مصادر: فصائل عراقية بانتظار تعليمات طهران لدعم «حزب الله»

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تعقيدات داخلية تتحكم بشكل الرد على اغتيال نصر الله

عناصر من كتائب «حزب الله» في جرف الصخر (أ.ف.ب)
عناصر من كتائب «حزب الله» في جرف الصخر (أ.ف.ب)
TT

مصادر: فصائل عراقية بانتظار تعليمات طهران لدعم «حزب الله»

عناصر من كتائب «حزب الله» في جرف الصخر (أ.ف.ب)
عناصر من كتائب «حزب الله» في جرف الصخر (أ.ف.ب)

تفيد مؤشرات في بغداد بأن الفصائل العراقية تنتظر تعليمات من طهران لدعم «حزب الله» اللبناني بعد تأكيد اغتيال أمينه العام، حسن نصر الله، بضربة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.

وخلال الساعات القليلة الماضية، أعلنت فصائل عراقية تنفيذ 3 هجمات صاروخية على إسرائيل، في مؤشر على أنها «لم ترفع المنديل الأبيض»، على حد تعبير مصادر مقربة من تلك الجماعات.

وقالت 3 بيانات عن «المقاومة الإسلامية»، السبت، إنها استهدفت في الهجوم الأول «تحركاً لجنود العدو الإسرائيلي في موقع الصدح بقذائف المدفعية»، وكذلك قصفت «مستعمرة (ساعر) بصلية صاروخية» إلى جانب «مستعمرة روش بينا».

أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله خلال إلقائه كلمة في احتفال حزبي بضاحية بيروت الجنوبية عام 2015 (أ.ف.ب)

الوقت مبكر لاتخاذ القرار

مع ذلك، ترى المصادر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه من المبكر جداً «معرفة التوجه العام لجماعات الفصائل، في ظل الظروف شديدة الخطورة والتعقيد التي يمر بها محور المقاومة بشكل عام».

وتؤكد المصادر أن «الأولوية القصوى في هذه اللحظة الخطيرة بالنسبة للفصائل هي إظهار تماسكها، وهي اليوم مشغولة بالإبقاء على وجودها، بعد أن كان هدفها إزالة وجود إسرائيل».

وتقول المصادر: «ليس جديداً القول إن الخطوة التالية للفصائل العراقية ستحددها طهران، خاصة بعد الكلمة التي أدلى بها المرشد الإيراني علي خامنئي».

وطالب خامنئي، السبت، في كلمة يُعتقد أن لها صلة بالأنباء عن اغتيال حسن نصر الله، بأن تقف «جميع قوى المقاومة في المنطقة إلى جانب (حزب الله) وتدعمه. إن مصير هذه المنطقة ستحدده قوى المقاومة، وعلى رأسها (حزب الله) المنتصر».

وأضاف أن «من الواجب على جميع المسلمين أن يقفوا بإمكاناتهم إلى جانب شعب لبنان و(حزب الله) المنتصر، ويساعدوه في مواجهة هذا النظام الغاصب والظالم والشرير».

هجمات بلا فاعلية

في المقابل، ترى اتجاهات مطلعة على تفاصيل الجماعات والفصائل المسلحة العراقية المرتبطة بالمحور الإيراني، أنها قد تواصل الهجمات الصاروخية المسيرة على أهداف إسرائيلية، لكن من «دون فاعلية كبيرة، بالنظر لبدائية المعدات ومنصات الصواريخ التي بحوزتها، في مقابل التفوق العسكري الإسرائيلي».

وثمة مَن لا يستبعد قيام هذه الفصائل بإرسال مقاتلين إلى لبنان لدعم «حزب الله»، وذلك أيضاً ربما سيُواجَه بممانعة إيرانية أو لبنانية، ذلك أن «حزب الله» سبق أن عارض هذا التوجه لـ«أسباب سياسية داخلية، ويفضل أن تلعب الفصائل العراقية دور التشتيت في جبهات أخرى ضد إسرائيل»، لكن كان هذا قبل اغتيال نصر الله.

وتشير ترجيحات إلى «قرار إيراني بتجنيب العراق أي انهيار سياسي وأمني جراء الفصائل المشاركة في التصعيد، إلى جانب مخاوف داخل الفصائل من تلقي ضربات كبيرة ضد مقراتها ومخازن السلاح».

ومن بين أسباب أخرى ستكون حاكمة في أي تحرك مستقبلي لجماعات الفصائل «ترتيبات داخلية مع حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني بانتظار حسم ملف الانسحاب الأميركي من العراق».

وإلى جانب كل ذلك، يذهب مراقبون إلى استدعاء «الموانع والحسابات السياسية الدقيقة التي تتعلق بوضع جديد ومختلف تماماً للشرق الأوسط والتي ستكون حاسمة بالنسبة لنوعية وشكل الرد الذي سيقوم به محور المقاومة الإيراني؛ سواء عبر الفصائل العراقية أو بغيرها».

جنود من الجيش اللبناني يتجمعون فوق أنقاض مبانٍ سُوِّيت بالأرض بسبب الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

استيعاب الصدمة

من جانبه، يرى الباحث والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، نزار حيدر، أن لاغتيال حسن نصر الله «تداعيات واسعة على الفصائل المسلحة في العراق؛ ذلك أنها تحاول أولاً أن تستوعب هول الصدمة لتعيد حساباتها من جديد».

ويقول نزار لـ«الشرق الأوسط» إن «(حزب الله) الذي يمتلك كل هذه الخبرة الطويلة التي تمتد نحو نصف قرن من الحروب والقتال والمواجهة مع إسرائيل لم يتمكن من حماية قادته بوجه حرب الاستخبارات والحرب السيبرانية، حتى وصلت لتغتال زعيمه بعملية استخباراتية معقدة».

وإذا كانت الحال كذلك مع «حزب الله»، يتساءل حيدر: «كيف يمكن للفصائل العراقية أن تواجه هذه الحرب وهي مكشوفة بشكل كامل في كل العراق؛ كون البلد ما زال تحت رحمة الأميركيين على مستوى الأمن والاستخبارات والمعلوماتية والسيطرة الجوية؟».

ويرى حيدر أن الفصائل «ستحاول تنفيذ بعض العمليات العسكرية الاستعراضية، سواء على الأراضي العراقية أو خارجها، لكنها في نهاية الأمر تعرف جيداً أن ليس بإمكانها توريط العراق بمثل هذه المواجهة غير المتكافئة بأي شكل من الأشكال».

ويضيف: «لذلك لاحظنا أنها طلبت، أمس، في بيان لها من رئيس مجلس الوزراء السوداني إرجاء موعد الإعلان عن البيان المشترك مع الولايات المتحدة بخصوص إنهاء عمليات (العزم الصلب)، لتبقى الذريعة بيدها إذا ما أرادت أن تستمر في نشاطها خارج سلطة الدولة بانتظار التعليمات التي تنتظرها من خلف الحدود، خاصة في هذا الظرف الخطير والحساس».

مواقف رسمية

أعلنت الحكومة العراقية الحداد 3 أيام «تأبيناً لحسن نصر الله»، وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إن إسرائيل «تعدّت كل الخطوط الحمراء»، فيما حذّر رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد من «تطوّر خطير، يشكّل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة».

ونشر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في «إكس» أنه «يعلن الحداد 3 أيام على رفيق درب المقاومة والممانعة»، بينما قال رئيس حزب «تقدّم» محمد الحلبوسي، إن «الراحل حسن نصر الله كان عنواناً للمقاومة والصمود والشموخ والإباء العربي».


مقالات ذات صلة

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

تحليل إخباري «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية «تصفيات المونديال»: العراق يهزم عُمان ويعزز حظوظه في التأهل

«تصفيات المونديال»: العراق يهزم عُمان ويعزز حظوظه في التأهل

فاز العراق 1 - صفر على مضيفه منتخب سلطنة عُمان ضمن الجولة السادسة من منافسات المجموعة الثانية بالدور الثالث من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني: نرفض تهديدات إسرائيل وقرار الحرب والسلم بيد بغداد

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم (الثلاثاء)، إن الرسالة التي أرسلتها إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي تمثل «ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)
هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

عدّت مسؤولة بالأمم المتحدة، أمس، أن الغارات الإسرائيلية على مدينة تدمر، أول من أمس، هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن، فيما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عدد قتلى هذه الغارات ارتفع إلى 82.

وأوضح «المرصد السوري» أن 56 من القتلى ينتمون إلى فصائل موالية لإيران من جنسية سورية، و22 من جنسية غير سورية، غالبيتهم من حركة «النجباء» العراقية، بينما ينتمي 4 آخرون إلى جماعة «حزب الله» اللبنانية. وأشار أيضاً إلى إصابة 31 آخرين، بينهم 7 مدنيين.

وقالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «مرة أخرى، ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق... أمس (الأربعاء)، قُتل عشرات الأشخاص في غارة قرب تدمر، هذه الضربة الإسرائيلية هي على الأرجح الأكثر فتكاً حتى الآن».

وأضافت رشدي: «تقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف مواقع مرتبطة بإيران أو (حزب الله) أو (الجهاد الإسلامي) الفلسطيني. لكننا مرة أخرى نشهد سقوط ضحايا من المدنيين، جراء غارات ضخمة على مناطق سكنية في وسط دمشق».

كما أعربت عن قلقها حيال «الوضع المتفجر» في الجولان المحتل، وأعمال العنف الأخرى «في العديد من مواقع العمليات الأخرى»، خصوصاً في شمال غربي البلاد. وحذّرت من أن «هذا العام يتجه ليكون الأكثر عنفاً منذ 2020، وأن خطر حدوث دمار أكبر يلوح في الأفق».

وتابعت رشدي: «من الواضح أن الأولوية الملحة بالنسبة لسوريا هي وقف التصعيد. فالبلاد تشهد عواصف متواصلة ناتجة من نزاع إقليمي وموجات متزايدة للنزاع على أراضيها». وأشارت إلى أنه «مع تضاؤل المساعدات الإنسانية وتكثيف الخطابات والأعمال العدائية، يضطر السوريون إلى العيش في ظروف صعبة وغير محتملة على نحو متزايد».

وأشارت إلى أن تقارير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تظهر أن أكثر من نصف مليون شخص فروا من الضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان، وعبروا إلى سوريا منذ أواخر سبتمبر (أيلول)، ولا يزال هناك تدفق مستمر، مضيفة أن السوريين يشكلون نحو 63 بالمائة من هؤلاء النازحين، ومعظمهم من النساء والأطفال.

وقالت المسؤولة الأممية: «نحن الآن في لحظة محورية لدفع العملية السياسية إلى الأمام، بالتزام حقيقي وعمل جاد»، وطالبت جميع الأطراف السورية والدولية بأن «ترسل إشارة بأنها على استعداد لوضع جميع القضايا على الطاولة».

وعدّت أيضاً أن الوقت مناسب لصياغة مسار يسمح للشعب السوري بتحقيق تطلعاته المشروعة، واستعادة سيادة سوريا ووحدتها وحماية السلم والأمن الدوليين.