بايدن يجهز للعراق سفيرة جديدة مناهضة لطهران

جاكوبسون قالت إن دور إيران «خبيث»... والسوداني «شريك جيد»

جاكوبسون قالت إنها ستحد من نفوذ إيران في العراق لو تم تعيينها سفيرة في بغداد (رويترز)
جاكوبسون قالت إنها ستحد من نفوذ إيران في العراق لو تم تعيينها سفيرة في بغداد (رويترز)
TT

بايدن يجهز للعراق سفيرة جديدة مناهضة لطهران

جاكوبسون قالت إنها ستحد من نفوذ إيران في العراق لو تم تعيينها سفيرة في بغداد (رويترز)
جاكوبسون قالت إنها ستحد من نفوذ إيران في العراق لو تم تعيينها سفيرة في بغداد (رويترز)

فاجأت مرشحة الرئيس الأميركي جو بايدن لمنصب السفير في العراق، تريسي جاكوبسون، الأوساط العراقية الرسمية والسياسية، بتصريحات غير مألوفة عن النفوذ الإيراني والميليشيات الموالية لطهران.

وعرضت جاكوبسون كلمتها الافتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، وأعربت عن امتنانها للرئيس بايدن ووزير الخارجية على ثقتهما بترشيحها لهذا «المنصب الحيوي».

ويبدو أن السفيرة الجديدة التي سوف تخلف سفيرة مثيرة للجدل هي الأخرى وهي إلينا رومانسكي، أرادت أن تدخل المشهد العراقي بشكل مباشر بشأن الملف الإيراني. وأكدت جاكوبسون أنها ستعمل بشكل وثيق مع اللجنة لتعزيز المصالح الأمريكية في العراق.

وقالت: «يقدم جيشنا دعماً حيوياً لقوات الأمن العراقية والبيشمركة في إقليم كردستان. وبعد عشر سنوات من عودة قواتنا إلى العراق لمحاربة (داعش)، حان الوقت لجيشنا أن ينتقل إلى دور جديد. سأضمن أن يكون أي انتقال من عملية (العزم الصلب) إلى ترتيب أمني ثنائي موجهاً نحو هزيمة (داعش) وضمان أمن العراق».

أكدت جاكوبسون على أهمية تعزيز العراق لعلاقاته مع جيرانه، مشيرة إلى الخطوات الإيجابية التي اتخذها رئيس الوزراء السوداني في هذا الاتجاه.

وأشارت جاكوبسون إلى أن وجود التنمية الاقتصادية، وحكومة قادرة على تقديم الخدمات لشعبها، يقللان من جذب الإرهاب، ويقللان أيضاً من نفوذ الميليشيات المتحالفة مع إيران، التي تشكل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد.

جاكوبسون كانت سفيرة واشنطن في أثيوبيا في 2022 (الخارجية الأميركية)

إيران «ممثل خبيث»

وقالت إن «إيران ممثل خبيث في العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة، وندرك أن التهديد الرئيسي للعراق هو الميليشيات المتحالفة مع إيران».

ويعتقد مراقبون أن تعيين جاكوبسون قد يعني مساراً جديداً للسياسة الأميركية بالتزامن مع انتقال العلاقة الأمنية بعد التحالف الدولي إلى الشراكة الأمنية المستدامة، وفقاً لتصريحات حكومية عراقية.

وأراد السوداني منذ توليه المنصب قبل نحو عامين للعلاقة مع دول التحالف ضد «داعش» أن تكون محكومة بمعادلة جديدة تختلف عما كانت عليه من قبل.

وأعلن السوداني، مطلع العام الحالي، إنهاء مهمة التحالف الدولي وتحويل العلاقات بين دوله والعراق إلى علاقات ثنائية، كما اتفق مع الرئيس جو بايدن في واشنطن على إعادة تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين الموقعة عام 2008، التي صادق عليها البرلمان العراقي.

وفي وقت قدم السوداني تعهدات إلى الأطراف التي تطالب بخروج الأميركان من العراق بوصفهم قوات احتلال بإنهاء هذا الوجود على مراحل طبقاً لاتفاقية «الإطار الاستراتيجي»، يبدو أن الفصائل المسلحة الموالية لإيران لم تقتنع بكل هذه التعهدات، لأن لديها استراتيجية أخرى في التعامل مع الأميركان ليس في ضوء طبيعة العلاقة العراقية - الأميركية بل في ضوء التوازن الحرج بين واشنطن وطهران.

السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)

سفيران وسفيرتان

في بداية الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، أرسلت واشنطن سفيراً بمثابة حاكم عام كانت كل خبرته هي مكافحة الإرهاب الذي لم يكن يشكل خطراً عند سقوط النظام السابق، وهو بول بريمر.

ومع أن بريمر بقي يحكم العراق عاماً كاملاً، فيما يحكمه شكلاً مجلس حكم مكون مما يُطلق عليهم الآباء المؤسسون لنظام ما بعد صدام حسين.

وبينما أراد بريمر توظيف خبرته في مكافحة الإرهاب فإنه حين ترك البلد عام 2004 كانت غيوم الحركات الإرهابية تتلبد في سماء العراق ليحل محله سفير مسلم أفغاني الأصل، وهو زلماي خليل زاد، الذي سرعان ما دخل في معادلة السلطة في بلاد بدأت تواً تتقاسم المناصب على أسس طائفية (سنية ـ شيعية) وعرقية (عربية ـ كردية) دون أن يتمكن من تحقيق أي تقدم على مستوى ترشيخ المؤسسات الدستورية.

وفي غضون السنوات اللاحقة أرسلت واشنطن العديد من السفراء إلى بغداد لم يترك أي منهم بصمة في سياق العلاقات بين البلدين، بينما اختلف الأمر مع رومانسكي، ويوشك أن يكون أكثر اختلافاً مع السفيرة القادمة.

وفي السياق، يقول ياسين البكري أستاذ العلوم السياسية في «جامعة النهرين» لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهمة السفيرة الجديدة ستكون ترتيب الانتقال في العلاقة الأمنية وترتيب الأدوار المناطة بواشنطن، وستحاول كسب أكبر مساحة حرية حركة لأهداف واشنطن، بينما ستستمر المواجهة بين واشنطن وطهران بالضغط أكثر على أذرعها في العراق».


مقالات ذات صلة

صمت رسمي في طهران بعد تقارير اغتيال نصر الله

شؤون إقليمية تصاعد ألسنة اللهب بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

صمت رسمي في طهران بعد تقارير اغتيال نصر الله

التزمت طهران رسمياً الصمت إزاء تقارير بشأن اغتيال أمين عام «حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله، وضباط إيرانيين كبار بينهم قائد قوات «الحرس الثوري» عباس نيلفروشان.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنائي (إ.ب.أ)

نقل المرشد الإيراني إلى «مكان آمن» بعد إعلان إسرائيل مقتل نصر الله

كشفت مصادر لوكالة «رويترز» اليوم (السبت) عن نقل الزعيم الأعلى الإيراني إلى مكان آمن مع اتخاذ تدابير أمنية مشددة، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي مقتل حسن نصرالله.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع بزشكيان

مسعود بزشكيان جرّاح القلب البراغماتي... يجد نفسه معالجاً لأزمات إيران المزمنة

لا يُعد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي سيبلغ السبعين من العمر الأحد المقبل، من ساسة الرعيل الأول الذين شاركوا في ثورة الخميني عام 1979 أو قادة الأحزاب السي

عادل السالمي (لندن)
حصاد الأسبوع عراقجي (رويترز)

دبلوماسية بزشكيان: انفتاح على الغرب في زمن «التراجع التكتيكي»

بالتزامن مع بداية حكومة مسعود بزشكيان، الذي دعا إلى مزيد من الانفتاح على الغرب وتجنب السياسات الصدامية،

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ إيران تنفي مزاعم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الأميركية (رويترز)

الولايات المتحدة توجه اتهامات لـ 3 إيرانيين بالقرصنة والتدخل في الانتخابات

كشفت الولايات المتحدة عن لائحة اتهام بحق 3 إيرانيين على خلفية القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها حملة ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف خططت إسرائيل لاغتيال نصرالله؟

TT

كيف خططت إسرائيل لاغتيال نصرالله؟

دمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت إثر غارات يوم الجمعة (أ.ف.ب)
دمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت إثر غارات يوم الجمعة (أ.ف.ب)

لمح رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، إلى أن الاغتيالات لن تتوقف، وأن الدور القادم هو دور رئيس حركة «حماس»، يحيى السنوار، الذي تعتقد إسرائيل أنه «لا يستقر بمكان واحد، ويتنقل من مكان لآخر، داخل الأنفاق في قطاع غزة».

ولوحظ أن وسائل الإعلام العبرية نقلت عن الجنرالات الإسرائيليين استخدامهم تعبير «صاحب البيت جُنّ»، بقصد بث رسالة تهديد في كل الاتجاهات من مغبة القيام بأي عمل انتقامي منفلت لاغتيال نصر الله، وأن إسرائيل مستعدة لعمل أي شيء؛ رداً على ذلك.

وتوعد قائد الجيش الإسرائيلي، هاليفي، بـ«الوصول» إلى كل من يهدد المدنيين الإسرائيليين. وقال في بيان: «لم نستنفد كل الوسائل التي في متناولنا. الرسالة بسيطة: كل من يهدد مواطني إسرائيل، سنعرف كيف نصل إليه». وقال الناطق بلسان الجيش إن قواته ترصد كل التحركات لدى القوى المعادية، من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن.

حسن نصر الله زعيم «حزب الله» (أرشيفية - رويترز)

ويبدو أن الجيش الإسرائيلي يتوقع أن يؤدي اغتيال نصر الله ورفاقه إلى انفجار عمليات انتقامية، لكنه لم يجزم كيف ستكون، وفي أي نطاق، وبأي حجم، ولذلك أعلن عن رفع درجة التأهب إلى أقصى الحدود، في سلاح الجو وسائر القوات.

وأكد أنه نشر جنوداً من قوات الاحتياط الذين تم استدعاؤهم لتنفيذ مهمات عملية وقتالية في الجبهة الشمالية، مشيراً تحديداً إلى قوات «عتصيوني» (6) و«هناحال الشمالي» (228) التي أُرسلت لتعزيز الجهوزية القتالية في الجبهة الشمالية مع لبنان. وتُضاف هذه القوات إلى لواءين وعدة كتائب أخرى في الاحتياط تم نشرها على طول الحدود الشمالية. كما تم استدعاء ثلاث كتائب احتياط للقيام بمهام «عملياتية وتعزيز الدفاع» في منطقة الضفة الغربية، بعد تقييم للوضع الأمني أجرته قيادة منطقة المركز في الجيش.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، قد أعلن، ظهر السبت، أن جيشه قضى على أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله في غارة الجمعة على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال أدرعي إن الجيش قضى أيضاً على علي كركي قائد جبهة الجنوب في «حزب الله» وعدد آخر من القادة، موضحاً: «أغارت طائرات سلاح الجو بتوجيه استخباري دقيق لهيئة الاستخبارات (...) على المقر المركزي لـ(حزب الله) الواقع تحت الأرض أسفل مبنى سكني في منطقة الضاحية الجنوبية.

لقد نفذت الغارة في الوقت الذي وجودت فيه قيادة (حزب الله) داخل المقر، وقاموا بتنسيق أنشطة إرهابية ضد مواطني إسرائيل».

