إطلاق مشغل «خليوي» ثالث في سوريا بعد عرقلة عامين

القائمون عليه قالوا إن «هجرة الكفاءات» و«العقوبات» ساهمتا في تأخيره

إطلاق مشغل «خليوي» ثالث في سوريا بعد عرقلة عامين
TT

إطلاق مشغل «خليوي» ثالث في سوريا بعد عرقلة عامين

إطلاق مشغل «خليوي» ثالث في سوريا بعد عرقلة عامين

بعد تأخر عامين، سيبدأ المشغل الثالث للاتصالات قريباً إطلاق المرحلة التجريبية في العاصمة دمشق. وصرح المدير التنفيذي لشركة «وفا تيليكوم»، المهندس محمد مسعود، بأن هجرة الكفاءات والعقوبات المفروضة على البلاد أدتا إلى صعوبات في توريد التجهيزات؛ وهي «من أبرز التحديات التي واجهتها الشركة».

وكانت وزارة الاتصالات السورية أعلنت في فبراير (شباط) عام 2021 عن إطلاق المشغل الثالث لشركات الجوال في سوريا «وفا تيليكوم» برأسمال معلَن يبلغ 10 مليارات ليرة سورية، وبعدد أسهم يبلغ 100 مليون سهم، قيمة كل منها 100 ليرة سورية، الرقم الذي عُدّ ضئيلاً جداً بالمقارنة مع رأسمال شركتي الاتصالات «سيريتل» و «إم تي إن» اللتين تحتكران الاتصالات الجوالة في سوريا منذ 24 عاماً.

دخول المشغل الخليوي الثالث إلى السوق السورية، تأجل مرات عدة، وكان من المفترض أن ينطلق بعد الحصول على الترخيص بـ6 أشهر.

وخلال مشاركة «وفا تيليكوم» في معرض «هايتك 2024 لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات» برعاية وزارة الاتصالات في دمشق، قال مسعود إنه أُجري أول اتصال هاتفي خلال المعرض، بالإضافة إلى استعراض بيانات الإنترنت، معلناً أن المشاركة الثالثة في العام المقبل ستكون مختلفة مع «دخول المشغل الثالث إلى السوق السورية فعلياً».

ونقل موقع «هاشتاغ» المحلي عن محمد مسعود قوله: «وضع الأبراج للمشغل الثالث سيكون في دمشق مبدئياً، ثم عند الانتهاء من تغطية المدينة بالكامل، سيجري الانتقال إلى باقي المحافظات بالتدريج».

وعن سبب عدم الانطلاق من جميع المحافظات، لا سيما أن هناك عدداً منها يعاني سوءاً في التغطية ويحتاج لوجود المشغل الثالث، أوضح مسعود أن «أي شركة اتصالات تبدأ من الصفر، وفي مرحلة بناء البنى التحتية لا يمكن لها الحضور على كامل المساحة الجغرافية دفعة واحدة».

ووفق ما أعلنت الشركة الجديدة، فإنها ستقدم تقنيات اتصالات حديثة، مثل تقنية «فويس أوفر LTE» التي تعزل الضجيج وتوفر سرعة عالية في نقل البيانات، بالإضافة إلى تقنية الجيل الخامس للاتصالات التي ستزيد السرعة 10 مرات مقارنة بالجيل الرابع.

جناح شركة مشاركة في معرض الاتصالات بدمشق (حسابها على فيسبوك)

وفق تصريحات رسمية سابقة، فإن شركة «وفا تيليكوم» شركة مساهمة «مغفلة» سورية، أسستها 7 شركات لها مراكز في دمشق. إلا إن تقارير إعلامية عدة أشارت إلى وجود صلة بين تلك الشركات وشركات إيرانية، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن مالكها الحقيقي رجال أعمال مقرب من المكتب الاقتصادي في القصر الرئاسي السوري.

وينص قرار ترخيص الشركة على أن هدفها خدمة عمل المشغل الخليوي عبر أي نشاط اقتصادي وتجاري مسموح به في سوريا، وفق ترخيص «الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد»؛ بما في ذلك استيراد وتصدير وتجارة أجهزة الاتصالات والدارات والشرائح الإلكترونية.

يذكر أن قطاع الاتصالات في سوريا يعاني من تهتك البنية التحتية، بالإضافة إلى أزمة توفر مواد الطاقة اللازمة لتشغيل محطات البث؛ الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع الشبكة بالتزامن مع انقطاع الكهرباء في معظم المناطق، لا سيما البعيدة عن مراكز المدن الرئيسية، كما تعاني من تقطع في المكالمات وفي بث الإنترنت.

وبينما يأمل السوريون تحسن الاتصالات مع دخول مشغل ثالث، يؤكد الواقع الاقتصادي المتردي صعوبة الأمر، مع استمرار أزمة مواد الطاقة، ونزف الكوادر البشرية المؤهلة الخبيرة بالتشغيل والصيانة.


