تجار يتحدثون عن عرقلة دخول شاحنات الفاكهة السورية إلى الأردن

مصادر تتحدث عن رسائل غير مباشرة بين عمان ودمشق

شاحنات تنتظر عند معبر نصيب - جابر بين سوريا والأردن لضبط تهريب الكبتاغون (أرشيفية - غيتي)
شاحنات تنتظر عند معبر نصيب - جابر بين سوريا والأردن لضبط تهريب الكبتاغون (أرشيفية - غيتي)
TT

تجار يتحدثون عن عرقلة دخول شاحنات الفاكهة السورية إلى الأردن

شاحنات تنتظر عند معبر نصيب - جابر بين سوريا والأردن لضبط تهريب الكبتاغون (أرشيفية - غيتي)
شاحنات تنتظر عند معبر نصيب - جابر بين سوريا والأردن لضبط تهريب الكبتاغون (أرشيفية - غيتي)

شكّل انخفاض أسعار الفواكه والخضار الصيفية في دمشق لغزاً للسوريين الذين حرم أغلبهم من تناولها خلال الشهرين الماضيين لارتفاع أسعارها، فبعد أن كان كيلو الخوخ يباع بداية الموسم بـ75 ألف ليرة، انخفض إلى 20 ألف ليرة مؤخراً، أما الكرز فقد انخفض من نحو 50 ألفاً إلى 12 ألف ليرة، أي أقل من تكلفة الإنتاج.

سوق الشيخ محيي الدين للخضار والفاكهة في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

وبحسب تقارير إعلامية محلية، فإن السبب يعود لكثرة العرض على خلفية وقف التصدير، إضافة لارتفاع درجات الحرارة الأخيرة، في حين كشف عضو لجنة سوق الهال محمد العقاد، عن عرقلة أردنية لدخول شاحنات برادات الفواكه المصدرة من سوريا إلى الأردن، من 150 براداً يومياً إلى 25 براداً، مع الإشارة إلى عدم وجود قرار أو تعليمات أردنية واضحة في هذا الخصوص.

وقال العقاد في تصريح لإذاعة «شام إف إم» المحلية، إنه حالياً يتم تصدير الفاكهة، ومن الخضار، البندورة (طماطم)، ولا يوجد قرار يمنع دخول السيارات (البرادات) السورية إلى الأراضي الأردنية، مرجحاً أن الأمر «لا يتعدى عرقلة الجانب الأردني لدخولها». وأوضح أن «البرادات السورية تقف على الحدود الأردنية لمدة قد تصل إلى 10 أيام، قبل السماح لها بالدخول إلى الأردن حيث تكون البضائع في حينها قد تعرضت للضرر»، علماً بأنه إذا أراد المصدر الاستعجال بدخول بضائعه، فسيمكنه نقل البضائع من البرادات السورية إلى الأردنية بتكلفة تصل إلى 25 مليون ليرة.

صورة وزعتها جهات أمنية سورية لضبط «كمية كبيرة» من الحشيش مخبأة في مزارع على الحدود السورية - الأردنية

مصادر متابعة في دمشق رأت في الأنباء حول عرقلة أردنية لشاحنات الفاكهة السورية، رسالة أردنية غير مباشرة إلى الجانب السوري لحثه على التعامل بجدية مع ملف تهريب المخدرات الذي يقلق الأردن، مقابل الرسائل التي تبعثها دمشق عبر الإعلان عن ضبط شحنات من المخدرات متجهة إلى الأردن تأكيداً على جديتها.

وتابعت المصادر أن عمّان ودمشق تستخدمان أسلوب «الرسائل غير المباشرة» منعاً للاصطدام المباشر، حيث يسود الاعتقاد في العاصمة الأردنية، أن دمشق لم تبذل الجهد المطلوب في هذا الملف، وهي قادرة على ذلك، في حين تؤكد دمشق أن لا سيطرة كاملة لديها على نشاط شبكات التهريب المنتشرة عند الحدود.

