ماذا يجري على الحدود السورية - اللبنانية؟

دخول السوري إلى لبنان ليس كخروجه منه

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (صفحة ترحال سوريا)
معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (صفحة ترحال سوريا)
TT

ماذا يجري على الحدود السورية - اللبنانية؟

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (صفحة ترحال سوريا)
معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (صفحة ترحال سوريا)

يشهد معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا ازدحاماً شديداً يجبر العابرين في الاتجاهين على الانتظار ساعات طويلة، ويقول بعضهم إنه يوقعهم بخسائر ومشاكل عدة.

واشتكت عائلة لبنانية من عدم قدرتها على العودة من دمشق إلى بيروت، بسبب الازدحام الشديد على معبر المصنع الحدودي، بينما قالت سيدة سورية تحمل الجنسية اللبنانية إنها كانت برفقة زوجها اللبناني ووالدها المسن، عائدين من دمشق بعد حضور مناسبة عائلية، وإنهم وصلوا إلى الحدود عند الساعة العاشرة صباحاً من يوم الثلاثاء الماضي، وظلوا منتظرين على أمل الوصول إلى الباب الخارجي لمكتب ختم الجوازات لغاية الساعة الرابعة عصراً، ليواجه طلبهم بالعودة إلى لبنان بالرفض، فعادوا أدراجهم إلى دمشق.

وعدّت السيدة ساعات الانتظار الطويلة في درجة حرارة لاهبة، ثم رفض دخولهم، «امتهاناً للكرامة الإنسانية وإذلالاً وتعريضاً لحياة الناس للخطر»، وعدّت التذرع بـ«تغيير السيستم» عذراً أقبح من ذنب، وأنه كان بالإمكان الإعلان عن ذلك، وعن احتمال التسبب ببطء شديد كي يتجنب المسافرون استخدام هذا المعبر ويبحثوا عن حلول بديلة.

وتحدث سائق في مكتب سفريات يعمل على خط دمشق - بيروت، عن خسائر فادحة تكبدها المسافرون السوريون عبر مطار بيروت، لتأخرهم على الحدود، ما أجبرهم على تفويت موعد الطيران وخسارة تذاكر الطائرات، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن خسائر المسافرين ممن رفض دخولهم تقدر بين 400 و1000 دولار لكل منهم، متسائلاً: «من يعوض هؤلاء أو من يهتم لخسارتهم؟».

أزمة مفتعلة

وقال ناشر سوري إنه اضطر للذهاب إلى بيروت بقصد السفر إلى باريس، وكان دخول لبنان أمراً شاقاً جداً، واستغرق الوقوف في نقطة المصنع 6 ساعات، وفي طريق عودته بعد أيام كانت بوابة الدخول إلى لبنان لا تزال مزدحمة بشكل خانق، بينما بوابة الخروج إلى سوريا سلسة وسريعة، ولم يتطلب ختم الجواز سوى دقائق. ويتابع: «قبل إجراءات حظر فيروس كورونا كنت أذهب إلى بيروت كل شهر. أما الآن، فقد يمر عام ولا أذهب، لأن تكاليف السفر والتعقيدات زادت إلى حد منهك».

ويستخدم المسافرون السوريون مطار بيروت بسبب توقف خطوط الطيران من سوريا إلى أغلب الدول، بسبب العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، كما يقصد السوريون لبنان للقاء أبنائهم من المغتربين الممنوعين من دخول سوريا، ناهيك بالسفر للعلاج والتسوق ومتابعة أعمالهم التجارية وغيرها.

وبدأ التضييق على دخول السوريين إلى لبنان منذ عام 2011، إلا أنه زاد عام 2021 بسبب إجراءات الحظر. ورغم رفع هذه الإجراءات، فإن الجانب اللبناني وضع شروطاً جديدة للحد من دخول السوريين إلى لبنان.

وفي سياق متصل، كشفت وسائل إعلام سورية محلية أن عشرات الشاحنات المحملة بمادة الفوسفات عالقة عند معبر الدبوسية الحدودي بين البلدين منذ عدة أيام، دون معرفة الأسباب. وقال موقع «هاشتاغ سوريا» نقلاً، إن عدداً كبيراً من السائقين لم يتمكنوا من عبور الحدود السورية - اللبنانية، لعدم حصولهم على موافقة دخول من السلطات اللبنانية.

وبحسب الموقع، فإن أكثر من 150 شاحنة دخلت مؤخراً الأراضي اللبنانية خلال الأسبوع الماضي. كما أشارت المصادر إلى وجود مشاورات بين الجانبين السوري واللبناني تتعلق باعتماد إجراءات جديدة خاصة بدخول حمولة الفوسفات، من بينها «السماح لجهات استثمار محدّدة بالدخول»، مع الإشارة إلى أنه من المقرر دخول ألف شاحنة فوسفات من مناجم سوريا إلى ميناء طرابلس في لبنان، دخل منها نحو 400 شاحنة الشهر الماضي، وهي تتبع لجهة استثمارية واحدة.