مقالات ذات صلة

مشيخة الموحدين الدروز تدعو إلى الوقوف بجانب الجيش السوري في السويداء

المشرق العربي جانب من المظاهرات التي تشهدها السويداء (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

مشيخة الموحدين الدروز تدعو إلى الوقوف بجانب الجيش السوري في السويداء

تدخلت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز للعمل على إعادة التهدئة إلى السويداء التي تشهد توتراً في المدة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس السوري بشار الأسد يتحدث خلال خطاب متلفز، سوريا 16 فبراير 2023 (رويترز)

فرنسا: قرار قضائي مرتقب بشأن مذكرة توقيف بحق الرئيس السوري في قضية هجمات كيماوية

تصدر محكمة الاستئناف في باريس، الأربعاء، قرارها بالمصادقة على مذكرة توقيف فرنسية بحق الرئيس السوري بشار الأسد المتهم بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية أو تلغيها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي من مظاهرات السويداء الأخيرة (السويداء 24)

الجنوب السوري يشهد توتراً أمنياً واسعاً

يشهد الجنوب السوري توترا أمنيا واسعا، على خلفية اختفاء زعيم روحي في السويداء، وتصاعد حدة العنف والاغتيالات في درعا المجاورة.

«الشرق الأوسط» (دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»)
المشرق العربي جندي عراقي يقوم بدورية على الحدود مع سوريا (أرشيفية - رويترز)

المرصد السوري: طائرات مجهولة تضرب أهدافاً قرب الحدود العراقية

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات مجهولة ضربت أهدافاً بالقرب من الحدود السورية العراقية.

«الشرق الأوسط» (دمشق/بيروت)
أوروبا محكمة استوكهولم حيث عقدت جلسة محاكمة ضابط سوري سابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب 20 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

السويد: براءة ضابط سوري سابق من تهمة ارتكاب جرائم حرب

برّأت محكمة في ستوكهولم الخميس ضابطاً سورياً سابقاً من تهمة ارتكاب جرائم حرب في سوريا عام 2012 معتبرة أنّ الأدلّة بشأن ضلوعه غير كافية.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت 18 يونيو الحالي (أ.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت 18 يونيو الحالي (أ.ب)
TT

هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت 18 يونيو الحالي (أ.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت 18 يونيو الحالي (أ.ب)

يراود المتابعين لمستجدات الحدود والمعارك بين «حزب الله»، الذراع العسكرية لإيران في لبنان، وإسرائيل في جنوب لبنان، سؤالٌ، مستمدٌ من كلام الموفد الأميركي آموس هوكستين، ومفاده: هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

فقبل أيام زار هوكستين، عراب الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي، تل أبيب وبيروت في مسعى لمنع تحول المواجهة من جبهة محدودة في جنوب لبنان إلى مواجهة مفتوحة. وظنّ المتابعون أن «خطورة» الوضع ستبقيه في المنطقة أياماً، لكنه أقفل عائداً إلى واشنطن، بعدما قال في بيروت: «لمصلحة الجميع حل الصراع بسرعة وسياسياً، وهذا ممكن وضروري وبمتناول اليد».

الحرب التي بدأها بها «حزب الله» في منطقة محددة جغرافياً، هي مزارع شبعا، تطوّرت على مدى 9 أشهر، لتشمل معظم مناطق الشريط الحدودي بين البلدين، مع عدم تردد الإسرائيلي عن اصطياد مسؤولين من «حزب الله» و«حماس» والتنظيمات الدائرة في فلكهما، في مناطق مختلفة من الأراضي اللبنانية. لكن لو كانت هذه الحرب ذاهبة إلى ما هو أوسع في لبنان، هل كان للموفد الأميركي أن يغادر بهذه السرعة؟ أغلب الظن أنه تأكد أن الطرفين لا يريدان الإضرار بالصفقة الكبرى التي أنجزاها، بعد أكثر من 20 عاماً من المفاوضات، ألا وهي ترسيم حدود الغاز في البحر المتوسط.

وهنا تماماً مكمن إشارة هوكستين إلى «مصلحة الجميع». والجميع هم كل المستفيدين، دولاً وشركات وجماعات، من اتفاق الحدود الغازية الذي أبرمه بالبلدان في عام 2022، وبرعاية أميركية ممثلة بهوكستين نفسه.

وهوكستين يعرف تماماً أن إسرائيل تعد الرابح الأكبر من غاز المتوسط منذ اكتشف أول حقل للغاز في بحر غزة وسُمي «غزة مارين» في عام 2000، حينها تغيّرت معطيات إسرائيل وأهدافها، فانسحبت من جنوب لبنان بلا اتفاق، وتوجّهت إلى السلطة الفلسطينية فدّمرت «اتفاق أوسلو» وكل ما بُني بموجبه، وراحت تغرف من غاز البحر حتى اكتفت ذاتياً، ثم راودتها أطماع التصدير. وكانت اكتشافات متتالية بمليارات الدولارات واتفاقات وشراكات مع دول الجوار، وبقي عائقان أمامها: بحر لبنان المسيطر عليه «حزب الله»، وبحر غزة المسيطرة عليه «حماس».

وبعد مفاوضات طويلة استغرقت قريباً من 20 عاماً، برعاية الأميركي وتدخله، تم الاتفاق مع لبنان. وبقيت المشكلة الأخيرة المتعلقة ببحر غزة. وقبل هجوم 7 أكتوبر، تردد بأن اتفاقاً مماثلاً للاتفاق اللبناني سيوّقع مع السلطة الفلسطينية في رام الله، ما يعني أن «حماس» لن يبقى لها سوى «خفي حنين»، وهي المسيطرة على القطاع منذ 2005، ويكاد يذهب هباءً كل ما فعلته تجاه الإسرائيلي، بما في ذلك عدم مشاركتها في المعركة التي خاضتها «الجهاد الإسلامي» ضد إسرائيل في 2022، وتحت عنوان «وحدة الساحات»، ولا ساحات ولا من يحزنون.

وفي 7 أكتوبر بدأ مخاض لأوضاع جديدة، سياسياً وأمنياً وغازياً، لكنه لم ينته بعد. تحضير «حماس» لعملية لم يكن مفاجئاً لإسرائيل، بل كانت تنتظر تنفيذها لتشن حربها الكبرى لتشطب كل من يقف في وجه مصالحها داخل غزة. لكن ما حصل فجر ذاك اليوم كان كبيراً جداً ومفاجئاً للطرفين: «حماس» التي لم تتوقع أن اختراق الجدار الفاصل سيمهد الطريق لعملية بهذا الحجم، وإسرائيل التي استيقظت على احتلال مساحات من أراضيها ووقوع نحو 240 من الأسرى من جيشها وشعبها في يد المهاجمين.

وجاء الرد بقرارين كبيرين: تفعيل إسرائيل قانون هنيبعل القاضي بقتل الخاطف والمخطوف لاستعادة الأرض، والقانون لا يزال معمولاً به حتى اللحظة. وإرسال الولايات المتحدة بعضاً من بوارجها وحاملات طائراتها لتقول لمن يتحمّس إن زوال إسرائيل ممنوع.

وظن الناس أن في مقدمة هؤلاء المتحمّسين «حزب الله»، خصوصاً أن بوتقته الإعلامية كانت تنشر ما مفاده أن لدى الحزب كتيبة اسمها «كتيبة الرضوان»، ومهمتها، في المعركة المقبلة مع إسرائيل، احتلال الجليل (شمال إسرائيل) وخوض الاشتباكات على أرضها. لكن ما فعله الحزب على الأرض وبعد 24 ساعة، ربما انتظر خلالها أمر العمليات من مرشده الإيراني، أن أطلق رشقات باتجاه مزارع شبعا، وفهم المعنيون الرسالة بأنه لن يفعل أكثر من ذلك.

وجاءت الأيام والأسابيع والأشهر ولم يبق حجرٌ على حجر في قطاع غزة وأكثر من 40 ألف ضحية وضعف هذا الرقم من الجرحى والمصابين، ولم يفعل الحزب مع إسرائيل أكثر من المناوشات وصراع الأدمغة الأمنية، ولم يقدّم، ولن، إلى إسرائيل السبب الوجيه لتوسعة الحرب لتشمل لبنان كله، فلا هو احتل متراً واحداً من أرضها، ولا أسر جندياً واحداً من جنودها، ولا استهدف مرفقاً واحداً من مرافقها الاقتصادية والسكنية. كل ما يفعله ضمن المسموح به، وهو استهداف مواقع عسكرية، ونشر فيديوهات من مسيرة نجحت في اختراق الحدود.

وما كاد هوكستين يقفل عائداً إلى واشنطن، حتى كان أول مستقبلي وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي أبلغه أن الانتقال إلى «المرحلة ج» (صراع منخفض الكثافة) في حرب غزة سيؤثر على جميع الجبهات.

وعلى الرغم من أن البيان مقتضب، فإنه يوحي بأن ثمة انتقالاً للمرحلة الثالثة في غزة، وبالتالي فإن هذا التأثير سيكون «إيجابياً» لتهدئة جبهة الجنوب اللبناني، وتبقى المصلحة الكبرى التي أبرمت في اتفاق الغاز قائمة في انتظار نهاية «مخاض غزة»... فعن أي توسعة للحرب تتحدثون؟