيليين حرباً إسرائيلية مدمرة».

وتشدد خير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «دعم غزة ممكن أن يكون كدعم الأردن ومصر، وفي المحافل الدبلوماسية، وليس بأرواحنا واقتصادنا ومصالح ومنازل اللبنانيين»، لافتة إلى أن هدف فتح الجبهة ومواصلة القتال في جنوب لبنان هو «لتحسين شروط إيران التفاوضية وحصة طهران في المنطقة».


مقالات ذات صلة

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم (السبت) أن الوزير عباس عراقجي وصل إلى العاصمة السورية دمشق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد وسط القصف الإسرائيلي المستمر على جنوب لبنان (رويترز)

وسط القصف الإسرائيلي المكثف... وزير لبناني يخشى «غزة ثانية»

أعرب وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري أمس (الجمعة) عن خشيته من تحوّل بلاده إلى «غزة ثانية» في ظل تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية ضد «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وحدة مدفعية إسرائيلية تطلق النار بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية (رويترز)

«حزب الله» يشتبك مع قوات إسرائيلية على الحدود... و«انفجارات» في الضاحية الجنوبية

أعلن «حزب الله»، فجر اليوم، أنه يخوض اشتباكات مع قوات إسرائيلية على الحدود اللبنانية، بعدما اكد في وقت سابق أنه «أجبر» الجنود الإسرائيليين على التراجع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء نزوحهم بعد غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

157 مليون دولار مساعدات أميركية للمتضررين من الصراع في لبنان

قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة سنقدم مساعدات إنسانية جديدة بما يقرب من 157 مليون دولار لدعم السكان المتضررين من الصراع في لبنان والمنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية دبابة إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية للبنان (أ.ب)

تقرير: القتال المكثّف في لبنان سينتهي خلال أسبوعين إلى 3 أسابيع

نشرت «القناة 12» الإسرائيلية، الجمعة، تقريراً يفيد بأن مسؤولاً أمنياً إسرائيلياً يرجح أن القتال المكثف في الشمال سينتهي خلال أسبوعين أو 3 أسابيع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)
TT

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم (السبت) أن الوزير عباس عراقجي وصل إلى العاصمة السورية دمشق، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأضاف المتحدث أن عراقجي سيبحث مع المسؤولين السوريين خلال الزيارة التطورات الإقليمية والعلاقات الثنائية.

وكان وزير خارجية إيران قد أكد أمس (الجمعة) من بيروت أنّ بلاده «تدعم» مساعي وقف إطلاق النار في لبنان وغزة بشكل «متزامن»، في زيارة هي الأولى لمسؤول إيراني منذ اغتيال إسرائيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الأسبوع الماضي.

وجاءت زيارة عراقجي في «وقت صعب» بحسب تعبيره، مع استمرار التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله» منذ 23 سبتمبر (أيلول) وتكثيف الدولة العبرية قصفها اليومي على ما تصفه ببنى ومنشآت تابعة لـ«حزب الله».

وقال عراقجي في مؤتمر صحافي عقب لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري «ندعم جهود وقف إطلاق النار، بشرط أولاً احترام حقوق الشعب اللبناني وموافقة المقاومة»، في إشارة إلى «حزب الله»، وأن «تأتي ثانياً بالتزامن مع وقف إطلاق النار في غزة»، حيث تنهي الحرب الدامية بين إسرائيل وحركة «حماس» عامها الأول.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (أ.ف.ب)

وتابع «تحدثت مع السلطات اللبنانية، ونحن على اتصال مع دول أخرى للتوصل إلى وقف لإطلاق نار».

ومحاولات التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة متعثرة منذ فترة، فيما اغتالت إسرائيل زعيم «حزب الله» بعد ساعات من مقترح هدنة لمدة 21 يوماً طرحته دول عدة أبرزها الولايات المتحدة.