مقالات ذات صلة

المعارضة في لبنان تدعو البرلمان لمناقشة مخاطر توسّع الحرب

المشرق العربي النائب أشرف ريفي متحدثاً باسم نواب المعارضة داعياً لعقد جلسة برلمانية لمناقشة خطر توسّع الحرب (الوكالة الوطنية للإعلام)

المعارضة في لبنان تدعو البرلمان لمناقشة مخاطر توسّع الحرب

دقّ نواب المعارضة ناقوس خطر الانزلاق إلى حرب مدمّرة ومن تداعياتها على مختلف الأصعدة.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي ارتفاع منسوب المخاوف من انزلاق لبنان نحو المجهول في ظل الشغور الرئاسي (غيتي)

المعارضة اللبنانية تعد ورقة عمل تسلمها لـ«الخماسية»

تعكف المعارضة اللبنانية على وضع اللمسات الأخيرة بورقة عمل سترفعها إلى سفراء اللجنة «الخماسية» وتتضمن وجهة نظرها لتعويم الاتصالات لإنهاء الشغور الرئاسي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي وزير المالية اللبناني مترئساً اجتماعاً لتعزيز موارد الدولة مايو الماضي (إكس)

المصارف اللبنانية تشترط صدور مرسوم حكومي لكشف بيانات العملاء

تحول التباسات قانونية وعملانية دون تحصيل ضرائب مستحدثة على عمليات شراء الدولار عبر منصة «صيرفة» التي أوقفها الحاكم الحالي لـ«المركزي» اللبناني وسيم منصوري.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)

«حزب الله» يطالب الراعي بتوضيح موقفه حيال وصف العمليات العسكرية بـ«الإرهاب»

طالب «حزب الله» البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«إيضاح» موقفه حول وصف العمل العسكري الذي يقوم به الحزب بـ«الإرهابي»، قائلاً إن ما قيل «كبير جداً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله مستقبلاً الأمين العام لـ«الجماعة الإسلامية» محمد طقوش (الوكالة الوطنية للإعلام)

حرب جنوب لبنان تدفع «حزب الله» إلى تحالفات جديدة

خلطت الحرب الدائرة في جنوب لبنان الأوراق، وبدّلت صورة التحالفات بين «حزب الله» وأطرافٍ سياسية، إذ نجح الحزب باستمالة بعض القوى الفاعلة على الساحة السنية.

يوسف دياب (بيروت)

«معبر رفح» و«القوات الدولية» يعقدان سيناريوهات «اليوم التالي» في غزة

فلسطيني يحمل أطفاله وسط مبان دمرتها غارة إسرائيلية في خان يونس (رويترز)
فلسطيني يحمل أطفاله وسط مبان دمرتها غارة إسرائيلية في خان يونس (رويترز)
TT

«معبر رفح» و«القوات الدولية» يعقدان سيناريوهات «اليوم التالي» في غزة

فلسطيني يحمل أطفاله وسط مبان دمرتها غارة إسرائيلية في خان يونس (رويترز)
فلسطيني يحمل أطفاله وسط مبان دمرتها غارة إسرائيلية في خان يونس (رويترز)

يتوالى ظهور سيناريوهات «اليوم التالي» لوقف الحرب في غزة، بالتوازي مع جهود للوسطاء لتجاوز «عقبات» تواجه وقف إطلاق النار، في ظل مقترح للرئيس الأميركي جو بايدن لم يحظ بالتفعيل منذ طرحه نهاية مايو (أيار) الماضي.

أحدث السيناريوهات المطروحة، وفق تصريحات إسرائيلية وتقارير غربية، تذهب إلى «اتفاق» القاهرة وتل أبيب، على نقل معبر رفح لمكان آخر، وتسليم غزة لقوات دولية، وتدريب مجموعات بديلة لـ«حماس»، إلا أنها قوبلت بنفي مصري ورفض فلسطيني.

خبراء عرب بينهم دبلوماسيان سابقان، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، يرون توالي طرح تلك السيناريوهات، تزامناً مع اتصالات الوسطاء بمنزلة «بالونات اختبار»، لمعرفة مواقف الأطراف الأخرى، إلا أنهم اعتبروها «معرقلة» للذهاب نحو هدنة، وإنهاء الحرب المستمرة منذ 9 أشهر.