وتشهد العلاقات السورية - الأردنية توتراً بين فترة وأخرى على خلفية ملف تهريب المخدرات، وسط اتهامات لعناصر ميليشيات موالية لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» وجهات عسكرية وأمنية سورية، بالضلوع بهذه التجارة. إلا أن مصادر محلية تحدثت عن انخراط المئات من أبناء البدو في المناطق الجنوبية الحدودية ضمن محافظتي درعا والسويداء، في تهريب المخدرات التي تشكل مصدر ارتزاق مغرياً للشباب، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي المتردي وإلى تهميش مجتمعات البادية من قبل الحكومة.

وكانت دمشق قد أعلنت، الأحد الماضي، عن ضبط الجهات الأمنية المختصة «كمية كبيرة» من الحشيش المخدر مخبأة في مزارع على الحدود السورية - الأردنية، بحسب وسائل الإعلام الرسمية التي قالت إن الكمية تقدر بطن واحد «كانت مخبأة ضمن مكب للنفايات في منطقة الشياح»، وإن المكب كان «يستخدم مركزاً لتجميع المخدرات قبل تهريبها».

طائرة مسيّرة من سوريا تحمل مخدرات أسقطها الجيش الأردني في يوليو 2023 (رويترز)

وجاء إعلان دمشق بعد أيام قليلة من إحباط الجيش الأردني محاولة تسلل وتهريب «كميات كبيرة» من المواد المخدرة مقبلة من سوريا، حيث أدت الاشتباكات مع المهربين إلى مقتل أحدهم وإصابة آخرين وتراجعهم إلى داخل الأراضي السورية. وأكد الجيش الأردني في بيان حول العملية، «تسخير جميع القدرات والإمكانات لضرب كل من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني الأردني». وسبق ذلك في 5 يونيو (حزيران) إحباط الأردن لعملية تهريب 9.5 مليون حبة كبتاغون مخدرة و143 كيلوغراماً من مادة الحشيش، كانت في طريقها إلى دول الجوار، والقبض على أفراد عصابتين مرتبطتين بشبكات إقليمية لتهريب المخدرات.

اجتماع عمّان التشاوري حول سوريا الذي عقد في مايو 2023 (رويترز)

ويضغط الأردن عبر لجنة الاتصال العربية للوصول إلى صيغة تلزم الجانب السوري بالعمل جدياً على الحد من تدفق المخدرات نحوه، حيث يعد ملف المخدرات إلى جانب عودة اللاجئين والعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، أساس التفاوض العربي مع دمشق.

وتشكلت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بالوضع السوري بالاستناد إلى بياني عمّان (مايو/أيار 2023) وجدة (أبريل/نيسان 2023)، وقرار الجامعة العربية القاضي بإعادة دمشق إلى الجامعة العربية، ضمن إطار اتخاذ خطوات لإقرار الحل في سوريا بما ينسجم مع القرار الأممي 2254.


مقالات ذات صلة

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

المشرق العربي آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ ناقلة النفط «إيفانا» راسية عند ميناء في فنزويلا يوم 21 ديسمبر (أ.ب)

أميركا تكثف حشودها في الكاريبي... وروسيا والصين تتضامنان مع فنزويلا

نقلت القوات الأميركية المزيد من طائرات النقل والشحن إلى منطقة الكاريبي، مضيقة الخناق عسكرياً ونفطياً على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني يقومون بدوريات على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش الأردني يتعامل مع جماعات تهرب الأسلحة والمخدرات على الحدود الشمالية

قالت وكالة الأنباء الأردنية إن القوات المسلحة تتعامل مع جماعات تعمل على تهريب الأسلحة والمخدرات على الحدود الشمالية للمملكة.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الولايات المتحدة​ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يحضر معرض «أكسبو موتوريس برودكتيف» الذي يُسلّط الضوء على الإنتاج الزراعي والغذائي والصناعي في كراكاس (رويترز)

مادورو يطالب ترمب بالاهتمام بأميركا بدل التركيز على فنزويلا

طالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالتنحي، فيما ضرب فيه الجيش الأميركي قارباً آخر يشتبه في تهريبه المخدرات إلى الولايات المتحدة.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لقطة من شريط فيديو لاستهداف القوات الأميركية لقارب في المحيط الهادئ (أرشيفية - رويترز)

