نتنياهو يعيّن مقربين منه لعضوية اللجنة الأميركية - الفرنسية بخصوص لبنان

رغم معارضة وزير دفاعه

غالانت ونتنياهو في زيارة لقاعدة عسكرية (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
غالانت ونتنياهو في زيارة لقاعدة عسكرية (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT

نتنياهو يعيّن مقربين منه لعضوية اللجنة الأميركية - الفرنسية بخصوص لبنان

غالانت ونتنياهو في زيارة لقاعدة عسكرية (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
غالانت ونتنياهو في زيارة لقاعدة عسكرية (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

على الرغم من المعارضة الشديدة لوزير الدفاع يوآف غالانت، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الجمعة، ترحيبه بمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل لجنة بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل، للتباحث بشأن المواجهة العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله» والسعي لتطويقها، واختار نتنياهو لتمثيل إسرائيل في اللجنة اثنين من أبرز المقربين إليه؛ هما وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي.

وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن خطوة نتنياهو تشير إلى أنه يدرك وضعه في الساحة الدولية بعد انسحاب حزب بيني غانتس من الحكومة، ويخشى من تفاقم العزلة. وفي الوقت الذي يشير فيه مقربون منه إلى أنه يتعرض للضغوط من اليمين في حكومته لشن حرب واسعة على «حزب الله»، ويشعر بأن حرباً كهذه قد تنشب حتى لو لم يرغب بها، فإنه يريد أن يضمن مساندة دولية في حال خوض حرب كهذه.

وتوضح المصادر أنه إذا حاولت واشنطن وباريس التدخل لمنع الحرب، فإن ذلك سيكون باتفاق سياسي مدعوم من الغرب، وإذا فشلت المفاوضات، يشن نتنياهو الحرب بدعم أميركي على الأقل، ولهذا، فإن نتنياهو اختار مسؤولين رفيعين وموثوقين لديه لتمثيله في هذه اللجنة.

غالانت: فرنسا ضدنا

لكن وزير دفاعه، غالانت، هاجم فرنسا، وكتب في منشور نشره بمنصة «إكس»، الجمعة، أنه «في الوقت الذي تقاتل فيه دولة إسرائيل في الحرب الأكثر عدالة بتاريخها، أثبتت فرنسا عداء وخصومة ضدنا، من خلال تجاهل فظ لفظائع نفذها مخربو (حماس) ضد الأطفال والنساء، فقط لكونهم يهوداً»، مضيفاً: «لن نكون شركاء في لجنة لتسوية الوضع الأمني عند الحدود الشمالية إذا شاركت فرنسا فيها».

وكان ماكرون قال للصحافيين على هامش قمة مجموعة السبع في إيطاليا، الخميس، إن الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل اتفقت على العمل معاً لتعزيز جهود المضي قدماً في تنفيذ خريطة طريق قدمتها باريس في وقت سابق من هذا العام، لنزع فتيل التوتر بين «حزب الله» وإسرائيل، وقدمت باريس مقترحات مكتوبة إلى الجانبين استهدفت وقف تبادل إطلاق النار على الحدود بين لبنان وإسرائيل. وأضاف الرئيس الفرنسي: «سنفعل الشيء نفسه مع السلطات اللبنانية».

خريطة طريق لمنع توسعة الحرب

وعدّ الإسرائيليون هذه المبادرة بمثابة نافذة أمل لمنع الانزلاق إلى حرب، وإبدال تسوية سياسية به تضمن ابتعاد قوات «حزب الله» نحو 10 كيلومترات عن الحدود مع إسرائيل، مقابل موافقة إسرائيل على الموقف اللبناني من الخلافات الحدودية في 13 نقطة. وتؤكد مصادر سياسية في تل ابيب أن مبعوث الرئيس الأميركي إلى لبنان، عاموس هوكستين، توصل إلى اتفاق مبدئي بين إسرائيل ولبنان بشأن هذه التسوية، لكن «حزب الله» رفض الموافقة النهائية عليها قبل أن تتوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، مؤكداً أنه في حال التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين إسرائيل و«حماس»، سيوقف «حزب الله» عملياته ضد إسرائيل، وعندها لن يستغرق الموضوع أكثر من جولة أو جولتين من هوكستين لتوقيع الاتفاق.