محاولات وعقبات

وكان مصدر مصري رفيع المستوى، قد أعلن عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، أن بلاده «كثفت اتصالاتها خلال الساعات الأخيرة مع إسرائيل والفصائل الفلسطينية لمحاولة تجاوز العقبات التي تواجه اتفاق وقف إطلاق النار».

وشدد على أن «مصر سبق أن أبلغت جميع الأطراف أن استعادة المحتجزين ووقف العملية العسكرية الجارية في غزة يجب أن يكونا من خلال اتفاق بوقف إطلاق نار دائم وتبادل المحتجزين والأسرى».

ولم يفصح المصدر ذاته عن العقبات، غير أنه أكد «رفض القاهرة دخول أي قوات مصرية إلى داخل قطاع غزة»، مؤكداً أن «ترتيب الأوضاع داخل القطاع بعد العملية العسكرية الجارية هو شأن فلسطيني».

المصدر نفى أيضاً «وجود أي محادثات مصرية لإشراف إسرائيلي على منفذ رفح»، مؤكداً «تمسّك مصر بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من الجانب الفلسطيني من المنفذ، عوداً لما قبل سيطرته في 7 مايو عليه».

وفي غضون ذلك، نقلت فضائية «القاهرة الإخبارية» عن مصدر أمني مصري «عدم وجود أي موافقة من القاهرة على نقل منفذ رفح أو بناء منفذ جديد قرب كرم أبو سالم الإسرائيلي».

وبالتزامن، أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة أنه «لا شرعية» لوجود أي قوات أجنبية على الأراضي الفلسطينية، رداً على ما وصفه بـ«التصريحات الإسرائيلية الداعية إلى تسليم قطاع غزة لقوات دولية»، مؤكداً أن الفلسطينيين هم من يقررون إدارة شؤون القطاع، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) الأحد.

والاثنين، قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن «إسرائيل بصدد إجراء مخطط تجريبي لتدريب مجموعة بديلة لحركة (حماس) تكون أنموذجاً لما تتخيله إسرائيل بعد الحرب»، فيما قالت «حماس» مؤخراً إنها «لن تسمح لأي جهة بالتدخل في مستقبل قطاع غزة، وإنها ستقطع أي يد للاحتلال الإسرائيلي تحاول العبث بمصير ومستقبل شعبنا».

فلسطينيون يسيرون قرب نار أشعلوها لإبعاد البعوض والحشرات في خان يونس (رويترز)

عراقيل تجهض المفاوضات

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن ما يطرح عبارة عن «بالونات اختبار» من جميع الأطراف، لكشف أوراق الأطراف الأخرى، معتقداً أنها «ستزيد من جمود المفاوضات، في ظل عدم وجود مؤشرات على الذهاب لاتفاق».

ويكتنف الغموض اليوم التالي من الحرب في غزة، وسط تمسك رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، باستمرار الحرب واستبعاد «حماس» من إدارة القطاع ووعود بالقضاء عليها، وتمسك الحركة بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع ووقف دائم للحرب وبدء الإعمار.

ويرى السفير الفلسطيني السابق بالقاهرة، بركات الفرا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «تلك السيناريوهات المطروحة تخدم أهداف نتنياهو في وضع عراقيل جديدة أمام محاولات الوسطاء لتجاوز رفضه وقف الحرب».

ويستدعي الفرا، مثلاً عربياً، يقول: «يتقاتلون على جلد الدب قبل صيده»، ويضيف موضحاً: «يجب أولاً وقف الحرب قبل الحديث عن سيناريوهات لن تقبل عربياً».

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في 12 يونيو (حزيران) الماضي، اعتزام واشنطن «تقديم عناصر رئيسية لخطة اليوم التالي، في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك أفكار ملموسة إزاء كيفية إدارة الحكم والأمن وإعادة الإعمار».

وعن إثارة تلك السيناريوهات مبكراً، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء عادل العمدة، لـ«الشرق الأوسط»، إنها تستهدف عرقلة جهود الوسطاء، خاصة أنها تتماشى مع الهدف الرئيسي لنتنياهو بإطالة أمد الحرب، مستبعداً أن تقبل تلك الأفكار عربياً.

وهو ما يؤكده المحلل السياسي الأردني، صلاح العبّادي، لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن «الجانب الإسرائيلي يسعى إلى تأزيم جهود الوسطاء، إن كان على صعيد صلاحيات إدارة معبر رفح أو إدارة القطاع»، واصفاً السيناريوهات الإسرائيلية بأنها مرفوضة عربياً، وغير ممكنة التطبيق.

ويرجع ذلك إلى أن «الدول العربية ترفض أن تكون جزءاً من المشكلة في قطاع غزة، في وقت تسعى إلى التوصل إلى حل سلمي يفضي إلى خروج قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، وإسناد المهمة للسلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني».