تعترف مدريد ودبلن وأوسلو رسمياً اليوم (الثلاثاء)، بدولة فلسطين في قرار أثار غضب إسرائيل التي ترى فيه «مكافأة» تُمنح لحركة «حماس» في خضم الحرب بقطاع غزة.
وبحسب وكالة «الصحافة الفرنسية»، فقد قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس ببروكسل الاثنين، إلى جانب نظيريه الآيرلندي والنرويجي: «الاعتراف بدولة فلسطين إحقاقاً للعدالة للشعب الفلسطيني».
ومن ناحيته، قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اليوم، إن بلاده ستعترف بدولة فلسطينية تشمل قطاع غزة والضفة الغربية، وموحدة تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال في خطاب نقله التلفزيون إن إسبانيا لن تعترف بأي تغييرات على الحدود الفلسطينية بعد عام 1967، ما لم يتفق على ذلك جميع الأطراف.
كما أكد أن الاعتراف بدولة فلسطين «ضروري لتحقيق السلام» بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فضلاً عن كونه «مسألة عدالة تاريخية». وأضاف سانشيز أن القرار لم يتخذ «ضد أي طرف، خصوصاً ليس ضد إسرائيل».
في المقابل، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم، رئيس الوزراء الإسباني بالتواطؤ في «التحريض على إبادة اليهود» بعد اعتراف بلاده بدولة فلسطين. وخاطب كاتس سانشيز عبر حسابه على منصة «إكس» بالقول «أنت متواطئ في التحريض على إبادة اليهود»، مشبها نائبة رئيس الوزراء الإسبانية يولاندا دياز بالمرشد الإيراني علي خامنئي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، إذ يدعون كلهم إلى «إقامة دولة إرهابية إسلامية فلسطينية من النهر إلى البحر»، على حد تعبيره.
والسبت الماضي، اتهمت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغاريتا روبلس، إسرائيل، بارتكاب «إبادة فعلية» في غزة، وهي عبارة اقتصر استخدامها حتى الآن على وزراء اليسار المتطرف في إسبانيا، وأحجم عن استخدامها أي عضو اشتراكي في الحكومة الإسبانية.
وتجتمع الحكومة الآيرلندية قبل ظهر الثلاثاء، بينما رفعت النرويج الأحد، مذكرة شفهية إلى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى تنص على دخول هذا القرار حيز التنفيذ بدءاً من الثلاثاء.
الاعتراف بدولة فلسطين إحقاق للعدالة للشعب الفلسطيني
وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس
وتأمل هذه الدول الأوروبية الثلاث؛ واثنتان منهما عضوتان بالاتحاد الأوروبي (إسبانيا وآيرلندا)، في أن تحمل مبادرتها ذات البعد الرمزي، دولاً أخرى على الانضمام إليها.
وتشدد هذه الدول على الدور الذي اطلعت به إسبانيا والنرويج في عملية السلام بالشرق الأوسط في تسعينات القرن الماضي. فقد استضافت مدريد مؤتمراً للسلام في عام 1991 قبل سنتين على اتفاقات أوسلو في عام 1993.
اختلافات داخل الاتحاد الأوروبي
وقد أعلنت سلوفينيا أيضاً أنها بصدد الاعتراف بدولة فلسطين. إلا أن المسألة تثير اختلافات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي.
وترى دول أعضاء أخرى مثل فرنسا أن الوقت غير مناسب راهناً. أما ألمانيا فلا تفكر باعتراف كهذا إلا بنتيجة مفاوضات بين الطرفين.
ومع إسبانيا وآيرلندا والنرويج، تكون 145 دولة اعترفت بدولة فلسطين من أصل 193 أعضاء في الأمم المتحدة، وفق تعداد للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وتغيب عن هذه القائمة غالبية الدول الأوروبية الغربية وأميركا الشمالية وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية.
وحتى الآن كانت السويد الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي اعترفت بدولة فلسطين في عام 2014. أما تشيكيا والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا وقبرص فكانت قد اعترفت بها قبل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
وأثار قرار مدريد ودبلن وأوسلو الأسبوع الماضي، غضب إسرائيل. وقد تصاعد التوتر بشكل مطرد في الأيام الأخيرة.
«مكافأة» لـ«حماس»
واتخذ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس (الاثنين)، «إجراءات عقابية» حيال القنصلية الإسبانية في القدس التي أمرها بوقف تقديم الخدمات القنصلية للفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة، بدءاً من 1 يونيو (حزيران).
وقال: «لن نقبل بالمساس بسيادة إسرائيل وأمنها»، مؤكداً: «كل من يمنح مكافأة لـ(حماس) ويحاول إقامة دولة فلسطينية إرهابية لن يكون على اتصال بالفلسطينيين».
ومن جهته، أكد وزير الخارجية الآيرلندي مايكل مارتن الاثنين، أن «البعض وصف قرارنا بأنه مكافأة ممنوحة للإرهاب. هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة»، مشدداً على أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين ينم عن إرادة دبلن ومدريد وأوسلو «لقيام مستقبل من العلاقات الطبيعية بين الشعبين» الفلسطيني والإسرائيلي.
وبدأت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم غير مسبوق نفذته حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، تسبب بمقتل أكثر من 1170 شخصاً، بحسب تعداد لوكالة «الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
واحتُجز خلال الهجوم 252 شخصاً رهائن ونقلوا إلى غزة. وبعد هدنة في نوفمبر (تشرين الثاني)، سمحت بالإفراج عن نحو 100 منهم، لا يزال 121 رهينة في القطاع، بينهم 37 توفوا، بحسب الجيش.
وخلّف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة رداً على «حماس» ما لا يقل عن 36 ألف قتيل، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».