مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

 قيادية وصفت أي اتفاق مع تركيا على حساب السوريين بـ«الخيانة»

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

مخاوف كردية من تقارب تركيا مع سوريا

رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
رايات خاصة بـ«الإدارة الذاتية» مرفوعة في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

اعتبرت «الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا»، أي مصالحة بين أنقرة ودمشق «مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري ومصلحة السوريين»، وذكرت في بيان نُشر على موقعها الرسمي مساء السبت – الأحد، أن «أي اتفاق مع الدولة التركية يكرّس التقسيم وهو تآمر على وحدة سوريا وشعبها».

وجاء بيان «الإدارة الذاتية» رداً على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن أنقرة مستعدة لتطبيع العلاقات مع دمشق، بعد أيام من تصريحات مماثلة من الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت رفض «حزب الاتحاد الديمقراطي» السوري إحدى أبرز الجهات السياسية التي تدير «الإدارة الذاتية»، كل اتفاق لا يلبي تطلعات السوريين في الوصول لحقوقه المشروعة، بينما اعتبرت القيادية الكردية إلهام أحمد أي اتفاق مع تركيا على حساب السوريين «خيانة بحق سوريا وشعبها».

ويتوجس أكراد سوريا من التقارب بين تركيا والنظام السوري، بعد سنوات من العداء والقطيعة قد تهدد مكاسب «الإدارة الذاتية»، واحتمال شن أنقرة عملية عسكرية جديدة ضد مناطق نفوذ الإدارة شمال شرقي سوريا.

آسيا عبد الله الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري (الشرق الأوسط)

وتقول آسيا عبد الله، الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو الحزب الرئيس الذي يقود «الإدارة الذاتية» شمال شرقي سوريا، منذ تأسيسها عام 2014، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «جميع الاتفاقيات التي تحدث خارج مصالح شعبنا وتعارض ثورتنا، سنناضل ضدها ولن ندعم أي اتفاق لا يخدم مصلحة شعبنا».

وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن أي اتفاق لا يشمل تحرير الشمال السوري «مرفوض من قبلنا، هدفنا تحرير أراضينا المحتلة وإعادة المهجرين لديارهم، وغير ذلك، ستخدم تلك الاتفاقيات أجندات أخرى غير ما يسعى إليه الشعب السوري، وستكون ضد إرادة وتطلعات السوريين»، منوهة بأن مخططات تقسيمية تستهدف وحدة سوريا بمساعٍ إقليمية تريد تثبيتها؛ في إشارة إلى الدور التركي في شمال سوريا.

وأوضحت: «من حقنا الشرعي الوقوف ضد كل هذه المؤامرات التي تستهدف وحدة شعبنا، والحل يبدأ بإنهاء المحتل التركي للمناطق السورية، بدءاً من عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكل المناطق الأخرى»، على حد تعبيرها.

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

وطالبت تركيا دمشق مراراً بمنع إجراء الانتخابات المحلية في مناطق نفوذ «الإدارة الذاتية» بعد إعلان الأخيرة تأجيل تنظيم الانتخابات إلى شهر أغسطس (آب) المقبل. وأكدت إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة، أن الانتخابات جاءت بمطلب شعبي وقرار سيادي من الجهات السياسية العاملة بالمنطقة لسد الفراغات الإدارية، وقالت إن «إجراء الانتخابات كان مطلباً شعبياً، وعملية ترميم للمؤسسات الخدمية وإعادة تأهيل البنية التحتية التي دمرتها الهجمات التركية أمام صمت المجتمع الدولي».

إلهام أحمد رئيسة دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

واعتبرت القيادية الكردية «عقد أي تفاهمات مستقبلية بين تركيا والنظام الحاكم سيكون بالضرورة ضد الشعب السوري». وتابعت أن «أي تفاهم مع تركيا، خيانة بحق سوريا وشعبها أياً كان أطرافها والجهات الداعمة لإنجاح هذا التقارب». وشدّدت على أن الإدارة الذاتية هي «الخيار الأمثل لوحدة سوريا وشعبها، وضمانة أساسية لتحقيق التغيير السلمي الديمقراطي، وندعو للالتفاف حولها».

بدوره، يقول جلنك عمر، وهو كاتب وأكاديمي من أكراد سوريا، لـ«الشرق الأوسط»، إن المخاوف الكردية تتمثل أساساً في أن أي تقارب بين دمشق وأنقرة سيكون على حساب مناطقها؛ وفي تغاضي دمشق عن المسعى التركي لشن عملية عسكرية ضد مناطق الإدارة «أو تغاضي الحليفين موسكو وطهران، عن السعي التركي لشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة، وبالتالي قضم واحتلال مناطق إضافية».

وسيفضي هذا التقارب، بحسب عمر، إلى الإبقاء على الحالة الراهنة في شمالي سوريا التي سبق وأن سيطرت عليها تركيا خلال السنوات الماضية، بعد شن ثلاث عمليات عسكرية في جرابلس وعفرين بريف محافظة حلب، ورأس العين بالحسكة، وتل أبيض بالرقة.