مقتل شخص بضربة أميركية استهدفت قاربا يشتبه بتهريبه المخدرات

أعلن الجيش الأميركي الاثنين أنه قتل شخصا يشتبه في أنه تاجر مخدرات على متن قارب كان يبحر على طريق عبور معروف وفقا له بأنه يستخدم لتهريب المخدرات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الانتخابات النيابية اللبنانية قائمة... وتأجيلها تقني «إن حصل»

ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناخبة تدلي بصوتها في منطقة الشوف في الانتخابات المحلية الأخيرة في مايو 2024 (أرشيفية - إ.ب.أ)

السجال الدائر في لبنان حول مصير الانتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار) المقبل، مع ارتفاع منسوب الترويج للتمديد للبرلمان لسنتين، يصطدم بحائط مسدود يتمثل في إصرار رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام على إنجازها في موعدها، احتراماً للاستحقاقات الدستورية، وتأجيل إنجازها، في حال حصوله، يعود لأسباب تقنية، وبحدود شهرين، أو ثلاثة أشهر على الأكثر، لتفادي انقضاء المهل.

رئيس البرلمان نبيه بري يترأس اجتماعاً لكتلته «التنمية والتحرير» (أرشيفية - رئاسة البرلمان)

فالترويج للتمديد بدأ يأخذ طريقه إلى العلن، بتبادل الاتهامات بين بري وخصومه، مع أن مصادر نيابية محسوبة على «الثنائي الشيعي» تستغرب إلصاق تهمة التمديد برئيس البرلمان.

وتؤكد المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه لا جدال في موقف بري من إجراء الانتخابات في موعدها، وأن من يريد التمديد فليتحمل مسؤوليته أمام اللبنانيين، والمجتمع الدولي.

ونقلت عن رئيس البرلمان قوله، في لقاء مسائي جمعه بعدد من النواب، إن ما يُنسب إليه أو للمنتمين إلى كتلته النيابية «ليس صحيحاً»، وأنه يسمع بالتمديد عبر بعض وسائل الإعلام وهو «يتيم الوالدين»، بالمفهوم السياسي للكلمة، و«نحن من جانبنا أوعزنا للمسؤولين عن الملف الانتخابي في حركة (أمل) بتشغيل الماكينة الانتخابية تحضيراً لخوض الانتخابات، وهذا ما حصل».

عون ليس في وارد التمديد

وفي المقابل، فإن ما يُنقل عن بري ينسحب على عون باعتباره الخاسر الأكبر من التمديد للبرلمان مع انقضاء عام ونيف على انتخابه رئيساً للجمهورية، كونه يراهن على دور الشباب لإحداث تغيير لملاقاته في منتصف الطريق لإنقاذ لبنان. وبالتالي فإن عون، كما تقول مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، ليس في وارد تمرير التمديد، وأنن لا شيء يمنع إجراء الانتخابات في موعدها، وليتحمل النواب مسؤوليتهم بالتوصل لتسوية حول قانون الانتخاب تعبّد الطريق أمام إنجازها.

سلام أيضاً

كما ينسحب موقف عون-بري على سلام الذي يراهن على توصُّل النواب لتسوية لإخراج قانون الانتخاب من السجال، مستغرباً، كما ينقل عنه زواره، اتهامه بتأييده الضمني للتمديد الذي يسمح ببقائه على رأس الحكومة بدلاً من اعتبارها مستقيلة حكماً بولادة مجلس نيابي جديد.

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال اجتماع ثنائي يوم الثلاثاء الماضي (الرئاسة اللبنانية)

وفي هذا السياق، يُنقل عن المصادر الوزارية قولها إنه لا عائق أمام الحكومة لإجراء الانتخابات بعد أن أشرفت في أحلك الظروف وأشدها، في ظل الاحتلال الإسرائيلي لعدد من التلال الواقعة في البلدات الحدودية، على إنجاز استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية بعد التمديد لأكثر من ولاية لمجالسها.

الدور الأميركي

وتؤكد المصادر أن الفترة الفاصلة عن إجراء الانتخابات في موعدها قد تكون كافية لتبدّل المشهد العسكري الذي تفرضه إسرائيل بالنار على الجنوب امتداداً إلى البقاع على نحو يعيد الاستقرار بالكامل للبنان من بوابته الجنوبية، وهذا يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة الأميركية للضغط عليها لإلزامها بوقف الأعمال العدائية، مع استعداد لبنان للمضي بتطبيق حصرية السلاح بالانتقال للمرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة، وتشمل المنطقة الممتدة من شمال نهر الليطاني حتى الأوليّ، بعد التأكد من سيطرة الوحدات العسكرية على المنطقة المحررة في جنوب الليطاني بشهادة لجنة الـ«ميكانيزم» المشرفة على تطبيق الاتفاق، ومعها قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل».