أما تصريحات غالانت فسببها أن نتنياهو لم ينسق معه في موضوع اللجنة الثلاثية، ولأنه غاضب من موقف فرنسا من الحرب على غزة. فالرئيس ماكرون، الذي دعم إسرائيل بقوة عند هجوم «حماس»، غيّر موقفه وهاجم إسرائيل وعملياتها الحربية التي أحدثت كوارث للمدنيين الفلسطينيين، كما حذر إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب في غزة. وشدد الرئيس الفرنسي خلال محادثة هاتفية مع نتنياهو، في مارس (آذار) الماضي، على «معارضته الصارمة» لهجوم إسرائيلي على رفح، محذراً من أن «النقل القسري للسكان يشكل جريمة حرب». وكرر ماكرون خلال المحادثة مع نتنياهو دعوته إلى «وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة»، ودان بشدة الإعلانات الإسرائيلية الأخيرة بشأن الاستيطان في الضفة الغربية.


مقالات ذات صلة

​إسرائيل: لا مفر من حرب حاسمة وسريعة مع «حزب الله»

المشرق العربي امرأة تحمل دمية خلال عبورها أمام منزل دمره قصف إسرائيلي في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

​إسرائيل: لا مفر من حرب حاسمة وسريعة مع «حزب الله»

رفع «حزب الله» مستوى القصف لأهداف عسكرية إسرائيلية الأحد باستخدام صواريخ ثقيلة وذلك بعد استهداف إسرائيلي لمنزل في بلدة بالجنوب أدى إلى مقتل 3 من عناصره.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي امرأة تحمل صورة أمين عام «حزب الله» وتعبر بين ركام خلفته الغارات الإسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بجنوب لبنان (أ.ب)

«حزب الله» يطالب الراعي بتوضيح موقفه حيال وصف العمليات العسكرية بـ«الإرهاب»

طالب «حزب الله» البطريرك الماروني بشارة الراعي بـ«إيضاح» موقفه حول وصف العمل العسكري الذي يقوم به الحزب بـ«الإرهابي»، قائلاً إن ما قيل «كبير جداً».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله مستقبلاً الأمين العام لـ«الجماعة الإسلامية» محمد طقوش (الوكالة الوطنية للإعلام)

حرب جنوب لبنان تدفع «حزب الله» إلى تحالفات جديدة

خلطت الحرب الدائرة في جنوب لبنان الأوراق، وبدّلت صورة التحالفات بين «حزب الله» وأطرافٍ سياسية، إذ نجح الحزب باستمالة بعض القوى الفاعلة على الساحة السنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي أسرة لبنانية تقف بجوار منزل دمر في غارة إسرائيلية على بلدة عيتا الشعب الحدودية (أ.ب)

غارات إسرائيلية على عدة مواقع لـ«حزب الله» في لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، أن طائرات مقاتلة إسرائيلية قصفت العديد من مواقع «حزب الله»، في جنوب لبنان، الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

وزير خارجية إسرائيل يتوعد إيران بالتدمير بعد التهديد بشن «حرب إبادة»

قال وزير خارجية إسرائيل إن الرسالة التي بعثت بها إيران فيما يتعلق بشن «حرب إبادة» في حالة تنفيذ إسرائيل عملاً عسكرياً واسع النطاق في لبنان، تجعلها تستحق التدمير

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ذكرى «30 يونيو» بمصر... «الإخوان» في «تيه» بعد سقوط تاريخي

مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي شرق القاهرة في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي شرق القاهرة في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

ذكرى «30 يونيو» بمصر... «الإخوان» في «تيه» بعد سقوط تاريخي

مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي شرق القاهرة في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)
مئات الآلاف من المصريين قرب القصر الرئاسي شرق القاهرة في يونيو 2013 للتظاهر ضد حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عام 11 عاماً من «سقوطها التاريخي»، خلال انتفاضة 30 يونيو (حزيران) 2013، تعيش جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية، حالة من «التشرذم والتيه»، ما بين محاكمات محلية وملاحقات دولية وخلافات تنظيمية داخلية.

ويرى خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن الجماعة، التي حظرتها السلطات المصرية، وعدَّتها «تنظيماً إرهابياً»، بشكل رسمي عام 2014، تعيش حالة «موت سريري بعد سقوط تاريخي» أسهمت فيه حالة الانقسامات والصراعات بين قياداتها وسجن رموزها، متوقعين استمرار أفول نجمها وبألا تسمح السلطات المصرية بأي مسار عودة يُنقذها من حالة «التيه».

فبعد عام من وصول الإخوان في 2012 إلى كرسي الرئاسة، عبر مرشحهم محمد مرسي، خرج ملايين المصريين في 30 يونيو (حزيران) 2013، مطالبين برحيلهم، ومع تمسك الجماعة، برفض خيار الانتخابات المبكرة، سقط التنظيم وحوكم قياداته وكوادره بتهم مرتبطة بـ«التخابر وارتكاب عنف والتحريض عليه».

ومع خروجهم من الحكم، خرج آلاف من المنتمين للجماعة خارج مصر، ودشنوا منابر معادية للسلطات المصرية وحافظوا على منصات متلفزة وأخرى بمواقع التواصل الاجتماعي، لبثِّ ما عدّته السلطات «تحريضاً يومياً»، قبل أن تشهد الجماعة انقساماً تنظيمياً وفكرياً أدى إلى ظهور 3 مجموعات كلٌّ منها يدَّعي أنه القيادة وأن مَن سواه خارج عنها ولا يحمل اسمها.

ووسط هذا الانشطار التنظيمي بالخارج، دخل التنظيم «حالة العدم» في مصر، بعد حظره وملاحقة قياداته، ومع رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إجراء أي مصالحة معه، ووصفه المنتمين إليه بأنهم «أهل الشر».

وعلى مدار الـ11 عاماً، واجه «الإخوان» مئات القضايا في محاكمات طالت أعداداً كبيرة من قياداتها وكوادرها في مقدمتهم، مرشدها العام محمد بديع الذي نال في مارس (آذار) الماضي، حكماً نهائياً بالإعدام، سبقه 12 حكماً ضده تشمل السجن لسنوات تصل إلى 25 عاماً.

كما توفي محمد مرسي في أثناء جلسة من جلسات محاكمته عام 2019 بعد ست سنوات أمضاها في السجن.

وتحل الذكرى الـ11 لـ«30 يونيو»، و«الإخوان» تنكمش خارجياً، وينحسر تأثيرها في مسارات إعلامية ومنصات تحرض ضد السلطات المصرية.

تقول العميدة السابقة لكلية الإعلام بجامعة القاهرة الدكتورة ليلى عبد المجيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «جماعة الإخوان، لعبت قبل (30 يونيو) على مسارات الإعلام ومنصات التواصل في التجنيد والحشد، وبعد نجاح (30 يونيو) بدأت الجماعة مرحلة ثانية، انتهجت خلالها نهج عمليات العنف، مع نشر التحريض والتشكيك ضد الدولة عبر تلك المسارات مستغلين الأزمات الاقتصادية نتيجة الظروف العالمية والدولية».

وتراجع دعم عدد من الدول التي لجأ عناصر «الإخوان» إليها، وتكفلت جهود سياسية ودبلوماسية مصرية بتضييق الخناق على وجود الجماعة في تلك الدول.

فمن الاستقبال والترحاب صيف 2013، إلى دعم مشروط، ثم طلبات للمغادرة في السنوات الأخيرة... كان هذا هو حال الجماعة في تركيا وقطر، وسط أحاديث تنقلها منصات موالية للجماعة عن «خروج أعداد من قيادات ورموز التنظيم بالخارج من البلدين»، إلى جانب إغلاق قنوات مناصرة للجماعة، مثل «مكلمين» التي كان مقرها في إسطنبول، واستقرارها جميعا في لندن، بعد تحفظات تركية وقطرية على توجيه عناصر الجماعة انتقادات إلى السلطات المصرية.

انهيار مستمر

ولم تعرف الجماعة سقوطاً منذ تأسيسها في مصر عام 1928، مثل الذي فعلته انتفاضة 30 يونيو (حزيران) 2013، إذ لأول مرة يجري «إسقاطهم شعبياً»، بعيداً عن قرارات السلطات المصرية السابقة بالحل أو توقيف النشاط، كما يقول الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، ماهر فرغلي.

فرغلي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنظيم الإخوان انهار داخل مصر، وجزء كبير منه داخل السجن وخارج البلاد»، لافتاً إلى أن «الموجودين من التنظيم خارج البلاد في حالة تشظٍّ وأجندات مختلفات وصراعات مالية وتنظيمية».

ويرى أن «بقاء التنظيم بين الاستقطاب الداخلي في صراعات التنظيم والسقوط التاريخي لها بمصر والانهيار، يؤكد أنه سيعاني مستقبلاً وسيبقى غائباً عن الساحة المصرية دون أن يرى هدنة أو مصالحة من السلطات بمصر». ولا يتوقع أي تغيير في أفكار الجماعة مستقبلاً، واستمرار انهيارها على المستويات كافة.

موت سريري

متفقاً معه، يرى الباحث المصري في شؤون الجماعات وحركات الإسلام السياسي، أحمد بان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجرد اعتبار الجماعة في حالة تيه يعني أنه يمكن أن تكون هناك حياة للتنظيم مستقبلاً بعد أن يفكر، لكن الصحيح أن التنظيم في حالة من الموت السريري ويعيش مرحلة أفول ونهاية».

ولا يعتقد بان أيضاً أن الجماعة في حالة كمون اضطراري أو اختياري، موضحاً أن «هذا أيضاً يعني قدرة التنظيم على التعافي والعودة، والحقيقية أننا إزاء جماعة عقلها غائب، وتشهد انقسامات تنظيمية أدت إلى ظهور ثلاثة كيانات أو أكثر خارج البلاد».

ولا يتوقع بان أن «يتعافى تنظيم الإخوان مما وضع نفسه فيه بعد سقوطه المدوِّي والتاريخي الذي شارك في صنعه بيده».

ويرى أن «التنظيم في ظل هذه الانقسامات لا يمكن أن يكون له مستقبل وعودة لمسار القيادة المركزية الصارمة، التي اكتسبت الجماعة فاعلية بسببها لسنوات طويلة، وبالتالي لا يتوقع لهذا التنظيم أي فعل مؤثر في المدى المنظور».

ويعتقد أن حرص الجماعة على إبقاء منصة إعلامية لها، جزء من معركتها التي تعمل فيها على التشكيك في كل الأنظمة، ولا تستطيع تركها، مستدركاً: «لكنَّ هذا لا يعني قدرةَ لها على التأثير أو تغيير المشهد».

كابوس الإخوان

مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، اللواء محمد نور الدين، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإخوان جماعة إرهابية استطاعت ثورة 30 يونيو أن تكشف حقيقتها الإرهابية في عملياتها مع جماعات أخرى في سيناء وضد المساجد والكنائس».

ويعتقد أن الجماعة «انتهى جناحها الإرهابي داخل مصر مع توالى العمليات الأمنية ضدهم ولا مستقبل لها بالبلاد، ولن يلاقوا ظهيراً شعبياً مرة أخرى مهما كانت الأزمات، وحالياً تنشط من الخارج عبر كتائب إلكترونية للتشكيك في جميع مؤسسات الدولة مستغلّين الأزمة الاقتصادية».

ويقترح أن «تتواصل جهود مواجهة الجماعة على المستوى الإعلامي والفكري وعبر الأزهر والكنيسة جنباً إلى جنب مع الضربات الأمنية، حتى يُقضى تماماً على كابوس الإخوان للنهاية».