قوات أميركية بريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا يونيو 2023 (أ.ف.ب)

ويضيف: «أنقرة تشترط على دمشق أن تشترك معها للقضاء على الحالة الموجودة بشمال شرقي البلاد، وهنا أقصد الإدارة وقواتها العسكرية (قسد)»، ويعزو عدم رغبة دمشق للانخراط «لأنها لا تمتلك القدرة على ذلك في ظل الوجود الأميركي من جهة، واستمرار خطر التنظيمات الإرهابية، بالبادية وإدلب من جهة ثانية».

وحذر عمر من أن الخطورة تكمن في قبول دمشق بالوجود التركي، «وتنازل الحكومة عن شرطها بوجوب انسحاب تركي من المناطق التي تحتلها شمال وشمال غربي البلاد، مقابل حصول دمشق على بعض المزايا الاقتصادية لفتح طريق (M4) والمعابر للتجارة، وتحييد كامل لدور تشكيلات المعارضة السياسية والعسكرية المرهونة بالأجندات التركية، وهو ما يتجلى منذ سنوات في مسار آستانا».


مقالات ذات صلة

اتساع الاحتجاجات ضد السوريين بتركيا وترجيح وجود «مؤامرة»

شؤون إقليمية عناصر من الإطفاء تخمد نيراناً أشعلها محتجون على بقاء اللاجئين السوريين في هطاي (جنوب غرب) ليلة الاثنين (إكس)

اتساع الاحتجاجات ضد السوريين بتركيا وترجيح وجود «مؤامرة»

أعلن وزير الداخلية التركي أن 343 ألف تغريدة أُطلقت من 79 ألف حساب على منصة «إكس»، عقب الاستفزازات التي جرت في قيصري، وأن 37 في المائة من الحسابات روبوتات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي السوداني مستقبلاً إردوغان في بغداد أبريل 2024 (أ.ف.ب)

تأكيد عراقي لاجتماع سوري - تركي في بغداد... ولا موعد للتطبيع

أكدت مصادر عراقية أن حكومة محمد شياع السوداني تلعب دوراً وسيطاً بين تركيا وسوريا، تمهيداً لعقد لقاء للتطبيع بينهما في بغداد، دون أن تحدد موعده.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية صورة من مقطع متداول على موقع التواصل «إكس» يُظهر اشتعال النيران في متاجر بقيصري وسط تركيا

تركيا: توقيف 474 شخصاً بعد أعمال عنف طالت مصالح سوريين

أوقفت السلطات التركية، اليوم (الثلاثاء)، 474 شخصاً بعد أعمال عنف طالت مصالح سوريين في تركيا، إثر اتهام سوري بالتحرش بطفلة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي حرق شاحنة تركية بأعزاز بريف حلب الشمالي (متداولة)

حرق للشاحنات وإنزال للأعلام التركية... تصاعد التوتر السوري التركي في ريف حلب

شهد ريف حلب الشمالي الخاضع للإدارة التركية في شمال غربي سوريا، اليوم، ردود فعل غاضبة ضد تركيا تمثلت في حرق شاحنات تركية وإنزال للأعلام.

حباء شحادة (إدلب)
شؤون إقليمية إردوغان يُحمِّل المعارضة التركية المسؤولية عن كراهية السوريين والأجانب

إردوغان يُحمِّل المعارضة التركية المسؤولية عن كراهية السوريين والأجانب

قال إردوغان إنه لا يمكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع، في تعليق بعد إحراق منازل ومتاجر لسوريين في ولاية قيصري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

جنود عائدون من حرب غزة باعوا أسلحة لعصابات الجريمة في إسرائيل

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)
TT

جنود عائدون من حرب غزة باعوا أسلحة لعصابات الجريمة في إسرائيل

جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع قطاع غزة اليوم الثلاثاء (رويترز)

كشفت مصادر في الشرطة الإسرائيلية عن أن كمية كبيرة من الأسلحة التي استخدمها الجيش أو التي صادرها من حركة «حماس» خلال الحرب على غزة، وصلت إلى عصابات الجريمة المنظمة، وبدأت تُستخدم في حروب العصابات الداخلية وعمليات الابتزاز، ولتأجيج العنف في المجتمع العربي في إسرائيل (فلسطينيي 48).

وقالت هذه المصادر إن هذه الأسلحة تشمل «صواريخ لاو» وقنابل متعددة الأغراض ورشاشات ثقيلة، فضلاً عن المسدسات والرشاشات وغيرها من الأسلحة الخفيفة. وقال رئيس مجلس مكافحة الجريمة العربية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، المحامي روي كحلون، إن هذه الظاهرة تدل على «عجز دولة إسرائيل عن الحكم». ورأت صحيفة «هآرتس»، الثلاثاء، هذا الواقع دليلاً على فوضى مرعبة تمس بالأمن القومي. وقالت إن عدة مسؤولين أمنيين حذروا أمامها من خطورة ما يجري من فوضى سلاح، تبدأ بجشع مالي بحثاً عن النقود السهلة، وتنتهي بكارثة تحل على المجتمع العربي، وستمتد قريباً وسريعاً إلى المجتمع اليهودي.