المرحلة الثانية من حصرية السلاح

ولفتت إلى أن تأكيد سلام بالتحضير للمرحلة الثانية كان في محله، وقالت إنها تستغرب اتهامه من قبل كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) من دون أن تسمّيه، بأنه يتبرّع مسبقاً للإسراع بتنفيذ ما يرتاح له العدو من خطوات بدلاً من قيام حكومته بإجراء حازم يدفعه لتنفيذ ما عليه، رغم أن حديثه عن التحضير لهذه المرحلة يأتي انسجاماً مع تبنيها للخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتقوم بتطبيق حصرية السلاح على 4 مراحل، ولم يحدد موعداً لبدء تنفيذها لأن تحديده يعود لمجلس الوزراء في ضوء التقرير الذي سيطلعه عليه قائد الجيش العماد رودولف هيكل حول ما أُنجز في المرحلة الأولى الخاصة بجنوب النهر، وموقف الـ«ميكانيزم» منه.

الحلقة الأضعف؟

وسألت المصادر «حزب الله»، هل من فارق بين ما صرّح به سلام في هذا الخصوص لـ«الشرق الأوسط»، وما قاله ويقوله عون بأن قرار حصرية السلاح اتُّخذ والتطبيق وفقاً للظروف؟ وهل يتعاطى الحزب مع سلام على أنه الحلقة الأضعف؟ وإلا لماذا يتجنّب الرد على رئيس الجمهورية بتكراره لموقفه، وآخره كان في أعقاب الخلوة التي عقدها مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناسبة حلول عيد الميلاد؟

كما سألت الحزب ما إذا كان يحتفظ لنفسه بعدم الرد على عون، لئلا يرتد سلباً على حواره المتقطع معه، والذي لم يحقق التقدم المطلوب لانخراطه في تطبيق حصرية السلاح في ظل تمسكه به، مع أن ما أعلنه سلام لا ينطوي على خلاف مع رئيس الجمهورية، وأنه اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو يستعد للقاء رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الجاري؟

رهانات على ترمب

وأكدت المصادر أنه أحسن باختياره التوقيت ليؤكد لترمب أن الحكومة ماضية بتعهّدها بتطبيق حصرية السلاح تنفيذاً للقرار 1701، وأن إسرائيل ما زالت العائق دون انتشار الجيش حتى الحدود الدولية للبنان قبالة المستوطنات.

ورأت أن الحكومة تتطلع لقيام ترمب بالضغط على نتنياهو، ليس لمنعه من توسعة الحرب، وإنما لإحداث تغيير في المشهد العسكري المفروض إسرائيلياً على لبنان، ما يسمح بعودة الاستقرار للجنوب، وهذا ما يحتّم على «حزب الله» التجاوب مع حصريته التزاماً منه بخطاب القسم، وبالبيان الوزاري للحكومة، ومشاركته فيها بوزيرين.

لذلك تراهن الحكومة على تبدُّل الظروف الأمنية على نحو يتيح إجراء الانتخابات في أجواء آمنة لا تدعو للقلق، وإنما في موعدها، آخذة بعين الاعتبار التأجيل التقني لوقف النزاع حول القانون الذي ستجرى على أساسه، ولضمان اقتراع المغتربين استناداً للتفاهم على تسوية تستبعد إحداث الدائرة الـ16 لتمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد، في مقابل صرف النظر عن السماح لهم بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، على أن يؤدي التأجيل التقني لإنجاز الاستحقاق النيابي في الصيف للسماح لهم بالمجيء للبنان لاختيار ممثليهم إلى الندوة النيابية.

وعليه فبمجيئهم في الصيف سيسهمون بتحريك العجلة الاقتصادية. فهل ستسمح الظروف بإجراء الانتخابات مشروطة بتأجيلها تقنياً، أم أن إسرائيل ستقلب الطاولة بتوسعتها الحرب أبعد مما هي عليه الآن؟

وكيف سيرد ترمب، بإسقاط لبنان ذرائع إسرائيل لمواصلة اعتداءاتها، ومعه المجتمع الدولي الذي يتعامل حيال إنجازها على أنها محطة لإحداث تغيير في ميزان القوى للتأكيد على أن نتائجها ما هي إلا ثمرة للتحولات في المنطقة بتراجع محور الممانعة بقيادة إيران، وتقليص نفوذ «حزب الله» في المعادلة السياسية بافتقاده للعدد الأكبر من حلفائه، وبالتالي فإن عدم لجمها سيؤدي لإحراج المجتمع الدولي وعلى رأسه واشنطن بإصرار موفديها إلى لبنان على إجراء الانتخابات بلا أي تأخير؟


الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني: شبح الحرب ابتعد... وماضون في استكمال «حصرية السلاح»

الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون والبطريرك الماروني بشارة الراعي (الرئاسة اللبنانية)

أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون ابتعاد «شبح الحرب» الإسرائيلية عن لبنان نتيجة «اتصالاتنا الدبلوماسية»، مؤكداً الاستمرار في قرار «حصرية السلاح»، لكن تطبيقه يتم «وفقاً للظروف».

كلام عون جاء خلال مشاركته وزوجته السيدة الأولى نعمت عون، في قداس عيد الميلاد بمقر البطريركية المارونية في بكركي الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي.

وبعد خلوة جمعته بالبطريرك الراعي، توجّه عون إلى الصحافيين قائلاً: «إن زيارتي اليوم إلى بكركي طبيعية وتقليدية لتقديم التهاني بمناسبة عيد الميلاد إلى غبطة البطريرك. ومن خلالكم، أودّ أن أعايد جميع اللبنانيين، متمنياً أن نشهد في السنة المقبلة ولادة لبنان الجديد: لبنان دولة المؤسسات لا دولة الأحزاب، ولا دولة الطوائف، ولا دولة المذاهب، بل دولة الشفافية والمحاسبة».

وأكد عون أنه «في هذا العيد، هناك جرح نازف في الجنوب، ولم يعد أهلنا إليه بعد، فيما لا يزال أسرانا في السجون الإسرائيلية، ولا تزال هناك اعتداءات آخرها، الخميس، في الجنوب والبقاع. إن شاء الله نشهد ولادة لبنان الجديد، وننتهي من الحروب ونعيش السلام».

تثبيت الاستقرار

وأوضح أن اتصالات لبنان مع الدول المؤثرة لم تتوقف، خصوصاً مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وذلك ضمن الحراك الدبلوماسي لتثبيت الاستقرار، في ظل التوترات والانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

وعن عمل لجنة «الميكانيزم» والحديث الإسرائيلي عن تجدد الحرب بعد رأس السنة، أكّد عون أن «اتصالاتنا الدبلوماسية لم تتوقف لإبعاد شبح الحرب. وأستطيع أن أقول لكم إن شبح الحرب بَعُدَ. وبطبيعة الحال، في التفاوض، كل واحد يريد رفع سقفه لكنني متفائل، وإن شاء الله الأمور ذاهبة إلى خواتيم إيجابية».

2000 مرسوم

وتوقف عون عند ما حققه حتى اليوم في موضوعي الإصلاح وحصرية السلاح، وقال: «إذا أردنا قياس الأمور مقارنة مع السنوات السابقة، هناك إنجازات بالتأكيد. ليس هذا هدفنا فحسب، هدفنا أبعد من ذلك، لكننا وضعنا الأمور على السكة الصحيحة. وإذا نظرتم إلى ما حققته الحكومة خلال 10 أشهر من إنجازات، فلقد أحصينا بالأمس توقيع 2000 مرسوم، هناك مراسيم تقع على عاتقنا وأخرى تقع على عاتق مجلس النواب، أليس هذه إنجازات؟ انظروا إلى الأرقام الاقتصادية وإلى فترة العيد وإلى فصل الصيف الماضي، بالطبع ليس ذلك هدفنا الأساسي، لكن إن شاء الله تذهب الأمور إلى تحسن، وأنا متفائل بذلك، لكن لا تتوقعوا أن يتم الأمر خلال سنة».

وتعهّد عون بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل في الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

أطفال يحتفلون بالميلاد في بلدة علما الشعب الحدودية مع إسرائيل جنوب لبنان (أ.ب)

كما أكّد عون تصميمه، وتصميم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلّام، على إجراء الانتخابات في موعدها. وقال: «إن مجلس النواب، وانطلاقاً من مبدأ احترام فصل السلطات، لديه دور يجب أن يضطلع به؛ فليتوجّهوا إلى المجلس وليناقشوا أي قانون يريدون. أما واجبنا فهو تأمين سلامة الانتخابات وشفافيتها، في حين يقرر مجلس النواب القانون الذي تُجرى على أساسه. ونحن مصممون على إجرائها في موعدها، فالانتخابات استحقاق دستوري يجب أن يُجرى في وقته».

الراعي

وكان الراعي قد قال في عظة الميلاد إن «عيد الميلاد هو يوم البداية الجديدة. يوم نقول فيه: كفى حروباً، كفى انقسامات، كفى خوفاً على المستقبل»، وتابع: «هو يوم نرفع فيه رؤوسنا ونقول: نعم، يمكن للبنان أن يقوم، يمكنه أن يشفى، ويمكنه أن يكون وطن السلام».

وأشار الراعي إلى أنه «في هذا العيد، وبحضور فخامة رئيس الجمهورية، نرفع صلاة صادقة من أجل لبنان، أن يكون هذا الميلاد بداية مرحلة جديدة، مرحلة تُرمَّم فيها الثقة، وتُستعاد فيها هيبة الدولة، وتُصان فيها المؤسسات، ويُعاد فيها الاعتبار للدستور، وللقانون، وللقيم التي قام عليها هذا الوطن».

وشدد الراعي على أن «لبنان لا يُبنى بالكلمات وحدها، بل بالأفعال الشجاعة، والقرارات الحكيمة، والإرادة الصادقة في خدمة الخير العام».

وتابع أن ميلاد المسيح «يذكّرنا بأن القوة الحقيقية ليست في الصراع، بل في المصالحة؛ ليست في الغلبة، بل في اللقاء؛ ليست في الانقسام، بل في الوحدة. هذا الوطن، بتنوّعه وغناه الإنساني، مدعوّ اليوم أكثر من أي وقت مضى ليكون وطن العيش معاً، لا العيش ضدّ بعضنا، وطن الشراكة لا الإقصاء، وطن الرجاء لا الإحباط».


لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
TT

لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)
فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)

في تطور غير مسبوق في غزة، أجبرت مجموعة مسلحة تنشط في الأحياء الشرقية لمدينة غزة، قاطني مربع سكني مجاور للخط الأصفر (الفاصل بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»)، بحي التفاح شرق المدينة، على إخلائه بالكامل، تحت تهديد السلاح.

وحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن عناصر مسلحة تتبع ما تُعرف بـ«مجموعة رامي حلس»، اقتربت فجر الخميس، مما تبقى من منازل المواطنين في منطقتي الشعف والكيبوتس، وأطلقت النار في الهواء، قبل أن تغادر المكان، لكنها عادت من جديد ظهر اليوم نفسه، وطالبت السكان بالإخلاء وأمهلتهم حتى غروب الشمس، مهددين بإطلاق النار على كل من لا يلتزم بذلك.

ووفقاً للمصادر، فإن عناصر تلك المجموعة المسلحة لم يقتربوا بشكل مباشر من السكان فيما يبدو خشيةً من تعرضهم لأي هجوم، وكانوا يطالبون السكان من على بُعد مئات الأمتار عبر مكبر صوت صغير، بالإخلاء التام، من المكان، مدّعين أن ذلك وفق أوامر من الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر على مناطق شرق الخط الأصفر التي تبعد أكثر من 150 متراً عن مكان سكن تلك العائلات التي عادت إلى ما تبقى من منازلها منذ فترة قصيرة.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

واضطر السكان إلى النزوح فعلياً من تلك المناطق باتجاه مناطق واقعة غرب مدينة غزة، وذلك في ظل التهديدات بتعرضهم للخطر.