يحيى السنوار... إسرائيل تلوّح بقتله بعد نصر الله (أ.ف.ب)

وأضاف أدرعي: «خلال 32 سنة من قيادته لتنظيم (حزب الله) كان حسن نصر الله مسؤولاً عن قتل عدد كبير من المواطنين الإسرائيليين وجنود جيش الدفاع، بالإضافة إلى تخطيط وتنفيذ الآلاف من الأعمال الإرهابية ضد دولة إسرائيل وفي أنحاء العالم». وتابع المتحدث: «لقد كان نصر الله صاحب القرار الرئيسي في التنظيم وصاحب الكلمة الوحيدة والنهائية عن كل قرار استراتيجي اتخذه (حزب الله)، وفي بعض الأحيان عن قرارات تكتيكية أيضاً. سيواصل جيش الدفاع استهداف كل من يروج ويتورط في أعمال إرهابية ضد مواطني دولة إسرائيل».

وتبين أن سلاح الجو الإسرائيلي استخدم في هجومه قنابل ذكية تخترق الأرض والمباني تحت الأرض، وألحقها بصواريخ فتاكة، ونفذ ثماني ضربات متلاحقة لتفجر ما مجموعه 80 طناً من المواد المتفجرة. وبحسب وسائل الإعلام العبرية، تم الحصول على معلومات استخبارية دقيقة في صبيحة الاثنين الماضي، عن اجتماع للقيادة بحضور نصر الله. فقرر الجيش إطلاق عملية الاغتيال، التي أعدت مسبقاً منذ سنوات. ولأن عملية اغتيال كبيرة كهذه يمكنها أن تدهور الأوضاع إلى حرب، قرر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، دعوة المجلس الأمني - السياسي المصغر في الحكومة (كابينت)، وأطلع الوزراء على الخطة وتبعاتها، في يوم الأربعاء الماضي. وجرى نقاش حول ما إذا كان ملائماً بالفعل سفر نتنياهو إلى الولايات المتحدة لإلقاء خطاب في الجمعية العامة للأمم المتحدة. فأكدت المخابرات أن سفر نتنياهو سيكون غطاء جيداً للعملية. ففي «حزب الله» يتوقعون أن إسرائيل لن تقدم على مثل هذا الاغتيال وهو في الخارج. لذلك سافر نتنياهو، بعد ساعات قليلة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة (إ.ب.أ)

وأوضحت هيئة البث العام الإسرائيلية (القناة «كان 11») أن يوم الأربعاء أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن سعيهما للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق نار بين إسرائيل و«حزب الله»، «بانتظار الرد الإسرائيلي الذي تأخر»، بحسب القناة، فيما أعلن الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش عن رفضهما المطلق لوقف إطلاق النار. وقبل ساعات من إعلان بايدن وماكرون في يوم الأربعاء ذاته، كان نتنياهو قد أطلع الكابينت على تطورات بشأن تنفيذ عملية الاغتيال. وأضافت القناة أن الكابينت عقد اجتماعاً عبر الهاتف يوم الخميس الماضي، جرى خلاله تخويل نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، بالمصادقة على تنفيذ اغتيال نصر الله. وبحسب القناة، في الساعة العاشرة صباحاً من يوم الجمعة، أجرى نتنياهو وغالانت مشاورات مع رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، تبيّن خلالها أنه بالإمكان تنفيذ عملية اغتيال نصر الله في اليوم ذاته، وأن «الصورة العملياتية تسمح بذلك».

وأقر نتنياهو تنفيذ عملية الاغتيال في ساعات الظهر، بحسب القناة، خلاله وجوده في فندق في نيويورك، قبل ساعات من خطابه أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة، فيما كان غالانت ورئيس أركان الجيش في مقر الجيش للإشراف على العملية. وأوضحت القناة أنه في الساعة الرابعة و45 دقيقة من عصر الجمعة، ألقى نتنياهو خطابه أمام الأمم المتحدة، وحذّر القيادة الإيرانية من مهاجمة إسرائيل، مشيراً إلى أن الدولة العبرية بمقدورها الرد على ذلك في أي مكان في إيران، بموازاة بدء تنفيذ عملية اغتيال نصر الله.