ومعروف أن المجتمع العربي في إسرائيل يعاني من انتشار خطير للعنف، تفاقم في السنتين الأخيرتين بشكل كبير ومشبوه، إذ إن عدد ضحايا جرائم العنف بلغ 114 قتيلاً في النصف الأول من سنة 2023، أي ضعفي ما كان عليه الوضع في سنة 2022، قبل أن تتشكل حكومة بنيامين نتنياهو، الذي عيّن المتطرف إيتمار بن غفير في وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن مكافحة العنف. وما يثير الشكوك بأن الظاهرة ناجمة عن سياسة مخططة، هو أن الشرطة الإسرائيلية، التي تتمتع بقدرات عالية وتمتلك تكنولوجيا متطورة، لم تفك رموز 90 في المائة من عمليات القتل هذه، أي أن هناك عشرات القتلة الذين نفذوا جرائمهم ويعيشون طلقاء بحثاً عن الجريمة المقبلة.

إيتمار بن غفير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال جلسة في الكنيست (دب.أ)

وقال معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، في دراسة نشرت مطلع الأسبوع، إن «المنظمات الإجرامية سيطرت على المجتمع العربي في إسرائيل، وأصبحت تعدّ الجهات القانونية والتنفيذية في قرارات التحكيم، وتدير مسائل المحسوبيات وتحصيل رسوم الحماية والخوّة (إتاوات)».

وأضاف: «المجتمع العربي في إسرائيل هو أقلية تلتزم بالقانون وتسعى إلى تعميق اندماجها في حياة المجتمع والدولة. إلا أن الجريمة الخطيرة وجرائم القتل الكثيرة التي تحدث فيه، تضعفه كثيراً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية. إهمال الدولة في التعامل مع الجريمة، وخاصة في العام ونصف العام الماضيين، يتسبب في أزمة عدم ثقة حادة. وقد تؤدي هذه الأزمة إلى تعزيز موقف العناصر المتطرفة المناهضة للدولة في المجتمع العربي، وتؤدي إلى توسيع الدعم الآيديولوجي والعملي لها. وهذا الواقع، بالإضافة إلى وجود كمية كبيرة ومتنوعة من الأسلحة بحوزة التنظيمات الإجرامية ومختلف المجرمين، يشكل تهديداً للمجتمع الإسرائيلي ككل وللأمن القومي. وقد يؤدي إلى انفجار عنيف يتجاوز نطاق المجتمع العربي ويمتد إلى خارج البلدات العربية، ويزعزع الاستقرار والأمن الداخلي». وتابع: «هذه المخاطر تتطلب تغييراً كاملاً وسريعاً في الاتجاه. يجب على الحكومة وسلطات إنفاذ القانون أن تعترف بهذا التهديد الأمني الاستراتيجي، بل يجب التعامل معه بوصفه أولوية خلال الحرب المستمرة، من خلال تنفيذ الخطط الخمسية القائمة لمكافحة الجريمة وتعزيز قدرات الشرطة، بما في ذلك في مجال أدوات المراقبة، وفي المجال التكنولوجي والقانوني، والتي تعدّ مطلوبة لجمع الأدلة وتعزيز التحقيقات الجنائية».

وقال رئيس مجلس مكافحة الجريمة والعنف في مكتب رئيس الوزراء، المحامي روي كحلون، الذي تم تعيينه في منصبه في أغسطس (آب) 2023، ونشر في أوائل عام 2024 مقترحاً مفصلاً لخطة التعامل مع قضايا القتل والتهديدات الناجمة عنها، إن مكافحة الظاهرة ممكنة. وقدم الخطة إلى جهاز الأمن العام، والشرطة الإسرائيلية، ومجلس الأمن الوطني، وجهات أخرى. وتقترح هذه الخطة، المنشورة على الملأ، تعريف حيازة الأسلحة غير القانونية على أنها جريمة أمنية، بناء على المخاطر الناشئة عن سلاح يخلق خطراً خاصاً (مثل «سلاح القتل الجماعي»). ووفقاً لمعايير مختلفة، سيتم بموجبها تعريف حيازة السلاح على أنه يخلق خطراً أمنياً بهدف السماح باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضد المنظمات الإجرامية والمجرمين.

ومع ذلك، فإن الاقتراح الذي قدمه لم يصبح خطة عملية بعد. وفي إطار التوجه العام، لم تقم الحكومة منذ تأسيسها وحتى الآن، بصياغة سياسة شاملة للحد من ظاهرة انتشار الأسلحة غير القانونية ومكافحة الجريمة وجرائم القتل في المجتمع العربي. فالميزانيات المخصصة للبرامج الخمسية المعدة للتعامل مع العنف والجريمة، قام وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش بتجميدها.