وقدرت المصادر أن هناك أكثر من 240 شخصاً يعيشون في المنازل المتضررة المتبقية هناك، وبعضهم في خيام، اضطروا جميعهم إلى النزوح في رحلة شاقة جديدة من النزوح.

خطوة إسرائيلية سابقة

ووفقاً للمصادر الميدانية، فإن القوات الإسرائيلية ألقت مساء الثلاثاء والأربعاء، براميل صفراء اللون لا تحتوي على أي متفجرات في تلك المناطق، لكن من دون أن تطالب السكان بإخلائها، مبينةً أن الخطوة التي جرت اليوم من هذه المجموعة المسلحة، تأتي تنفيذاً لخطط الاحتلال بتهجير مزيد من السكان الذين كانوا يعيشون في المناطق المصنفة خضراء وآمنة، وفق مسار انسحاب تلك القوات، حسب اتفاق وقف إطلاق النار.

مبنى مُدمَّر في حي التفاح شرق مدينة غزة (إ.ب.أ)

وأشارت إلى أن القوات الإسرائيلية عمدت في الأسابيع الماضية إلى توسيع مساحة الخط الأصفر، مشيرةً إلى أن الخطوة الجديدة تعني السيطرة على أكثر من 150 متراً جديدة، بعرض 300 متر، داخل عمق حي التفاح الذي بدأت تلك القوات بابتلاعه تدريجياً والسيطرة على غالبية مناطقه تحت نار القصف تارةً والتهديد تارةً أخرى بإجبار السكان على النزوح من مناطق وجودهم.

منطقة عازلة إضافية

ويبدو أن القوات الإسرائيلية تترجم فعلياً مخططها الرامي لإقامة منطقة عازلة على مسافة لا تقل عن كيلومترين ونصف من المناطق الشرقية للقطاع، وتحديداً من شارع صلاح الدين الرئيسي حتى الحدود التي كانت موجودة قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهو ما كانت قد كشفت عنه مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» منذ أسابيع قليلة.

شارع صلاح الدين في قطاع غزة

وشارع صلاح الدين طريق حيوي ورئيسي، ويمتد من شمال القطاع إلى جنوبه، وكانت مسألة السيطرة عليه ذات أهمية عسكرية كبرى خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع، وركزت التحركات الإسرائيلية على قطعه بمحاور مختلفة.

وفعلياً قدمت القوات الإسرائيلية، الخط الأصفر المشار إليه في وقف إطلاق النار كخط انسحاب أوّلي من تلك القوات، أكثر من مرة وفي أكثر من منطقة، مما وسَّع سيطرتها على المناطق السكنية المحيطة بالخط، وسمح لها بالتمدد أكثر في عمق القطاع، مستغلةً القصف الجوي والمدفعي وعمليات النسف لتنفيذ هذا المخطط.

اختراقات مستمرة

ويتزامن ذلك مع استمرار الخروقات الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث قُتل فلسطيني وأُصيب آخرون إثر قصف من طائرة مسيَّرة في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، فيما أُصيب آخرون إثر إطلاق نيران من طائرات مسيَّرة وآليات إسرائيلية، وقصف مدفعي طال عدة مناطق، بينما قصفت القوات الجوية أهدافاً متفرقة من مناطق شرق خان يونس، وشمال رفح.

وبلغ عدد ضحايا الخروقات الإسرائيلية منذ وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر 2023، إلى أكثر من 413 فلسطينياً. فيما تقول حركة «حماس» إن الخروقات بلغ عددها أكثر من 900، وإنها تتابع مع الوسطاء استمرار خرق إسرائيل الاتفاق الموقَّع، كما أنها تبحث إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية.

فتاة فلسطينية تقف بين صفوف المنتظرين لتلقي طعام من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب)

وتعوّل «حماس» على الموقف الأميركي إزاء إلزام إسرائيل بالاتفاق. وقال حازم قاسم، الناطق باسم الحركة: «نثق بقدرة الرئيس ترمب على تحقيق السلام في قطاع غزة والمنطقة لأنه الشخص الوحيد القادر على إلزام نتنياهو باستحقاقات السلام، لذا ندعوه لمواصلة جهوده في إرساء الاستقرار في المنطقة».